93 - (ويا قوم اعملوا على مكانتكم) حالتكم (إني عامل) على حالتي (سوف تعلمون من) موصولة مفعول العلم (يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا) انتظروا عاقبة أمركم (إني معكم رقيب) منتظر
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره ، مخبراً عن قيل نبيه شعيب لقومه : الذي يأتيه منا ومنكم ، أيها القوم ، "عذاب يخزيه" ، يقول : يذله ويهينه ، "ومن هو كاذب" ، يقول : ويخزي أيضاً الذي هو كاذب في قيله وخبره منا ومنكم ، "وارتقبوا" ، أي : انتظروا وتفقدوا ، من الرقبة .
يقال منه : رقبت فلاناً أرقبه رقبة .
وقوله : "إني معكم رقيب" ، يقول : إني أيضاً ذو الرقبة لذلك العذاب معكم ، وناظر إليه ، بمن هو نازل منا ومنكم .
قوله تعالى: " ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون " تهديد ووعيد، وقد تقدم في ( الأنعام). " من يأتيه عذاب يخزيه " أي يهلكه. و ( من) في موضع نصب، مثل " يعلم المفسد من المصلح ". ( البقرة: 220) " ومن هو كاذب " عطف عليها. وقيل: أي وسوف تعلمون من هو كاذب منا. وقيل في محل رفع، تقديره: ويخزي من هو كاذب. وقيل: تقديره ومن هو كاذب فسيعلم كذبه، ويذوق وبال أمره. وزعم الفراء أنهم إنما جاؤوا بـ ( هو) في ( ومن هو كاذب) لأنهم لا يقولون من قائم، إنما يقولون: من قام، ومن يقوم، ومن القائم، فزادوا ( هو) ليكون جملة تقوم مقام فعل ويفعل. قال النحاس : ويدل على خلاف هذا قوله:
من رسولي إلى الثريا بأني ضقت ذرعاً بهجرها والكتاب
" وارتقبوا إني معكم رقيب " أي انتظروا العذاب والسخطة، فإني منتظر النصر والرحمة.
لما يئس نبي الله شعيب من استجابتهم له قال يا قوم "اعملوا على مكانتكم" أي طريقتكم وهذا تهديد شديد "إني عامل" على طريقتي "سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب" أي مني ومنكم "وارتقبوا" أي انتظروا "إني معكم رقيب" قال الله تعالى: "ولما جاء أمرنا نجينا شعيباً والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين" وقوله جاثمين اي هامدين لا حراك بهم. وذكر ههنا أنه أتتهم صيحة, وفي الأعراف رجفة وفي الشعراء عذاب يوم الظلة وهم أمة واحدة اجتمع عليهم يوم عذابهم هذه النقم كلها, وإنما ذكر في كل سياق ما يناسبه ففي الأعراف لما قالوا "لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا" ناسب أن يذكر الرجفة الرجفة فرجفت بهم الأرض التي ظلموا بها وأرادوا إخراج نبيهم منها, وههنا لما أساءوا الأدب في مقالتهم على نبيهم ذكر الصيحة التي استلبثتهم وأخمدتهم, وفي الشعراء لما قالوا "فأسقط علينا كسفاً من السماء إن كنت من الصادقين" قال "فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم" وهذا من الأسرار الدقيقة ولله الحمد والمنة كثيراً دائماً, وقوله: "كأن لم يغنوا فيها" أي يعيشوا في دارهم قبل ذلك "ألا بعداً لمدين كما بعدت ثمود" وكانوا جيرانهم قريباً منهم في الدار وشبيهاً بهم في الكفر وقطع الطريق وكانوا عرباً مثلهم.
93- "ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون" لما رأى إصرارهم على الكفر وتصميمهم على دين آبائهم، وعدم تأثير الموعظة فيهم توعدهم بأن يعملوا على غاية تمكنهم ونهاية استطاعتهم، يقال: مكن مكانة: إذا تمكن أبلغ تمكن، وأخبرهم أنه عامل على حسب ما يمكنه ويقدر الله له، ثم بالغ في التهديد والوعيد بقوله: "سوف تعلمون" أي عاقبة ما أنتم فيه من عبادة غير الله والإضرار بعباده، وقد تقدم مثله في الأنعام "من يأتيه عذاب يخزيه" من في محل نصب بتعلمون: أي سوف تعلمون من هو الذي يأتيه العذاب المخزي الذي يتأثر عنه الذل والفضيحة والعار "ومن هو كاذب" معطوف على من يأتيه، والمعنى: ستعلمون من هو المعذب ومن هو الكاذب؟ وفيه تعريض بكذبهم في قولهم: لولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز، وقيل: إن من مبتدأ وما بعدها صلتها، والخبر محذوف، والتقدير: من هو كاذب فسيعلم كذبه ويذوق وبال أمره. قال الفراء: إنما جاء بهو في من هو كاذب لأنهم لا يقولون من قائم: إنما يقولون من قام، ومن يقوم، ومن القائم، فزادوا هو ليكون جملة تقوم مقام فعل ويفعل. قال النحاس: ويدل على خلاف هذا القول الشاعر:
من رسولي إلى الثريا فإني ضقت ذرعاً بهجرها والكتاب
"وارتقبوا إني معكم رقيب" أي انتظروا إني معكم منتظر لما يقضي به الله بيننا.
93- "ويا قوم اعملوا على مكانتكم"، أي: على تؤدتكم وتمكنكم. يقال: فلان يعمل على مكانته إذا عمل على تؤدة وتمكن. "إني عامل"، على تمكني، "سوف تعلمون"، أينا الجاني على نفسه، والمخطئ في فعله، فذلك قوله: "من يأتيه عذاب يخزيه" يذله "ومن هو كاذب"، قيل: "من" في محل النصب، أي: فسوف تعلمون الكاذب. وقيل: محله رفع، تقديره: ومن هو كاذب يعلم كذبه ويذوق وبال أمره. "وارتقبوا"، وانتظروا العذاب "إني معكم رقيب"، منتظر.
93."ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه"سبق مثله في سورة الأنعام والفاء في فـ"سوف تعلمون"ثمة للتصريح بأن الإصرار والتمكن فيما هم عليه سبب لذلك ، وحذفها ها هنا لأنه جواب سائل قال: فماذا يكون بعد ذلك؟ فهو أبلغ في التهويل ."ومن هو كاذب " عطف على من يأتيه لا لأنه قسيم له كقولك :ستعلم الكاذب والصادق ، بل لأنهم لما أوعدوه وكذبوه قال : سوف تعلمون من المعذب والكاذب مني ومنكم .وقيل كان قياسه ومن هو صادق لينصرف الأول إليهم والثاني إليه لكنهم لما كانوا يدعونه كاذباً قال :ومن هو كاذب على زعمهم."وارتقبوا"وانتظروا ما أقول لكم ."إني معكم رقيب"منتظر فعيل بمعنى الراقب كالصريم ، أو المراقب كالعشير أو المرتقب كالرفيع.
93. And, O my people! Act according to your power, lo, I (too) am acting. Ye will soon know on whom there cometh a doom that will abase him, and who it is that lieth. And watch! Lo! I am watcher with you.
93 - And O my people do whatever ye can: I will do (my part): soon will ye know who it is on whom descends the penalty of ignominy, and who is a liar and watch ye for I too and watching with you