96 - (ادفع بالتي هي أحسن) أي الخصلة من الصفح والإعراض عنهم (السيئة) أذاهم إياك وهذا قبل الأمر بالقتال (نحن أعلم بما يصفون) يكذبون ويقولون فنجازيهم عليه
يقول تعالى ذكره لنبيه : ادفع يا محمد بالخلة التي هي أحسن ، وذلك لإغضاء والصفح عن جهلة المشركين ، والصبر على أذاهم ، وذلك أمره إياه قبل أمره بحربهم ، وعنى بالسيئة : أذى المشركين إياه وتكذيبهم له فيما أتاهم به من عند الله ، يقول له تعالى ذكره : اصبر على ما تلقى منهم في ذات الله .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، في قوله : " ادفع بالتي هي أحسن السيئة " قال : أعرض عن أذاهم إياك .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن عبد الكريم الجزري ، عن مجاهد : " ادفع بالتي هي أحسن السيئة " قال : هو السلام تسلم عليه إذا لقيته .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق '، عن معمر ، عن عبد الكريم عن مجاهد مثله .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا هوذة ، قال : ثنا عوف ، عن الحسن ، في قوله : " ادفع بالتي هي أحسن السيئة " قال : والله لا يصيبها صاحبها حتى يكظم غيظا ، ويصفح عما يكره .
وقوله : " نحن أعلم بما يصفون " يقول تعالى ذكره : نحن أعلم بما يصفون الله به ، وينحلونه من الأكاذيب والفرية عليه ، وبما يقولون فيك من السوء ، ونحن مجازوهم على جميع ذلك ، فلا يحزنك ما تسمع منهم من قبيح القول .
قوله تعالى: " ادفع بالتي هي أحسن السيئة " أمر بالصفح ومكارم الأخلاق، فما كان منها لهذه الأمة فيما بينهم فهو محكم بينهم فهو محكم باق في الأمة أبداً. وما كان فيها من موادعة الكفار وترك التعرض لهم والصفع عن أمورهم فمنسوخ بالقتال. " نحن أعلم بما يصفون " أي من الشرك والتكذيب. وهذا يقتضي أنها آية موادعة، والله تعالى أعلم.
يقول تعالى آمراً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يدعو بهذا الدعاء عند حلول النقم "رب إما تريني ما يوعدون" أي إن عاقبتهم وأنا أشاهد ذلك, فلا تجعلني فيهم كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه "وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون". وقوله تعالى: "وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون" اي لو شئنا لأريناك ما نحل بهم من النقم والبلاء والمحن. ثم قال تعالى مرشداً له إلى الترياق النافع في مخالطة الناس وهو الإحسان إلى من يسيء إليه, ليستجلب خاطره فتعود عداوته صداقة وبغضه محبة, فقال تعالى: "ادفع بالتي هي أحسن السيئة" وهذا كما قال في الاية الأخرى: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا" الاية, اي وما يلهم هذه الوصية أو هذه الخصلة أو الصفة "إلا الذين صبروا" اي على أذى الناس فعاملوهم بالجميل مع إسدائهم القبيح "وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم" أي في الدنيا والاخرة.
وقوله تعالى: "وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين" أمره الله أن يستعيذ من الشياطين لأنهم لا تنفع معهم الحيل ولا ينقادون بالمعروف, وقد قدمنا عند الاستعاذة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه". وقوله تعالى: "وأعوذ بك رب أن يحضرون" أي في شيء من أمري, ولهذا أمر بذكر الله في ابتداء الأمور وذلك لطرد الشيطان عند الأكل والجماع والذبح وغير ذلك من الأمور, ولهذا روى أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الهرم, وأعوذ بك الهدم ومن الغرق, وأعوذ بك من أن يتخبطني الشيطان عند الموت" وقال الإمام أحمد حدثنا يزيد , أخبرنا محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات يقولهن عند النوم من الفزع: "بسم الله, أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده, ومن همزات الشياطين وأن يحضرون" قال فكان عبد الله بن عمرو يعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه ومن كان منهم صغيراً لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعلقها في عنقه. ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث محمد بن إسحاق . وقال الترمذي : حسن غريب.
ثم أمره سبحانه بالصبر إلى أن ينقضي الأجل المضروب للعذاب فقال: 96- "ادفع بالتي هي أحسن السيئة" أي ادفع بالخصلة التي هي أحسن من غيرها، وهي الصفح والإعراض عما يفعله الكفار من الخصلة السيئة وهي الشرك. وقيل وهذه الآية منسوخة بآية السيف، وقيل هي محكمة في حق هذه الأمة فيما بينهم، منسوخة في حق الكفار "نحن أعلم بما يصفون" أي ما يصفونك به مما أنت على خلافه، أو بما يصفون من الشرك والتكذيب، وفي هذا وعيد لهم بالعقوبة.
96. " ادفع بالتي هي أحسن "، أي: ادفع بالخلة التي هي أحسن، هي الصفح ةالإعراض والصبر، " السيئة "، يعني أذاهم، أمرهم بالصبر على أذى المشركين والكف عن المقاتلة، نسختها آية السيف " نحن أعلم بما يصفون "، يكذبون ويقولو ن من الشرك.
96ـ " ادفع بالتي هي أحسن السيئة " وهو الصفح عنها والإحسان في مقابلتها لكن بحيث لم يؤد إلى وهن في الدين . وقيل هي كلمة التوحيد والسيئة الشرك . وقيل هو الأمر بالمعروف والسيئة المنكر وهو أبلغ مه ادفع بالحسنة السيئة لما فيه من التنصيص على التفضيل . " نحن أعلم بما يصفون " يما يصفونك به أو بوصفهم إياك على خلاف حالك وأقدر على جزائهم فوكل إلينا أمرهم .
96. Repel evil with that which is better. We are best Aware of that which they allege.
96 - Repel evil with that which is best: We are well acquainted with the things they say.