[هود : 16] أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
16 - (أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط) بطل (ما صنعوا) ه (فيها) أي الآخرة فلا ثواب له (وباطل ما كانوا يعملون)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : هؤلاء الذين ذكرت أنا نوفيهم أجور أعمالهم في الدنيا ، "ليس لهم في الآخرة إلا النار" ، يصلونها ، "وحبط ما صنعوا فيها" ، يقول : وذهب ما عملوا في الدنيا ، "وباطل ما كانوا يعملون" ، لأنهم كانوا يعملون لغير الله ، فأبطله الله وأحبط عامله أجره .
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : "أفمن كان على بينة من ربه" ، قد بين له دينه ، فتبينه ، "ويتلوه شاهد منه" .
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك .
فقال بعضهم : يعني بقوله : "أفمن كان على بينة من ربه" ، محمداً صلى الله عليه وسلم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن خلف قال ، حدثنا حسين بن محمد قال ، حدثنا شيبان ، عن قتادة عن عروة ، عن محمد ابن الحنفية قال : قلت لأبي : يا أبت ، أنت التالي في : "ويتلوه شاهد منه" ؟ قال : لا والله يا بني ، وددت أني كنت أنا هو ، ولكنه لسانه .
حدثني يعقوب ، وابن وكيع قالا ، حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن : "ويتلوه شاهد منه" ، قال : لسانه .
حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن عوف ، عن الحسن في قوله : "ويتلوه شاهد منه" ،قال : لسانه .
حدثنا محمد بن المثنى قال ، حدثنا الحكم بن عبد الله أبو النعمان العجلي قال ، حدثنا شعبة ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، مثله .
حدثني علي بن الحسن الأزدي قال ، حدثنا المعافى بن عمران ، عن قرة بن خالد ، عن الحسن مثله .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : "أفمن كان على بينة من ربه" ، وهو محمد ، كان على بينة من ربه .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن قوله : "ويتلوه شاهد منه" ، قال : لسانه .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : "ويتلوه شاهد منه" ، قال : لسانه هو الشاهد .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو أسامة ، عن شعبة ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، مثله .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا غندر ، عن عوف ، عن الحسن ، مثله .
وقال آخرون : يعني بقوله : "ويتلوه شاهد منه" ، محمد صلى الله عليه وسلم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا ابن ابي عدي ، عن عوف ، عن سليمان العلاف ، عن الحسن بن علي في قوله : "ويتلوه شاهد منه" ، قال : الشاهد ، محمد صلى الله عليه وسلم .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا غندر ، عن عوف قال ، حدثني سليمان العلاف قال : بلغني أن الحسن بن علي قال :"ويتلوه شاهد منه" ، قال : محمد صلى الله عليه وسلم .
قال ، حدثنا أبو أسامة ، عن عوف ، عن سليمان العلاف ، سمع الحسن بن علي :"ويتلوه شاهد منه" ، يقول : محمد ، هو الشاهد من الله .
حدثني يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : "أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه" ، قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان على بينة من ربه ، والقرآن يتلوه شاهد ايضاً من الله ، بأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا جرير ، عن ليث ، عن مجاهد : "أفمن كان على بينة من ربه" ، قال : النبي صلى الله عليه وسلم .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن نضر بن عربي ، عن عكرمة ، مثله .
قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، مثله .
حدثنا الحارث قال ، حدثنا أبو خالد ، سمعت سفيان يقول : "أفمن كان على بينة من ربه" ، قال : محمد صلى الله عليه وسلم .
وقال آخرون : هو علي بن أبي طالب .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال ، حدثنا رزيق بن مرزوق قال ، حدثنا صباح الفراء ، عن جابر ، عن عبد الله بن نجي قال ، قال علي رضي الله عنه : ما من رجل من قريش إلا وقد نزلت فيه الآية والآيتان . فقال له رجل : فأنت أي شيء نزل فيك ؟ فقال علي : أما تقرأ الآية التي نزلت في هود : "ويتلوه شاهد منه" .
وقال آخرون : هو جبريل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : "ويتلوه شاهد منه" ، أنه كان يقول : جبريل .
حدثنا أبو كريب ، وابن وكيع قالا ، حدثنا ابن إدريس ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن إبراهيم : "ويتلوه شاهد منه" ، قال : جبريل .
وحدثنا به أبو كريب مرة أخرى ، بإسناده عن إبراهيم فقال : قال : يقولون : علي ، إنما هو جبريل .
حدثنا أبو كريب ، وابن وكيع قالا ، حدثنا ابن إدريس ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : هو جبريل ، تلا التوارة والإنجيل والقرآن ، وهو الشاهد من الله .
حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان ـ وحدثنا محمد بن عبد الله المخرمي ، قال ، حدثنا جعفر بن عون قال ، حدثنا سفيان ، وحدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا الثوري ، وحدثني المثنى قال ، حدثنا أبو نعيم قال ، حدثنا سفيان ـ عن منصور ، عن إبراهيم : "ويتلوه شاهد منه" ، قال : جبريل .
حدثنا محمد بن المثنى قال ، حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن إبراهيم مثله .
قال ، حدثنا سهل بن يوسف قال ، حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن إبراهيم ، مثله .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، مثله .
قال : :حدثنا جرير ، عن ليث ، عن مجاهد قال : جبريل .
قال ، حدثنا عبد الله ، عن إسرائيل ، عن السدي ، عن ابي صالح : "ويتلوه شاهد منه" ، قال : جبريل .
قال ، حدثنا أبو معاوية ، عن جويبر ، عن الضحاك : "ويتلوه شاهد منه" ، قال : جبريل .
حدثت عن الحسين بن الفرج قال ، سمعت أبا معاذ قال ، اخبرنا عبيد بن سليمان قال ، سمعت الضحاك ، يقول في قوله :"أفمن كان على بينة من ربه" ، يعني محمداً ، هو على بينة من الله ، "ويتلوه شاهد منه" ، جبريل ، شاهد من الله ، يتلو على محمد ما بعث به .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن ابي العالية قال : هو جبريل .
قال ، حدثنا أبي ، عن نضر بن عربي ،عن عكرمة ، قال : هو جبريل .
قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم قال : جبريل .
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : "أفمن كان على بينة من ربه" ، يعني محمداً ، على بينة من ربه ، "ويتلوه شاهد منه" ، فهو جبريل ، شاهد من الله بالذي يتلو من كتاب الله الذي أنزل على محمد . قال : ويقال : "ويتلوه شاهد منه" ، يقول : يحفظه الملك الذي معه .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو النعمان عارم قال ، حدثنا حماد بن يزيد ، عن أيوب قال ، كان مجاهد يقول في قوله : "أفمن كان على بينة من ربه" ، قال : يعني محمداً ، "ويتلوه شاهد منه" ، قال : جبريل .
وقال آخرون : هو ملك يحفظه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد :"ويتلوه شاهد منه" ، قال : معه حافظ من الله ، ملك .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا يزيد بن هرون ، وسويد بن عمرو ،عن حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن مجاهد : "ويتلوه شاهد منه" ، قال :ملك يحفظه .
قال ، حدثنا محمد بن بكر ، عن ابن جريج ، عمن سمع مجاهداً : "ويتلوه شاهد منه" ، قال : الملك .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن نجيح ، عن مجاهد :"ويتلوه شاهد منه" ، يتبعه حافظ من الله ، ملك .
حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج بن المنهال قال ، حدثنا حماد ، عن أيوب ، عن مجاهد : "ويتلوه شاهد منه" ، قال : الملك يحفظه :( يتلونه حق تلاوته ) ، قال :يتبعونه حق اتباعه .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : "ويتلوه شاهد منه" ، قال : حافظ من الله ، ملك .
قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال التي ذكرناها بالصواب في تأويل قوله : "ويتلوه شاهد منه" ، قول من قال : هو جبريل ، لدلالة قوله ، "ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة" ، على صحة ذلك . وذلك أن نبي الله صلى الله عليه وسلم لم يتل قبل القرآن كتاب موسى ، فيكون ذلك دليلاً على صحة قول من قال : عني به لسان محمد صلى الله عليه وسلم ، أو : محمد نفسه ، أو علي ، على قول من قال : عني به علي . ولا يعلم أن أحداً كان تلا ذلك قبل القرآن أو جاء به ، ممن ذكر أهل التأويل أنه عني بقوله : "ويتلوه شاهد منه" ، غير جبريل عليه السلام .
فإن قال قائل : فإن كان ذلك دليلك على أن المعني به جبريل ، فقد يجب أن تكون القراءة في قوله ومن قبله كتاب موسى ، بالنصب ، لأن معنى الكلام على ما تأولت يجب أن يكون : ويتلو القرآن شاهد من الله ، ومن قبل القرآن كتاب موسى ؟
قيل : إن القرأة في الأمصار قد أجمعت على قراءة ذلك بالرفع ، فلم يكن لأحد خلافها ولو كانت القراءة جاءت في ذلك بالنصب ، كانت قراءة صحيحةً ومعنى صحيحاً .
فإن قال : فما وجه رفعهم إذاً الكتاب ، على ما ادعيت من التأويل ؟
قيل : وجه رفعهم هذا ، أنهم ابتدأوا الخبر عن مجيء كتاب موسى قبل كتابنا المنزل على محمد ، فرفعوه ، بـ من ومنه ، والقراءة كذلك ، والمعنى الذي ذكرت من معنى تلاوة جبريل ذلك قبل القرآن ، وأن المراد من معناه ذلك ، وإن كان الخبر مستأنفاً على ما وصفت ، اكتفاءً بدلالة الكلام على معناه .
وأما قوله : :"إماما" فإنه نصب على القطع من "كتاب موسى" ، وقوله : "ورحمة" ، عطف على الإمام ، كأنه قيل : ومن قبله كتاب موسى إماماً لبني إسرائيل يأتمون به ، ورحمةً من الله تلاه على موسى كما :
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن منصور ، عن إبراهيم في قوله : "ومن قبله كتاب موسى" ، قال : من قبله جاء بالكتاب إلى موسى .
وفي الكلام محذوف ، وقد ترك ذكره اكتفاءً ما ذكر عليه منه ، هو : "أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة" ، كمن هو في الضلالة متردد لا يهتدي لرشد ، ولا يعرف حقاً من باطل ، ولا يطلب بعمله إلا الحياة الدنيا وزينتها . وذلك نظير قوله : ( أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) ، . والدليل على حقيقة ما قلنا في ذلك أن ذلك عقيب قوله : "من كان يريد الحياة الدنيا" ، الآية ، ثم قيل : أهذا خير ، أمن كان على بينة من ربه ؟ والعرب تفعل كثيراً إذا كان فيما ذكرت دلالة على مرادها على ما حذفت ، وذلك كقول الشاعر :
وأقسم لو شيء أتانا رسوله سواك ، ولكن لم نجد لك مدفعا
وقوله : "أولئك يؤمنون به" ، يقول : هؤلاء الذين ذكرت ، يصدقون ويقرون به ، إن كفر به هؤلاء المشركون الذين يقولون :إن محمداً افتراه
قوله تعالى: " أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار " إشارة إلى التخليد، والمؤمن لا يخلد، لقوله تعالى: " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك " ( النساء: 116) الآية. فهو محمول على ما لو كانت موافاة هذا المرائي على الكفر. وقيل: المعنى ليس لهم إلا النار في أيام معلومة ثم يخرج، إما بالشفاعة، وإما بالقبضة. والآية تقتضي الوعيد بسلب الإيمان، وفي الحديث الماضي يريد الكفر وخاصة الرياء، إذ هو شرك على ما تقدم بيانه في ( النساء) ويأتي في آخر ( الكهف). " وباطل ما كانوا يعملون " ابتداء وخبر، قال أبو حاتم: وحذف الهاء، قال النحاس: هذا لا يحتاج إلى حذف، لأنه بمعنى المصدر، أي وباطل عمله. وفي حرف أبي وعبد الله " وباطل ما كانوا يعملون " وتكون ( ما) زائدة، أي وكانوا يعملون باطلاً.
قال العوفي عن ابن عباس في هذه الاية: إن أهل الرياء يعطون بحسناتهم في الدنيا وذلك أنهم لا يظلمون نقيراً يقول من عمل صالحاً التماس الدنيا صوماً أو صلاة أو تهجداً بالليل لا يعمله إلا التماس الدنيا يقول الله تعالى: أوفيه الذي التمس في الدنيا من المثابة وحبط عمله الذي كان يعمله لالتماس الدنيا وهو في الاخرة من الخاسرين: وهكذا روي عن مجاهد والضحاك وغير واحد, وقال أنس بن مالك والحسن: نزلت في اليهود والنصارى, وقال مجاهد وغيره: نزلت في أهل الرياء, وقال قتادة: من كانت الدنيا همه ونيته وطلبته جازاه الله بحسناته في الدنيا ثم يفضي إلى الاخرة وليس له حسنة يعطى بها جزاء وأما المؤمن فيجازى بحسناته في الدنيا ويثاب عليها في الاخرة, وقد ورد في الحديث المرفوع نحو من هذا, وقال تعالى: " من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا * كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا * انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا " وقال تعالى: " من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب ".
قوله: 16- "أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار" الإشارة إلى المريدين المذكورين، ولا بد من تقييد هذا بأنهم لم يريدوا الآخرة بشيء من الأعمال المعتد بها الموجبة للجزاء الحسن في الدار الآخرة، أو تكون الآية خاصة بالكفار كما تقدم "وحبط ما صنعوا" أي ظهر في الدار الآخرة حبوط ما صنعوه من الأعمال التي كانت صورتها صورة الطاعات الموجبة للجزاء الأخروي، لولا أنهم أفسدوها بفساد مقاصدهم، وعدم الخلوص، وإرادة ما عند الله في دار الجزاء، بل قصروا ذلك على الدنيا وزينتها، ثم حكم سبحانه ببطلانه عملهم فقال: "وباطل ما كانوا يعملون" أي أنه كان عملهم في نفسه باطلاً غير معتد به، لأنه لم يعمل لوجه صحيح يوجب الجزاء، ويترتب عليه ما يترتب على العمل الصحيح.
16-"أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها" أي: في الدنيا "وباطل"، "ما كانوا يعملون".
اختلفوا في معنى هذه الآية: قال مجاهد: هم أهل الرياء. وروينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: يا رسول الله وما الشرك الأصغر؟ قال: الرياء".
قيل: هذا في الكفار، وأما المؤمن: فيريد الدنيا والآخرة، وإرادته الآخرة غالبة فيجازي بحسناته في الدنيا، ويثاب عليها في الآخرة.
وروينا عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل لا يظلم المؤمن حسنة، يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يعطى بها خيراً".
16."أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار"مطلقاً في مقابلة ما عملوا لأنهم استوفوا ما تقتضيه صور أعمالهم الحسنة وبقيت لهم أوزار العزائم السيئة ."وحبط ما صنعوا فيها"لأنه لم يبق لهم ثواب في الآخرة .أو لم يكن لأنهم لم يريدوا به وجه الله والعمدة في اقتضاء ثوابها هو الإخلاص ،ويجوز تعليق الظرف بـ"صنعوا"على أن الضمير لـ"الدنيا"."وباطل"في نفسه ."ما كانوا يعملون "لأنه لم يعمل على ما ينبغي ،وكأن كل واحدة من الجملتين علة لما قبلها.وقرئ باطلاً على أنه مفعول يعملون و"ما"إبهامية أو في معنى المصدر كقوله:
ولا خارجا من في زور كلام
16. Those are they for whom is naught in the Hereafter save the Fire. (All) that they contrive here is vain and (all) that they are wont to do is fruitless.
16 - They are those for whom there is nothing in the hereafter but the fire: vain are the designs they frame therein, and of no effect are the deeds that they do