[يونس : 33] كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ
33 - (كذلك) كما صرف هؤلاء عن الإيمان (حقت كلمة ربك على الذين فسقوا) كفروا ، وهي {لأملأن جهنم} الآية ، أو هي (أنهم لا يؤمنون)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: كما قد صرف هؤلاء المشركون عن الحق إلى الضلال، " كذلك حقت كلمة ربك "، يقول: وجب عليهم قضاؤه وحكمه في السابق من علمه، " على الذين فسقوا "، فخرجوا من طاعة ربهم إلى معصيته وكفروا به، " أنهم لا يؤمنون "، يقول: لا يصدقون بوحدانية الله ولا بنبوة نبيه صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: "كذلك حقت كلمة ربك" أي حكمه وقضاؤه وعلمه السابق. "على الذين فسقوا" أي خرجوا عن الطاعة وكفروا وكذبوا. "أنهم لا يؤمنون" أي لا يصدقون. وفي هذا أوفى دليل على القدرية. وقرأ نافع وابن عامر هنا وفي آخرها كذلك حقت كلمات ربك وفي سورة غافر بالجمع في الثلاثة. الباقون بالإفراد وأن في موضع نصب، أي بأنهم أو لأنهم. قال الزجاج: ويجوز أن تكون في موضع رفع على البدل من كلمات. قال الفراء: يجوز إنهم بالكسر على الاستئناف.
يحتج تعالى على المشركين باعترافهم بوحدانيته وربوبيته على وحدانية إلاهيته فقال تعالى: "قل من يرزقكم من السماء والأرض" أي من ذا الذي ينزل من السماء ماء المطر فيشق الأرض شقاً بقدرته ومشيئته فيخرج منها " حبا * وعنبا وقضبا * وزيتونا ونخلا * وحدائق غلبا * وفاكهة وأبا " أإله مع الله ؟ فسيقولون الله "أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه ؟" وقوله: " أمن يملك السمع والأبصار " أي الذي وهبكم هذه القوة السامعة, والقوة الباصرة, ولو شاء لذهب بها ولسلبكم إياها كقوله تعالى: "قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار" الاية. وقال: "قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم" الاية وقوله: "ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي" أي بقدرته العظيمة ومنته العميمة, وقد تقدم ذكر الخلاف في ذلك وأن الاية عامة لذلك كله وقوله: "ومن يدبر الأمر" أي من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه وهو المتصرف الحاكم الذي لا معقب لحكمه, ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون "يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن" فالملك كله العلوي والسفلي وما فيهما من ملائكة وإنس وجان فقيرون إليه عبيد له خاضعون لديه "فسيقولون الله" أي وهم يعلمون ذلك ويعترفون به.
"فقل أفلا تتقون" أي أفلا تخافون منه أن تعبدوا معه غيره بآرائكم وجهلكم وقوله: "فذلكم الله ربكم الحق" الاية أي فهذا الذي اعترفتم بأنه فاعل ذلك كله هو ربكم وإلهكم الحق الذي يستحق أن يفرد بالعبادة "فماذا بعد الحق إلا الضلال" أي فكل معبود سواه باطل لا إله إلا هو واحد لا شريك له "فأنى تصرفون" أي فكيف تصرفون عن عبادته إلى عبادة ما سواه وأنتم تعلمون أنه الرب الذي خلق كل شيء والمتصرف في كل شيء, وقوله: "كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا" الاية أي كما كفر هؤلاء المشركون واستمروا على شركهم وعبادتهم مع الله غيره مع أنهم يعترفون بأنه الخالق المتصرف في الملك وحده الذي بعث رسله بتوحيده, فلهذا حقت عليهم كلمة الله أنهم أشقياء من ساكني النار كقوله: "قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين".
33- "كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون" أي كما حق وثبت أن الحق بعد الضلال أو كما حق أنهم مصروفون عن الحق كذلك حقت كلمة ربك: أي حكمه وقضاؤه على الذين فسقوا: أي خرجوا من الحق إلى الباطل وتمردوا في كفرهم عناداً ومكابرة، وجملة "أنهم لا يؤمنون" بدل من الكلمة. قال الزجاج: أي حقت عليهم هذه الكلمة، وهي عدم إيمانهم، ويجوز أن تكون الجملة تعليلية لما قبلها بتقدير اللام: أي لأنهم لا يؤمنون. وقال الفراء: إنه يجوز إنهم لا يؤمنون بالكسر على الاستئناف، وقد قرأ نافع وابن عامر " لكلمات ربي " بالجمع. وقرأ الباقون بالإفراد.
33-"كذلك". قال الكلبي: هكذا، "حقت"، وجبت، "كلمة ربك"، حكمه السابق، "على الذين فسقوا"، كفروا، "أنهم لا يؤمنون"، قرأ أبو جعفر ونافع وابن عامركلمات ربك بالجمع هاهنا موضعين، وفى المؤمن، والآخرون على التوحيد.
33." كذلك حقت كلمة ربك "أي كما حقت الربوبية لله أو أن الحق بعده الضلال ،أو أنهم مصروفون عن الحق كذلك حقت كلمة الله وحكمه .وقرأ نافع وابن عامركلمات هنا وفي آخر السورة وفي غافر"على الذين فسقوا"تمردوا في كفرهم وخرجوا عن حد الاستصلاح ."أنهم لا يؤمنون"بدل من الكلمة ، أو تعليل لحقيتها والمراد بها العدة بالعذاب.
33. Thus is the Word of thy Lord justified concerning those who do wrong : that they believe not.
33 - Thus is the word of thy Lord proved true against those who rebel: verily they will not believe.