[يونس : 14] ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ
14 - (ثم جعلناكم) يا أهل مكة (خلائف) جمع خليفة (في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون) فيها وهل تعتبرون بهم فتصدقوا رسلنا
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ثم جعلناكم، أيها الناس، خلائف من بعد هؤلاء القرون الذين أهلكناهم لما ظلموا، تخلفونهم في الأرض، وتكونون فيها بعدهم، " لننظر كيف تعملون "، يقول: لينظر ربكم أين عملكم من عمل من هلك من قبلكم من الأمم بذنوبهم وكفرهم بربهم، تحتذون مثالهم فيه، فتستحقون من العقاب ما استحقوا، أم تخالفون سبيلهم فتؤمنون بالله ورسوله وتقرون بالبعث بعد الممات، فتستحقون من ربكم الثواب الجزيل، كما:
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون "، ذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: صدق ربنا، ما جعلنا خلفاء إلا لينظر كيف أعمالنا أروا الله من أعمالكم خيراً بالليل والنهار، والسر والعلانية.
حدثني المثنى قال، حدثنا زيد بن عوف أبو ربيعة فهد قال، حدثنا حماد، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: أن عوف بن مالك قال لأبي بكر رضي الله عنه: رأيت فيما يرى النائم كأن سبباً دلي من السماء، فانتشط رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دلي فانتشط أبو بكر، ثم ذرع الناس حول المنبر، ففضل عمر رضي الله عنه بثلاث أذرع إلى المنبر. فقال عمر: دعنا من رؤياك، لا أرب لنا فيها! فلما استخلف عمر قال: يا عوف، رؤياك! قال: وهل لك في رؤياي من حاجة؟ أو لم تنهرني! قال: ويحك! إني كرهت أن تنعي لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه! فقص عليه الرؤيا، حتى إذا بلغ: ((ذرع الناس إلى المنبر بهذه الثلاث الأذرع))، قال: أما إحداهن، فإنه كائن خليفةً. وأما الثانية، فإنه لا يخاف في الله لومة لائم. وأما الثالثة، فإنه شهيد. قال فقال: يقول الله: " ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون "، فقد استخلفت يا ابن أم عمر، فانظر كيف تعمل. وأما قوله: ((فإني لا أخاف في الله لومة لائم))، فما شاء الله. وأما قوله: ((فإني شهيد))، فأني لعمر الشهادة، والمسلمون مطيفون به! ثم قال: إن الله على ما يشاء قدير.
قوله تعالى: "ثم جعلناكم خلائف" مفعولان. والخلائف جمع خليفة، وقد تقدم آخر الأنعام أي جعلناكم سكاناً في الأرض. "من بعدهم" أي من بعد القرون المهلكة. لننظر نصب بلام كي، وقد تقدم نظائره وأمثاله، أي ليقع منكم ما تستحقون به الثواب والعقاب، ولم يزل يعلمه غيباً. وقيل: يعاملكم معاملة المختبر إظهاراً للعدل. وقيل: النظر راجع إلى الرسل، أي لينظر رسلنا، وأولياؤنا كيف أعمالكم. وكيف نصب بقوله: تعملون لأن الاستفهام له صدر الكلام، فلا يعمل فيه ما قبله.
أخبر تعالى عما أحل بالقرون الماضية في تكذيبهم الرسل فيما جاءوهم به من البينات والحجج الواضحات, ثم استخلف الله هؤلاء القوم من بعدهم وأرسل إليهم رسولاً لينظر طاعتهم له, واتباعهم رسوله وفي صحيح مسلم من حديث أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون, فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت من النساء" وقال ابن جرير حدثني المثنى حدثنا زيد بن عوف أبو ربيعة فهد أنبأنا حماد عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عوف بن مالك قال لأبي بكر رأيت فيما يرى النائم كأن سبباً دلي من السماء فانتشط رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أعيد فانتشط أبو بكر ثم ذرع الناس حول المنبر ففضل عمر بثلاثة أذرع حول المنبر فقال عمر: دعنا من رؤياك لا أرب لنا فيها فلما استخلف عمر قال: يا عوف رؤياك ؟ قال وهل لك في رؤياي من حاجة أو لم تنتهرني ؟ قال ويحك إني كرهت أن تنعي لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه فقص عليه الرؤيا حتى إذا بلغ ذرع الناس إلى المنبر بهذه الثلاث الأذرع قال: أما إحداهن فإنه كان خليفة. وأما الثانية فإنه لا يخاف في الله لومة لائم, وأما الثلاثة فإنه شهيد, قال: فقال يقول الله تعالى: "ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون" فقد استخلفت يا ابن أم عمر فانظر كيف تعمل ؟ وأما قوله فإني لا أخاف في الله لومة لائم فيما شاء الله, وأما قوله: "شهيد" فأنى لعمر الشهادة والمسلمون مطيفون به ؟
ثم خاطب سبحانه الذين بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: 14- "ثم جعلناكم خلائف" أي استخلفناكم في الأرض بعد تلك القرون التي تسمعون أخبارها وتنظرون آثارها، والخلائف جمع خليفة، وقد تقدم الكلام عليه في آخر سورة الأنعام، واللام في "لننظر كيف تعملون" لام كي: أي لكي ننظر كيف تعملون من أعمال الخير والشر، و "كيف" في محل نصب بالفعل الذي بعده: أي لننظر أي عمل تعملونه، أو في محل نصب على الحالية: أي على أي حالة تعملون الأعمال اللائقة بالاستخلاف.
14-"ثم جعلناكم خلائف"، أي: خلفاء، "في الأرض من بعدهم"، أي: من بعد القرون التي أهلكناهم، ‌"لننظر كيف تعملون"، وهو أعلم بهم. وروينا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ألا إن هذه الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون".
14."ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم"استخلفناكم فيها بعد القرون التي أهلكناها استخلاف من يختبر ."لننظر كيف تعملون"أتعملون خيراً أو شراً فنعاملكم على مقتضى أعمالكم ، وكيف معمول تعملون فإن معنى الاستفهام بحجب أن يعمل فيه ما قبله ، وفائدته الدلالة على أن المعتبر في الجزاء جهات الأفعال وكيفياتها لا هي من حيث ذاتها ولذلك يحسن الفعل تارة ويقبح أخرى.
14. Then We appointed you viceroys in the earth after them, that We might see how ye behave.
14 - Then we made you heirs in the land after them, to see how ye would behave