[الفلق : 5] وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ
5 - (ومن شر حاسد إذا حسد) أظهر حسده وعمل بمقتضاه كلبيد المذكور من اليهود الحاسدين للنبي صلى الله عليه وسلم وذكر الثلاثة الشامل لها ما خلق بعده لشدة شرها
وقوله : " ومن شر حاسد إذا حسد " اختلف أهل التأويل في الحاسد الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ من شر حسده به ،فقال بعضهم : ذلك كل حاسد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ من شر عينه ونفسه .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور عن معمر ، عن قتادة : " ومن شر حاسد إذا حسد "قلا : من شر عينه ونفسه . وعن عطاء الخرساني مثل ذلك . قال معمر : وسمعت ابن طاوس يحدث عن أبيه ، قال : ( العين حق ولو كان شيئ سابق القدر ، سبقته العين ، وإذا استغسل أحدكم فليغتسل ) .
وقال آخرون : بل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الآية أن يستعيذ من شر اليهود الذين حسدوه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني ‎ يونس ، قال : خبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن يزيد في قوله : " ومن شر حاسد إذا حسد "قال : يهود لم يمنعهم أن يؤمنوا به إلا حسدهم .
وأولى القولين بالصواب في ذلك ، قول من قال : أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ من شر كل حاسد إذا حسد ، فعابه أو سحره ، أو بغاه سوءاً .
وإنما قلنا : ذلك أولى بالصواب ، لأن الله عز وجل لم يخصص من قوله : " ومن شر حاسد إذا حسد "حاسداً دون حاسد ، بل عم أمره إياه بالاستعاذة من شر كل حاسد ، فذلك على عمومه .
قوله تعالى:" ومن شر حاسد إذا حسد" قد تقدم في سورة (النساء) معنى الحسد، وأنه تمني زوال نعمة المحسود إن لم يصر للحاسد مثلها. والمنافسه هي تمني مثلها وإن لم تزل. فالحسد شر مذموم. والمنافسة مباحة وهي الغبطة. وقد روي:
" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المؤمن يغبط، والمنافق يحسد) "وفي الصحيحين: (لا حسد إلا في اثنتين) يريد لاغبطة. وقد مضى في سورة النساء والحمدلله.
قلت: قال العلماء : الحاسد لا يضر إلا إذا ظهر حسده بفعل او قول، وذلك بأن يحمله الحسد على إيقاع الشر بالمحسود، فيتبع مساوئه ويطلب عثراته.
"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا حسدت فلا تبغ....) "الحديث. وقد تقدم والحسد اول ذنب عصي الله به في السماء، وأول ذنب عصي به في الأرض، فحسد إبليس آدم، وحسد قابيل هابيل. والحاسد ممقوت مبغوض مطرود ملعون. ولقد احسن من قال:
قل للحسود إذا تنفس طعنة يا ظالما وكأنه مظلوم
التاسعة: هذه سورة دالة على أن الله سبحانه خالق كل شر، وأمر نبيه صلىالله عليه وسلم أن يتعوذ من جميع الشرور. فقال "من شر ما خلق" وجعل خاتمة ذلك الحسد، تنبيهاً على عظمة، وكثرة ضرره، والحاسد عدو نعمة الله. قال بعض الحكماء: بارز الحاسد ربه من خمسة اوجه: أحدها: أن أبغض كل نعمة ظهرت على غيره. وثانيها: أنه ساخط لقسمة ربه، كأنه يقول: لم قسمت هذه القسمة؟ وثالثها: أنه ضاد فعل الله، أي أن فضل الله يؤتيه من يشاء، وهو يبخل بفضل الله. ورابعها: أنه خذل أولياء الله، أو يريد خذلانهم وزوال النعمة عنهم. وخامسها: أنه أعان عدوه إبليس. وقيل: الحاسد لا ينال في المجالس إلا ندامة، ولاينال عند الملائكة إلا لعنة وبغضاء، ولا ينال في الخلوة إلا جزعاًوغماً، ولا ينال في الآخرة إلا خزناً واحتراقاً، ولا ينال من الله إلا بعداً ومقتاً. وروي:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ثلاثة لا يستجاب دعاؤهم: آكل الحرام، ومكثر الغيبة، ومن كان في قلبه غل او حسد للمسلمين) " . والله سبحانه وتعالى أعلم.
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن عصام , حدثنا أبو أحمد الزبيري , حدثنا حسن بن صالح عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر قال الفلق الصبح, وقال العوفي عن ابن عباس "الفلق" الصبح, وروي عن مجاهد وسعيد بن جبير وعبد الله بن محمد بن عقيل والحسن وقتادة ومحمد بن كعب القرظي, وابن زيد ومالك عن زيد بن أسلم مثل هذا, قال القرظي وابن زيد وابن جرير : وهي كقوله تعالى: "فالق الإصباح" وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "الفلق" الخلق, وكذا قال الضحاك : أمر الله نبيه أن يتعوذ من الخلق كله, وقال كعب الأحبار "الفلق" بيت في جهنم, إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره, ورواه ابن أبي حاتم , ثم قال: حدثنا أبي , حدثنا سهيل بن عثمان عن رجل سماه, عن السدي , عن زيد بن علي , عن آبائه أنهم قالوا "الفلق" جب في قعر جهنم عليه غطاء, فإذا كشف عنه, خرجت منه نار تضج منه جهنم من شدة حر ما يخرج منه, وكذا روي عن عمرو بن عنبسة وابن عباس والسدي وغيرهم.
وقد ورد في ذلك حديث مرفوع منكر, فقال ابن جرير : حدثني إسحاق بن وهب الواسطي , حدثنا مسعود بن موسى بن مشكان الواسطي , حدثنا نصر بن خزيمة الخراساني عن شعيب بن صفوان , عن محمد بن كعب القرظي , عن أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الفلق جب في جهنم مغطى" إسناده غريب ولا يصح رفعه. وقال أبو عبد الرحمن الحبلي "الفلق" من أسماء جهنم, وقال ابن جرير : والصواب القول الأول إنه فلق الصبح, وهذا هو الصحيح, وهو اختيار البخاري في صحيحه رحمه الله تعالى. وقوله تعالى: "من شر ما خلق" أي من شر جميع المخلوقات, وقال ثابت البناني والحسن البصري : جهنم وإبليس وذريته مما خلق "ومن شر غاسق إذا وقب" قال مجاهد : غاسق الليل إذا وقب غروب الشمس, حكاه البخاري عنه, وكذا رواه ابن أبي نجيح عنه, وكذا قال ابن عباس ومحمد بن كعب القرظي والضحاك وخصيف والحسن وقتادة : إذا وقب الليل إذا أقبل بظلامه. وقال الزهري "ومن شر غاسق إذا وقب" الشمس إذا غربت, وعن عطية وقتادة : إذا وقب الليل إذا ذهب, وقال أبو المهزم عن أبي هريرة "ومن شر غاسق إذا وقب" الكوكب, وقال ابن زيد : كانت العرب تقول الغاسق سقوط الثريا, وكانت الأسقام والطواعين تكبر عند وقوعها, وترتفع عند طلوعها.
قال ابن جرير : ولهؤلاء من الاثار ما حدثني نصر بن علي , حدثني بكار بن عبد الله بن أخي همام , حدثنا محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ومن شر غاسق إذا وقب ـ النجم الغاسق" (قلت) وهذا الحديث لا يصح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم, قال ابن جرير وقال آخرون: هو القمر. (قلت) وعمدة أصحاب هذا القول ما رواه الإمام أحمد : حدثنا أبو داود الحفري عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن أبي سلمة قال: قالت عائشة رضي الله عنها: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأراني القمرحين طلع وقال: "تعوذي با لله من شر هذا الغاسق إذا وقب" ورواه الترمذي والنسائي في كتابي التفسير من سننيهما من حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عن خاله الحارث بن عبد الرحمن به. وقال الترمذي حديث حسن صحيح ولفظه "تعوذي با لله من شر هذا الغاسق إذا وقب" ولفظ النسائي "تعوذي با لله من شر هذا, هذا الغاسق إذا وقب" قال أصحاب القول الأول: وهو آية الليل إذا ولج هذا لا ينافي قولنا لأن القمر آية الليل ولا يوجد له سلطان إلا فيه, وكذلك النجوم لا تضيء إلا بالليل فهو يرجع إلى ما قلناه والله أعلم.
وقوله تعالى: "ومن شر النفاثات في العقد" قال مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك : يعني السواحر, قال مجاهد : إذا رقين ونفثن في العقد. وقال ابن جرير : حدثنا ابن عبد الأعلى , حدثنا ابن ثور عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال: ما من شيء أقرب إلى الشرك من رقية الحية والمجانين, وفي الحديث الاخر " أن جبريل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اشتكيت يا محمد ؟ فقال : نعم فقال: باسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك, ومن شر كل حاسد وعين, الله يشفيك, ولعل هذا كان من شكواه صلى الله عليه وسلم حين سحر, ثم عافاه الله تعالى وشفاه ورد كيد السحرة الحساد من اليهود في رؤوسهم, وجعل تدميرهم في تدبيرهم وفضحهم, ولكن مع هذا لم يعاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً من الدهر, بل كفى الله وشفى وعافى " . وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية , حدثنا الأعمش عن يزيد بن حبان عن زيد بن أرقم قال: " سحر النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود فاشتكى لذلك أياماً. قال: فجاءه جبريل فقال: إن رجلاً من اليهود سحرك وعقد لك في بئر كذا وكذا, فأرسل إليها من يجيء بها, فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستخرجها فجاءه بها فحللها, قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال " , فما ذكر ذلك لليهودي, ولا رآه في وجهه حتى مات, ورواه النسائي عن هناد عن أبي معاوية محمد بن حازم الضرير .
وقال البخاري في كتاب الطب من صحيحه: حدثنا عبد الله بن محمد قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: أول من حدثنا به ابن جريج يقول: حدثني آل عروة عن عروة , فسألت هشاماً عنه, فحدثنا عن أبيه عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن, قال سفيان : وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا فقال: "يا عائشة أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه ؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والاخر عند رجلي, فقال الذي عند رأسي للاخر: ما بال الرجل ؟ قال: مطبوب, قال: ومن طبه, قال لبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف اليهود كان منافقاً, قال: وفيم ؟ قال: في مشط ومشاقة, قال: وأين ؟ قال: في جف طلعة ذكر تحت راعوفة في بئر ذروان قالت: فأتى البئر حتى استخرجه فقال: هذه البئر التي أريتها وكأن ماءها نقاعة الحناء وكأن نخلها رؤوس الشياطين قال: فاستخرج فقلت: أفلا تنشرت ؟ فقال: أما الله فقد شفاني وأكره أن أثير على أحد من الناس شراً".
وأسنده من حديث عيسى بن يونس وأبي ضمرة أنس بن عياض وأبي أسامة ويحيى القطان وفيه قالت حتى كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله, وعنده فأمر بالبئر فدفنت, وذكر أنه رواه عن هشام أيضاً ابن أبي الزناد والليث بن سعد , وقد رواه مسلم من حديث أبي أسامة حماد بن أسامة وعبد الله بن نمير , ورواه أحمد عن عفان عن وهيب عن هشام به. ورواه الإمام أحمد أيضاً عن إبراهيم بن خالد عن معمر عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: " لبث النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر يرى أنه يأتي ولا يأتي, فأتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه والاخر عند رجليه, فقال أحدهما للاخر: ما باله ؟ قال: مطبوب, قال: ومن طبه ؟ قال: لبيد بن الأعصم, وذكر تمام الحديث " . وقال الأستاذ المفسر الثعلبي في تفسيره, قال ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما: كان غلام من اليهود يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم, فدبت إليه اليهود فلم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلى الله عليه وسلم وعدة من أسنان مشطه, فأعطاها اليهود فسحروه فيها.
وكان الذي تولى ذلك رجل منهم يقال له ابن أعصم, ثم دسها في بئر لبني زريق يقال له ذروان, فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتثر شعر رأسه ولبث ستة أشهر يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن, وجعل يذوب ولا يدري ما عراه, فبينما هو نائم إذ أتاه ملكان, فجلس أحدهما عند رأسه والاخر عند رجليه, فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه: ما بال الرجل ؟ قال: طب, قال: وما طب ؟ قال: سحر ؟ قال: ومن سحره ؟ قال: لبيد بن الأعصم اليهودي. قال: وبم طبه ؟ قال: بمشط ومشاطة قال: وأين هو ؟ قال: في جف طلعة ذكر تحت راعوفة في بئر ذروان. والجف قشر الطلع, والراعوفة حجر في أسفل البئر ناتىء يقوم عليه الماتح, فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم مذعوراً, وقال: "يا عائشة أما شعرت أن الله أخبرني بدائي ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً والزبير وعمار بن ياسر فنزحوا ماء البئر كأنه نقاعة الحناء, ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجف فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه, وإذا فيه وتر معقود فيه اثنا عشر عقدة مغروزة بالإبر, فأنزل الله تعالى السورتين فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة, ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة حين انحلت العقدة الأخيرة, فقام كأنما نشط من عقال وجعل جبريل عليه السلام يقول: باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من حاسد وعين, الله يشفيك. فقالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلا نأخذ الخبيث نقتله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنا فقد شفاني الله وأكره أن أثير على الناس شراً" هكذا أورده بلا إسناد وفيه غرابة, وفي بعضه نكارة شديدة ولبعضه شواهد مما تقدم, والله أعلم.
5- "ومن شر حاسد إذا حسد" الحسد: تمني زوال النعمة التي أنعم الله بها على المحسود، ومعنى إذا حسد: إذا أظهر ما في نفسه من الحسد وعمل بمقتضاه وحمله الحسد على إيقاع الشر بالمحسود. قال عمر بن عبد العزيز: لم أر ظالماً أشبه بالمظلوم من حاسد، وقد نظم الشاعر هذا المعنى فقال:
قل للحسود إذا تنفس طعنة يا ظالماًوكأنه مظلوم
ذكر الله سبحانه في هذه السورة إرشاد رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الاستعاذة من شر كل مخلوقاته على العموم، ثم ذكر بعض الشرور على الخصوص مع اندراجه تحت العموم لزيادة شره ومزيد ضره، وهو الغاسق والنفاثات والحاسد، فكأن هؤلاء لما فيهم من مزيد الشر حقيقيون بإفراد كل واحد منهم بالذكر.
وقد أخرج ابن مردويه عن عمرو بن عبسة قال "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ "قل أعوذ برب الفلق" فقال: يا ابن عبسة أتدري ما الفلق؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: بئر في جهنم". وأخرجه ابن أبي حاتم من قول عمرو بن عبسة غير مرفوع. وأخرج ابن مردويه عن عقبة بن عامر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرأ "قل أعوذ برب الفلق" هل تدري ما الفلق؟ باب في النار إذا فتحت سعرت جهنم" وأخرج ابن مردويه والدليمي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل: "قل أعوذ برب الفلق" فقال: هو سجن في جهنم يحبس فيه الجبارون والمتكبرون، وإن جهنم لتتعوذ بالله منه". وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الفلق جب في جهنم".
وهذه الأحاديث لو كانت صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان المصير إليها وجباً، والقول بها متعيناً. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: الفلق سجن في جهنم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال: الفلق الصبح. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه قال: الفلق الخلق. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "ومن شر غاسق إذا وقب" وقال: النجم هو الغاسق، وهو الثريا. وأخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم من وجه آخر عنه غير مرفوع. وقد قدمنا تأويل ما ورد أن الغاسق القمر. وأخرج أبو الشيخ عنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ارتفعت النجوم رفعت كل عاهة عن كل بلد"، وهذا لو صح لم يكن فيه دليل على أن الغاسق هو النجم أو النجوم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس "ومن شر غاسق إذا وقب" قال: الليل إذا أقبل. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس "ومن شر النفاثات في العقد" قال: الساحرات. وأخرج ابن جرير عنه في الآية قال: هو ما خالط السحر من الرقى. وأخرج النسائي وابن مردويه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئاً وكل إليه". وأخرج ابن سعد وابن ماجه والحاكم وابن مردويه عن أبي هريرة قال: "جاء النبي صلى الله عليه وسلم يعودني فقال: ألا أرقيك برقية رقاني بها جبريل؟ فقلت: بلى بأبي أنت وأمي، قال: بسم الله أرقيك والله يشفيك من كل داء فيك " من شر النفاثات في العقد * ومن شر حاسد إذا حسد " فرقى بها ثلاث مرات". وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: "ومن شر حاسد إذا حسد" قال: نفس ابن آدم وعينه اهـ.
5- "ومن شر حاسد إذا حسد"، يعني اليهود فإنهم كانوا يحسدون النبي صلى الله عليه وسلم.
5-" ومن شر حاسد إذا حسد " إذا أظهر حسده وعمل بمقتضاه ، فإنه لا يعود ضرر منه قبل ذلك إلى المحسود بل يخص به لاغتمامه بسروره ،وتخصيصه لأنه العمدة في إضرار الإنسان بل الحيوان غيره ،ويجوز أن يراد بالغاسق ما يخلو عن النور وما يضاهيه كالقوى وبـ" النفاثات " النباتات ، فإن قواها النباتية من حيث أنها تزيد في طولها وعرضها وعمقها كانت تنفث في العقد الثلاثة ، وبالحاسد الحيوان فإنه إنما يقصد غيره غالباً طمعاً فيما عنده ، ولعل إفرادها من عالم الخلق لأنها الأسباب القريبة للمضرة .
عن النبي صلى الله عليه وسلم " لقد أنزلت علي سورتان ما أنزل مثلهما وإنك لن تقرأ سورتين أحب ولا أرضى عند الله منهما يعني المعوذتين " .
5. And from the evil of the envier when he envieth.
5 - And from the mischief of the envious one as he practises envy.