85 - (فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين) أي لا تظهرهم علينا فيظنوا أنهم على الحق فيفتتنوا بنا
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فقال قوم موسى لموسى: " على الله توكلنا "، أي: به وثقنا، وإليه فوضنا أمرنا.
وقوله: " ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين "، يقول جل ثناؤه، مخبراً عن قوم موسى: أنهم دعوا ربهم فقالوا: يا ربنا، لا تختبر هؤلاء القوم الكافرين ولا تمتحنهم بنا، يعنون قوم فرعون.
وقد اختلف أهل التأويل في المعنى الذي سألوه ربهم، من إعاذته ابتلاء قوم فرعون بهم.
فقال بعضهم: سألوه أن لا يظهرهم عليهم، فيظنوا أنهم خير منهم، وأنهم إنما سلطوا عليهم لكرامتهم عليه وهوان الآخرين.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن عمران بن حدير، عن أبي مجلز في قوله: " ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين "، قال: لا يظهروا علينا، فيروا أنهم خير منا.
حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد، عن عمران بن حدير، عن أبي مجلز في قوله: " ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين "، قال: قالوا: لا تظهرهم علينا، فيروا أنهم خير منا.
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى: " ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين "، قال: لا تسلطهم علينا، فيزدادوا فتنة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك لا تسلطهم علينا فيفتنونا.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين "، لا تسلطهم علينا فيفتنونا.
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير، عن ابن عيينة ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين "، قال: لا تسلطهم علينا فيضلونا.
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، مثله، وقال أيضاً فيفتنونا.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين "، لا تعذبنا بأيدي قوم فرعون، ولا بعذاب من عندك، فيقول قوم فرعون: لو كانوا على حق ما سلطنا عليهم ولا عذبوا ، فيفتنوا بنا.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين، قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج ، عن مجاهد قوله: " لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين "، قال: لا تعذبنا بأيدي قوم فرعون ولا بعذاب من عندك، فيقول قوم فرعون: لو كانوا على حق ما سلطنا عليهم ولا عذبوا ، فيفتتنوا بنا.
حدثنيا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد قوله: " لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين "، قال: لا تصبنا بعذاب من عندك ولا بأيديهم، فيفتتنوا يقولوا: لو كانوا على حق ما سلطنا عليهم وما عذبوا .
حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: " ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين "، لا تبتلنا ربنا فتجهدنا، وتجعله فتنة لهم، هذه الفتنة. وقرأ " فتنة للقوم الظالمين " [الصافات: 63]، قال: المشركون، حين كانوا يؤذون النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين ويرمونهم، أليس ذلك فتنة لهم وسوءاً لهم، وهي بلية للمؤمنين؟
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن القوم رغبوا إلى الله في أن يجيرهم من أن يكونوا محنةً لقوم فرعون وبلاءً، وكل ما كان من أمر كان لهم مصدة عن اتباع موسى والإقرار به، وبما جاءهم به، فإنه لا شك أنه كان لهم ((فتنة))، وكان من أعظم الأمور لهم إبعاداً من الإيمان بالله ورسوله. وكذلك من المصدة كان لهم عن الإيمان: أن لو كان قوم موسى عاجلتهم من الله محنة في أنفسهم، من بلية تنزل بهم، فاستعاذ القوم بالله من كل معنى يكون صاداً لقوم فرعون عن الإيمان بالله بأسبابهم.
"فقالوا على الله توكلنا" أي أسلمنا أمورنا إليه، ورضينا بقضائه وقدره، وانتهينا إلى أمره. "ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين" أي لا تنصرهم علينا، فيكون ذلك فتنة لنا عن الدين، أو لا تمتحنا بأن تعذبنا على أيديهم. وقال مجاهد: المعنى لا تهلكنا بأيدي أعدائنا، ولا تعذبنا بعذاب من عندك، فيقول أعداؤنا لو كانوا على حق لم نسلط عليهم، فيفتنوا. وقال أبو مجلز و أبو الضحا: يعني لا تظهرهم علينا فيروا أنهم خير منا فيزدادوا طغياناً.
يقول تعالى مخبراً عن موسى أنه قال لبني إسرائيل: "يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين" أي فإن الله كاف من توكل عليه "أليس الله بكاف عبده" "ومن يتوكل على الله فهو حسبه" وكثيراً ما يقرن الله تعالى بين العبادة والتوكل كقوله تعالى: "فاعبده وتوكل عليه" "قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا" "رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً" وأمر الله تعالى المؤمنين أن يقولوا في كل صلواتهم مرات متعددة "إياك نعبد وإياك نستعين" وقد امتثل بنو إسرائيل ذلك فقالوا: "على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين" أي لا تظفرهم بنا وتسلطهم علينا فيظنوا أنهم إنما سلطوا لأنهم على الحق ونحن على الباطل فيفتنوا بذلك هكذا روي عن أبي مجلز وأبي الضحى, وقال ابن أبي نجيح وغيره عن مجاهد لا تعذبنا بأيدي آل فرعون ولا بعذاب من عندك فيقول قوم فرعون لو كانوا على حق ما عذبوا ولا سلطنا عليهم فيفتنوا بنا وقال عبد الرزاق أنبأنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد "ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين" لا تسلطهم علينا فيفتنونا. وقوله: "ونجنا برحمتك" أي خلصنا برحمة منك وإحسان "من القوم الكافرين" أي الذين كفروا الحق وستروه ونحن قد آمنا بك وتوكلنا عليك.
85- "فقالوا" أي قوم موسى مجيبين له "على الله توكلنا" ثم دعوا الله مخلصين فقالوا: "ربنا لا تجعلنا فتنة" أي موضع فتنة "للقوم الظالمين" والمعنى: لا تسلطهم علينا فيعذبونا حتى يفتنونا عن ديننا ولا تجعلنا فتنة لهم يفتنون بنا غيرنا فيقولون لهم: لو كان هؤلاء على حق لما سلطنا عليهم وعذبناهم، وعلى المعنى الأول تكون الفتنة بمعنى المفتون.
85-"فقالوا على الله توكلنا"، اعتمدنا، ثم دعوا فقالوا، "ربنا لا تجعلنا فتنةً للقوم الظالمين"، أي: لا تظهرهم علينا ولا تهلكنا بأيديهم، فيظنوا أنا لم نكن على الحق فيزدادوا طغياناً. وقال مجاهد: لا تعذبنا بعذاب من عندك، فيقول قوم فرعون: لو كانوا على الحق لما عذبوا ويظنوا أنهم خير منا فيفتتنوا.
85."فقالوا على الله توكلنا"لأنهم كانوا مؤمنين مخلصين ولذلك أجيبت دعوتهم."ربنا لا تجعلنا فتنةً"موضع فتنة ."للقوم الظالمين"أي لا تسلطهم عليها فيفتنونا.
85. They said: In Allah we put trust. Our Lord! Oh, make us not a lure for the wrongdoing folk;
85 - They said: in God do we put our trust. our Lord make us not a trial for those who practise oppression;