[يونس : 65] وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
65 - (ولا يحزنك قولهم) لك لست مرسلاً وغيره (إن) استئناف (العزة) القوة (لله جميعا هو السميع) للقول (العليم) بالفعل فيجازيهم وينصرك
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا يحزنك، يا محمد، قول هؤلاء المشركين في ربهم ما يقولون، وإشراكهم معه الأوثان والأصنام، فإن العزة لله جميعاً، يقول تعالى ذكره: فإن الله هو المنفرد بعزة الدنيا والآخرة، لا شريك له فيها، وهو المنتقم من هؤلاء المشركين القائلين فيه من القول الباطل ما يقولون، فلا ينصركم عند انتقامه منهم أحد، لأنه لا يعازه شيء، " هو السميع العليم "، يقول: وهو ذو السمع لما يقولون من الفرية والكذب عليه، وذو علم بما يضمرونه في أنفسهم ويعلنونه محصىً ذلك عليهم كله، وهو لهم بالمرصاد. وكسرت " إن " من قوله: " إن العزة لله جميعا "، لأن ذلك خبر من الله مبتدأ، ولم يعمل فيها ((القول))، لأن ((القول)) عني به قول المشركين، وقوله: " إن العزة لله جميعا "، لم يكن قيل من المشركين، ولا هو خبر عنهم أنهم قالوه.
قوله تعالى: "ولا يحزنك قولهم" تم الكلام، أي لا يحزنك افتراؤهم وتكذيبهم لك، ثم ابتدأ فقال: "إن العزة لله" أي القوة الكاملة والغلبة الشاملة والقدرة التامة لله وحده، فهو ناصرك ومعينك ومانعك. "جميعا" نصب على الحال، ولا يعارض هذا قوله: "ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين" [المنافقون: 8] فإن كل عزة بالله فهي كلها لله، قال الله سبحانه: "سبحان ربك رب العزة عما يصفون" [الصافات: 180]. "هو السميع العليم" السميع لأقوالهم وأصواتهم، العليم بأعمالهم وأفعالهم وجميع حركاتهم.
يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: "ولا يحزنك" قول هؤلاء المشركين واستعن بالله عليهم وتوكل عليه فإن العزة لله جميعاً أي جميعها له ولرسوله وللمؤمنين "هو السميع العليم" أي السميع لأقوال عباده العليم بأحوالهم, ثم أخبر تعالى أن له ملك السموات والأرض وأن المشركين يعبدون الأصنام وهي لا تملك شيئاً لا ضراً ولا نفعاً ولا دليل لهم على عبادتها, بل إنما يتبعون في ذلك ظنونهم وتخرصهم وكذبهم وإفكهم, ثم أخبر أنه الذي جعل لعباده الليل ليسكنوا فيه, أي يستريحون من نصبهم وكلهم وحركاتهم "والنهار مبصراً" أي مضيئاً لمعاشهم وسعيهم وأسفارهم ومصالحهم " إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون " أي يسمعون هذه الحجج والأدلة فيعتبرون بها ويستدلون على عظمة خالقها ومقدرها ومسيرها.
قوله: 65- "ولا يحزنك قولهم" نهي للنبي صلى الله عليه وسلم عن الحزن من قول الكفار المتضمن للطعن عليه وتكذيبه والقدح في دينه، والمقصود التسلية له والتبشير. ثم استأنف سبحانه الكلام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم معللاً لما ذكره من النهي لرسوله صلى الله عليه وسلم فقال: "إن العزة لله جميعاً" أي الغلبة والقهر له في مملكته وسلطانه ليست لأحد من عباده، وإذا كان ذلك كله له فكيف يقدرون عليك حتى تحزن لأقوالهم الكاذبة وهم لا يملكون من الغلبة شيئاً. وقرئ يحزنك من أحزنه. وقرئ أن العزة بفتح الهمزة على معنى لأن العزة لله، ولا ينافي ما في هذه الآية من جعل العز جميعها لله تعالى قوله سبحانه: "ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين" لأن كل عزة بالله فهي كلها لله، ومنه قوله: "كتب الله لأغلبن أنا ورسلي" "إنا لننصر رسلنا".
65-"ولا يحزنك قولهم"، يعني: قول المشركين تم الكلام هاهنا ثم ابتدأ، فقال: "إن العزة لله"، يعنى الغلبة والقدرة لله "جميعا" هو ناصرك، وناصر دينك، والمنتقم منهم.
قال سعيد بن المسيب: إن العزة لله جميعا يعني: عن الله يعز من يشاء، كما قال في آية أخرى: "ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين" (المنافقون-8)، وعزة الرسول والمؤمنين بالله فهي كلها لله.
"هو السميع العليم".
65."ولا يحزنك قولهم"إشراكهم وتكذيبهم وتهديدهم.وقرأ نافع"يحزنك"من أحزنه وكلاهما بمعنى."إن العزة لله جميعاً"استئناف بمعنى التعليل ويدل عليه القراءة بالفتح كأنه قيل لا تحزن بقولهم ولا تبال بهم لأن الغلبة لله جميعاً لا يملك غيره شيئاً منها فهو يقهرهم وينصرك عليهم ."هو السميع"لأقوالهم ."العليم"بعزماتهم فيكافئهم عليها.
65. And let not their speech grieve thee (O Muhammad). Lo! power belongeth wholly to Allah. He is the Hearer, the Knower.
65 - Let not their speech Grieve thee: for all power and honour belong to God: it is he who heareth and knoweth (all things).