[الفاتحة : 7] صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ
ويبدل منه : (صراط الذين أنعمت عليهم) بالهداية ويبدل من الذين بصلته (غير المغضوب عليهم) وهم اليهود (ولا) غير (الضالين) وهم النصارى ، ونكتة البدل إفادة أن المهتدين ليسوا يهوداً ولا نصارى والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً دائماً أبداً ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . [وعن الشيخ محمود الرنكوسي تفسير ألطف ورد في مختصر تفسير ابن كثير مفاده أن المغضوب عليهم هم الذين عرفوا الحق وخالفوه أما الضالين فلم يهتدوا إلى الحق أصلاً . دار الحديث]
وقوله "صراط الذين أنعمت عليهم "، إبانة عن الصراط المستقيم، أي الصراط هو إذ كان كل طريق من طرق الحق صراطاً مستقيمًا. فقيل لمحمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد: اهدنا يا ربنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم بطاعتك وعبادتك، من ملائكتك وأنبيائك والصديقين والشهداء والصالحين. وذلك نظير ما قال ربنا جل ثناؤه في تنزيله: "ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا *وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما * ولهديناهم صراطا مستقيما * ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين " (النساء: 66-69).
قال أبو جعفر: فالذي أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأمته أن يسألوا ربهم من الهداية للطريق المستقيم، هي الهداية للطريق الذي وصف الله جل ثناؤه صفته. وذلك الطريق، هو طريق الذين وصفهم الله بما وصفهم به في تنزيله، ووعد من سلكه فاستقام فيه طائعًا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، أن يورده مواردهم، والله لا يخلف الميعاد.
وبنحو ما قلنا في ذلك روي الخبر عن ابن عباس وغيره:
حدثنا محمد بن العلاء، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: " صراط الذين أنعمت عليهم " يقول: طريق من أنعمت عليهم بطاعتك وعبادتك من الملائكة والنبيين والصديقين والشهداء والصالحين، الذين أطاعوك وعبدوك.
حدثني أحمد بن حازم الغفاري، قال: أخبرنا عبيدالله بن موسى، عن أبي جعفر، عن ربيع:" صراط الذين أنعمت عليهم "، قال: النبيون.
حدثني القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج،قال: قال ابن عباس:"أنعمت عليهم " قال: المؤمنين.
حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: قال وكيع: " أنعمت عليهم"، المسلمين.
حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال عبد الرحمن بن زيد في قول الله " صراط الذين أنعمت عليهم "، قال: النبي صلى الله عليه وسلم من معه.
قال أبو جعفر: وفي هذه الآية دليل واضح على أن طاعة الله جل ثناؤه، لا ينالها المطيعون إلا بإنعام الله بها عليهم، وتوفيقه إياهم لها. أولا يسمعونه يقول: " صراط الذين أنعمت عليهم "، فأضاف كل ما كان منهم من اهتداء وطاعة وعبادة إلى أنه إنعام منه عليهم؟
فإن قال قائل: وأين تمام هذا الخبر؟ وقد علمت أن قول القائل لآخر: أنعمت عليك مقتض الخبر عما أنعم به عليه، فأين ذلك الخبر في قوله " صراط الذين أنعمت عليهم "؟ وما تلك النعمة التي أنعمها عليهم؟
قيل له: قد قدمنا البيان فيما مضى من كتابنا هذا عن اجتزاء العرب في منطقها ببعض من بعض، إذا كان البعض الظاهر دالاً على البعض الباطن وكافيًا منه. فقوله " صراط الذين أنعمت عليهم " من ذلك. لأن أمر الله جل ثناؤه عباده بمسألته المعونة، وطلبهم منه الهداية للصراط المستقيم، لما كان متقدمًا قوله " صراط الذين أنعمت عليهم "، الذي هو إبانة عن الصراط المستقيم وإبدال منه كان معلومًا أن النعمة التي أنعم الله بها على من أمرنا بمسألته الهداية لطريقهم، هو المنهاج القويم والصراط المستقيم، الذي قد قدمنا البيان عن تأويله آنفا. فكان ظاهر ما ظهر من ذلك مع قرب تجاور الكلمتين مغنيًا عن تكراره.
كما قال نابغة بني ذبيان:
كأنك من جمال بني أقيش يقعقع خلف رجليه بشن
يريد: كأنك من جمال أقيش، جمل يقعقع خلف رجليه بشن، فاكتفى بما ظهر من ذكر الجمال الدال على المحذوف، من إظهار ما حذف.
وكما قال الفرزدق بن غالب:
ترى ارباقهم متقلديها إذا صدىء الحديد على الكماة
يريد: متقلديها هم، فحذف هم،إذ كان الظاهر من قوله أرباقهم، دالاً عليها. والشواهد على ذلك من شعر العرب وكلامها أكثر من أن تحصى. فكذلك ذلك في قوله " صراط الذين أنعمت عليهم ".
التاسعة والعشرون : "صراط الذين أنعمت عليهم" .
صراط بدل من الأول بدل الشيء من الشيء ، كقولك : جاءني زيد أبوك . ومعناه : ادم هدايتنا ، فإن الإنسان قد يهدى الى الطريق ثم يقطع به . وقيل : هو صراط آخر ، ومعناه العلم بالله جل وعز والفهم عنه ، قاله جعفر بن محمد . ولغة القرآن الذين في الرفع والنصب والجر ، وهذيل تقول : اللذون في الرفع ، ومن العرب من يقول : اللذو ، ومنهم من يقول : الذي ، وسيأتي .
وفي عليهم عشر لغات ، قرىء بعامتها : عليهم بضم الهاء وإسكان الميم . وعليهم بكسر الهاء وإسكان الميم . : وعليهمي : بكسر الهاء والميم وإلحاق ياء بعد الكسرة . و عليهمو بكسر الهاء وضم الميم وزيادة واو بعد الضمة . و عليهمو بضم الهاء والميم كلتيهما وإدخال واو بعد الميم . و عليهم بضم الهاء والميم من غير زيادة واو . وهذه الأوجه الستة مأثورة عن الأئمة من القراء . وأوجه أربعة منقولة عن العرب غير محكية عن القرء : عليهمي بضم الهاء وكسر الميم وإدخال ياء بعد الميم ، حكاها الأخفش البصري عن العرب . و عليهم بضم الهاء وكسر الميم من غير زيادة ياء . و عليهم بكسر الهاء وضم الميم من غير إلحاق واو . و عليهم بكسر الهاء والميم ولا ياء بعد الميم . وكلها صواب ، قاله ابن الأنباري .
الموفية الثلاثين : قرأ عمر بن الخطاب وابن الزبير رضي الله عنهما صراط من أنعمت عليهم . واختلف الناس في المنعم عليهم ، فقال الجمهور من المفسرين : إنه أراد صراط النبيين والصديقين والشهداء والصالحين . وانتزعوا ذلك من قوله تعالى : "ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا" . فالآية تقتضي أن هؤلاء على صراط مستقيم ، وهو المطلوب في آية الحمد ، وجميع ما قيل الى هذا يرجع . فلا معنى لتعديد الأقوال والله المستعان .
الحادية والثلاثون : في هذه الآية رد على القدرية والمعتزلة والإمامية ، لأنهم يعتقدون أن إرادة الإنسان كافية في صدور أفعاله منه ، طاعة كانت أو معصية ، لأن الإنسان عندهم خالق لأفعاله ، فهو محتاج في صدورها عنه الى ربه ، وقد أكذبهم الله تعالى في هذه الآية إذ سألوه الهداية الى الصراط المستقيم ، فلو ان الأمر اليهم والاختيار بيدهم دون ربهم لما سألوه الهداية ، ولا كرروا السؤال في كل صلاة ، وكذلك تضرعهم اليه في دفع المكروه ، وهو ما يناقض الهداية حيث قالوا : "صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين" . فكما سألوه ان يهديهم سألوه ألا يضلهم ، وكذل يدعو فيقولون : "ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا" الآية .
الثانية والعشرون : "غير المغضوب عليهم ولا الضالين" .
اختلف في المغضوب عليهم و الضالين من هم ؟ فالجمهور أن المغضوب عليهم اليهود ، والضالين النصارى :
وجاء ذلك مفسراً عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عدي بن حاتم ، وقصة إسلامه .
أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده ، و الترمذي في جامعه . وشهد لهذا التفسير أيضاً قوله سبحانه في اليهود : "وباءوا بغضب من الله" وقال : "وغضب الله عليهم" وقال في النصارى : "قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل" . وقيل : المغضوب عليهم المشركون . و الضالين المنافقون . وقيل : المغضوب عليهم هو من أسقط فرض هذه السورة في الصلاة ، و الضالين عن بركة قراءتها . حكاه السلمي في حقائقه و الماوردي في تفسيره ، وليس بشيء . قال المارودي : وهذا وجه مردود ، لأن ما تعارضت فيه الأخبار وتقابلت فيه الآثار وانتشر فيه الخلاف ، لم يجز أن يطلق عليه هذا الحكم . وقيل : المغضوب عليهم باتباع البدع ، و الضالين عن سنن الهدى .
قلت : وهذا حسن ، وتفسير النبي صلى الله عليه وسلم أولى وأعلى وأحسن . و عليهم في موضع رفع ، لأن المعنى غضب عليهم . والغضب في اللغة الشدة . ورجل غضوب أي شديد الخلق . والغضوب : الحية الخبيثة لشدتها . والغضبة : الدرقة من جلد البعير يطوى بعضها على بعض ، سميت بذلك لشدتها . ومعنى الغضب في صفة الله تعالى إرادة العقوبة ، فهو صفة ذات ، وإرادة الله تعالى من صفات ذاته ، أو نفس العقوبة ، ومنه الحديث :
الثالثة والعشرون : "ولا الضالين" الضلال في كلام العرب هو الذهاب عن سنن القصد وطريق الحق ، ومنه : ضل اللبن في الماء أي غاب . ومنه : " أإذا ضللنا في الأرض " أي غبنا بالموت وصرنا تراباً ، قال :
ألم تسأل فتخبرك الديار عن الحي المضلل أين ساروا
والضلضلة : حجر أملس يردده الماء في الوادي . وكذلك الغضبة : صخرة في الجبل مخالفة لونه ، قال :
أو غضبة في هضبة ما أمنعا
الرابعة والثلاثون : قرأ عمر بن الخطاب وابي بن كعب غير المغضوب عليهم وغير الضالين وروي عنهما في الراء النصب والخفض في الحرفين ، فالخفض على البدل من الذين أو من الهاء والميم في عليهم ، أو صفة للذين والذين معرفة ولا توصف المعارف بالنكرات ولا النكرات بالمعارف ، إلا أن الذين ليس بمقصود قصدهم فهو عام ، فالكلام بمنزلة قولك : إني لأمر بمثلك فأكرمه ، أو لأن غير تعرفت لكونها بين شيئين لا وسط بينهما ، كما تقول : الحي غير الميت ، والساكن غير المتحرك ، والقائم غير القاعد ، قولان :الأول للفارسي ، والثاني للزمخشري . والنصب في الراء على وجهين : على الحال من الذين ، أو من الهاء والميم في عليهم ، كأنك قلت : أنعمت عليهم لا مغضوباً عليهم . أو على الاستثناء ، كأنك قلت : إلا المغضوب عليهم . ويجوز النصب بأعني ، وحكي عن الخليل .
الخامسة والثلاثون : لا في قوله " ولا الضالين " اختلف فيها ، فقيل هي زائدة ، قاله الطبري . ومنه قوله تعالى : "ما منعك أن لا تسجد" . وقيل : هي تأكيد دخلت لئلا يتوهم ان الضالين معطوف على الذين ، حكاه مكي والمهدوي . وقال الكوفيون : لا بمعنى غير ، وهي قراءة عمر وأبي ، وقد تقدم .
السادسة والثلاثون : الأصل في الضالين : الضاللين حذفت حركة اللام الأولى ثم أدغمت اللام في اللام فاجتمع ساكنان مدة الألف واللام المدغمة . وقرأ أيوب السختياني : ولا الضالين بهمزة غير ممدودة ، كأنه فر من التقاء الساكنين وهو لغة . حكى أبو يد قال : سمعت عمرو بن عبيد يقرأ : "فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان" . فظننته ق لحن حتى سمعت من العرب دأبة وشأبة . قال او الفتح : وعلى هذه اللغة قول كثير :
إذا ما العوالي بالعبيط احمأرت
نجز تفسير سورة الحمد ، ولله الحمد والمنة .
وقد تقدم الحديث فيما إذا قال العبد "اهدنا الصراط المستقيم" إلى آخرها أن الله يقول هذا لعبدي ولعبدي ما سأل وقوله تعالى : "صراط الذين أنعمت عليهم" مفسر للصراط المستقيم وهو بدل منه عند النحاة ويجوز أن يكون عطف بيان والله أعلم . والذين أنعم الله عليهم المذكرون في سورة النساء حيث قال تعالى : " ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا * ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما " وقال الضحاك عن ابن عباس : صراط الذين أنعمت عليهم بطاعتك وعبادتك من ملائكتك وأنبيائك والصديقين والشهداء والصالحين . وذلك نظير ما قال ربنا تعالى : "ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم" الاية . وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس "صراط الذين أنعمت عليهم" قال هم النبيون وقال ابن جريج عن ابن عباس : هم المؤمنون ، وكذا قال مجاهد وقال وكيع : هم المسلمون وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هم النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه والتفسير المتقدم عن ابن عباس رضي الله عنهما أعم وأشمل والله أعلم .
وقوله تعالى : "غير المغضوب عليهم ولا الضالين" قرأ الجمهور غير بالجر على النعت ، قال الزمخشري : وقرئ بالنصب على الحال ، وهي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب ، ورويت عن ابن كثير وذو الحال الضمير في عليهم والعامل أنعمت والمعنى اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم ممن تقدم وصفهم ونعتهم وهم أهل الهداية والاستقامة والطاعة لله ورسله وامتثال أوامره وترك نواهيه وزواجره غير صراط المغضوب عليهم وهم الذين فسدت إرادتهم فعلموا الحق وعدلوا عنه ولا صراط الضالين وهم الذين فقدوا العلم فهم هائمون في الضلالة لا يهتدون إلى الحق . وأكد الكلام بلا ليدل على أن ثم مسلكين فاسدين وهما طريقة اليهود والنصارى ، وقد زعم بعض النحاة أن غير هـهنا استثنائية فيكون على هذا منقطعاً لاستثنائهم من المنعم عليهم وليسوا منهم وما أوردناه أولى لقول الشاعر :
كأنك من جمال بني أقيش يقعقع عند رجليه بشن
أي كأنك جمل من جمال بني أقيش فحذف الموصوف واكتفى بالصفة وهكذا غير المغضوب عليهم أي إلى صراط المغضوب عليم اكتفى بالمضاف إليه عن ذكر المضاف ، وقد دل سياق الكلام وهو قوله تعالى: " اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم " ثم قال تعالى : "غير المغضوب عليهم" ومنهم من زعم أن لا في قوله تعالى "ولا الضالين" زائدة وأن تقدير الكلام عنده غير المغضوب عليهم والضالين واستشهد ببيت العجاج :
في بئر لا حور سرى وما شعر
أي في بئر حور ، والصحيح ما قدمناه ، ولهذا روى أبو القاسم بن سلام في كتاب فضائل القرآن عن أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يقرأ غير المغضوب عليهم وغير الضالين وهذا الإسناد صحيح ، وكذلك حكي عن أبي بن كعب أنه قرأ كذلك ، وهو محمول على أنه صدر منهما على وجه التفسير ، فيدل على ما قلناه من أنه إنما جيء لتأكيد النفي لئلا يتوهم أنه معطوف على الذين أنعمت عليهم وللفرق بين الطريقتين ليتجنب كل واحد فإن طريقة أهل الإيمان مشتملة على العلم بالحق والعمل به واليهود فقدوا العمل والنصارى فقدوا العلم ولهذا الغضب لليهود والضلال للنصارى ، لأن من علم وترك استحق الغضب خلاف من لم يعلم ، والنصارى لما كانوا قاصدين شيئاً لكنهم لا يهتدون إلى طريقه لأنهم لم يأتوا الأمر من بابه ، وهو اتباع الحق ، ضلوا ، وكل من اليهود والنصارى ضال مغضوب عليه ، لكن أخص أوصاف اليهود الغضب كما قال تعالى عنهم "من لعنه الله وغضب عليه" وأخص أوصاف النصارى الضلال كما قال تعالى عنهم "قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل" وبهذا جاءت الأحاديث والاثار وذلك واضح بين فيما قال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت سماك بن حرب يقول سمعت عباد بن حبيش يحدث عن عدي بن حاتم ، قال جاءت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوا عمتي وناساً فلما أتوا بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفوا له فقالت يا رسول الله : نأى الوافد وانقطع الولد وأنا عجوز كبيرة ما بي من خدمة فمن علي من الله عليك ، قال "من وافدك ؟" قالت عدي بن حاتم ، قال "الذي فر من الله ورسوله" قالت فمن علي ، فلما رجع ورجل إلى جنبه ترى أنه علي ؟ قال : سليه حملاناً فسألته فأمر لها ، قال فأتتني فقالت : لقد فعلت فعلة ما كان أبوك يفعلها فإنه قد أتاه فلان فأصاب منه وأتاه فلان فأصاب منه فأتيته فإذا عنده امرأة وصبيان، وذكر قربهم من النبي صلى الله عليه وسلم قال فعرفت أنه ليس بملك كسرى ولا قيصر ، فقال "يا عدي ما أفرك ؟ أن يقال لا إله إلا الله ؟ فهل من إله إلا الله ما أفرك أن يقال الله أكبر فهل شيء أكبر من الله عز وجل ؟" قال فأسلمت ، فرأيت وجهه استبشر وقال : "إن المغضوب عليهم اليهود وإن الضالين النصارى" ، وذكر الحديث ورواه الترمذي من حديث سماك بن حرب ، وقال حسن غريب لا نعرفه إلا من حديثه (قلت) وقد رواه حماد بن سلمة عن مري بن قطري عن عدي بن حاتم قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى "غير المغضوب عليهم" قال : هم اليهود "ولا الضالين" قال النصارى هم الضالون وهكذا رواه سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن عدي بن حاتم به ، وقد روي حديث عدي هذا من طرق وله ألفاظ كثيرة يطول ذكرها وقال عبد الرزاق : وأخبرنا معمر عن بديل العقيلي أخبرني عبد الله بن شقيق أنه أخبره من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى على فرسه وسأله رجل من بني القين فقال يا رسول الله من هؤلاء ؟ قال المغضوب عليهم وأشار إلى اليهود والضالون هم النصارى ، وقد رواه الجريري وعروة وخالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق فأرسلوه ولم يذكروا من سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ووقع في رواية عروة تسمية عبد الله بن عمرو فالله أعلم ، وقد روى ابن مردويه من حديث إبراهيم بن طهمان عن بديل بن ميسرة عن عبد الله بن شقيق عن أبي ذر قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المغضوب عليهم قال اليهود ، قلت : الضالين قال : النصارى ، وقال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود ، وعن أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : غير المغضوب عليهم وهم اليهود ولا الضالين هم النصارى، وقال الضحاك وابن جريج عن ابن عباس : غير المغضوب عليهم هم اليهود ولا الضالين النصارى، وكذلك قال الربيع بن أنس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغير واحد ، وقال ابن أبي حاتم ولا أعلم بين المفسرين في هذا اختلافاً وشاهد ما قاله هؤلاء الأئمة من أن اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون ، الحديث المتقدم ، وقوله تعالى في خطابه مع بني إسرائيل في سورة البقرة " بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين " وقال في المائدة "قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكاناً وأضل عن سواء السبيل" وقال تعالى : " لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون " وفي السيرة عن زيد بن عمرو بن نفيل أنه لما خرج هو وجماعة من أصحابه إلى الشام يطلبون الدين الحنيف قالت له اليهود: إنك لن تستطيع الدخول معنا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله ، فقال : أنا من غضب الله أفر ، وقالت له النصارى إنك لن تستطيع الدخول معنا حتى تأخذ بنصيبك من سخط الله، فقال لا أستطيعه فاستمر على فطرته وجانب عبادة الأوثان ودين المشركين ولم يدخل مع أحد من اليهود ولا النصارى ، وأما أصحابه فتنصروا ودخلوا في دين النصرانية لأنهم وجدوه أقرب من دين اليهود إذ ذاك ، وكان منهم ورقة بن نوفل حتى هداه الله بنبيه لما بعثه آمن بما وجد من الوحي رضي الله عنه .
(مسألة) والصحيح من مذاهب العلماء أنه يغتفر الإخلال بتحرير ما بين الضاد والظاء لقرب مخرجيهما ، وذلك أن الضاد نخرجها من أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس ، ومخرج الظاء من طرف اللسان وأطراف الثنايا العليا ولأن كلاً من الحرفين من الحروف المجهورة ومن الحروف الرخوة ومن الحروف المطبقة فلهذا كله اغتفر استعمال أحدهما مكان الاخر لمن لا يميز ذلك والله أعلم ، وأما حديث أنا أفصح من نطق بالضاد فلا أصل له والله أعلم .
(فصل) اشتملت هذه السورة الكريمة وهي سبع آيات على حمد الله وتمجيده والثناء عليه بذكر أسمائه الحسنى المستلزمة لصفاته العليا وعلى ذكر المعاد وهو يوم الدين وعلى إرشاده عبيده إلى سؤاله والتضرع إليه والتبرئ من حولهم وقوتهم إلى إخلاص العبادة له وتوحيده بالألوهية تبارك وتعالى وتنزيهه أن يكون له شريك أو نظير أو مماثل ، وإلى سؤالهم إياه الهداية إلى الصراط المستقيم وهو الدين القويم وتثبيتهم عليه حتى يقضي لهم بذلك إلى جواز الصراط الحسية يوم القيامة المفضي بهم إلى جنات النعيم في جوار النبيين والصديقين والشهداء الصالحين ، واشتملت على الترغيب في الأعمال الصالحة ليكونوا مع أهلها يوم القيامة والتحذير من مسالك الباطل لئلا يحشروا مع سالكيها يوم القيامة وهم المغضوب عليهم والضالون وما أحسن ما جاء إسناد الإنعام إليه في قوله تعالى "صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم" وحذف الفاعل في الغضب في قوله تعالى "غير المغضوب عليهم" وإن كان هو الفاعل لذلك في الحقيقة كما قال تعالى "ألم تر إلى الذين تولوا قوماً غضب الله عليهم" الاية . وكذلك إسناد الضلال إلى من قام به وإن كان هو الذي أضلهم بقدره كما قال تعالى "من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً" وقال "من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون" إلى غير ذلك من الايات الدالة على أنه سبحانه هو المنفرد بالهداية والإضلال لا كما تقول الفرقة القدرية ومن حذا حذوهم من أن العباد هم الذين يختارون ذلك ويفعلون ويحتجون على بدعتهم بمتشابه من القرآن ويتركون ما يكون فيه صريحاً في الرد عليهم : وهذا حال أهل الضلال والغي وقد ورد في الحديث الصحيح "إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم" يعني في قوله تعالى "فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله" فليس بحمد الله ، لمبتدع في القرآن حجة صحيحة لأن القرآن جاء ليفصل الحق من الباطل مفرقاً بين الهدى والضلال وليس فيه تناقض ولا اختلاف لأنه من عند الله تنزيل من حكيم حميد .
(فصل) يستحب لمن يقرأ الفاتحة أن يقول بعدها آمين مثل يس ، ويقال أمين بالقصر أيضاً ومعناه اللهم استجب والدليل على استحباب التأمين ما رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي عن وائل بن حجر قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ "غير المغضوب عليهم ولا الضالين" فقال آمين مد بها صوته ، ولأبي داود رفع بها صوته ، وقال الترمذي هذا حديث حسن ، وروي عن علي وابن مسعود وغيرهم. وعن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا "غير المغضوب عليهم ولا الضالين" قال "آمين" حتى يسمع من يليه من الصف الأول ، رواه أبو داود وابن ماجه وزاد فيه فيرتج بها المسجد . والدارقطني وقال : هذا إسناد حسن . وعن بلال أنه قال : يا رسول الله لا تسبقني بآمين رواه أبو داود ، ونقل أبو نصر القشيري عن الحسن وجعفر الصادق أنهما شددا الميم من آمين مثل " آمين البيت الحرام " قال أصحابنا وغيرهم : ويستحب ذلك لمن هو خارج الصلاة ، ويتأكد في حق المصلي ، وسواء كان منفرداً أو إماماً أو مأموماً وفي جميع الأحوال لما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه" ولمسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إذا قال أحدكم في الصلاة آمين والملائكة في السماء آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه" قيل بمعنى من وافق تأمينه تأمين الملائكة في الزمان وقيل في الإجابة وقيل في صفة الإخلاص، وفي صحيح مسلم عن أبي موسى مرفوعاً "إذا قال ـ يعني الإمام ـ ولا الضالين فقولوا آمين يجبكم الله" وقال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : قلت : يا رسول الله ما معنى آمين ؟ قال "رب افعل" وقال الجوهري : معنى آمين كذلك فليكن . وقال الترمذي معناه لا تخيب رجاءنا . وقال الأكثرون معناه اللهم استجب لنا . وحكى القرطبي عن مجاهد وجعفر الصادق وهلال بن يساف أن آمين اسم من أسماء الله تعالى وروي عن ابن عباس مرفوعاً ولا يصح ، قاله أبو بكر بن العربي المالكي . وقال أصحاب مالك : لا يؤمن الإمام ويؤمن المأموم لما رواه مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "وإذا قال ـ يعني الإمام ـ ولا الضالين فقولوا آمين" الحديث واستأنسوا أيضاً بحديث أبي موسى عند مسلم كان يؤمن إذا قرأ "غير المغضوب عليهم ولا الضالين" وقد قدمنا في المتفق عليه "إذا أمن الإمام فأمنوا" وأنه عليه الصلاة والسلام كان يؤمن إذا قرأ "غير المغضوب عليهم ولا الضالين" وقد اختلف أصحابنا في الجهر بالتأمين للمأموم في الجهرية وحاصل الخلاف أن الإمام إن نسي التأمين جهر المأموم به قولاً واحداً وإن أمن الإمام جهراً فالجديد أن لا يجهر المأموم وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن مالك لأنه ذكر من الأذكار فلا يجهر به كسائر أذكار الصلاة ، والقديم أنه يجهر به وهو مذهب الإمام أحمد بن حنبل والرواية الأخرى عن مالك لما تقدم "حتى يرتج المسجد" ولنا قول آخر ثالث أنه إن كان المسجد صغيراً لم يجهر المأموم لأنهم يسمعون قراءة الإمام وإن كان كبيراً جهر ليبلغ التأمين من في أرجاء المسجد والله أعلم . وقد روى الإمام أحمد في مسنده عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت عنده اليهود فقال " إنهم لن يحسدونا على شيء كما يحسدونا على الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى قولنا خلف الإمام آمين" ورواه ابن ماجه ولفظه "ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين" وله عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على قول آمين فأكثروا من قول آمين" وفي إسناده طلحة بن عمرو وهو ضعيف، وروى ابن مردويه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "آمين خاتم رب العالمين على عباده المؤمنين" وعن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أعطيت آمين في الصلاة وعند الدعاء لم يعط أحد قبلي إلا أن يكون موسى ، كان موسى يدعو وهارون يؤمن فاختموا الدعاء بآمين فإن الله يستجيبه لكم " (قلت) ومن هنا نزع بعضهم في الدلالة بهذه الاية الكريمة وهي قوله تعالى : "وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالاً في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم * قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون" فذكر الدعاء عن موسى وحده ومن سياق الكلام ما يدل على أن هارون أمن فنزل من منزلة من دعا لقوله تعالى "قد أجيبت دعوتكما" فدل ذلك على أن من أمن على دعاء فكأنما قاله ، فلهذا قال : من قال إن المأموم لا يقرأ لأن تأمينه على قراءة الفاتحة بمنزلة قراءتها ، ولهذا جاء في الحديث "من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة" رواه أحمد في مسنده وكان بلال يقول لا تسبقني بآمين يا رسول الله . فدل هذا المنزع على أن المأموم لا قراءة عليه في الجهرية والله أعلم. ولهذا قال ابن مردويه : حدثنا أحمد بن الحسن حدثنا عبد الله بن محمد بن سلام حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا جرير عن ليث عن ابن أبي سليم عن كعب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، فقال آمين ، فوافق آمين أهل الأرض آمين أهل السماء غفر الله للعبد ما تقدم من ذنبه ، ومثل من لا يقول آمين كمثل رجل غزا مع قوم فاقترعوا فخرجت سهامهم ولم يخرج سهمه فقال لم لم يخرج سهمي ؟ فقيل إنك لم تقل آمين" .
7- "صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين" انتصب صراط على أنه بدل من الأول، وفائدته التوكيد لما فيه من التثنية والتكرير، ويجوز أن يكون عطف بيان، وفائدته الإيضاح، والذين أنعم الله عليهم هم المذكرون في سورة النساء حيث قال: " ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا * ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما " وأطلق الإنعام ليشمل كل إنعام، وغير المغضوب عليهم بدل من الذين أنعمت عليهم على معنى أنهم جمعوا بين النعمتين نعمة الإيمان والسلامة من ذلك، وصح جعله صفة للمعرفة مع كون غير لا تتعرف بالإضافة إلى المعارف لما فيها من الإبهام، لأنها هنا غير مبهمة لاشتهار المغايرة بين الجنسين. والغضب في اللغة قال القرطبي: الشدة، ورجل غضوب: أي شديد الخلق، والغضوب: الحية الخبيثة لشدتها. قال: ومعنى الغضب في صفة الله: إرادة العقوبة فهو صفة ذاته، أو نفس العقوبة، ومنه الحديث: "إن الصدقة لتطفئ غضب الرب" فهو صفة فعله. قال في الكشاف: هو إرادة الانتقام من العصاة وإنزال العقوبة بهم، وأن يفعل بهم ما يفعله الملك إذا غضب على من تحت يده، والفرق بين عليهم الأولى وعليهم الثانية، أن الأولى في محل نصب على المفعولية، والثانية في محل رفع على النيابة عن الفاعل. ولا في قوله "ولا الضالين" تأكيد للنفي المفهوم من غير، والضلال في لسان العرب قال القرطبي: هو الذهاب عن سنن القصد وطريق الحق، ومنه ضل اللبن في الماء: أي غاب، ومنه " أإذا ضللنا في الأرض " أي غبنا بالموت وصرنا تراباً. وأخرج وكيع وأبو سعيد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عمر بن الخطاب أنه كان يقرأ -صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الصالحين- وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد أن عبد الله بن الزبير قرأ كذلك. وأخرج الأنباري، عن الحسن أنه كان يقرأ عليهمي بكسر الهاء والميم وإثبات الياء. وأخرج ابن الأنباري عن الأعوج أنه كان يقرأ عليهمو بضم الهاء والميم وإلحاق الواو. وأخرج أيضاً عن ابن كثير أنه كان يقرأ عليهمو بكسر الهاء وضم الميم مع إلحاق الواو. وأخرج أيضاً عن أبي إسحاق أنه قرأ عليهم بضم الهاء والميم من غير إلحاق الواو. وأخرج ابن أبي داود عن عكرمة والأسود أنهما كانا يقرآن كقراءة عمر السابقة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "صراط الذين أنعمت عليهم" يقول: طريق من أنعمت عليهم من الملائكة والنبيين والصديقين والشهداء والصالحين الذين أطاعوك وعبدوك وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أنهم المؤمنون. وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس في قوله: "صراط الذين أنعمت عليهم" قال النبيون. "غير المغضوب عليهم" قال اليهود. "ولا الضالين" قال النصارى. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد مثله. وأخرج أيضاً عن سعيد بن جبير مثله. وأخرج عبد الرزاق وأحمد في مسنده وعبد بن حميد وابن جرير والبغوي وابن المنذر وأبو الشيخ عن عبد الله بن شقيق قال: "أخبرني من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى على فرس له، وسأله رجل من بني القين فقال: من المغضوب عليهم يا رسول الله؟ قال اليهود، قال: فمن الضالون؟ قال النصارى". وأخرجه ابن مردويه عن عبد الله بن شقيق عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره. وأخرجه وكيع وعبد بن حميد وابن جرير عن عبد الله بن شقيق قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحاصر أهل وادي القرى فقال له رجل" إلى آخره، ولم يذكر فيه أخبرني من سمع النبي كالأول. وأخرجه البيهقي في الشعب عن عبد الله بن شقيق عن رجل من بني القين عن ابن عم له أنه قال: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم" فذكره. وأخرجه سفيان بن عيينة في تفسيره وسعيد بن منصور عن إسماعيل بن أبي خالد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المغضوب عليهم: اليهود، والضالون: النصارى". وأخرجه أحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان في صحيحه عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المغضوب عليهم هم اليهود، وإن الضالين النصارى". وأخرج أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم وصححه والطبراني عن الشريد قال: "مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جالس هكذا، وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري واتكأت على ألية يدي فقال: أتقعد قعدة المغضوب عليهم؟" قال ابن كثير بعد ذكره لحديث عدي بن حاتم: وقد روي حديث عدي هذا من طرق، وله ألفاظ كثيرة يطول ذكرها انتهى. والمصير إلى هذا التفسير النبوي متعين، وهو الذي أطبق عليه أئمة التفسير من السلف. قال ابن أبي حاتم: لا أعلم خلافاً بين المفسرين في تفسير المغضوب عليهم باليهود، والضالين بالنصارى. ويشهد لهذا التفسير النبوي آيات من القرآن، قال الله تعالى في خطابه لبني إسرائيل في سورة البقرة: "بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغياً أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين". وقال في المائدة: "قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكاناً وأضل عن سواء السبيل" وفي السيرة عن زيد بن عمرو بن نفيل أنه لما خرج هو وجماعة من أصحابه إلى الشام يطلبون الدين الحنيف قال اليهود: إنك لن تستطيع الدخول معنا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله، فقال: أنا من غضب الله أفر، وقالت له النصارى: إنك لن تستطيع الدخول معنا حتى تأخذ بنصيبك من سخط الله، فقال: لا أستطيعه، فاستمر على فطرته وجانب عبادة الأوثان.
[فائدة في مشروعية التأمين بعد قراءة الفاتحة] اعلم أن السنة الصحيحة الصريحة الثابتة تواتراً، قد دلت على ذلك، فمن ذلك ما أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي عن وائل بن حجر قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ "غير المغضوب عليهم ولا الضالين" فقال آمين مد بها صوته" ولأبي داود "رفع بها صوته" وقد حسنه الترمذي. وأخرجه أيضاً النسائي وابن أبي شيبة وابن ماجه والحاكم وصححه، وفي لفظ من حديثه أنه صلى الله عليه وسلم: "قال رب اغفر لي آمين" أخرجه الطبراني والبيهقي. وفي لفظ أنه قال: "آمين ثلاث مرات" أخرجه الطبراني. وأخرج وكيع وابن أبي شيبة عن أبي ميسرة قال: "لما أقرأ جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب فبلغ ولا الضالين قال: قل آمين، فقال آمين". وأخرج ابن ماجه عن علي قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال ولا الضالين قال: آمين". وأخرج مسلم وأبو داود والنسا ئي وابن ماجة عن أبي موسى قال : قال رسول الله عليه وسلم:" إذا قرأ-يعني- الإمام " غير المغضوب عليهم ولا الضالين " فقولوا آمين يحبكم الله" وأخرج البخاري ومسلم وأهل السنن وأحمد وابن أبي شيبة وغيرهم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه" وأخرج أحمد وابن ماجه والبيهقي بسند قال السيوطي: صحيح عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين". وأخرج ابن عدي من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن اليهود قوم حسد، حسدوكم على ثلاثة: إفشاء السلام، وإقامة الصف، وآمين". وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث معاذ مثله. وأخرج ابن ماجه بسند ضعيف عن ابن عباس قال: "ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على آمين، فأكثروا من قول آمين" ووجه ضعفه أن في إسناده طلحة بن عمرو وهو ضعيف. وأخرج الديلمي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ فاتحة الكتاب ثم قال آمين لم يبق ملك في السماء مقرب إلا استغفر له". وأخرج أبو داود عن بلال أنه قال: "يا رسول الله لا تسبقني بآمين" ومعنى آمين: استجب. قال القرطبي في تفسيره: معنى آمين عند أكثر أهل العلم: الله استجب لنا، وضع موضع الدعاء. وقال في الصحاح معنى آمين كذلك فليكن. وأخرج جويبر في تفسيره عن الضحاك عن ابن عباس قال: "قلت يا رسول الله: ما معنى آمين؟ قال: رب افعل". وأخرج الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس مثله. وأخرج وكيع وابن أبي شيبة في المصنف عن هلال بن يساف ومجاهد قالا: آمين اسم من أسماء الله. وأخرج ابن أبي شيبة عن حكيم بن جبير مثله. وقال الترمذي: معناه لا تخيب رجاءنا. وفيه لغتان، المد على وزن فاعيل كياسين. والقصر على وزن يمين، قال الشاعر في المد:
يا رب لا تسلبني حبها أبداً ويرحم الله عبداً قال آمينا
وقال آخر:
آمين آمين لا أرضى بواحدة حتى أبلغها ألفين آمينا
قال الجوهري: وتشديد الميم خطأ. وروي عن الحسن وجعفر الصادق والحسين بن فضل التشديد، من أم إذا قصد: أي نحن قاصدون نحوك، حكى ذلك القرطبي. قال الجوهري: وهو مبني على الفتح مثل أين وكيف لاجتماع الساكنين، وتقول منه: أمن فلان تأميناً. وقد اختلف أهل العلم في الجهر بها، وفي أن الإمام يقولها أم لا؟ وذلك مبين في مواطنه.
7. قوله " صراط الذين أنعمت عليهم " أي مننت عليهم بالهداية والتوفيق قال عكرمة: مننت عليهم بالثبات على الإيمان والاستقامة وهم الأنبياء عليهم السلام، وقيل: هم كل من ثبته الله على الإيمان من النبيين والمؤمنين الذين ذكرهم الله تعالى في قوله " فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين " (69 - النساء) الآية وقال ابن عباس: هم قوم موسى وعيسى عليهما السلام قبل أن غيروا دينهم. وقال عبد الرحمن ابن زيد : هم النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه. وقال أبو العالية : هم آل الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما وأهل بيته وقال شهر بن حوشب : هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته.
قرأ حمزة : عليهم ولديهم وإليهم بضم هاءاتها، ويضم يعقوب كل هاء قبلها ياء ساكنة تثنية وجمعاً إلا قوله " بين أيديهن وأرجلهن " (12 - الممتحنة) وقرأ الآخرون بكسرهما، فمن ضم الهاء ردها إلى الأصل لأنها مضمومة عند الانفراد، ومن (كسرها) فلأحل الياء الساكنة والكسرة أخت الياء وضم ابن كثير و أبو جعفر كل ميم جمع مشبعاً في الوصل إذا لم يلقها ساكن فإن لقيها ساكن فلا يشبع، ونافع يخير، ويضم ورش عند ألف القطع، فإذا تلقته ألف وصل - وقبل الهاء كسر أو ياء ساكنة - ضم الهاء والميم حمزة و الكسائي وكسرهما أبو عمرو وكذلك يعقوب إذا انكسر ما قبله والآخرون يقرؤون بضم الميم وكسر الهاء في الكل لأجل الياء أو لكسر ما قبلها وضم الميم على الأصل.
قوله تعالى " غير المغضوب عليهم " يعني غير صراط الذين غضبت عليهم، والغضب هو إرادة الانتقام من العصاة، وغضب الله تعالى لا يلحق عصاة المؤمنين إنما يلحق الكافرين.
" ولا الضالين " أي وغير الضالين عن الهدى. وأصل الضلال الهلاك والغيبوبة، يقال: ضل الماء في اللبن إذا هلك وغاب. وغير ها هنا بمعنى لا، ولا بمعنى غير ولذلك جاز العطف كما يقال: فلان غير محسن ولا مجمل. فإذا كان غير بمعنى سوى فلا يجوز العطف عليها بلا، ولا يجوز في الكلام: عندي سوى عبد الله ولا زيد.
وقرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه: صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين. وقيل: المغضوب عليهم هم اليهود والضالون: هم النصارى لأن الله تعالى حكم على اليهود بالغضب فقال: " من لعنه الله وغضب عليه " (60 - المائدة) وحكم على النصارى بالضلال فقال: " ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل " (77 - المائدة) وقال سهل بن عبد الله : غير المغضوب (عليهم) بالبدعة، ولا الضالين عن السنة.
والسنة للقارئ أن يقول بعد فراغه من قراءة الفاتحة (( آمين )) بسكتةمفصولة عن الفاتحة وهومخفف ويجوز (عند النحويين) ممدوداً ومقصوراً ومعناه: اللهم اسمع واستجب. وقال ابن عباس و قتادة : معناه كذلك يكون. وقال مجاهد هو اسم من أسماء الله تعالى. وقيل: هو طابع الدعاء. وقيل هو خاتم الله على عباده يدفع به الآفات عنهم كخاتم الكتاب يمنعه من الفساد وظهور ما فيه.
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي و أبو حامد أحمد بن عبد الله الصالحي قالا: أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري أنا أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بم معقل الميداني ثنا محمد بن يحيى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قال الامام -غير المغضوب عليهم ولا الضالين - فقولوا آمين فإن الملائكة تقول آمين وإن الإمام يقول آمين فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " صحيح.

7- " صراط الذين أنعمت عليهم " بدل من الأول بدل الكل ، وهو في حكم تكرير العامل من حيث إنه المقصود بالنسبة ، وفائدته التوكيد والتنصيص على أن طريق المسلمين هو المشهود عليه بالاستقامة علىآكد وجه وأبلغه لأنه جعل كالتفسير والبيان له فكأنه من البين الذي لا خفاء فيه أن الطريق المستقيم ما يكون طريق المؤمنين. وقيل : " الذين أنعمت عليهم " الأنبياء، و قيل : النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقيل : أصحاب موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام قبل التحريف والنسخ . وقرئ : " صراط الذين أنعمت عليهم " والإنعام : إيصال النعمة وهي في الأصل الحالة التي يستلذها الإنسان فأطلقت لما يستلذه من النعمة وهي اللين ، ونعم الله وأن كانت لا تحصى كما قال : " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " تنحصر في جنسين : دنيوي وأخروي .
والأول : قسمان : وهبي وكسبي والوهبي قسمان : روحاني كنفخ الروح فيه وأشراقه بالعقل وما يتبعه من القوى كالفهم والفكر والنطق ، وجسماني كتخليق البدن والقوى الحالة فيه والهيئات العارضة له من الصحة وكمال الأعضاء ، والكسبي تزكية النفس عن الرذائل وتحليتها بالأخلاق السنية والملكات الفاضلة ، وتزيين البدن بالهيئات المطبوعة والحلى المستحسنة وحصول الجاه والمال .
والثاني : أن يغفر له ما فرط ويرضى منه ويرضى عنه ويبوئه في أعلى عليين مع الملائكة المقربين أبد الآبدين . والمراد هو القسم الأخير وما يكون وصلة إلى نيله من الآخرة فإن ما عدا ذلك يشترك فيه المؤمن والكافر .
" غير المغضوب عليهم ولا الضالين " بدل من " الذين " على معنى أن المنعم عليهم هم الذين سلموا من الغضب والضلال. أو صفة له مبينة أو مقيدة على معنى أنهم جمعوا بين النعمة المطلقة ، وهي نعمة الإيمان ، وبين السلامة من الغضب والضلال وذلك إنما يصح بأحد تأويلين ، إجراء الموصول مجرى النكرة إذ لم يقصد به معهود كالمحلى في قوله :
‌ ولقد أمر على اللئيم يسبني
وقوله : إني لأمر على الرجل مثلك فيكرمني . أو جعل غير معرفة بالإضافة لأنه أضيف إلى ما له ضد واحد وهو المنعم عليهم ، فيتعين تعين الحركة من غير السكون .
وعن ابن كثير نصبه على الحال من الضمير المجرور والعامل أنعمت . أو بإضمار أعني . أو بالاستثناء أن فسر النعم بما يعم القبيلين ، والغضب : ثوران النفس إرادة الانتقام ، فإذا أسند إلى الله تعالى أريد به المنتهى والغاية على ما مر ، وعليهم في محل الرفع لأنه نائب مناب الفاعل بخلاف الأول ، ولا مزيدة لتأكيد ما في غير من معنى النفي ، فكأنه قال : لا المغضوب عليهم ولا الضالين ، ولذلك جاز أنا زيداً غير ضارب ، كما جاز أنا زيداً لا ضارب ، وإن امتنع أنا زيداً مثل ضارب ، وقرئ " ولا الضالين " والضلال : العدول عن الطريق السوي عمداً أو خطأ ، وله عرض عريض والتفاوت ما بين أدناه وأقصاه كثير . قيل : " المغضوب عليهم " اليهود لقوله تعالى فيهم : " من لعنه الله وغضب عليه " و " الضالين " النصارى لقوله تعالى : " قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا " وقد روي مرفوعاً ، ويتجه أن يقال : المغضوب عليهم العصاة والضالين الجاهلون بالله ، لأن النعم عليه من وفق للجمع بين معرفة الحق لذاته والخير للعمل به ، وكان المقابل له من اختل إحدى قوتيه العاقلة والعاملة . والمخل بالعمل فاسق مغضوب عليه لقوله تعالى في القاتل عمداً " وغضب الله عليه " والمخل بالعقل جاهل ضال لقوله : " فماذا بعد الحق إلا الضلال " . وقرئ : و لا الضألين بالهمزة على لغة من جد في الهرب من التقاء _ آمين _ اسم الفعل الذي هو استجب . وعن ابن عباس قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معناه فقال : افعل بني على الفتح كأين لالتقاء الساكنين ، وجاء مد ألفه وقصرها قال :
ويرحم الله عبداً قال آمينا
وقال :أمين فزاد الله ما بيننا بعدا
وليس من القرآن وفاقاً ، لكن يسن ختم السورة به لقوله عليه الصلاة والسلام " علمني جبريل آمين عند فراغي من قراءة الفاتحة وقال إنه كالختم على الكتاب " . وفي معناه قول علي رضي الله عنه : آمين خاتم رب العالمين ، ختم به دعاء عبده . يقوله الإمام ويجهر به في الجهرية لما روي عن وائل بن حجر أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا قرأ ولا الضالين قال آمين ورفع بها صوته .
وعن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه لا يقوله ، والمشهور عنه أنه يخفيه كما رواه عبدالله بن مغفل و أنس ، و المأموم يؤمن معه لقوله عليه الصلاة والسلام : " إذا قال الإمام " ولا الضالين " فقولوا آمين فإن الملائكة تقول آمين فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي " ألا أخبرك بسورة لم ينزل في التوراة والإنجيل والقرآن مثلها ، قال :قلت بلى يا رسول الله . قال : فاتحة الكتاب إنها السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته " .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ أتاه ملك فقال : أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك : فاتحة الكتاب ، وخواتيم سورة البقرة ، لن تقرأ حرفاً منهما إلا أعطيته " .
وعن حذيفة بن اليمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن القوم ليبعث الله عليهم العذاب حتماً مقضياً فيقرأ صبي من صبيانهم في الكتاب : " الحمد لله رب العالمين " فيسمعه الله تعالى فيرفع عنهم بذلك العذاب أربعين سنة " .

7. The path of those whom Thou hast favored; Not (the path) of those who earn Thine anger nor of those who astray.
7 - The Way of those on Whom Thou hast bestowed Thy Grace, Those Whose (potion) Is not Wrath, And Who go not astray