91 - (فأخذتهم الرجفة) الزلزلة الشديدة (فأصبحوا في دارهم جاثمين) باركين على الركب ميتين
قال أبو جعفر: يقول: فأخذت الذين كفروا من قوم شعيب، الرجفة.
وقد بينت معنى " الرجفة " قبل، وأنها الزلزلة المحركة لعذاب الله.
" فأصبحوا في دارهم جاثمين "، على ركبهم، موتى هلكى.
وكانت صفة العذاب الذي أهلكهم الله به، كما:
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي : " وإلى مدين أخاهم شعيباً "، قال: إن الله بعث شعيباً إلى مدين، وإلى أصحاب الأيكة، و " الأيكة "، هي الغيضة من الشجر، وكانوا مع كفرهم يبخسون الكيل والميزان، فدعاهم فكذبوه، فقال لهم ما ذكر الله في القرآن، وما ردوا عليه. فلما عتوا وكذبوه، سألوه العذاب، ففتح الله عليهم باباً من أبواب جهنم، فأهلكهم الحر منه، فلم ينفعهم ظل ولا ماء. ثم إنه بعث سحابةً فيها ريح طيبة، فوجدوا برد الريح وطيبها، فتنادوا: ((الظلة، عليكم بها))! فلما اجتمعوا تحت السحابة رجالهم ونساؤهم وصبيانهم، انطبقت عليهم فأهلكتهم، فهو قوله: " فأخذهم عذاب يوم الظلة " [ الشعراء: 189].
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحق قال: كان من خبر قصة شعيب وخبر قومه ما ذكر الله في القرآن. كانوا أهل بخس للناس في مكاييلهم وموازينهم، مع كفرهم بالله، وتكذيبهم نبيهم. وكان يدعوهم إلى الله وعبادته، وترك ظلم الناس وبخسهم في مكاييلهم وموازينهم، فقال نصحاً لهم، وكان صادقاً: " ما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب " [هود: 88]. " قال ابن إسحق: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما ذكر لي يعقوب بن أبي سلمة، إذا ذكر شعيباً قال: ذاك خطيب الأنبياء "! لحسن مراجعته قومه فما يراد بهم. فلما كذبوه وتوعدوه بالرجم والنفي من بلادهم، وعتوا على الله، أخذهم عذاب يوم الظلة، إنه كان عذاب يوم عظيم. فبلغني أن رجلاً من أهل مدين يقال له عمرو بن جلهاء، لما رآها قال:
يا قوم، إن شعيباً مرسل فذروا عنكم سميراً وعمران بن شداد
إني أرى غبيةً يا قوم قد طلعت تدعو بصوت على صمانة الوادي
وأنكم لن تعروا فيها ضحاء غد إلا الرقيم يمشي بين أنجاد
و((سمير)) و((عمران))، كاهناهم، و((الرقيم))، كلبهم.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثنا ابن إسحق قال: فبلغني، والله أعلم، أن الله سلط عليهم الحر حتى أنضجهم، ثم أنشأ لهم الظلة كالسحابة السوداء، فلما رأوها ابتدروها يستغيثون ببردها مما هم فيه من الحر، حتى إذا دخلوا تحتها، أطبقت عليهم، فهلكوا جميعاً، ونجى الله شعيباً والذين آمنوا معه برحمته.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني أبو عبد الله البجلي قال: ((أبو جاد)) و((هوز)) و((كلمون)) و ((سعفص)) و((قرشت))، أسماء ملوك مدين، وكان ملكهم يوم الظلة في زمان شعيب ((كلمون))، فقالت أخت كلمون تبكيه:
كلمون هد ركني هلكه وسط المحله
سيد القوم أتاه الـ ـحتف ناراً وسط ظله
جعلت ناراً عليهم، دارهم كالممضمحله
"فأخذتهم الرجفة" أي الزلزلة. وقيل: الصيحة. وأصحاب الأيكة أهلكوا بالظلة، على ما يأتي.
يخبر تعالى عن شدة كفرهم وتمردهم وعتوهم وما هم فيه من الضلال وما جبلت عليه قلوبهم من المخالفة للحق ولهذا أقسموا وقالوا "لئن اتبعتم شعيباً إنكم إذاً لخاسرون" فلهذا عقبه بقوله "فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين" أخبر تعالى هنا أنهم أخذتهم الرجفة وذلك كما أرجفوا شعيباً وأصحابه وتوعدهم بالجلاء كما أخبر عنهم في سورة هود فقال " ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين " والمناسبة هناك والله أعلم أنهم لما تهكموا به في قولهم "أصلاتك تأمرك" الاية فجاءت الصيحة فأسكتتهم, وقال تعالى إخباراً عنهم في سورة الشعراء "فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم" وما ذاك إلا لأنهم قالوا له في سياق القصة "فأسقط علينا كسفاً من السماء" الاية.
فأخبر أنه أصابهم عذاب يوم الظلة, وقد اجتمع عليهم ذلك كله " فأخذهم عذاب يوم الظلة " وهي سحابة أظلتهم فيها شرر من نار ولهب ووهج عظيم, ثم جاءتهم صيحة من السماء ورجفة من الأرض شديدة من أسفل منهم فزهقت الأرواح وفاضت النفوس وخمدت الأجسام " فأصبحوا في دارهم جاثمين " ثم قال تعالى: "كأن لم يغنوا فيها" أي كأنهم لما أصابتهم النقمة لم يقيموا بديارهم التي أرادوا إجلاء الرسول وصحبه منها ثم قال تعالى مقابلاً لقيلهم "الذين كذبوا شعيباً كانوا هم الخاسرين".
91- "فأخذتهم الرجفة" أي الزلزلة، وقيل: الصيحة كما في قوله: "وأخذت الذين ظلموا الصيحة"، "فأصبحوا في دارهم جاثمين" قد تقدم تفسيره في قصة صالح.
91- " فأخذتهم الرجفة " ، قال الكلبي : الزلزلة . وقال ابن عباس وغيره : فتح الله عليهم باباً من جهنم ، فأرسل عليهم حراً شديداً ، فأخذ بأنفاسهم ولم ينفعهم ظل ولا ماء ، فكانوا يدخلون الأسراب ليتبردوا فيها ، فإذا دخلوها وحدوها أشد حراً من الظاهر ، فخرجوا هرباً إلى البرية فبعث الله سحابة فيها ريح طيبة فأظلتهم ، وهي الظلة ،
فوجدوا لها برداً ونسيماً فنادى بعضهم بعضاً حتى اجتمعوا تحت السحابة ، رجالهم ونساؤهم وصبيانهم ، ألهبها الله عليهم ناراً ، ورجفت بهم الأرض فاحترقوا كما يحترق الجراد المقلي ، وصاروا رماداً .
وروي أن الله تعالى حبس عنهم الريح سبعة أيام ثم سلط عليهم الحر . قال يزيد الجريري : سلط الله عليهم الحر سبعة أيام ثم رفع لهم جبل من بعيد ، فأتاه رجل فإذا تحته أنهار وعيون فاجتمعوا تحته كلهم فوقع ذلك الجبل عليهم ، فذلك قوله " عذاب يوم الظلة " ( الشعراء - 89 ) ، قال قتادة : بعث الله شعيباً إلى أصحاب الأيكة وأهل مدين ، أما أصحاب الأيكة فأهلكوا بالظلة ، وأما أصحاب مدين فأخذتهم الصيحة ، صاح بهم جبريل عليه السلام صيحة فهلكوا جميعاً . قال أبو عبدالله البجلي : كان أبو جاد وهوز وحطي وكلمن وسعفص وقرشت ملوك مدين ، وكان ملكهم في زمن شعيب عليه السلام يوم الظلة كلمن ، فلما هلك قالت ابنته تبكيه
كلمن قد هد ركني هلكه وسط المحله
سيد القوم أتاه الحتف ناراً تحت ظلة
جعلت ناراً عليهم دارهم كالمضمحله
91. " فأخذتهم الرجفة " الزلزلة وفي سورة الحجر " فأخذتهم الصيحة " ولعلها كانت من مباديها . " فأصبحوا في دارهم جاثمين " أي في مدينتهم .
91. So the earthquake seized them, and morning found them prostrate in their dwelling place.
91 - But the earthquake took them unawares, and they lay prostrate in their homes before the morning.