[الكافرون : 6] لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ
6 - (لكم دينكم) الشرك (ولي دين) الإسلام وهذا قبل أن يؤمر بالحرب وحذف ياء الإضافة القراء السبعة وقفاً ووصلاً وأثبتها يعقوب في الحالين
وقوله : " لكم دينكم ولي دين " يقول تعالى ذكره :لكم دينكم فلا تتركونه أبداً ، لأنه قد ختم عليكم ، وقضي أن لا تنفكوا عنه ، وأنكم تموتون عليه ، ولي ديني الذي أنا عليه ، لا أتركه أبداً ، لأنه قد مضى في سابق علم الله ، أني لا أنتقل عنه إلى غيره .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثنا ابن يزيد ، في قول الله " لكم دينكم ولي دين " قال للمشركين ، قال : واليهود لا يعبدون إلا الله ولا يشركون ، إلا أنهم يكفرون ببعض الأنبياء ، وبما جاءوا به من عند الله ، ويكفرون برسول الله ، وبما جاء به من عند الله ، وقتلوا طوائف الأنبياء ظلماً وعدواناً ، قال : إلا العصابة التي بقوا ، حتى خرج بختنصر ، فقالوا: عزير ابن الله ، دعا الله ولم يعبدوه ولم يفعلوا كما فعلت النصارى ، قالوا : المسح ابن الله وعبدوه .
وكان بعض أهل التربية يقول: كرر قوله ( لا أعبد ماتعبدون ) وما بعده على وجه التوكيد ، كما قال : " فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا " [ الشرح : 5_6] ، وكقوله : " لترون الجحيم * ثم لترونها عين اليقين " [ التكاثر : 6_7] .
قوله تعالى:" لكم دينكم ولي دين"
فيه معنى التهديد، وهو كقوله تعالى:" لنا أعمالنا ولكم أعمالكم"[القصص:55] أي إن رضيتم بدينكم، فقد رضينا بديننا. وكان هذا قبل الأمر بالقتال، فنسخ بآية السيف. وقيل: السورة كلها منسوخة. وقيل: ما نسخ منها شيء لأنها خبر. ومعنى (لكم دينكم) أي جزاء دينكم، ولي جزاء ديني. وسمى دينهم ديناً، لأنهم اعتقدوه وتولوه. وقيل: المعنى لكم جزاؤكم ولي جزائي، لأن الدين الجزاء. وفتح الياء من (ولي دين) نافع، والبزي عن ابن كثير باختلاف عنه، وهشام عن ابن عامر، وحفص عن عاصم. وأثبت الياء في (ديني) في الحالين نصر بن عاصم وسلام ويعقوب، قالوا: لأنها اسم مثل الكاف في دينكم، والتاء في قمت. الباقون بغير ياء، مثل قوله تعالى: " فهو يهدين" [الشعراء:78]
" فاتقوا الله وأطيعون"[ آل عمران:50] ونحوه، اكتفاء بالكسرة، واتباعاً لخط المصحف، فإنه وقع فيه بغير ياء.
هذه السورة سورة البراءة من العمل الذي يعمله المشركون, وهي آمرة بالإخلاص فيه فقوله تعالى: "قل يا أيها الكافرون" يشمل كل كافر على وجه الأرض, ولكن المواجهين بهذا الخطاب هم كفار قريش, وقيل إنهم من جهلهم دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة أوثانهم سنة, ويعبدون معبوده سنة, فأنزل الله هذه السورة وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فيها أن يتبرأ من دينهم بالكلية فقال: "لا أعبد ما تعبدون" يعني من الأصنام والأنداد "ولا أنتم عابدون ما أعبد" وهو الله وحده لا شريك له, فما ههنا بمعنى من, ثم قال: "ولا أنا عابد ما عبدتم * ولا أنتم عابدون ما أعبد" أي ولا أعبد عبادتكم أي لا أسلكها ولا أقتدي بها وإنما أعبد الله على الوجه الذي يحبه ويرضاه, ولهذا قال: "ولا أنتم عابدون ما أعبد" أي لا تقتدون بأوامر الله وشرعه في عبادته, بل قد اخترعتم شيئاً من تلقاء أنفسكم كما قال: "إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى".
فتبرأ منهم في جميع ما هم فيه, فإن العابد لا بد له من معبود يعبده وعبادة يسلكها إليه, فالرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه يعبدون الله بما شرعه, ولهذا كان كلمة الإسلام لا إله إلا الله محمد رسول الله أي لا معبود إلا الله ولا طريق إليه إلا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم, والمشركون يعبدون غير الله عبادة لم يأذن بها الله, ولهذا قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم: "لكم دينكم ولي دين" كما قال تعالى: "وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون" وقال: "لنا أعمالنا ولكم أعمالكم" . وقال البخاري يقال: "لكم دينكم" الكفر "ولي دين" الإسلام ولم يقل ديني لأن الايات بالنون فحذف الياء كما قال: "فهو يهدين" و "يشفين" وقال غيره: لا أعبد ما تعبدون الان ولا أجيبكم فيما بقي من عمري ولا أنتم عابدون ما أعبد, وهم الذين قال: "وليزيدن كثيراً منهم ما أنزل إليك من ربك طغياناً وكفراً" انتهى ما ذكره. ونقل ابن جرير عن بعض أهل العربية أن ذلك من باب التأكيد كقوله: "فإن مع العسر يسراً * إن مع العسر يسراً" وكقوله "لترون الجحيم * ثم لترونها عين اليقين" وحكاه بعضهم كابن الجوزي وغيره عن ابن قتيبة , فالله أعلم. فهذه ثلاثة أقوال (أولها) ما ذكرناه أولاً (والثاني) ما حكاه البخاري وغيره من المفسرين أن المراد "لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد" في الماضي "ولا أنا عابد ما عبدتم * ولا أنتم عابدون ما أعبد" في المستقبل (الثالث) إن ذلك تأكيد محض (وثم قول رابع) نصره أبو العباس بن تيمية في بعض كتبه, وهو أن المراد بقوله: "لا أعبد ما تعبدون" نفي الفعل لأنها جملة فعلية "ولا أنا عابد ما عبدتم" نفي قبوله لذلك بالكلية لأن النفي بالجملة الاسمية آكد, فكأنه نفي الفعل وكونه قابلاً لذلك, ومعناه نفي الوقوع ونفي الإمكان الشرعي أيضاً, وهو قول حسن أيضاً, والله أعلم. وقد استدل الإمام أبو عبد الله الشافعي وغيره بهذه الاية الكريمة "لكم دينكم ولي دين" على أن الكفر ملة واحدة, فورث اليهود من النصارى وبالعكس إذ كان بينهما نسب أو سبب يتوارث به لأن الأديان ما عدا الإسلام كلها كالشيء الواحد في البطلان. وذهب أحمد بن حنبل ومن وافقه إلى عدم توريث النصارى من اليهود, وبالعكس لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتوارث أهل ملتين شتى" آخر تفسير سورة قل يا أيها الكافرون.
6- "لكم دينكم" مستأنفة لتقرير قوله: "لا أعبد ما تعبدون" وقوله: "ولا أنا عابد ما عبدتم" كما أن قوله: "ولي دين" تقرير لقوله: "ولا أنتم عابدون ما أعبد" في الموضعين: أي إن رضيتم بدينكم فقد رضيت بديني كما في قوله: "لنا أعمالنا ولكم أعمالكم" والمعنى: أن دينكم الذي هو الإشراك مقصور على الحصول لكم لا يتجاوزه إلى الحصول لي كما تطمعون، وديني الذي هو التوحيد مقصور على الحصول لي لا يتجاوزه إلى الحصول لكم. وقيل المعنى: لكم جزاؤكم ولي جزائي، لأن الدين الجزاء. قيل وهذه الآية منسوخة بآية السيف، وقيل ليست بمنسوخة، لأنها أخبار والأخبار لا يدخلها النسخ. قرأ الجمهور بإسكان الياء من قوله "ولي" وقرأ نافع وهشام وحفص والبزي بفتحها. وقرأ الجمهور أيضاً بحذف الياء من ديني وقفاً ووصلاً، وأثبتها نصر بن عاصم وسلام ويعقوب وصلاً ووقفاً. قالوا لأنها اسم فلا تحذف. ويجاب بأن حذفها لرعاية الفواصل سائغ وإن كانت اسماً.
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس "أن قريشاً دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن يعطوه مالاً فيكون أغنى رجل بمكة ويزوجوه ما أراد من النساء، فقالوا: هذا لك يا محمد وكف عن شتم آلهتنا ولا تذكرها بسوء، فإن لم تفعل فإنا نعرض عليك خصلة واحدة ولك فيها صلاح، قال: ما هي؟ قالوا: تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة، قال: حتى أنظر ما يأتيني من ربي، فجاء الوحي من عند الله " قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون " إلى آخر السورة، وأنزل الله "قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون" إلى قوله: "بل الله فاعبد وكن من الشاكرين"". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف عن سعيد بن مينا مولى أبي البحتري قال "لقي الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن المطلب وأمية بن خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا محمد هلم فلنعبد ما تعبد وتعبد ما نعبد، ونشترك نحن وأنت في أمرنا كله، فإن كان الذي نحن عليه أصح من الذي أنت عليه كنت قد أخذت منه حظاً، وإن كان الذي أنت عليه أصح من الذي نحن عليه كنا قد أخذنا منه حظاً، فأنزل الله "قل يا أيها الكافرون" إلى أخر السورة". وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس أن قريشاً قالت: لو استلمت آلهتنا لعبدنا إلهك، فأنزل الله "قل يا أيها الكافرون" السورة كلها.
6- "لكم دينكم"، الشرك، "ولي دين"، الإسلام، قرأ ابن كثير، ونافع، وحفص: "ولي" بفتح الياء، قرأ الآخرون بإسكانها. وهذه الآية منسوخة بآية السيف.
6-" لكم دينكم " الذي أنتم عليه لا تتركونه . "ولي دين " ديني الذي أنا عليه لا أرفضه ، فليس فيه إذن في الكفر ولا منع عن الجهاد ليكون منسوخاً بآية القتال ، اللهم إلا إذ فسر بالمتاركة وتقرير كل من الفريقين الآخر على دينه ، وقد فسر الـ" دين " بالحساب والجزاء والدعاء والعبادة .
عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة الكافرون فكأنما قرأ ربع القرآن وتباعدت عنه مردة الشياطين وبرئ من الشرك "
6. Unto you your religion, and unto me my religion.
6 - To you be your Way, and to me mine.