[الرعد : 6] وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ
6 - ونزل في استعجالهم العذاب استهزاء (ويستعجلونك بالسيئة) العذاب (قبل الحسنة) الرحمة (وقد خلت من قبلهم المثلات) جمع المَثُلة بوزن السمرة أي عقوبات أمثالهم من المكذبين أفلا يعتبرون بها ؟ (وإن ربك لذو مغفرة للناس على) مع (ظلمهم) وإلا لم يترك على ظهرها دابة (وإن ربك لشديد العقاب) لمن عصاه
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : "ويستعجلونك" ، يا محمد ، مشركو قومك بالبلاء والعقوبة قبل الرخاء والعافية ، فيقولون : ( اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو أئتنا بعذاب أليم ) ، وهم يعلمون ما حل بمن خلا قبلهم من الأمم التي عصت ربها وكذبت رسلها من عقوبات الله وعظم بلائه ، فمن بين أمة مسخت قردة وأخرى خنازير ، ومن بين أمة أهلكت بالرجفة ، وأخرى بالخسف . وذلك هو "المثلات" ، التي قال الله جل ثناؤه :"وقد خلت من قبلهم المثلات" .
و "المثلات" ، العقوبات المنكلات ، والواحدة منها مثلة ، بفتح الميم وضم الثاء ، ثم تجمع مثلات ، كما واحدة الصدقات صدقة ، ثم تجمع صدقات . وذكر أن تميماً من بين العرب تضم الميم والثاء جميعاً من المثلات فالواحدة على لغتهم منها : مثلة ، ثم تجمع مثلات ، مثل : غرفة ، و غرفات . والفعل منه : مثلت به أمثل مثلا ، بفتح الميم وتسكين الثاء . فإذا أردت انك أقصصته من غيره قلت : أمثلته من صاحبه أمثله إمثالا ، وذلك إذا أقصتته منه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : "وقد خلت من قبلهم المثلات" ، وقائع الله في الأمم فين خلا قبلكم ، وقوله : "ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة" ، وهم مشركو العرب ،استعجلوا بالشر قبل الخير ،وقالوا : ( اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ) .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : "ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة" ، قال : بالعقوبة قبل العافية ، "وقد خلت من قبلهم المثلات" ، قال : العقوبات .
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : "المثلات" قال : الأمثال .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن ابي نجيح ، عن مجاهد .
وحدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن ابي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : "وقد خلت من قبلهم المثلات" ، قال : "المثلات" ، الذي مثل الله به الأمم من العذاب الذي عذبهم ، تولت المثلات من العذاب ، قد خلت من قبلهم ، وعرفوا ذلك ، وانتهى إليهم ما مثل الله بهم حين عصوه وعصوا رسله .
حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا سليم قال ، سمعت الشعبي يقول في قوله : "وقد خلت من قبلهم المثلات" ، قال : القردة والخنازير هي "المثلات" .
وقوله : "وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم" ، يقول تعالى ذكره : وإن ربك ، يا محمد ، لذو ستر على ذنوب من تاب من ذنوبه من الناس ، فتارك فضيحته بها في موقف القيامة ، وصافح له عن عقابه عليها عاجلاً وآجلاً ، " على ظلمهم " ، يقول : على فعلهم ما فعلوا من ذلك بغير إذني لهم بفعله ، "وإن ربك لشديد العقاب" ، لمن هلك مصراً على معاصيه في القيامة ، إن لم يعجل له ذلك في الدنيا ، أو يجمعهما له في الدنيا والآخرة .
قال أبو جعفر : وهذا الكلام ، وإن كان ظاهره ظاهر خبر ، فإنه وعيد من الله وتهديد للمشركين من قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن هم لم ينيبوا ويتوبوا من كفرهم قبل حلول نقمة الله بهم .
حدثني علي بن داود قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : "وإن ربك لذو مغفرة للناس" ، يقول : ولكن ربك .
قوله تعالى: " ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة " أي لفرط إنكارهم وتكذيبهم يطلبون العذاب، قيل هو قولهم: " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء " ( الأنفال: 32). قال قتادة: طلبوا العقوبة قبل العافية، وقد حكم سبحانه بتأخير العقوبة عن هذه الأمة إلى يوم القيامة. وقيل: ( قبل الحسنة) أي قبل الإيمان الذي يرجى به الأمان والحسنات. و "المثلات " العقوبات، الواحدة مثلة. وروي عن الأعمش أنه قرأ ( المثلات) بضم الميم وإسكان الثاء، وهذا جمع مثلة، ويجوز ( المثلات) تبدل من الضمة فتحة لثقلها، وقيل: يؤتى بالفتحة عوضاً من الهاء. وروي عن الأعمش أنه قرأ ( المثلات) بفتح الميم وإسكان الثاء، فهذا جمع مثلة، ثم حذف الضمة لثقلها، ذكره جميعه النحاس رحمه الله. وعلى قراءة الجماعة واحدة مثلة، نحو صدقة وصدقة، وتميم تضم الثاء والميم جميعاً، واحدها على لغتهم مثلة، بضم الميم وجزم الثاء، مثل: غرفة وغرفات، والفعل منه مثلت به أمثل مثلا، بفتح الميم وسكون الثاء. " وإن ربك لذو مغفرة " أي لذو تجاوز عن المشركين إذا آمنوا، وعن المذنبين إذا تابوا. وقال ابن عباس: أرجى آية في كتاب الله تعالى " وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب " إذا أصروا على الكفر. وروى حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال: " لما نزلت: " وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا عفو الله روحمته وتجاوزه لما هنأ أحداً عيش ولولا عقابه ووعيده وعذابه لاتكل كل أحد ".
يقول تعالى: "ويستعجلونك" أي هؤلاء المكذبون "بالسيئة قبل الحسنة" أي بالعقوبة كما أخبر عنهم في قوله: " وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون * لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين * ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين ", وقال تعالى: "ويستعجلونك بالعذاب" الايتين, وقال تعالى: "سأل سائل بعذاب واقع", وقال: "يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق" "وقالوا ربنا عجل لنا قطنا" الاية, أي عقابنا وحسابنا, كما قال مخبراً عنهم: "وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك" الاية, فكانوا من شدة تكذيبهم وعنادهم وكفرهم يطلبون أن يأتيهم بعذاب الله قال الله تعالى: "وقد خلت من قبلهم المثلات" أي قد أوقعنا نقمنا بالأمم الخالية وجعلناهم عبرة وعظة لمن اتعظ بهم.
ثم أخبر تعالى أنه لولا حلمه وعفوه لعاجلهم بالعقوبة كما قال: "ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة", وقال تعالى في هذه الاية الكريمة: "وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم" أي إنه تعالى ذو عفو وصفح وستر للناس مع أنهم يظلمون ويخطئون بالليل والنهار, ثم قرن هذا الحكم بأنه شديد العقاب ليعتدل الرجاء والخوف, كما قال تعالى: "فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين" وقال: "إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم", وقال: " نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم " إلى أمثال ذلك من الايات التي تجمع الرجاء والخوف. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا موسى بن إسماعيل, حدثنا حماد عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال: لما نزلت هذه الاية "وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم" الاية, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحداً العيش, ولولا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد" وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة الحسن بن عثمان أبي حسان الزيادي أنه رأى رب العزة في النوم, ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بين يديه يشفع في رجل من أمته, فقال له: ألم يكفك أني أنزلت عليك في سورة الرعد "وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم" قال: ثم انتبهت.
6-"ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة" السيئة العقوبة المهلكة. والحسنة: العافية والسلامة، قالوا هذه المقالة لفرط إنكارهم وشدة تصميمهم وتهالكهم على الكفر، وقيل معنى الآية: أنهم طلبوا العقوبة قبل الحسنة، وهي الإيمان "وقد خلت من قبلهم المثلات" قرأ الجمهور مثلات بفتح الميم وضم المثلثة جمع مثلة كسمرة، وهي العقوبة قال ابن الأنباري المثلة العقوبة التي تبقى في المعاقب شيئاً بتغيير بعض خلقه من قولهم: مثل فلان بفلان إذا شان خلقه بقطع أنفه وسمل عينيه وبقر بطنه. وقرأ الأعمش بفتح الميم وإسكان المثلثة تخفيفاص لثقل الضمة، وفي لغة تميم بضم الميم والمثلثة جميعاً، واحدتها على لغتهم: مثلة، بضم الميم وسكون المثلثة مثل غرفة وغرفات. وحكي عن الأعمش في رواية أخرى أنه قرأ هذا الحرف بضمها على لغة تميم. والمعنى: أن هؤلاء يستعجلونك بإنزال العقوبة بهم، وقد مضت من قبلهم عقوبات أمثالهم من المكذبين، فما لم لا يعتبرون بهم ويحذرون من حلول ما حل بهم، والجملة في محل نصب على الحال، وهذا الاستعجال من هؤلاء هو على طريقة الاستهزاء كقولهم: "اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك" الآية "وإن ربك لذو مغفرة" أي لذو تجاوز عظيم "للناس على ظلمهم" أنفسهم باقترافهم الذنوب ووقوعهم في المعاصي إن تابوا عن ذلك، ورجعوا إلى الله سبحانه، الجار والمجرور: أي على ظلمهم في محل نصب على الحال، أي حال كونهم ظالمين، وعلى بمعنى مع، أي مع ظلمهم وفي الآية بشارة عظيمة ورجاء كبير، لأن من المعلوم أن الإنسان حال اشتغاله بالظلم لا يكون نائباً، ولهذا قيل إنها في عصاة الموحدين خاصة، وقيل المراد بالمغفرة هنا تأخير العقاب إلى الآخرة ليطابق ما حكاه الله من استعجال الكفار للعقوبة، وكما تفيده الجملة المذكورة بعد هذه الآية، وهي "وإن ربك لشديد العقاب" يعاقب العصاة المكذبين من الكافرون عقاباً شديداً على ما تقتضيه مشيئته في الدار الآخرة.
6- قوله عز وجل: "ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة"، الاستعجال: طلب تعجيل الأمر قبل مجيء وقته، والسيئة هاهنا هي: العقوبة، والحسنة: العافية. وذلك أن مشركي مكة كانوا يطلبون العقوبة بدلا من العافية استهزاء منهم يقولون: " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم " (الأنفال-32).
"وقد خلت من قبلهم المثلات"، أي: مضت من قبلهم في الأمم التي عصت ربها وكذبت رسلها العقوبات. والمثلات جمع المثلة بفتح الميم وضم الثاء، مثل: صدقة وصدقات.
"وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب".
6."ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة"بالعقوبة قبل العافية ،وذلك لأنهم استعجلوا ما هددوا به من عذاب الدنيا استهزاء ."وقد خلت من قبلهم المثلات"عقوبات أمثالهم من المكذبين فمالهم لم يعتبروا بها ولم يجوزوا حلول مثلها عليهم ، والمثلة بفتح الثاء وضمها كالصدقة والصدقة ، والعقوبة لأنها مثل المعاقب عليه ، ومنه المثال للقصاص وأمثلت الرجل من صاحبه إذا اقتصصته منه . وقرئ"المثلات" بالتخفيف و" المثلات" باتباع الفاء العين و " المثلات" بالتخفيف بعد الاتباع ، و " المثلات" بفتح الثاء على أنها جمع مثلة كركبة وركبات ."وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم" مع ظلمهم أنفسهم ، ومحله النصب على الحال والعامل فيه المغفرة والتقييد به دليل على جواز العفو قبل التوبة ، فإن التائب ليس على ظلمه ، ومن منع ذلك خص الظلم بالصغائر المكفرة لمجتنب الكبائر ، أو أول المغفرة بالستر والإمهال ."وإن ربك لشديد العقاب"للكفار أو لمن شاء ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم "لولا عفو الله وتجاوزه لما هنأ أحد العيش ،ولولا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد".
6. And they bid thee hasten on the evil rather than the good, when exemplary punishments have indeed occurred before them. But lo! thy Lord is rich in pardon for mankind despite their wrong, and lo! thy Lord is strong in punishment!
6 - They ask thee to hasten on the evil in preference to the good: yet have come to pass, before them, (many) exemplary punishments but verily thy Lord is full of forgiveness for mankind for their wrong doing. and verily thy Lord is (also) strict in punishment.