[الكوثر : 1] إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ
1 - (إنا أعطيناك) يا محمد (الكوثر) هو نهر في الجنة هو حوضه ترد عليه أمته والكوثر الخير الكثير من النبوة والقرآن والشفاعة ونحوها
ك وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن أبي أيوب قال لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشى المشركون بعضهم إلى بعض فقالوا إن هذا الصابىء قد بتر الليلة فأنزل الله إنا أعطيناك الكوثر إلى آخر السورة
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله فصل لربك وانحر قال نزلت يوم الحديبية أتاه جبريل فقال انحر واركع فقام فخطب خطبة الفطر والنحر ثم ركع ركعتين ثم انصرف إلى البدن فنحرها قلت فيه غرابة شديدة
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال بلغني أن إبراهيم ولد النبي صلى الله عليه وسلم لما مات قالت قريش أصبح محمد أبتر فغاظه ذلك فنزلت إنا أعطيناك الكوثر تعزية له
يقول تعالى ذكره " إنا أعطيناك " يا محمد " الكوثر " .
واختلف أهل التأويل في معنى الكوثر ، فقال بعضهم : هو نهر في الجنة أعطاه الله محمداً صلى الله عليه وسلم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا عطاء بن السائب ، عن محارب بن دثار ، عن ابن عمر ، أنه قال : ( الكوثر نهر في الجنة ، حافتاه من ذهب وفضة من ذهب وفضة ، يجري علىالدر والياقوت ، ماؤه أشد من اللبن ، وأحلى من العسل .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن عطاء ، عن محارب بن دثار الباهلي ، عن ابن عمر ، في قوله " إنا أعطيناك الكوثر " قال : ( نهر في الجنة حافتاه الذهب ، ومجراه على الدر والياقوت ، وماؤه أشد بياضاً من الثلج ، وأشد حلاوة من العسل ، وتربته أطيب من ريح المسك ) .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عمر بن عبيد ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قل : الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب وفضة يجري على الياقوت والدر ، ماؤه أبيض من الثلج ، وأحلى من العسل .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب القمي ، عن حفص بن حميد ، عن شمر بن عطية ، عن شقيق أو مسروق ، قال : ( قلت لعائشة : يا أم المؤمنين ، وما بطنان الجنة ؟ قالت : وسط الجنة ، حافتاه قصور اللؤلؤ والياقوت ، ترابه المسك ، وحصباؤه اللؤلؤ والياقوت ) .
حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازي قال : ثنا أبو النضر وشبابة ، قالا : ثنا أبو جعفر الرازي ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن رجل ، عن عائشة قالت : ( الكوثر نهر في الجنة ليس أحد يدخل أصبعيه في أذنيه إلا سمع خرير ذلك النهر ) .
حدثنا أبو كريب ، قال : وكيع ، عن أبي جعفر ، وحدثنا ابن أبي سريج ، قال : ثنا أبونعيم ، قال : اخبرنا أبو جعفر الرازي ، عن ابن أبي نجيح ، عن أنس ، قال : الكوثر نهر في الجنة .
قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عائشة قلت : ( الكوثر نهر في الجنة در مجوف ) .
حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحق ، عن أبي عبيدة ، عن عائشة ( الكوثر نهر في الجنة ، عليه من الآنية عدد نجوم السماء ) .
قال : ثنا وكيع ، عن أبي نجيح ، عن عائشة قالت : ( من أحب أن يسمع خرير الكوثر ، فليجعل أصبعيه في أذنيه ) .
حدثنا ابن حميد ،قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عائشة، قالت : ( نهر في الجنة ، شاطئاه الدر المجوف )
قال : ثنا مهران ، عن أبي معاذ عيسى بن يزيد ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ،عن عائشة قالت : ( الكوثر نهر في بطنان الجنة وسط الجنة ، فيه نهر شاطئاه در مجوف ، فيه من الآنية لأهل الجنة مثل عدد نجوم السماء )
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس " إنا أعطيناك الكوثر " قال : نهر أعطاه الله محمداً صلى الله عليه وسلم في الجنة .
حدثنا أحمد بن أبي سريج ، قال : ثنا مسعدة ، عن عبد الوهاب ، عن مجاهد ، قال : ( الكوثر نهر في الجنة ، ترابه مسك أذفر ، وماؤه الخمر ) .
حدثنا ابن أبي سريج ، قال : ثنا عبد الله ، قال : أخبرنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، في قوله " إنا أعطيناك الكوثر " قال : نهر في الجنة .
حدثنا الربيع ، قال : أخبرنا ابن وهب ، عن سليمان بن بلال ، عن شريك بن أبي نمر ، قال : سمعت أنس بن مالك يحدثنا ، قال : " لما اسري برسول الله صلى الله عليه وسلم مضى به جبريل في السماء الدنيا ، فإذا هو بنهر ، عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد ، فذهب يشم ترابه ، فإذا هو مسك ، فقال : يا جبريل ما هذا النهر ؟ قال : هو الكوثر الذي خبأ لك ربك " .
وقال آخرون : عني بالكوثر : الخير الكثير .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب ، قال : ثني هشيم ، قال : أخبرنا أبو بشر و عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال في الكوثر : ( هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه ) .
قال أبو بشر : فقلت لسعيد بن جبير : فإن ناساً يزعمون أنه نهر في الجنة ، قال :فقال سعيد : النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن عطاء بن السائب ، قال : قال محارب بن دثار : ما قال سعيد بن جبير في الكوثر ؟ قال : قلت : قال : قال ابن عباس : هو الخير الكثير ، فقال : صدق والله .
حدثنا ابن بشر ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : الكوثر : الخير الكثير .
حدثنا ابن بشر ، قال ثنا محمد بن جعفر ، قال :ثنا شعبة ، عن أبي بشر ، قال : سألت سعيد بن جبير ، عن الكوثر ، فقال : هو الخير الكثير الذي آتاه الله ، فقلت لسعيد : إنا كنا نسمع أنه نهر في الجنة ، فقال : هو الخير الذي أعطاه الله إياه .
حثدنا ابن المثنى ، قال :ثني عبد الصمد ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير "إنا أعطيناك الكوثر " قال : الخير الكثير .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا محمد ، قال :ثنا شعبة ، عن عمارة بن أبي حفصة ، عن عكرمة ، قال : هو النبوة ، والخير الذي أعطاه الله إياه .
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا حرمي بن عمارة ، قال : ثنا شعبة ، قال : أخبرني عمارة ، عن عكرمة في قول الله "إنا أعطيناك الكوثر "قال : الخير الكثير ، والقرآن والحكمة .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، قال : ثنا عمارة بن أبي حفصة ، عن عكرمة أنه قال الكوثر : الخير الكثير .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : "إنا أعطيناك الكوثر "قال : الخير الكثير .
قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن هلال ، قال : سألت سعيد بن جبير "إنا أعطيناك الكوثر "قال : أكثر الله له من الخير ، قلت : نهر في الجنة :؟ قال : نهر وغيره .
حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ، قال ثنا أبو عاصم ، عن عيسى بن ميمون ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ،قال : الكوثر : الخير الكثير .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال :ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال :ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن ابي نجيح ، عن مجاهد ، قال : الكوثر : الخير الكثير .
حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال :ثنا ورقاء ، عن مجاهد : الكوثر ، قال : الخير كله .
حدثني ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله تعالى : قال : خير الدنيا والآخرة .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة في الكوثر ، قال : هو الخير الكثير .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير قال : الكوثر : الخير الكثير .
قال : ثنا وكيع ، عن بدر بن عثمان ، سمع عكرمة يقول في الكوثر ، قال : ما أعطي النبي صلى الله عليه وسلم من الخير والنبوة والقرآن .
حدثنا أحمد بن ابي سريج الرازي ، قال : ثنا أبو داود ، عن بدر ، عن عكرمة ، قوله : " إنا أعطيناك الكوثر " قال : الخير الذي أعطاه الله : النبوة والإسلام .
وقال آخرون : هو حوض أعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن مطر ، عن عطاء "إنا أعطيناك الكوثر "قال حوض في الجنة أعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
حدثنا أحمد بن أبي سريج ، قال :ثنا أبو نعيم ، قال : ثنا مطر ، قال : سألت عطاء ونحن نطوف بالبيت عن قوله : "إنا أعطيناك الكوثر "قال : حوض أعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأولى هذه الأقوال بالصواب عندي ، قول من قال : هو اسم النهر الذي أعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في لاجنة ، وصفه الله بالكثيرة ، لعظم قدره .
وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك لتتابع الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ذلك كذلك .
ذكر الأخبار الواردة بذلك :
حدثنا أحمد بن المقدام العجلي ، قال :ثنا المعتمر ، قال : سمعت أبي يحدث عن قتادة ، عن أنس قال : لما عرج بنبي الله صلى الله عليه وسلم في الجنة أو كما قال عرض له نهر حافتاه الياقوت المجوف أو قال : المجوب فضرب الملك الذي معه بيده فيه ، فاستخرج مسكاً ، فقال محمد للملك الذي معه : ما هذا ؟ قال : هذا الكوثر الذي أعطاك الله ، قال : ورفت له سدرة المنتهى ، فأبصر عندها أثرأً عظيماً ، أو كما قال .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال :ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " بينما أنا أسير في الجنة ، إذ عرض لي نهر ، حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف ، فقال الملك الذي معه : أتدري ما هذا ؟ هذا الكوثر الذي أعكاك الله إياه ، وضرب بيده إلى أرضه ، فأخرج من طينه المسك " .
حدثني ابن عوف ، قال :ثنا آدم ، قال : ثنا شيبان ، عن قتادة ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما عرج بي إلى السماء أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف قلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الكوثر الذي أعطاك ربك ، فأهوى الملك بيده ، فاستخرج طينه مسكاً أذفر " .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دخلت الجنة ، فإذا أنا بنهر حافتاه خيام اللؤلؤ ، فضربت بيدي إلى ما يجري فيه ، فإذا مسك أذفر ، قال : قلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الكوثر الذي أعطاكه الله " .
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا عبد الصمد ، قال : ثنا همام ، قال : ثنا قتادة ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحو حديث يزيد ، عن سعيد .
حدثنا بشر ، قال :ثنا أحمد بن أبي سريج ، قال : ثنا أبو أيوب العباس ، قال : ثنا إبراهيم بن سعد ، قال : ثنا محمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي ابن شهاب عن أبيه ، عن أنس قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكوثر ، فقال : هو نهر أعطانيه الله في الجنة ، ترابه مسك أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل ، ترده طير أعناقها مثل أعناق الجزر ، قال أبو بكر : يا رسول الله ، إنها لناعمة ؟ قال : آكلها أنعم منها " .
حدثنا الخلاد بن أسلم ، قال : أخبرنا محمد بن عمرو بن علقمة بن أبي وقاص الليثي ، عن كثير ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" دخلت الجنة حين عرج بي ، فاعطيت الكوثر ، فإذا نهر في الجنة ، عضادتاه بيوت مجوفة من لؤلؤ " .
حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : ثنا أبي و شعيب بن الليث ، عن الليث عن يزيد بن الهاد ، عن عبد الله بن مسلم بن شهاب ، عن أنس : " أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، ما الكوثر :؟ نهر أعطانيه الله في الجنة ، لهو أشد بياضاً من اللبن ، وأحلى من العسل ، فيه طيور أعناقها كأعناق الجزر ، قال عمر يا رسول الله إنها لناعمة ؟ قال : آكلها أنعم منها " .
حدثنا يونس ، قال : ثنا يحيى بن عبد الله ، قال : ثني الليث عن ابن الهاد ، عن عبد الوهاب ، عن عبد الله بن مسلم بن شهاب ، عن أنس ، أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله .
حدثنا عمر بن عثمان بن عبد الرحمن الزهري ، أن أخاه عبد الله ، أخبره أن أنس بن مالك صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أخبره : " أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما الكوثر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو نهر أعطانيه الله في الجنة ، ماؤه أبيض من اللبن ، وأحلى منم العسل ، فيه طيور أعناقها كأعناق الجزر ، فقال عمر : إنها لناعمة يا رسول الله ؟ فقال : آكلها أنعم منها " .
قال عمر بن عثمان ، قال ابن أبي أويس ، وحدثني أبي ، عن ابن أخي الزهري ، عن أبيه ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكوثر ، مثله .
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن فضيل قال : ثنا عطاء ، عن محارب بن دثار ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الكوثر نهر في الجنة ، حافتاه من ذهب . ومجراه على الياقوت والدر ، تربته أطيب من المسك ، ماؤه أحلى من العسل ، وأشد بياضاً من الثلج " .
حدثنا يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، قال : أخبرنا عطاء بن السائب ، قال : قال لي محارب بن دثار : ما قال سعيد بن جبير في الكوثر ؟ قلت : حدثنا عن ابن عباس ، أنه قال : هو الخير الكثير ، فقال : صدق والله ، إنه للخير الكثير ، ولكن حدثنا ابن عمر ، قال : لما نزلت : "إنا أعطيناك الكوثر "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الكوثر نهرر في الجنة ، حافتاه من ذهب ، يجري على الدر والياقوت " .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الكوثر نهر في الجنة " قال النبي صلى الله عليه وسلم : " رأيت نهراً حافتاه اللؤلؤ ، فقلت : يا جبريل ما هذا ؟ قال : هذا الكوثر الذي أعطاكه الله " .
حدثنا ابن البرقي ، قال :ثنا ابن أبي مريم ، قال : ثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير ، قال : أخبرنا حزام بن عثمان ، عن عبد الرحمن الأعرج ، عن أسامة بن زيد :" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى حمزة بن عبد المطلب يوماً ، فلم يجده ، فسأل امرأته عنه ، وكانت من بني النجار ، ، فقالت : خرج بأبي أنت آنفاً عامداً نحوك ، فأظنه أخطأك في بعض أزقة بني النجار ، أولا تدخل يا رسول الله ؟ فدخل ، فقدت إليه حيساً فأكل منه ، فقالت : يا رسول الله ، هنيئاً لك ومريئاً لقد جئت وإني لأريد أن آتيك فأهنيك وأريك ، أخبرني أبو عمارة أنك أعطيت نهراً في الجنة يدعى الكوثر ، فقال : أجل ، وعرضه ( يعني أرضه) ياقوت ورجن وزبرجد ولؤلؤ" .
وهي لغة في العطاء ، أنطيته : والكوثرفوعل من الكثرة مثل
وهي مكية في قول ابن عباس ، والكلبي ومقاتل . ومدنية في قول الحسن وعكرمة ومجاهد وقتادة وهي ثلاث آيات .
قوله تعالى:" إنا أعطيناك الكوثر" فيه مسألتان :
الأولى: قوله تعالى:" إنا أعطيناك الكوثر" قراءة العامة. (إنا أعطيناك) بالعين. وقرأ الحسن وطلحة بن مصرف : (أنطيناك)بالنون، وروته أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي لغة في العطاء، أنطيته: أعطيته. والكوثر: فوعل من الكثرة، مثل النوفل من النفل، والجوهر من الجهر. والعرب تسمي كل شيء كثير في العدد والقدر والخطر كوثراً. قال سفيان: قيل لعجوز رجع ابنها من السفر: بم آب ابنك؟ قالت: بكوثر، أي بمال كثير. والكوثر من الرجال: السيد الكثير الخير. قال الكميت:
وأنت كثير يا بن مروان طيب وكان أبوك ابن العقائل كوثرا
والكوثر: العدد الكثير من الأصحاب والأشياع. والكوثر من الغبار: الكثير. وقد تكوثر إذا كثر، قال الشاعر:
وقد ثار نقع الموت حتى تكوثرأ
الثانية: واختلف أهل التأويل في الكوثر الذي أعطيه النبي صلى الله عليه وسلم على ستة عشر قولاً: الأول: أنه نهر في الجنة، رواهالبخاري عن أنس والترمذي أيضاً وقد ذكرناه في كتاب التذكرة. وروى الترمذي أيضاً عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(الكوثر: نهر في الجنة، حافتاه من ذهب، ومجراه على الدر والياقوت، تربته أطيب من المسك، ماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج) هذا حديث حسن صحيح. الثاني: أنه حوض النبي صلى الله عليه وسلم في الموقف، قاله عطاء. "وفي صحيح مسلم عن أنس قال:
بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أغفى إغفاءه، ثم رفع رأسه متبسماً فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: (نزلت علي آنفاً سورة-فقرأ- بسم الله الرحمن الرحيم: " إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر * إن شانئك هو الأبتر" ثم قال- أتدرون ما الكوثر؟ قلنا الله ورسوله أعلم. قال: (فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل، عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم، فيختلج العبد منهم فأقول إنه من أمتي، فيقال إنك لا تدري ما أحدث بعدك)."
والأخبار في حوضه في الموقف كثيرة، ذكرناها في كتاب (التذكرة). وأن على أركانه الاربعة خلفاءه الأربعة، رضوان الله عليهم. وأن من أبغض واحداً منهم لم يسقه الآخر، وذكرنا هناك من يطرد عنه. فمن أراد الوقوف على ذلك تأمله هناك. ثم يجوز أن يسمى ذلك النهر أو الحوض كوثراً، لكثرة الواردة والشاربة من أمة محمد عليه السلام هناك. ويسمى به لما فيه من الخير الكثير والماء الكثير. الثالث: أن الكوثر النبوة والكتاب، قاله عكرمة. الرابع: القرآن، قاله الحسن. الخامس: الإسلام، حكاه المغيرة. السادس: تيسير القرآن وتخفيف الشرائع، قاله الحسين بن الفضل. السابع: هو كثرة الأصحاب والأمة والأشياع، قاله أبو بكر بن عياش ويمان بن رئاب. الثامن : أنه الإيثار، قاله ابن كيسان. التاسع : أنه رفعه الذكر. حكاه الماوردي. العاشر: أنه نور في قلبك دلك علي وقطعك عما سواي. وعنه: هو الشفاعة، وهو الحادي عشر. وقيل: معجزات الرب هدي بها اهل الإجابة لدعوتك، حكاه الثعلبي، وهو الثاني عشر. الثالث عشر: قال هلال بن يساف: هو لا إله إلا الله محمد رسول الله.وقيل : الفقو في الدين. وقيل: الصلوات الخمس، وهما الرابع عشر والخامس عشر. وقال ابن اسحاق: هو العظيم من الأمر، وذكر بيت لبيد:
وصاحب ملحوب فجعنا بفقده وعند الرداع بيت آخر كوثر
أي عظيم.
قلت: أصح هذه الأقوال الأول والثاني، لأنه ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم نص في الكوثر. وسمع أنس قوماً يتذاكرون الحوض فقال: ما كنت أرى ان أعيش حتى أرى امثالكم يتمارون في الحوض، لقد تركت عجائز خلفي، ما تصلي امرأة منهن إلا سألت الله أن (يسقيها من حوض النبي صلى الله عليه وسلم. وفي حوضه يقول الشاعر:
يا صاحب الحوض من يدانيكا وانت حقا حبيب باريكا
وجميع ما قيل بعد ذلك في تفسيره قد أعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم زيادة على حوضه صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً.
تفسير سورة الكوثر
بسم الله الرحمـن الرحيم
قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن فضيل عن المختار بن فلفل عن أنس بن مالك قال: " أغفى رسول الله إغفاءة, فرفع رأسه متبسماً إما قال لهم وإما قالوا له: لم ضحكت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه أنزلت علي آنفاً سورة فقرأ " إنا أعطيناك الكوثر " حتى ختمها فقال: هل تدرون ما الكوثر ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال :هو نهر أعطانيه ربي عز وجل في الجنة عليه خير كثير, ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد الكواكب يختلج العبد منهم, فأقول يا رب إنه من أمتي, فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك" هكذا رواه الإمام أحمد بهذا الإسناد الثلاثي, وهذا السياق عن محمد بن فضيل عن المختار بن فلفل عن أنس بن مالك .
وقد ورد في صفة الحوض يوم القيامة أنه يشخب فيه ميزابان من السماء من نهر الكوثر وأن آنيته عدد نجوم السماء, وقد روى هذا الحديث مسلم وأبو داود والنسائي من طريق علي بن مسهر ومحمد بن فضيل , كلاهما عن المختار بن فلفل عن أنس , ولفظ مسلم قال: " بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا في المسجد إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسماً, قلنا: ما أضحكك يا رسول الله. قال: لقد أنزلت علي آنفاً سورة فقرأ " إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر * إن شانئك هو الأبتر " ثم قال أتدرون ما هو الكوثر ؟ قلنا الله ورسوله أعلم قال: ـ فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل عليه خير كثير وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم في السماء, فيختلج العبد منهم فأقول رب إنه من أمتي, فيقول إنك لا تدري ما أحدث بعدك".
وقد استدل به كثير من القراء على أن هذه السورة مدنية وكثير من الفقهاء على أن البسملة من السورة, وأنها منزلة معها. فأما قوله تعالى: "إنا أعطيناك الكوثر" فقد تقدم في هذا الحديث أنه نهر في الجنة, وقد رواه الإمام أحمد من طريق أخرى عن أنس فقال: حدثنا عفان , حدثنا حماد أخبرنا ثابت عن أنس أنه قرأ هذه الاية "إنا أعطيناك الكوثر" قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيت الكوثر فإذا هو نهر يجري ولم يشق شقاً وإذا حافتاه قباب اللؤلؤ فضربت بيدي في تربته فإذا مسك أذفر وإذا حصباؤه اللؤلؤ". وقال الإمام أحمد أيضاً: حدثنا محمد بن أبي عدي عن حميد عن أنس قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دخلت الجنة فإذا أنا بنهر حافتاه خيام اللولؤ فضربت بيدي إلى ما يجري فيه الماء فإذا مسك أذفر قلت: ماهذا يا جبريل ؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاكه الله عز وجل" ورواه البخاري في صحيحه و مسلم من حديث شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة عن أنس بن مالك قال: " لما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء قال: أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف فقلت ما هذا يا جبريل ؟ قال: هذا الكوثر" وهو لفظ البخاري رحمه الله.
وقال ابن جرير : حدثنا الربيع , أخبرنا ابن وهب عن سليمان بن بلال عن شريك بن أبي نمر , قال: سمعت أنس بن مالك يحدثنا قال: " لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم مضى به جبريل إلى السماء الدنيا, فإذا هو بنهر عليه قصر من اللؤلؤ وزبرجد, فذهب يشم ترابه فإذا هو مسك قال: يا جبريل ما هذا النهر ؟ قال: هو الكوثر الذي خبأ لك ربك" وقد تقدم حديث الإسراء في سورة سبحان من طريق شريك عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو مخرج في الصحيحين . وقال سعيد عن قتادة عن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بينما أنا أسير في الجنة إذ عرض لي نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف, فقال الملك ـ الذي معه ـ أتدري ما هذا ؟ هذا الكوثرالذي أعطاك الله, وضرب بيده إلى أرضه فأخرج من طينه المسك" وكذا رواه سليمان بن طرخان ومعمر وهمام وغيرهم عن قتادة به.
قال ابن جرير : حدثنا أحمد بن أبي سريج , حدثنا أبو أيوب العباس , حدثنا إبراهيم بن سعد , حدثني محمد بن عبد الوهاب بن أخي ابن شهاب عن أبيه عن أنس قال: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكوثر فقال: هو نهر أعطانيه الله تعالى في الجنة ترابه مسك أبيض من اللبن وأحلى من العسل ترده طير أعناقها مثل أعناق الجزر قال أبو بكر: يا رسول الله إنها لناعمة قال : آكلها أنعم منها".
وقال أحمد : حدثنا أبو سلمة الخزاعي , حدثنا الليث عن يزيد بن الهاد عن عبد الوهاب عن عبد الله بن مسلم بن شهاب عن أنس " أن رجلاً قال: يا رسول الله ما الكوثر ؟ قال: هو نهر في الجنة أعطانيه ربي لهو أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل فيه طيورأعناقها كأعناق الجزر قال عمر: يا رسول الله إنها لناعمة. قال: آكلها أنعم منها يا عمر" رواه ابن جرير من حديث الزهري عن أخيه عبد الله عن أنس أنه " سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكوثر فذكر مثله سواء" . وقال البخاري : حدثنا خالد بن يزيد الكاهلي , حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عائشة رضي الله عنها قال: " سألتها عن قوله تعالى: "إنا أعطيناك الكوثر" قالت: نهر أعطيه نبيكم صلى الله عليه وسلم, شاطئاه عليه در مجوف, آنيته كعدد النجوم " , ثم قال البخاري : رواه زكريا وأبو الأحوص ومطرف عن أبي إسحاق , ورواه أحمد والنسائي من طريق مطرف به.
وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب , حدثنا وكيع عن سفيان وإسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عائشة قالت: الكوثر نهر في الجنة شاطئاه در مجوف, وقال إسرائيل : هو نهر في الجنة عليه من الانية عدد نجوم السماء. وحدثنا ابن حميد : حدثنا يعقوب القمي عن حفص بن حميد عن شمر بن عطية عن شقيق أو مسروق قال: قلت لعائشة يا أم المؤمنين حدثيني عن الكوثر قالت: " نهر في بطنان الجنة, قلت وما بطنان الجنة ؟ قالت: وسطها حافتاه قصور اللؤلؤ والياقوت وترابه المسك وحصباؤه اللؤلؤ والياقوت " , وحدثنا أبو كريب , حدثنا وكيع عن أبي جعفر الرازي عن ابن أبي نجيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: من أحب أن يسمع خرير الكوثر فليجعل أصبعيه في أذنيه, هذا منقطع بين ابن أبي نجيح وعائشة وفي بعض الروايات عن رجل عنها, ومعنى هذا أنه يسمع نظير ذلك لا أنه يسمعه نفسه والله أعلم قال السهيلي ورواه الدارقطني مرفوعاً من طريق مالك بن مغول عن الشعبي عن مسروق عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم قال البخاري : حدثنا يعقوب بن إبراهيم , حدثنا هشيم أخبرنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في الكوثر: هو الخير الذي أعطاه الله إياه, قال أبو بشر : قلت لسعيد بن جبير : فإن ناساً يزعمون أنه نهر في الجنة قال سعيد : النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه, ورواه أيضاً من حديث هشيم عن أبي بسر وعطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الكوثر الخير الكثير, وقال الثوري عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: الكوثر الخير الكثير, وهذا التفسير يعم النهر وغيره لأن الكوثر من الكثرة وهو الخير الكثير, ومن ذلك النهر كما قال ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد ومحارب بن دثار والحسن بن أبي الحسن البصري , حتى قال مجاهد : هو الخير الكثير في الدنيا والاخرة, وقال عكرمة : هو النبوة, والقرآن وثواب الاخرة وقد صح عن ابن عباس أنه فسره بالنهر أيضاً, فقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب , حدثنا عمر بن عبيد عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: " الكوثر نهر في الجنة حافتاه ذهب وفضة يجري على الياقوت والدر, ماؤه أبيض من الثلج وأحلى من العسل " , وروى العوفي عن ابن عباس نحو ذلك.
وقال ابن جرير : حدثني يعقوب , حدثنا هشيم أخبرنا عطاء بن السائب عن محارب بن دثار عن ابن عمر أنه قال: " الكوثر نهر في الجنة, حافتاه ذهب وفضة, يجري على الدر والياقوت, ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل " , وكذا رواه الترمذي عن ابن حميد عن جرير عن عطاء بن السائب به مثله موقوفاً, وقد روي مرفوعاً فقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن حفص , حدثنا ورقاء قال: وقال عطاء عن محارب بن دثار عن ابن عمر قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب والماء يجري على اللؤلؤ وماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل" وهكذا رواه الترمذي وابن ماجه وابن أبي حاتم وابن جرير من طريق محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب به مرفوعاً, وقال الترمذي : حسن صحيح.
وقال ابن جرير : حدثني يعقوب , حدثنا ابن علية , أخبرنا عطاء بن السائب قال: قال لي محارب بن دثار ما قال سعيد بن جبير في الكوثر ؟ قلت: حدثنا عن ابن عباس أنه قال: هو الخير الكثير, فقال: صدق والله إنه للخير الكثير, ولكن حدثنا ابن عمر قال: لما نزلت "إنا أعطيناك الكوثر" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب يجري على الدر والياقوت". وقال ابن جرير : حدثني ابن البرقي , حدثنا ابن أبي مريم , حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير , أخبرني حرام بن عثمان عن عبد الرحمن الأعرج عن أسامة بن زيد , " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى حمزة بن عبد المطلب يوماً فلم يجده, سأل عنه امرأته وكانت من بني النجار فقالت: خرج يا نبي الله آنفاً عامداً نحوك فأظنه أخطأك في بعض أزقة بني النجار, أولا تدخل يا رسول الله ؟ فدخل فقدمت إليه حيساً فأكل منه, فقالت: يا رسول الله هنيئاً لك ومريئاً, لقد جئت وأنا أريد أن آتيك فأهنيك وأمريك أخبرني أبو عمارة أنك أعطيت نهراً في الجنة يدعى الكوثر فقال: أجل وعرضه ـ يعني أرضه ـ ياقوت ومرجان وزبرجد ولؤلؤ" حرام بن عثمان ضعيف, ولكن هذا سياق حسن, وقد صح أصل هذا بل قد تواتر من طرق تفيد القطع عند كثير من أئمة الحديث, وكذلك أحاديث الحوض, وهكذا روي عن أنس وأبي العالية ومجاهد وغير واحد من السلف أن الكوثر نهر في الجنة, وقال عطاء : هو حوض في الجنة.
وقوله تعالى: "فصل لربك وانحر" أي كما أعطيناك الخير الكثير في الدنيا والاخرة ومن ذلك النهر الذي تقدم صفته, فأخلص لربك صلاتك المكتوبة والنافلة ونحرك فاعبده وحده لا شريك له, وانحر على اسمه وحده لا شريك له كما قال تعالى: "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين" قال ابن عباس وعطاء ومجاهد وعكرمة والحسن : يعني بذلك نحر البدن ونحوها, وكذا قال قتادة ومحمد بن كعب القرظي والضحاك والربيع وعطاء الخراساني والحكم وإسماعيل بن أبي خالد وغير واحد من السلف, وهذا بخلاف ما كان عليه المشركون من السجود لغير الله والذبح على غير اسمه كما قال تعالى: "ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق" الاية, وقيل: المراد بقوله "وانحر" وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى تحت النحر, يروى هذا عن علي ولا يصح, وعن الشعبي مثله وعن أبي جعفر الباقر "وانحر" يعني رفع اليدين عند افتتاح الصلاة, وقيل "وانحر" أي واستقبل بنحرك القبلة, ذكر هذه الأقوال الثلاثة ابن جرير .
وقد روى ابن أبي حاتم ههنا حديثاً منكراً جداً فقال: حدثنا وهب بن إبراهيم القاضي سنة خمس وخمسين ومائتين, حدثنا إسرائيل بن حاتم المروزي , حدثنا مقاتل بن حيان عن الأصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب قال: لما نزلت هذه السورة على النبي صلى الله عليه وسلم "إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر" " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جبريل ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربي ؟ فقال: ليست بنحيرة ولكنه يأمرك إذا تحرمت للصلاة ارفع يديك إذا كبرت وإذا ركعت وإذا رفعت رأسك من الركوع, وإذا سجدت فإنها صلاتنا وصلاة الملائكة الذين في السموات السبع, وإن لكل شيء زينة وزينة الصلاة رفع اليدين عند كل تكبيرة " . وهكذا رواه الحاكم في المستدرك من حديث إسرائيل بن حاتم به, وعن عطاء الخراساني : "وانحر" أي ارفع صلبك بعد الركوع واعتدل وأبرز نحرك يعني به الاعتدال, رواه ابن أبي حاتم وكل هذه الأقوال غريبة جداً, والصحيح القول الأول أن المراد بالنحر ذبح المناسك, ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العيد ثم ينحر نسكه ويقول: "من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك, ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له فقام أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول الله إني نسكت شاتي قبل الصلاة, وعرفت أن اليوم يوم يشتهى فيه اللحم. قال: شاتك شاة لحم قال: فإن عندي عناقاً هي أحب إلي من شاتين أفتجزىء عني ؟ قال: تجزئك ولا تجزىء أحداً بعدك".
قال أبو جعفر بن جرير : والصواب قول من قال إن معنى ذلك فاجعل صلاتك كلها لربك خالصاً دون ما سواه من الأنداد والالهة, وكذلك نحرك اجعله له دون الأوثان شكراً له على ما أعطاك من الكرامة والخير الذي لا كفاء له وخصك به, وهذا الذي قاله في غاية الحسن, وقد سبقه إلى هذا المعنى محمد بن كعب القرظي وعطاء . وقوله تعالى: "إن شانئك هو الأبتر" أي إن مبغضك يا محمد ومبغض ما جئت به من الهدى والحق والبرهان الساطع والنور المبين هو الأبتر الأقل الأذل المنقطع ذكره, قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة : نزلت في العاص بن وائل , وقال محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان قال: كان العاص بن وائل إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: دعوه فإنه رجل أبتر لا عقب له, فإذا هلك انقطع ذكره فأنزل الله هذه السورة, وقال شمر بن عطية : نزلت في عقبة بن أبي معيط.
وقال ابن عباس أيضاً و عكرمة : نزلت في كعب بن الأشرف وجماعة من كفار قريش, وقال البزار : حدثنا زياد بن يحيى الحساني , حدثنا ابن أبي عدي عن داود عن عكرمة عن ابن عباس قال: قدم كعب بن الأشرف مكة فقالت له قريش: أنت سيدهم ألا ترى إلى هذا الصنبر المنبتر من قومه ؟ يزعم أنه خير منا ونحن أهل الحجيج وأهل السدانة وأهل السقاية فقال: أنتم خير منه, قال فنزلت "إن شانئك هو الأبتر" هكذا رواه البزار وهو إسناد صحيح, وعن عطاء قال: نزلت في أبي لهب , وذلك حين مات ابن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب أبو لهب إلى المشركين فقال بتر محمد الليلة فأنزل الله في ذلك "إن شانئك هو الأبتر".
وعن ابن عباس : نزلت في أبي جهل, وعنه: "إن شانئك" يعني عدوك, وهذا يعم جميع من اتصف بذلك ممن ذكر وغيرهم, وقال عكرمة : الأبتر الفرد, وقال السدي : كانوا إذا مات ذكور الرجل قالوا بتر, فلما مات أبناء رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بتر محمد, فأنزل الله "إن شانئك هو الأبتر" وهذا يرجع إلى ما قلناه من أن الأبتر الذي إذا مات انقطع ذكره, فتوهموا لجهلهم أنه إذا مات بنوه انقطع ذكره, وحاشا وكلا بل قد أبقى الله ذكره على رؤوس الأشهاد, وأوجب شرعه على رقاب العباد, مستمراً على دوام الاباد, إلى يوم المحشر والمعاد, صلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم التناد.
هي ثلاث آيات
وهي مكية في قول ابن عباس والكلبي ومقاتل، ومدنية في قول الحسن وعكرمة ومجاهد وقتادة. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن الزبير وعائشة أنها نزلت سورة الكوثر بمكة.
قرأ الجمهور 1- "إنا أعطيناك" وقرأ الحسن وابن محيصن وطلحة والزعفراني أنطيناك بالنون. قيل هي لغة العرب العاربة. قال الأعشى:
حباؤك خير حبا الملوك يصان الحلال وتنطى الحولا
و "الكوثر" فوعل من الكثرة وصف به للمبالغة في الكثرة، مثل النوفل من النفل، والجوهر من الجهر. والعرب تسمي كل شيء كثير في العدد أو القدر أو الخطر كوثراً، ومنه قول الشاعر:
وقد ثار نقع الموت حتى تكوثرا
فالمعنى على هذا: إنا أعطيناك يا محمد الخير الكثير البالغ في الكثرة إلى الغاية. وذهب أكثر المفسرين كما حكاه الواحدي إلى أن الكوثر نهر في الجنة، وقيل هو حوض النبي صلى الله عليه وسلم في الموقف قاله عطاء. وقال عكرمة: الكوثر النبوة. وقال الحسن: هو القرآن. وقال الحسن بن الفضل: هو تفسير القرآن وتخفيف الشرائع. وقال أبو بكر بن عياش: هو كثرة الأصحاب والأمة. وقال ابن كيسان: هو الإيثار. وقيل هو الإسلام، وقيل رفعة الذكر، وقيل نور القلب، وقيل الشفاعة، وقيل المعجزات، وقيل إجابة الدعوة، وقيل لا إله إلا الله، وقيل الفقه في الدين، وقيل الصلوات الخمس، وسيأتي بيان ما هو الحق.
1- "إنا أعطيناك الكوثر"، أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أخبرنا عبد الغافر بن محمد، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي، حدثنا إبراهيم بن محمد / بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا على بن مسهر عن المختار -يعني ابن فلفل- عن أنس قال: "بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءةً ثم رفع رأسه مبتسماً، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: أنزلت علي آنفاً سورة، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم: " إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر * إن شانئك هو الأبتر "، ثم قال: أتدرون ما الكوثر؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل عليه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، فيختلج العبد منهم، فأقول: رب إنه مني، فيقول: ما تدري ما أحدث بعدك".
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا عمرو بن محمد، حدثنا هشيم، حدثنا أبو بشر وعطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: "الكوثر": الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه. قال أبو بشر قلت لسعيد بن جبير: إن أناساً يزعمون أنه نهر في الجنة؟ فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه.
قال الحسن: هو القرآن العظيم.
قال عكرمة: النبوة والكتاب.
وقال أهل اللغة: الكوثر: فوعل من الكثرة، كوفل: فوعل من النفل، والعرب تسمي كل شيء كثير في العدد أو كثير في القدر والخطر: كوثراً. والمعروف: أنه نهر في الجنة أعطاه الله رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي، أخبرنا أبو الحسن على بن عبد الله الطيسفوني، أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري، حدثنا أحمد بن علي الكشميهني، حدثنا علي بن حجر، حدثنا إسماعيل بن جعفر، حدثنا حميد عن أنس قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دخلت الجنة فإذا أنا بنهر يجري بياضه بياض اللبن، وأحلى من العسل، وحافتاه خيام اللؤلؤ، فضربت بيدي فإذا الثرى مسك أذفر، فقلت لجبريل: ما هذا؟ قال الكوثر الذي أعطاكه الله عز وجل".
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الداوودي، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى الصلت، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، أخبرنا أبو سعيد الأشج، حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن محارب بن دثار عن ابن عمر قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكوثر نهر في الجنة، حافتاه الذهب، مجراه على الدر والياقوت، تربته أطيب من المسك، وأشد بياضاً من الثلج".
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة قال: قال عبد الله بن عمرو: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء، من يشرب منها لم يظمأ أبداً".
أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري، أخبرنا جدي عبد الصمد بن عبد الرحمن البزاز، أخبرنا محمد بن زكريا العذافري، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة عن ثوبان قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا عند عقر حوضي أذود الناس عنه لأهل اليمن، إني لأضربهم بعصاي حتى يرفضوا عنه، وإنه لغيت فيه ميزابان من الجنة، أحدهما من ورق، والآخر من ذهب، طوله ما بين بصرى وصنعاء، أو ما بين أيلة ومكة، أو من مقامي هذا إلى عمان".
1-" إنا أعطيناك " وقرئ أنطيناك . " الكوثر " الخير المفرط الكثرة من العلم والعمل وشرف الدارين . وروي عنه عليه الصلاة والسلام " أنه نهر في الجنة وعدنيه ربي فيه خير كثير أحلى من العسل وأبيض من اللبن وأبرد من الثلج وألين من الزبد ، حافتاه الزبرجد وأوانيه من فضة لا يظمأ من شرب منه " . وقيل حوص فيها وقيل أولاده وأتباعه ،أو علماء أمته والقرآن العظيم .
Surah 108. Al-Kauthar
1. Lo! We have given thee Abundance;
SURA 108: KAUTHAR
1 - To thee have We granted the Fount (of Abundance).