93 - (فتولى) أعرض (عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم) فلم تؤمنوا (فكيف آسى) أحزن (على قوم كافرين) استفهام بمعنى النفي
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فأدبر شعيب عنهم، شاخصاً من بين أظهرهم حين أتاهم عذاب الله، وقال لما أيقن بنزول نقمة الله بقومه الذين كذبوه، حزناً عليهم: " يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي "، وأديت إليكم ما بعثني به إليكم، من تحذيركم غضبه على إقامتكم على الكفر به، وظلم الناس أشياءهم، " ونصحت لكم "، بأمري إياكم بطاعة الله، ونهيكم عن معصيته - " فكيف آسى "، يقول: فكيف أحزن على قوم جحدوا وحدانية الله وكذبوا رسوله، وأتوجع لهلاكهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " فكيف آسى "، يعني: فكيف أحزن.
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط، عن السدي: " فكيف آسى "، يقول: فكيف أحزن.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحق قال: أصاب شعيباً على قومه حزن، لما يرى بهم من نقمة الله، ثم قال يعزي نفسه، فيما ذكر الله عنه: " يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين ".
"فكيف آسى على قوم كافرين" أي أحزان. أسيت على الشيء آسى أسىً، وأنا آس.
أي فتولى عنهم شعيب عليه السلام بعد ما أصابهم من العذاب والنقمة والنكال, وقال مقرعاً لهم وموبخاً "يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم" أي قد أديت إليكم ما أرسلت به فل اآسف عليكم وقد كفرتم بما جئتكم به فلهذا قال "فكيف آسى على قوم كافرين" ؟
93- "فتولى عنهم" أي شعيب لما شاهد نزول العذاب بهم "وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي" التي أرسلني بها إليكم "ونصحت لكم" ببيان ما فيه سلامة دينكم ودنياكم "فكيف آسى" أي أحزن "على قوم كافرين" بالله مصرين على كفرهم متمردين عن الإجابة أو الأسى شدة الحزن، آسى على ذلك فهو آس. قال شعيب هذه المقالة تحسراً على عدم إيمان قومه، ثم سلا نفسه بأنه كيف يقع منه الأسى على قوم ليس بأهل للحزن عليهم لكفرهم بالله وعدم قبولهم لما جاء به رسوله.
وقد أخرج ابن إسحاق وابن عساكر عن عكرمة والسدي قالا: ما بعث الله نبياً مرتين إلا شعيباً: مرة إلى مدين فأخذتهم الصيحة، ومرة إلى أصحاب الأيكة فأخذهم الله بعذاب يوم الظلة. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس "ولا تبخسوا الناس أشياءهم" قال: لا تظلموا الناس. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة "ولا تبخسوا الناس أشياءهم" قال: لا تظلموهم "ولا تقعدوا بكل صراط توعدون" قال: كانوا يوعدون من أتى شعيباً وغشيه وأراد الإسلام. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس "ولا تقعدوا بكل صراط توعدون" قال: كانوا يجلسون في الطريق فيخبرون من أتى عليهم أن شعيباً كذاب فلا يفتننكم عن دينكم. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد "بكل صراط توعدون" قال: بكل سبيل حق "وتصدون عن سبيل الله" قال: تصدون أهلها "وتبغونها عوجاً" قال: تلتمسون لها الزيغ. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي "ولا تقعدوا بكل صراط توعدون" قال: هو العاشر "وتصدون عن سبيل الله" قال: تصدون عن الإسلام "وتبغونها عوجاً" قال: هلاكاً. وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد قال: هم العشار. وأخرج ابن جرير عن أبي العالية عن أبي هريرة أو غيره: شك أبو العالية قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به على خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ولا شيء إلا خرقته قال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا مثل أقوام من أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه ثم تلا "ولا تقعدوا بكل صراط توعدون". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: "وما يكون لنا أن نعود فيها" قال: ما ينبغي لنا أن نعود في شرككم بعد إذ نجانا الله "إلا أن يشاء الله ربنا" والله لا يشاء الشرك، ولكن يقول: إلا أن يكون الله قد علم شيئاً، فإنه قد وسع كل شيء علماً. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات وابن الأنباري في الوقف والابتداء عن ابن عباس قال: ما كنت أدري ما قوله: "ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق" حتى سمعت ابنه ذي يزن تقول: تعال أفاتحك، تعني أقاضيك. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله: "ربنا افتح" يقول: اقض. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: الفتح القضاء لغة يمانية إذا قال أحدهم: تعال أقاضيك القضاء قال: تعال أفاتحك. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس "لم يغنوا فيها" قال: لم يعيشوا فيها. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس "فكيف آسى" قال: أحزن. وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: في المسجد الحرام قبران ليس فيه غيرهما، قبر إسماعيل وقبر شعيب فقبر إسماعيل في الحجر، وقبر شعيب مقابل الحجر الأسود. وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه إن شعيباً مات بمكة ومن معه من المؤمنين، فقبورهم في غربي الكعبة بين دار الندوة وبين باب بني سهم. وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم عن ابن إسحاق قال: ذكر لي يعقوب بن أبي مسلمة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ذكر شعيباً قال:ذاك خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه فيما يريدهم به، فلما كذبوه وتوعدوه بالرجم والنفي من بلادهم وعتوا على الله أخذهم عذاب يوم الظلة".
93 - " فتولى " ، أعرض " عنهم " شعيب شاخصاً من بين أظهرهم حين أتاهم العذاب ، " و قال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى " أحزن " على قوم كافرين " ، والأسى : الحزن ، والأسى : الصبر .
93. " فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم "قاله تأسفا بهم لشدة حزنه عليهم ثم أنكر على نفس فقال " فكيف آسى على قوم كافرين " ليسوا أهل حزن لاستحقاقهم ما نزل عليهم بكفرهم ، أو قاله اعتذارا عن عدم شدة حزنه عليهم . والمعنى لقد بالغت في الإبلاغ والإنذار وبذلت وسعي في النصح والإشفاق فلم تصدقوا قولي ،فكيف آسى عليكم . وقرء " فكيف آسى " بإمالتين .
93. So he turned from them and said: O my people! I delivered my Lord's messages unto you and gave you good advice; then how can I sorrow for a people that rejected (truth)?
93 - So Shu'aib left them, saying: O my people I did indeed convey to you the messages for which I was sent by my Lord: I gave you good counsel, but how shall I lament over a people who refuse to believe