[هود : 23] إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
23 - (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا) سكنوا واطمأنوا وأنابوا (إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : إن الذين صدقوا الله ورسوله ،وعملوا في الدنيا بطاعة الله ، "وأخبتوا إلى ربهم" .
واختلف أهل التأويل في معنى الإخبات .
فقال بعضهم : معنى ذلك : وأنابوا إلى ربهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم" ، قال : الإخبات ، الإنابة .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : قوله : "وأخبتوا إلى ربهم" ، يقول : وأنابوا إلى ربهم .
وقال آخرون : معنى ذلك : وخافوا .
ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ،عن علي ، عن ابن عباس في قوله : "وأخبتوا إلى ربهم" ، يقول : خافوا .
وقال آخرون : معناه : اطمأنوا .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، وحدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : "وأخبتوا إلى ربهم" ، قال : اطمأنوا .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ،عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
وقال آخرون : معنى ذلك : خشعوا .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : "وأخبتوا إلى ربهم" ، الإخبات ، التخشع والتواضع .
قال أبو جعفر : وهذه الأقوال متقاربة المعاني ، وان اختلفت ألفاظها لأن الإنابة إلى الله من خوف الله ، ومن الخشوع والتواضع لله بالطاعة ، والطمأنينة إليه من الخشوع له ، غير أن نفس الإخبات ، عند العرب : الخشوع والتواضع .
وقال "إلى ربهم" ، ومعناه : وأخبتوا لربهم . وذلك أن العرب تضع اللام ، موضع إلى و إلى موضع اللام كثيراً ، كما قال تعالى : ( بأن ربك أوحى لها ) ، بمعنى : أوحى إليها . وقد يجوز أن يكون قيل ذلك كذلك ، لأنهم وصفوا بأنهم عمدوا بإخباتهم إلى الله .
وقوله : "أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون" ، يقول : هؤلاء الذين هذه صفتهم ، هم سكان الجنة الذين لا يخرجون عنها ، ولا يموتون فيها ، ولكنهم فيها لابثون إلى غير نهاية .
قوله تعالى: " إن الذين آمنوا " ( الذين) اسم ( إن) و ( آمنوا) صلة، أي صدقوا. " وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم " عطف على الصلة. قال ابن عباس: أخبتوا أنابوا. مجاهد: أطاعوا. قتادة: خشعوا وخضعوا. مقاتل: أخلصوا. الحسن: الإخبات الخشوع للمخافة الثابتة في القلب، وأصل الأخبات الاستواء، من الخبت وهو الأرض المستوية الواسعة: فالإخبات الخشوع والاطمئنان، أو الإنابة إلى الله عز وجل المستمرة ذلك على استواء. ( إلى ربهم) قال الفراء: إلى ربهم ولربهم واحد، وقد يكون المعنى: وجهوا إخباتهم إلى ربهم. " أولئك " خبر ( إن).
لما ذكر تعالى حال الأشقياء ثنى بذكر السعداء وهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات فآمنت قلوبهم وعملت جوارحهم الأعمال الصالحة قولاً وفعلاً من الإتيان بالطاعات وترك المنكرات وبهذا ورثوا الجنات, المشتملة على الغرف العاليات, والسرر المصفوفات, والقطوف الدانيات, والفرش المرتفعات والحسان الخيرات, والفواكه المتنوعات, والمآكل المشتهيات والمشارب المستلذات, والنظر إلى خالق الأرض والسموات, وهم في ذلك خالدون لا يموتون ولا يهرمون ولا يمرضون ولا ينامون ولا يتغوطون ولا يبصقون ولا يتمخطون, إن هو إلا رشح مسك يعرقون, ثم ضرب تعالى مثل الكافرين والمؤمنين فقال: "مثل الفريقين" أي الذين وصفهم أولاً بالشقاء والمؤمنين بالسعادة فأولئك كالأعمى والأصم وهؤلاء كالبصير والسميع, فالكافر أعمى عن وجه الحق في الدنيا والأخرة لا يهتدي إلى خير ولا يعرفه, أصم عن سماع الحجج فلا يسمع ما ينتفع به "ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم" الاية.
وأما المؤمن ففطن ذكي لبيب بصير بالحق يميز بينه وبين الباطل فيتبع الخير ويترك الشر سميع للحجة يفرق بينها وبين الشبهة فلا يروج عليه باطل, فهل يستوي هذا وهذا ؟ "أفلا تذكرون" أفلا تعتبرون فتفرقون بين هؤلاء وهؤلاء كما قال في الاية الأخرى: "لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة ؟ أصحاب الجنة هم الفائزون" وكقوله: " وما يستوي الأعمى والبصير * ولا الظلمات ولا النور * ولا الظل ولا الحرور * وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور * إن أنت إلا نذير * إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ".
23- "إن الذين آمنوا" أي صدقوا بكل ما يجب التصديق به من كون القرآن من عند الله وغير ذلك من خصال الإيمان "وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم" أي أنابوا إليه، وقيل خشعوا، وقيل خضعوا، قيل: وأصل الإخبات الاستواء في الخبث: وهو الأرض المستوية الواسعة فيناسب معنى الخشوع والاطمئنان. قال الفراء: إلى ربهم، ولربهم واحد "أولئك" الموصوفون بتلك الصفات الصالحة "أصحاب الجنة هم فيها خالدون".
23-"إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا"، قال ابن عباس: خافوا. قال قتادة: أنابوا. قال مجاهد: اطمأنوا. وقيل: خشعوا. وقوله: "إلى ربهم"، أي: لربهم. "أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون".
23."إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم"اطمأنوا إليه وخشعوا له من الخبت وهو الأرض المطمئنة "أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون " دائمون.
23. Lo! those who believe and do good works and humble themselves before their Lord: such are rightful owners of the Garden; they will abide therein.
23 - But those who believe and work righteousness, and humble themselves before their Lord, they will be companions of the garden, to dwell therein for aye