[يونس : 101] قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ
101 - (قل) لكفار مكة (انظروا ماذا) أي الذي (في السماوات والأرض) من الآيات الدالة على وحدانية الله تعالى (وما تغني الآيات والنذر) جمع نذير ، أي الرسل (عن قوم لا يؤمنون) في علم الله أي ما تنفعهم
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قل، يا محمد، لهؤلاء المشركين من قومك، السائليك الآيات على صحة ما تدعوهم إليه من توحيد الله، وخلع الأنداد والأوثان: انظروا، أيها القوم، ماذا في السموات من الآيات الدالة على حقيقة ما أدعوكم إليه من توحيد الله، من شمسها وقمرها، واختلاف ليلها ونهارها، ونزول الغيث بأرزاق العباد من سحابها، وفي الأرض من حبالها، وتصدعها بنباتها وأقوات أهلها، وسائر صنوف عجائبها، فإن في ذلك لكم إن عقلتم وتدبرتم عظةً ومعتبراً ودلالةً على أن ذلك من فعل من لا يجوز أن يكون له في ملكه شريك، ولا له على تدبيره وحفظه ظهري، يغنيكم عما سواه من الآيات.
يقول الله جل ثناؤه: " وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون "، يقول جل ثناؤه: وما تغني الحجج والعبر والرسل المنذرة عباد الله عقابه، عن قوم قد سبق لهم من الله الشقاء، وقضى لهم في أم الكتاب أنهم من أهل النار، لا يؤمنون بشيء من ذلك ولا يصدقون به، ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم؟
قوله تعالى: "قل انظروا ماذا في السماوات والأرض" أمر للكفار بالاعتبار والنظر في المصنوعات الدالة على الصانع والقادر على الكمال. وقد تقدم القول في هذا المعنى في غير موضع مستوفى. "وما تغني" ما نفي، أي ولن تغني. وقيل: استفهامية، التقدير أي شيء تغني. الآيات أي الدلالات. والنذر أي الرسل، جمع نذير، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم. "عن قوم لا يؤمنون" أي عمن سبق له في علم الله أنه لا يؤمن.
يرشد تعالى عباده إلى التفكر في آلائه وما خلق الله في السموات والأرض من الايات الباهرة لذوي الألباب, مما في السموات من كواكب نيرات, ثوابت وسيارات, والشمس والقمر والليل والنهار واختلافهما وإيلاج أحدهما في الاخر حتى يطول هذا ويقصر هذا, ثم يقصر هذا ويطول هذا, وارتفاع السماء واتساعها وحسنها وزينتها وما أنزل الله منها من مطر فأحيا به الأرض بعد موتها, وأخرج فيها من أفانين الثمار والزروع والأزاهير وصنوف النبات وما ذرأ فيها من دواب مختلفة الأشكال والألوان والمنافع وما فيها من جبال وسهول وقفار وعمران وخراب, وما في البحر من العجائب والأمواج وهو مع هذا مسخر مذلل للسالكين يحمل سفنهم ويجري بها برفق بتسخير القدير لا إله إلا هو ولا رب سواه.
وقوله: " وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون " أي وأي شيء تغني الايات السماوية والأرضية والرسل بآياتها وحججها وبراهينها الدالة على صدقها عن قوم لا يؤمنون كقوله "إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون" الاية. وقوله: "فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم" أي فهل ينتظر هؤلاء المكذبون لك يا محمد من النقمة والعذاب إلا مثل أيام الله في الذين خلوا من قبلهم من الأمم الماضية المكذبة لرسلهم "قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين * ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا" أي ونهلك المكذبين بالرسل "كذلك حقاً علينا ننج المؤمنين" حقاً أوجبه الله تعالى على نفسه الكريمة كقوله: "كتب ربكم على نفسه الرحمة" وكما جاء في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله كتب كتاباً فهو عنده فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي".
قوله: 101- "قل انظروا ماذا في السموات والأرض" لما بين سبحانه أن الإيمان لا يحصل إلا بمشيئة الله أمر بالنظر والاستدلال بالدلائل السماوية والأرضية، والمراد بالنظر: التفكر والاعتبار: أي قل يا محمد للكفار تفكروا واعتبروا بما في السموات والأرض من المصنوعات الدالة على الصانع ووحدته وكمال قدرته. وماذا مبتدأ، وخبره في السموات والأرض. أو المبتدأ ما، وذا بمعنى الذي، وفي السموات والأرض صلته، والموصول وصلته خبر المبتدأ: أي أي شيء الذي في السموات والأرض، وعلى التقديرين فالجملة في محل نصب بالفعل الذي قبلها. ثم ذكر سبحانه أن التفكر والتدبر في هذه الدلائل لا ينفع في حق من استحكمت شقاوته فقال: "وما تغني الآيات والنذر" أي ما تنفع على أن ما نافية، ويجوز أن تكون استفهامية: أي أي شيء ينفع، والآيات هي التي عبر عنها بقوله: "ماذا في السموات والأرض" والنذر جمع نذير، وهم الرسل أو جمع إنذار وهو المصدر "عن قوم لا يؤمنون" في علم الله سبحانه، والمعنى: أن من كان هكذا لا يجدي فيه شيء ولا يدفعه عن الكفر دافع.
101-"قل انظروا"، أي: قل للمشركين الذين يسألونك الآيات انظروا، "ماذا في السموات والأرض"، من الآيات والدلائل والعبر، في السموات الشمس والقمر والنجوم وغيرها، وفي الأرض الجبال والبحار والأنهار والأشجار وغيرها، "وما تغني الآيات والنذر"، الرسل، "عن قوم لا يؤمنون"، وهذا في قوم علم الله أنهم لا يؤمنون.
101."قل انظروا"أي تفكروا." ماذا في السموات والأرض" من عجائب صنعه لتدلكم على وحدته وكمال لقدرته، و"ماذا"إن جعلت استفهامية علقت "انظروا"عن العمل . "وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون" في علم الله وحكمته "وما"نافية أو استفهامية في موضع النصب .
101. Say: Behold what is in the heavens and the earth! But revelations and warnings avail not folk who will not believe.
101 - Say: behold all that is in the heavens and on earth; but neither signs nor warners profit those who believe not.