[قريش : 4] الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ
4 - (الذي أطعمهم من جوع) أي من أجله (وآمنهم من خوف) أي من أجله وكان يصيبهم الجوع لعدم الزرع بمكة وخافوا جيش الفيل
وقوله : " الذي أطعمهم من جوع " يقول : الذي أطعم قريشاً من جوع .
كما حدثني علي ، قال :ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " الذي أطعمهم من جوع " يعني : قريشاً أهل مكة ، بدعوة إبراهيم صلى الله عليه وسلم حيث قال " وارزقهم من الثمرات " [ إبراهيم : 37] .
" وآمنهم من خوف " اختلف أهل التأويل في معنى قوله " وآمنهم من خوف " فقال بعضهم : معنى ذلك : أنه آمنهم مما يخاف منه من لم يكن من أهل الحرم ، من الغارات والحروب والقتال ، والأمور التي كانت العرب يخاف بعضها من بعض .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس " وآمنهم من خوف " حيث قال إبراهيم عليه السلام : " رب اجعل هذا البلد آمنا " [ إبراهيم : 35] .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال :ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن ابي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " وآمنهم من خوف " قال آمنهم من كل عدو في حرمهم .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( لإيلاف قرش إلفهم ) قال : كان أهل مكة تجاراً ، يتعاوررون ذلك شتاء وصيفاً ، آمنين في العرب ، وكانت العرب يغير بعضها على بعض ، لا يقدرون على ذلك ، ولا يستطيعونه من الخوف ، حتى إن كان الرجل منهم ليصاب في حي من أحياء العرب ، وإذا قيل حرمي خلي عنه وعن اله ، تعظيماً لذلك فيما أعطاهم الله من الأمن .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة " وآمنهم من خوف " قال : كانوا يقولون : نحن من حرم الله ، فلا يعرض لهم أحد في الجاهلية ، يأمنون بذلك ، وكان غيرهم من قبائل العرب إذا خرج أغير عليه .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " وآمنهم من خوف " قال : كانت العرب يغير بعضها على بعض ، ويسبي بعضها بعضاً ، فأمنوا نم ذلك لمكان الحرم وقرأ " أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء " [ القصص :57].
وقال آخرون : عني بذلك : وآمنهم من الجذام .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، قال : قال الضحاك " وآمنهم من خوف "قال : من خوفهم من الجذام .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان " وآمنهم من خوف "قال : من الجذام وغيره .
حدثنا أبو كريب ، قال : قال وكيع : سمعت أطعمهم من جوع ، قال : الجوع " وآمنهم من خوف "الخوف : الجذام .
حدثنا عمرو بن علي ، قال : ثنا عار بن إبراهيم الأصبهاني ، قال :ثنا خطاب بن جعفر بن أبي المغيرة ، قال : ثني أبي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس " وآمنهم من خوف "قال : الخوف الجذام .
والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبر أنه " وآمنهم من خوف "والعدو مخوف منه ، والجذام مخوف منه ، ولم يخصص الله الخبر عن أنه آنهم نم العدو دون الجذامم ، ولا من الجذام دون العدو ، بل عم الخبر بذلك ، فالصواب أن يعم كما عم جل ثناؤه ، فيقال : آمنهم من المعنيين كليهما .
قوله تعالى:" الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف "
قوله تعالى:" الذي أطعمهم من جوع" أي بعد جوع. " وآمنهم من خوف " قال ابن عباس: ذلك بدعوة إبراهيم عليه السلام حيث قال:" رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات "[البقرة:126]. وقال ابن زيد: كانت العرب يغير بعضها على بعض، ويسبي بعضها من بعض، فأمنت قريش من ذلك لمكان الحرم- وقرأ- " أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء " [القصص:57]. و"قيل: شق عليهم السفر في الشتاء والصيف، فألقى الله في قلوب الحبشة أن يحملوا إليهم طعاماً في السفن، فحملوه، فخافت قريش منهم، وظنوا أنهم قدموا لحربهم، فخرجوا إليهم متحرزين، فإذا هم قد جلبوا إليهم الطعام، وأغاثوهم بالأقوات، فكان أهل مكة يخرجون إلى جدة بالإبل والحمر، فيشترون الطعام، على مسيرة ليلتين. وقيل: هذا الإطعام هو أنهم لما كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليهم، فقال:
(اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف) فاشتد القحط، فقالوا: يا محمد ادع الله لنا فإنا مؤمنون. فدعا فأخصبت تبالة وجرش من بلاد اليمن، فحملوا الطعام إلى مكة، وأخصب أهلها " . وقال الضحاك والربيع وشريك وسفيان: (وآمنهم من خوف) أي من خوف الحبشة مع الفيل. وقال علي رضي الله عنه: وآمنهم من خوف: أن تكون الخلافة إلا فيهم. وقيل: أي كفاهم اخذ الإيلاف من الملوك. فالله أعلم، واللفظ يعم.
هذه السورة مفصولة عن التي قبلها في المصحف الإمام كتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم, وإن كانت متعلقة بما قبلها كما صرح بذلك محمد بن إسحاق وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم , لأن المعنى عندهما حبسنا عن مكة الفيل وأهلكنا أهله لإيلاف قريش أي لائتلافهم واجتماعهم في بلدهم آمنين, وقيل المراد بذلك ما كانوا يألفونه من الرحلة في الشتاء إلى اليمن وفي الصيف إلى الشام في المتاجر وغير ذلك, ثم يرجعون إلى بلدهم آمنين في أسفارهم لعظمتهم عند الناس لكونهم سكان حرم الله, فمن عرفهم احترمهم بل من صوفي إليهم وسار معهم أمن بهم, وهذا حالهم في أسفارهم ورحلتهم في شتائهم وصيفهم, وأما في حال إقامتهم في البلد فكما قال الله تعالى: " أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم " ولهذا قال تعالى: " لإيلاف قريش * إيلافهم " بدل من الأول ومفسر له ولهذا قال تعالى: "إيلافهم رحلة الشتاء والصيف" قال ابن جرير : الصواب أن اللام لام التعجب كأنه يقول اعجبوا لإيلاف قريش ونعمتي عليهم في ذلك, قال وذلك لإجماع المسلمين على أنهما سورتان منفصلتان مستقلتان.
ثم أرشدهم إلى شكر هذه النعمة العظيمة فقال: "فليعبدوا رب هذا البيت" أي فليوحدوه بالعبادة كما جعل لهم حرماً آمناً وبيتاً محرماً كما قال تعالى: " إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين " وقوله تعالى: "الذي أطعمهم من جوع" أي هو رب البيت, وهو الذي أطعمهم من جوع "وآمنهم من خوف" أي تفضل عليهم بالأمن والرخص فليفردوه بالعبادة وحده لا شريك له, ولا يعبدوا من دونه صنماً ولا نداً ولا وثناً, ولهذا من استجاب لهذا الأمر جمع الله له بين أمن الدنيا وأمن الاخرة, ومن عصاه سلبهما منه كما قال تعالى: "ضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون * ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون", وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا عبد الله بن عمرو العدني حدثنا قبيص حدثنا سفيان عن ليث عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ويل لكم قريش لإيلاف قريش" ثم قال: حدثنا أبي حدثنا المؤمل بن الفضل الحراني حدثنا عيسى يعني ابن يونس عن عبيد الله بن أبي زياد عن شهر بن حوشب عن أسامة بن زيد قال " سمعت رسول لله صلى الله عليه وسلم يقول: " لإيلاف قريش * إيلافهم رحلة الشتاء والصيف " ويحكم يا معشر قريش اعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمكم من جوع وآمنكم من خوف" هكذا رأيته عن أسامة بن زيد وصوابه عن أسماء بنت يزيد بن السكن أم سلمة الأنصارية رضي الله عنها فلعله وقع غلط في النسخة أو في أصل الرواية والله أعلم. آخر تفسير سورة لإيلاف قريش ولله الحمد والمنة.
4- "الذي أطعمهم من جوع" أي أطعمهم بسبب تينك الرحلتين من جوع شديد كانوا فيه قبلهما، وقيل إن هذا الإطعام هو أنهم لما كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليهم، فقال: اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف، فاشتد القحط، فقالوا: يا محمد ادع الله لنا فإنا مؤمنون، فدعا فأخصبوا وزال عنهم الجوع وارتفع القحط، "وآمنهم من خوف" أي من خوف شديد كانوا فيه. قال ابن زيد: كانت العرب يغير بعضها على بعض ويسبي بعضها بعضاً، فأمنت قريش من ذلك لمكان الحرم. وقال الضحاك والربيع وشريك وسفيان: آمنهم من خوف الحبشة مع الفيل.
وقد أخرج أحمد وابن أبي حاتم عن أسماء بنت يزيد قالت "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لإيلاف قريش * إيلافهم رحلة الشتاء والصيف " ويحكم يا قريش، اعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمكم من جوع وآمنكم من خوف". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: "لإيلاف قريش" قال: نعمتي على قريش "إيلافهم رحلة الشتاء والصيف" كانوا يشتون بمكة، ويصيفون بالطائف "فليعبدوا رب هذا البيت" قال: الكعبة "الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" قال: الجذام. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عنه " لإيلاف قريش * إيلافهم " قال: لزومهم "الذي أطعمهم من جوع" يعني قريشاً أهل مكة بدعوة إبراهيم حيث قال: "وارزق أهله من الثمرات" "وآمنهم من خوف" حيث قال إبراهيم "رب اجعل هذا البلد آمنا" وأخرج ابن جرير وابن مردويه عنه أيضاً في قوله: "لإيلاف قريش" الآية، قال: نهاهم عن الرحلة وأمرهم أن يعبدوا رب هذا البيت، وكفاهم المؤمنة، وكان رحلتهم في الشتاء والصيف ولم يكن لهم راحلة في شتاء ولا صيف، فأطعمهم الله بعد ذلك من جوع، وآمنهم من خوف فألفوا الرحلة وكان ذلك من نعمة الله عليهم. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في الآية قال: أمروا أن يألفوا عبادة رب هذا البيت كإلفهم رحلة الشتاء والصيف، وقد وردت أحاديث في فضل قريش وإن الناس تبع لهم في الخير والشر، وإن هذا الأمر يعني الخلافة لا يزال فيهم ما بقي منهم اثنان، وهي في دواوين الإسلام.
4- "الذي أطعمهم من جوع"، أي من بعد جوع بحمل الميرة إلى مكة، "وآمنهم من خوف"، بالحرم وكونهم من أهل مكة حتى لم يتعرض لهم في رحلتهم.
وقال عطاء عن ابن عباس: إنهم كانوا في ضر ومجاعة حتى جمعهم هاشم على الرحلتين، وكانوا يقسمون ربحهم بين الفقير والغني حتى كان فقيرهم كغنيهم.
قال الكلبي: وكان أول من حمل السمراء من الشام ورحل إليها الإبل: هاشم بن عبد مناف، وفيه يقول الشاعر:
قل للذي طلب السماحة والندى هلا مررت بآل عبد مناف
هلا مررت بهم تريد قراهـم منعوك من ضر ومن أكفاف
الرائشين وليس يوجد رائـش والقائلين هلم للأضياف
والخالطين فقيرهم بغنيهم حتى يكون فقيرهم كالكـافي
والقائمين بكل وعد صادق والراحلين برحلة الإيلاف
عمرو العلا هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف
سفرين سنهما له ولقومه سفر الشتاء ورحلة الأصياف
وقال الضحاك والربيع وسفيان: "وآمنهم من خوف" من خوف الجذام، فلا يصيبهم ببلدهم الجذام.
4-" الذي أطعمهم من جوع " أي بالرحلتين والتنكير للتعظيم ، وقيل المراد به شدة أكلوا فيها الجيف والعظام . " وآمنهم من خوف " أصحاب الفيل أو التخفيف في بلدهم ومسايرهم ، أو الجذام فلا يصيبهم ببلدهم .
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" من قرأ سورة لإيلاف قريش أعطاه الله عشر حسنات بعدد من طاف بالكعبة واعتكف بها" .
4. Who hath fed them against hunger and hath made them safe from fear.
4 - Who provides them with food against hunger, and with security against fear (of danger).