[يوسف : 41] يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ
41 - (يا صاحبي السجن أما أحدكما) اي الساقي فيخرج بعد ثلاث (فيسقي ربه) سيده (خمراً) على عادته (وأما الآخر) فيخرج بعد ثلاث (فيصلب فتأكل الطير من رأسه) هذا تأويل رؤياكما فقالا ما رأينا شيئاً فقال (قضي الأمر الذي فيه تستفتيان) سألتما عنه صدقتما أم كذبتما
قال ابو جعفر : يقول جل ثناؤه ، مخبراً عن قيل يوسف للذين دخلا معه السجن : "يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا" ، هو الذي رأى أنه يعصر خمراً فيسقي ربه ، يعني سيده ، وهو ملكهم ، "خمرا" ، يقول : يكون صاحب شرابه .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : "فيسقي ربه خمرا" ، قال : سيده .
وأما الآخر ، وهو الذي رأى أن على رأسه خبراً تأكل الطير منه ، "فيصلب فتأكل الطير من رأسه" ، فذكرأنه لما عبر ما أخبراه به أنهما رأياه في منامهما ، قالا له : ما رأينا شيئاً ! فقال لهما : "قضي الأمر الذي فيه تستفتيان" ، يقول : فرغ من الأمر الذي فيه استفتيتما ، ووجب حكم الله عليكما بالذي أخبرتكما به .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان ، عن عمارة ، عن إبراهيم ، عن عبد الله قال : قال اللذان دخلا السجن على يوسف : ما رأينا شيئاً ! فقال : "قضي الأمر الذي فيه تستفتيان" .
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن عمارة بن القعقاع ، عن إبراهيم ، عن عبد الله : "قضي الأمر الذي فيه تستفتيان" ، قال : لما قالا ما قالا ، أخبرهما ، فقالا : ما رأينا شيئاً ! فقال : "قضي الأمر الذي فيه تستفتيان" .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا محمد بن فضيل ، عن عمارة ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ، في الفتيين اللذين أتيا يوسف والرؤيا ، إنما كانا تحالما ليجرباه ، فلما أول رؤياهما قالا : إنما كنا نعلب ! قال : "قضي الأمر الذي فيه تستفتيان" .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا جرير ، عن عمارة ، عن إبراهيم ، عن عبد الله قال : ما رأى صاحبا يوسف شيئاً ، إنما كان تحالما ليجربا علمه ، فقال أحدهما : إني أراني أعصر عنباً ! وقال الآخر :إني أراني احمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه ؟ "نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين" ، قال: "يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه" ، فلما عبر ، قالا : ما رأينا شيئاً ! قال : "قضي الأمر الذي فيه تستفتيان" ، على ما عبر يوسف .
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : قال لمجلث : أما أنت فتصلب فتأكل الطير من رأسك . وقال لنبو : أما أنت فترد على عملك ، فيرضى عنك صاحبك ، "قضي الأمر الذي فيه تستفتيان" ، أو كما قال .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج قال ، قال ابن جريج . .. فيه تستفتيان .
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ،حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : "قضي الأمر الذي فيه تستفتيان" ، عند قولهما : ما رأينا رؤيا ، إنما كنا نلعب ! قال : قد وقعت الرؤيا على ما أولت .
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : "الذي فيه تستفتيان" ، فذكر مثله .
فيه مسألتنان:
الأولى: قوله تعالى: " أما أحدكما فيسقي ربه خمرا " أي قال للساقي: إنك ترد على عملك الذي كنت عليه من سقي الملك بعد ثلاثة أيام، وقال للآخر: وأما أنت فتدعى إلى ثلاثة أيام فتصلب فتأكل الطير من رأسك، قال: والله ما رأيت شيئاً، قال: رأيت أو لم تر " قضي الأمر الذي فيه تستفتيان ". وحكى أهل اللغة أن سقى وأسقى لغتان بمعنىً واحد، كما قال الشاعر:
سقى قومي بني مجد وأسقى نميراً والقبائل من هلال
قال النحاس : الذي عليه أكثر أهل اللغة أن معنى سقاه ناوله فشرب، أو صب الماء في حلقه ومعنى أسقاه جعل له سقيا، قال الله تعالى: " وأسقيناكم ماء فراتا " ( المرسلات: 27).
الثانية: قال علماؤنا: إن قيل من كذب في رؤياه ففسرها العابر له أيلزمه حكمها؟ قلنا: لا يلزمه، وإنما كان ذلك في يوسف لأنه نبي، وتعبير النبي حكم، وقد قال: إنه يكون كذا وكذا فأوجد الله تعالى ما أخبر كما قال تحقيقاً لنبوته، فإن قيل: فقد روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: إني رأيت كأني أعشبت ثم أجدبت ثم أعشبت ثم أجدبت، فقال له عمر: أنت رجل تؤمن ثم تكفر، ثم تؤمن ثم تكفر، ثم تموت كافراً، فقال الرجل: ما رأيت شيئاً، فقال له عمر: قد قضي لك ما قضي لصاحب يوسف، قلنا: ليست لأحد بعد عمر، لأن عمر كان محدثاً، وكان إذا ظن ظناً كان وإذا تكلم به وقع، على ورد في إخباره، وهي كثيرة، منها - أنه دخل عليه رجل فقال له: أظنك كاهناً فكان كما ظن، خرجه البخاري . ومنها - أنه سأل رجلاً عن اسمه فقال له فيه أسماء النار كلها، فقال له: أدرك أهلك فقد احترقوا، فكان كما قال، خرجه الموطأ . وسيأتي لهذا مزيد بيان في سورة ( الحجر) إن شاء الله تعالى.
يقول لهما "يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمراً" وهو الذي رأى أنه يعصر خمراً, ولكنه لم يعينه لئلا يحزن ذاك, ولهذا أبهمه في قوله " وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه " وهو في نفس الأمر الذي رأى أنه يحمل فوق رأسه خبزاً, ثم أعلمهما أن هذا قد فرغ منه, وهو واقع لا محالة, لأن الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر فإذا عبرت وقعت, وقال الثوري: عن عمارة بن القعقاع, عن إبراهيم عن عبد الله قال: لما قالا ما قالا وأخبرهما, قالا: ما رأينا شيئاً, فقال: "قضي الأمر الذي فيه تستفتيان" ورواه محمد بن فضيل عن عمارة, عن إبراهيم, عن علقمة, عن ابن مسعود به, وكذا فسره مجاهد وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم, وحاصله أن من تحلم بباطل, وفسره فإنه يلزم بتأويله, والله تعالى أعلم, وقد ورد في الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد عن معاوية بن حيدة, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر, فإذا عبرت وقعت" وفي مسند أبي يعلى من طريق يزيد الرقاشي, عن أنس مرفوعاً "الرؤيا لأول عابر".
فقال: هذا هو بيان ما طلباه منه من تعبير رؤياهما، والمراد بقوله: "أما أحدكما" هو الساقي، وإنما أبهمه لكونه مفهوماص أو لكراهة التصريح للخباز بأنه الذي سيصلب "فيسقي ربه خمراً" أي مالكه، وهي عهدته التي كان قائماً بها في خدمة الملك، فكأنه قال: أما أنت أيها الساقي فستعود إلى ما كنت عليه ويدعو بك الملك ويطلقك من الحبس "وأما الآخر" وهو الخباز "فيصلب فتأكل الطير من رأسه" تعبيراً لما رآه من أنه يحمل فوق رأسه خبزاً فتأكل الطير منه "قضي الأمر الذي فيه تستفتيان" وهو ما رأياه وقصاه عليه، يقال استفتاه: إذا طلب منه بيان حكم شيء سأله عنه مما أشكل عليه، وهما قد سألاه تعبير ما أشكل عليهما من الرؤيا.
41-"يا صاحبي السجن أما أحدكما"، وهو صاحب الشراب، "فيسقي ربه"، يعني الملك "خمرا"، والعناقيد الثلاثة أيام يبقى في السجن ثم يدعوه الملك بعد الثلاثة أيام، ويرده إلى منزلته التي كان عليها، "وأما الآخر"، يعني: صاحب الطعام فيدعوه الملك بعد ثلاثة أيام، والسلال الثلاث الثلاثة أيام يبقى في السجن، ثم يخرجه، "فيصلب فتأكل الطير من رأسه".
قال ابن مسعود: لما سمعا قول يوسف قالا: ما رأينا شيئا إنما كنا نلعب، قال يوسف: " قضي الأمر الذي فيه تستفتيان "، أي: فرغ من الأمر الذى عنه تسألان، ووجب حكم الله عليكما الذى أخبرتكما به، رأيتما أو لم تريا.
41."يا صاحبي السجن أما أحدكما" يعني الشرابي . "فيسقي ربه خمراً" كما كان يسقيه قبل ويعود إلى ما كان عليه ."وأما الآخر " يريد به الخباز ."فيصلب فتأكل الطير من رأسه"فقالا كذبنا فقال " قضي الأمر الذي فيه تستفتيان " أي قطع الأمر الذي تستفتيان فيه ،وهو ما يؤول إليه أمركما ولذلك وحده ، فإنهما وإن استفتيا في أمرين لكنهما أرادا استبانه عاقبة ما نزل بهما.
41. O my two fellow prisoners! As for one of you, he will pour out wine for his lord to drink; and as for the other, he will be crucified so that the birds will eat from his head. Thus is the case judged concerning which ye did inquire.
41 - O my tow companions of the prison as to one of you, he will pour out the wine for his Lord to drink: as for the other, he will hang from the cross, and the birds will eat from off his head. (so) hath been decreed that matter whereof ye twain do enquire