[يوسف : 7] لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ
7 - (لقد كان في) خبر (يوسف وإخوته) وهم أحد عشر (آيات) عبر (للسائلين)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : "لقد كان في يوسف وإخوته" ، الأحد عشر ، "آيات" ، يعني : عبر وذكره ، "للسائلين" ، يعني : السائلين عن أخبارهم وقصصهم . وإنما أراد جل ثناؤه بذلك نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم .
وذلك أنه يقال : إن الله تبارك وتعالى إنما أنزل هذه السورة على نبيه ، يعلمه فيها ما لقي يوسف من أدانيه وإخوته من الحسد ، مع تكرمة الله إياه ، تسليةً له بذلك مما يلقى من أدانيه وأقاربه من مشركي قريش . كذلك كان إبن إسحاق يقول :
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : إنما قص الله تبارك وتعالى على محمد خبر يوسف ، وبغي إخوته عليه ، وحسدهم إياه ، حين ذكر رؤياه ، لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من بغي قومه وحسده حين أكرمه الله عز وجل بنبوته ، ليأتسي به .
واختلفت القرأة في قراءة قوله : "آيات للسائلين" .
فقرأته عامة قرأة الأمصار : "آيات" على الجماع .
وروي عن مجاهد و ابن كثير أنهما قرآ ذلك على التوحيد .
والذي هو أولى القراءتين بالصواب ، قراءة من قرأ ذلك على الجماع ، لإجماع الحجة من القرأة عليه .
قوله تعالى: " لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين " يعني من سأل عن حديثهم. وقرأ أهل مكة ( آية) على التوحيد، واختار أبو عبيد ( آيات) على الجمع، قال: لأنها خير كثير. قال النحاس : و ( آية) هنا قراءة حسنة، أي لقد كان للذين سألوا عن خبر يوسف آية فيما خبروا به، لأنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة فقالوا: أخبرنا عن رجل من الأنبياء كان بالشام أخرج ابنه إلى مصر، فبكى عليه حتى عمي؟ - ولم يكن بمكة أحد من أهل الكتاب، ولا من يعرف خبر الأنبياء، وإنما وجه اليهود إليهم من المدينة يسألونه عن هذا - فأنزل الله عز وجل سورة ( يوسف) جملة واحدة، فيها كل ما في التوراة من خبر وزيادة، فكان ذلك آية للنبي صلى الله عليه وسلم، بمنزلة إحياء عيسى ابن مريم عليه السلام الميت. ( آيات) موعظة، وقيل: عبرة. وروي أنها في بعض المصاحف ( عبرة). وقيل: بصيرة. وقيل: عجب، تقول فلان آية في العلم والحسن أي عجب. قال الثعلبي في تفسيره: لما بلغت الرؤيا أخوة يوسف حسدوه، وقال ابن زيد: كانوا أنبياء، وقالوا: ما يرضى أن يسجد له إخواته حتى يسجد له أبواه! فبغوه بالعداوة، وقد تقدم رد هذا القول. قال الله تعالى: " لقد كان في يوسف وإخوته " وأسماؤهم: روبيل وهو أكبرهم، وشمعون ولاوي ويهوذا وزيالون ويشجر، وأمهم ليا بنت ليان، وهي بنت خال يعقوب، وولد له من سريتين أربعة نفر، دان ونفتالي وجاد وآشر، ثم توفيت ليا فتزوج يعقوب أختها راحيل، فولدت له يوسف وبنيامين، فكان بنو يعقوب اثني عشر رجلاً. قال السهيلي : وأم يعقوب اسمها رفقا، وراحيل ماتت في نفاس بنيامين، وليان بن ناهر بن آزر هو خال يعقوب. وقيل: في اسم الأمتين ليا وتلتا، كانت إحداهما لراحيل، والأخرى لأختها ليا، وكانتا قد وهبتاهما ليعقوب، وكان يعقوب قد جمع بينهما، ولم يحل لأحد بعده، لقول الله تعالى: " وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف ". ( النساء: 23) وقد تقدم الرد على ما قاله ابن زيد، والحمد لله.
يقول تعالى: لقد كان في قصة يوسف وخبره مع إخوته آيات, أي عبرة ومواعظ للسائلين عن ذلك المستخبرين عنه, فإنه خبر عجيب يستحق أن يخبر عنه "إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا" أي حلفوا فيما يظنون والله ليوسف وأخوه, يعنون بنيامين وكان شقيقه لأمه "أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة" أي جماعة, فكيف أحب ذينك الاثنين أكثر من الجماعة " إن أبانا لفي ضلال مبين " يعنون في تقديمهما علينا, ومحبته إياهما أكثر منا.
واعلم أنه لم يقم دليل على نبوة إخوة يوسف, وظاهر هذا السياق يدل على خلاف ذلك, ومن الناس من يزعم أنهم أوحي إليهم بعد ذلك, وفي هذا نظر, ويحتاج مدعي ذلك إلى دليل, ولم يذكروا سوى قوله تعالى: "قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط" وهذا فيه احتمال لأن بطون بني إسرائيل يقال لهم الأسباط, كما يقال للعرب قبائل وللعجم شعوب, يذكر تعالى أنه أوحى إلى الأنبياء من أسباط بني إسرائيل فذكرهم إجمالاً لأنهم كثيرون, ولكن كل سبط من نسل رجل من إخوة يوسف, ولم يقم دليل على أعيان هؤلاء أنهم أوحي إليهم, والله أعلم, "اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً يخل لكم وجه أبيكم" يقولون: هذا الذي يزاحمكم في محبة أبيكم لكم أعدموه من وجه أبيكم, ليخلو لكم وحدكم, إما بأن تقتلوه أو تلقوه في أرض من الأراضي تستريحوا منه, وتخلوا أنتم بأبيكم "وتكونوا من بعده قوماً صالحين" فأضمروا التوبة قبل الذنب "قال قائل منهم" قال قتادة ومحمد بن إسحاق: وكان أكبرهم واسمه روبيل. وقال السدي: الذي قال ذلك, يهوذا. وقال مجاهد هو شمعون الصفا "لا تقتلوا يوسف" أي لا تصلوا في عداوته وبغضه إلى قتله, ولم يكن لهم سبيل إلى قتله لأن الله تعالى كان يريد منه أمراً لا بد من إمضائه وإتمامه من الإيحاء إليه بالنبوة, ومن التمكين له ببلاد مصر والحكم بها, فصرفهم الله عنه بمقالة روبيل فيه وإشارته عليهم بأن يلقوه في غيابة الجب وهو أسفله. قال قتادة: وهي بئر بيت المقدس "يلتقطه بعض السيارة" أي المارة من المسافرين فتستريحوا منه بهذا ولا حاجة إلى قتله "إن كنتم فاعلين" أي إن كنتم عازمين على ما تقولون. قال محمد بن إسحاق بن يسار: لقد اجتمعوا على أمر عظيم من قطيعة الرحم, وعقوق الوالد, وقلة الرأفة بالصغير الضرع الذي لا ذنب له, وبالكبير الفاني ذي الحق والحرمة والفضل, وخطره عند الله مع حق الوالد على ولده, ليفرقوا بينه وبين أبيه وحبيبه على كبر سنه ورقة عظمه, مع مكانه من الله فيمن أحبه طفلاً صغيراً, وبين ابنه على ضعف قوته وصغر سنه وحاجته إلى لطف والده وسكونه إليه, يغفر الله لهم وهو أرحم الراحمين, فقد احتملوا أمراً عظيماً رواه ابن أبي حاتم من طريق سلمة بن الفضل عنه.
7- أي "لقد كان" في قصتهم علامات دالة على عظيم قدرة الله وبديع صنعه "للسائلين" من الناس عنها، وقرأ أهل مكة آية على التوحيد، وقرأ الباقون على الجمع، واختار قراءة الجمع أبو عبيد. قال النحاس: وآية ها هنا قراءة حسنة، وقيل المعنى: لقد كان في يوسف وإخوته آيات دالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم للسائلين له من اليهود، فإنه روى أنه قال له جماعة من اليهود وهو بمكة: أخبرنا عن رجل من الأنبياء كان بالشام أخرج ابنه إلى مصر فبكى عليه حتى عمي، ولم يكن بمكة أحد من أهل الكتاب ولا من يعرف خبر الأنبياء، وإنما وجهوا إليه من أهل المدينة من يسأله عن هذا، فأنزل الله سورة يوسف جملة واحدة كما في التوراة. وقيل معنى "آيات للسائلين" عجب لهم، وقيل بصيرة، وقيل عبرة. قال القرطبي: وأسماؤهم يعني إخوة يوسف: روبيل، وهو أكبرهم، وشمعون، ولاوي، ويهوذا، وريالون، ويشجر، وأمهم ليا بنت ليان وهي بنت خال يعقوب، وولد له من سريتين أربعة، وهم: دان، ونفتالي، وجاد، وآشر، ثم ماتت ليا فتزوج يعقوب أختها راحيل فولدت له يوسف، وبنيامين، وقال السهيلي: إن أم يوسف اسمها وقفا، وراحيل ماتت من نفاس بنيامين وهو أكبر من يوسف.
7-يقول الله تعالى: "لقد كان في يوسف وإخوته"، أي: في خبره وخبر إخوته. وأسماؤهم: روبيل، وهو أكبرهم، وشمعون، ولاوي، ويهوذا، وزبالون، وقيل: زبلون، وآشر، وأمهم ليا بنت ليان وهى ابنة خال يعقوب عليه السلام، وولد له من سريتين له، اسم إحداهما زلفة والأخرى يلهمة أربعة أولاد: دان، ونفتالي، وقيل: نفتولي، وجاد وأشير. ثم توفيت ليا فتزوج يعقوب عليه السلام أختها راحيل فولدت له يوسف وبنيامين. وقيل: وابن يامين، فكان بنو يعقوب عليه السلام اثنى عشر رجلا.
"آيات"، قرأ ابن كثير "آية" على التوحيد، أي: عظة وعبرة، وقيل: عجب.
وقرأ الآخرون: "آيات" على الجمع.
"للسائلين"، وذلك أن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف عليه السلام.
وقيل: سألوه عن سبب انتقال ولد يعقوب من كنعان إلى مصر. فذكر لهم قصة يوسف، فوجدوها موافقة لما في التوراة فتعجبوا منها. فهذا معنى قوله: "آيات للسائلين"، أي: دلالة على نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: آيات للسائلين ولمن لم يسأل، كقوله: "سواء للسائلين" (فصلت-10).
وقيل: معناه عبرة للمعتبرين، فإنها تشتمل على حسد إخوة يوسف، وما آل إليه أمرهم في الحسد، وتشتمل على رؤياه، وما حقق الله منها، وتشتمل على صبر يوسف عليه السلام عن قضاء الشهوة، وعلى الرق وفى السجن، وما آل إليه أمره من الملك، وتشتمل على حزن يعقوب وصبره وما آل إليه أمره من الوصول إلى المراد وغير ذلك من الآيات.
7."لقد كان في يوسف و إخوته"أي في قصتهم."آيات"دلائل قدرة الله تعالى وحكمته، أو علامات نبوتك وقرأابن كثيرآية ."للسائلين"لمن سأل عن قصتهم ، والمراد بإخوته بنو علاته العشرة وهم : يهوذا و روبيل وشمعون و لاوي وزبالون و يشخر ودينة من بنت خالته ليا تزوجها يعقوب أولاً فلما توفيت تزوج أختها راحيل فولدت له بنيامين ويوسف.وقيل جمع بينهما ولم يكن الجمع محرماً حينئذ وأربعة آخرون : دان ونفتالي وجاد وآشر من سريتين زلفة وبلهة .
7. Verily in Joseph and his brethren are signs (of Allah's Sovereignty) for the inquiring.
7 - Verily in Joseph and his brethren are signs (or symbols) for Seekers (after truth).