[يوسف : 46] يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ
46 - يا (يوسف أيها الصديق) الكثير الصدق (أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس) أي الملك وأصحابه (لعلهم يعلمون) تعبيرها
قال ابو جعفر : يقول تعالى ذكره : وقال الذي نجا من القتل ، من صاحبي السجن اللذين استعبرا يوسف الرؤيا ، "وادكر" ، يقول : وتذكر ما كان نسي من أمر يوسف ، وذكر حاجته للملك التي كان سأله عند تعبيره رؤياه أن يذكرها له بقوله : "اذكرني عند ربك" ، "بعد أمة" ، يعني : بعد حين ، كالذي :
حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان ، عن عاصم ،عن أبي رزين ، عن ابن عباس : "وادكر بعد أمة" ، قال: بعد حين .
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس ، مثله .
حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق ، اخبرنا الثوري ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس ، مثله .
حدثنا أبو كريب قال ،حدثنا أبو بكر بن عياش : "وادكر بعد أمة" ، بعد حين .
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عمرو بن محمد قال ، أخبرنا سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رزين قال : "وادكر بعد أمة" ، قال: بعد حين .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو نعيم قال ، حدثنا سفيان ، عن عاصم ، عن ابن ابي رزين ، عن ابن عباس مثله .
قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : "وادكر بعد أمة" ، يقول : بعد حين .
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثنا أبي قال ، حدثنا عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : "وادكر بعد أمة" ، قال : ذكر بعد حين .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن : "وادكر بعد أمة" ، بعد حين .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن الحسن ، مثله .
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عفان قال ، حدثنا يزيد بن زريع قال ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، مثله .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : "وادكر بعد أمة" ، بعد حين .
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا حجاج ، عن ابن جريج قال ، قال ابن كثير : "بعد أمة" بعد حين ، قال ابن جريج : وقال ابن عباس : "بعد أمة" ، بعد سنين .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ،عن السدي : "وادكر بعد أمة" ، قال: بعد حين .
حدثني المثنى قال ، حدثنا الحماني قال ، حدثنا شريك ، عن سماك ، عن عكرمة : "وادكر بعد أمة" ، أي : بعد حقبة من الدهر .
قال ابو جعفر : وهذا التأويل على قراءة من قرأ : "بعد أمة" ، بضم الألف وتشديد الميم ، وهي قراءة القرأة في أمصار الإسلام .
وقد روي عن جماعة من المتقدمين أنهم قرأوا ذلك : بعد أمه ، بفتح الألف ، وتخفيف الميم وفتحها بمعنى : بعد نسيان .
وذكر بعضهم أن العرب تقول من ذلك : أمه الرجل يأمه أمها ، إذا نسي .
وكذلك تأوله من قرأ ذلك كذلك .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عفان قال ، حدثنا همام ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أنه كان يقرأ : بعد أمه ، ويفسرها ، بعد نسيان .
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا بهز بن أسد ، عن همام ،عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أنه كان يقرأ : بعد أمه ، يقول : بعد نسيان .
حدثني أبو غسان مالك بن الخليل اليحمدي قال ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن أبي هرون الغنوي ، عن عكرمة أنه قرأ : بعد أمه و الأمه ، النسيان .
حدثني يعقوب ، وابن وكيع قالا ، حدثنا ابن علية قال ، حدثنا ابو هرون الغنوي ، عن عكرمة ، مثله .
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عبد الوهاب قال ، قال هرون ، وحدثني أبو هرون الغنوي ، عن عكرمة ، بعد أمه ، بعد نسيان .
قال ، حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن عكرمة : وادكر بعد أمه ، بعد نسيان .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن ابن عباس : أي بعد نسيان .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال ، حدثن محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : وادكر بعد أمه ، قال : من بعد نسيانه .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو النعمان عارم قال ، حدثنا حماد بن زيد ، عن عبد الكريم ابي أمية المعلم ، عن مجاهد : أنه قرأ : وادكر بعد أمه .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أبي مرزوق ، عن جويبر ، عن الضحاك : وادكر بعد أمه ، قال : بعد نسيان .
حدثت عن الحسين بن الفرج قال ، سمعت أبا معاذ يقول ، حدثنا عبيد بن سليمان قال ، سمعت الضحاك يقول في قوله : وادكر بعد أمه ، يقول : بعد نسيان .
وقد ذكر فيها قراءة ثالثة ، وهي ما :
حدثني به المثنى قال ، اخبرنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن سفيان ، عن حميد قال : قرأ مجاهد : وادكر بعد أمه ، مجزومة الميم مخففة .
وكأن قارىء ذلك كذلك أراد به المصدر من قولهم : أمه يأمه أمها وتأويل هذه القراءة نظير تأويل من فتح الألف والميم .
وقوله : "أنا أنبئكم بتأويله" ، يقول : أنا أخبركم بتأويله : "فأرسلون" ، يقول : فأطلقوني ، أمضي لآتيكم بتأويله من عند العالم به .
وفي الكلام مخذوف ، قد ترك ذكره استغناءً بما ظهر عما ترك ، وذلك : فأرسلوه ، فأتى يوسف فقال له : يا يوسف ، يا أيها الصديق ، كما :
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : قال الملك للملأ حوله : "إني أرى سبع بقرات سمان" ، الآية ، وقالوا له ما قال ، وسمع نبو من ذلك ما سمع ومسألته عن تأويلها ، ذكر يوسف وما كان عبر له ولصاحبه ، وما جاء من ذلك على ما قال من قوله : "أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون" ، يقول الله :"وادكر بعد أمة" ، أي حقبة من الدهر ، فأتاه فقال : يا يوسف ، إن الملك قد رأى كذا وكذا ، فقص عليه الرؤيا ، فقال فيها يوسف ما ذكر الله لنا في الكتاب ، فجاءهم مثل فلق الصبح تأويلها ، فخرج نبو من عند يوسف بما أفتاهم به من تأويل رؤيا الملك ، وأخبره بما قال .
وقيل : إن الذي نجا منهما إنما قال : أرسلوني ، لأن السجن لم يكن في المدينة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي : "وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون" ، قال ابن عباس : لم يكن السجن في المدينة ، فانطلق الساقي إلى يوسف فقال : "أفتنا في سبع بقرات سمان" ،الآيات .
قوله : "أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات" ، فإن معناه : أفتنا في سبع بقرات سمان رئين في المنام ، يأكلهن سبع منها عجاف ، وفي سبع سنبلات خضر رئين أيضاً ، وسبع أخر منهن يابسات . فأما السمان من البقر ، فإنها السنون المخصبة ، كما :
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : "أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف" ، قال : أما السمان فسنون منها مخصبة ، وأما السبع العجاف ، فسنون مجدبة لا تنبت شيئاً .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : "أفتنا في سبع بقرات سمان" ، فالسمان المخاصيب ، والبقرات العجاف ، والبقرات العجاف هي السنون المحول الجدوب .
قوله : "وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات" ، أما الخضر ، فهي السنون المخاصيب ، وأما اليابسات ، فهن الجدوب المحول .
والعجاف جمع عجف ، وهي المهازيل .
وقوله : "لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون" ، يقول : أي أرجع إلى الناس فأخبرهم ، "لعلهم يعلمون" ، يقول : ليعلموا تأويل ما سألتك عنه من الرؤيا .
" يوسف " نداء مفرد، وكذا " الصديق " أي الكثير الصدق. " أفتنا " أي فأرسلوه، فجاء إلى يوسف فقال: أيها الصديق! وسأله عن رؤيا الملك. " لعلي أرجع إلى الناس " أي إلى الملك وأصحابه. " لعلهم يعلمون " التعبير، أو لعلهم يعلمون) مكانك من الفضل والعلم فتخرج. ويحتمل أن يريد بالناس الملك وحدة تعظيماً له.
هذه الرؤيا من ملك مصر مما قدر الله تعالى أنها كانت سبباً لخروج يوسف عليه السلام من السجن, معززاً مكرماً, وذلك أن الملك رأى هذه الرؤيا, فهالته وتعجب من أمرها وما يكون تفسيرها, فجمع الكهنة والحذاة وكبار دولته وأمراءه فقص عليهم ما رأى وسألهم عن تأويلها, فلم يعرفوا ذلك, واعتذروا إليه بأنها "أضغاث أحلام" أي أخلاط أحلام اقتضته رؤياك هذه "وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين" أي لو كانت رؤيا صحيحة من أخلاط لما كان لنا معرفة بتأويلها, وهو تعبيرها, فعند ذلك تذكر الذي نجا من ذينك الفتيين اللذين كانا في السجن مع يوسف, وكان الشيطان قد أنساه ما وصاه به يوسف من ذكر أمره للملك, فعند ذلك تذكر بعد أمة, أي مدة, وقرأ بعضهم بعد أمه أي بعد نسيان, فقال لهم, أي للملك والذين جمعهم لذلك "أنا أنبئكم بتأويله" أي بتأويل هذا المنام, "فأرسلون" أي فابعثون إلى يوسف الصديق إلى السجن, ومعنى الكلام فبعثوه فجاءه, فقال: "يوسف أيها الصديق أفتنا" وذكر المنام الذي رآه الملك, فعند ذلك ذكر له يوسف عليه السلام تعبيرها من غير تعنيف للفتى في نسيانه ما وصاه به, ومن غير اشتراط للخروج قبل ذلك, بل قال: "تزرعون سبع سنين دأباً" أي يأتيكم الخصب والمطر سبع سنين متواليات ففسر البقر بالسنين لأنها تثير الأرض التي تستغل منها الثمرات والزروع, وهن السنبلات الخضر, ثم أرشدهم إلى ما يعتدونه في تلك السنين, فقال "فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون" أي مهما استغللتم في هذه السبع السنين الخصب, فادخروه في سنبله ليكون أبقى له وأبعد عن إسراع الفساد إليه إلا المقدار الذي تأكلونه, وليكن قليلاً قليلاً, لا تسرفوا فيه لتنتفعوا في السبع الشداد, وهن السبع السنين المحل التي تعقب هذه السبع المتواليات, وهن البقرات العجاف اللاتي تأكل السمان, لأن سني الجدب يؤكل فيها ما جمعوه في سني الخصب, وهن السنبلات اليابسات, وأخبرهم أنهن لا ينبتن شيئاً, وما بذروه فلا يرجعون منه إلى شيء, ولهذا قال: "يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلاً مما تحصنون" ثم بشرهم بعد الجدب العام المتوالي بأنه يعقبهم بعد ذلك عام فيه يغاث الناس, أي يأتيهم الغيث وهو المطر وتغل البلاد, ويعصر الناس ما كانوا يعصرون على عادتهم من زيت ونحوه, وسكر ونحوه, حتى قال بعضهم: يدخل فيه حلب اللبن أيضاً. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "وفيه يعصرون" يحلبون.
46- "يوسف أيها الصديق أفتنا" أي يا يوسف، وفي الكلام حذف، والتقدير: فأرسلوه إلى يوسف فسار إليه، فقال له يوسف إيها الصديق إلى آخر الكلام، والمعنى: أخبرنا في رؤيا من رأى سبع بقرات إلخ وترك ذلك اكتفاء بما هو واثق به من فهم يوسف بأن ذلك رؤيا، وأن المطلوب منه تعبيرها "لعلي أرجع إلى الناس" أي إلى الملك ومن عنده من الملأ "لعلهم يعلمون" ما تأتي به من تأويل هذه الرؤيا أو يعلمون فضلك ومعرفتك لفن التعبير.
46-فقال: "يوسف"، يعني: يا يوسف، "أيها الصديق"، والصديق الكثير الصدق، "أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات"، فإن الملك رأى هذه الرؤيا، "لعلي أرجع إلى الناس"، أهل مصر، "لعلهم يعلمون"، تأويل الرؤيا. وقيل: لعلهم يعلمون منزلتك في العلم.
فقال لهم يوسف معبرا ومعلما: أما البقرات السمان والسنبلات الخضر: فسبع سنين مخاصيب، والبقرات العجاف والسنبلات اليابسات: فالسنون المجدبه، فذلك قوله تعالى إخبارا عن يوسف:
46."يوسف أيها الصديق"أي فأرسل إلى يوسف فجاءه فقال يا يوسف، وإنما
وصفه بالصديق وهو المبالغ في الصدق لأنه جرب أحواله وعرف صدقه في تأويل
رؤياه ورؤيا صاحبه ،" أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات " أي في رؤيا ذلك ."لعلي أرجع إلى الناس " أعود
إلى الملك ومن عنده، أو إلى أهل البلد إذ قيل إن السجن لم يكن فيه."لعلهم يعلمون"تأويلها أو فضلك ومكانك، وإنما لم يبت الكلام فيهما لأنه لم يكن جازماً
بالرجوع فربما اخترم دونه ولا يعلمهم.
46. (And when he came to Joseph in the prison, he exclaimed) : Joseph! O thou truthful one! Expound for us the seven fat kine which seven lean were eating and the seven green ears of corn and other (seven) dry, that I may return unto the people, so that they may know.
46 - O Joseph (he said): O man of truth expound to us (the dream) of seven fat kine whom seven lean ones devour, and of seven green ears of corn and (seven) others withered: that I may return to the people, and that they may understand.