84 - ولما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على ابن أُبَيِّ نزل (ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره) لدفن أو زيارة (إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون) كافرون
قوله تعالى ولا تصل على أحد منهم الآية روى الشيخان عن ابن عمر قال لما توفي عبد الله ابن أبي جاء ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه ثم سأله أن يصلي عليه فقام ليصلي عليه فقام عمر بن الخطاب فأخذ بثوبه وقال يا رسول الله أتصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي على المنافقين قال إنما خيرني الله فقال استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة وسأزيده على السبعين فقال إنه منافق فصلى عليه فأنزل الله ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره فترك الصلاة عليهم وورد ذلك من حديث عمر وأنس و جابر وغيرهم
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولا تصل، يا محمد، على أحد مات من هؤلاء المنافقين الذين تخلفوا عن الخروج معك أبداً، " ولا تقم على قبره "، يقول: ولا تتول دفنه وتقبيره.
من قول القائل: ((قام فلان بأمر فلان))، إذا كفاه أمره.
" إنهم كفروا بالله "، يقول: إنهم جحدوا توحيد الله ورسالة رسوله، وماتوا وهم خارجون من الإسلام، مفارقون أمر الله ونهيه.
وقد ذكر أن هذه الآية نزلت حين صلى النبي صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبي.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن المثنى، وسفيان بن وكيع، وسوار بن عبد الله قالوا، حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الله قال، أخبرني نافع، عن ابن عمر قال: " جاء ابن عبد الله بن أبي ابن سلول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مات أبوه فقال: أعطني قميصك حتى أكفنه فيه، وصل عليه، واستغفر له - فأعطاه قميصه - وإذا فرغتم فآذنوني. فلما أراد أن يصلي عليه، جذبه عمر، وقال: أليس قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين؟ فقال: بل خيرني وقال: " استغفر لهم أو لا تستغفر لهم " قال: فصلى عليه. قال: فأنزل الله تبارك وتعالى: " ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره "، قال: فترك الصلاة عليهم ".
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن عبيد الله، عن ابن عمر قال: " لما توفي عبد الله بن أبي ابن سلول جاء ابنه عبد الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه، فأعطاه. ثم سأله أن يصلي عليه، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأخذ بثوب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ابن سلول! أتصلي عليه، وقد نهاك الله أن تصلي علي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما خيرني ربي، فقال: " استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم "، وسأزيد على سبعين. فقال: إنه منافق! فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: " ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره " ".
حدثنا سوار بن عبد الله العنبري قال، حدثنا يحيى بن سعيد، عن مجاهد قال، حدثني عامر، عن جابر بن عبد الله: أن رأس المنافقين مات بالمدينة، فأوصى أن يصلي عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يكفن في قميصه، فكفنه في قميصه، وصلى عليه، وقام على قبره، فأنزل الله تبارك وتعالى: " ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ".
حدثني أحمد بن إسحق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سلمة، عن يزيد الرقاشي، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يصلي على عبد الله بن أبي ابن سلول، فأخذ جبريل عليه السلام بثوبه فقال: " ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ".
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو، عن جابر قال:جاء النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي وقد أدخل حفرته، فأخرجه فوضعه على ركبتيه، وألبسه قميصه، وتفل عليه من ريقه، والله أعلم.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحق، عن الزهري ، عن عبيد الله ابن عبدالله بن عتبة بن مسعود، عن عبد الله بن عباس: قال: " سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لما توفي عبد الله بن أبي ابن سلول، دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه، فقام إليه. فلما وقف عليه يريد الصلاة، تحولت حتى قمت في صدره فقلت: يار سول الله، أتصلي على عدو الله عبد الله بن أبي، القائل يوم كذا كذا وكذا!! أعدد أيامه، ورسول الله عليه السلام يبتسم، حتى إذا كثرت عليه قال: أخر عني يا عمر، إني خيرت فاخترت، وقد قيل لي: " استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم " فلو أني أعلم أني إن زدت على السبعين غفر له، لزدت! قال: ثم صلى عليه. ومشى معه، فقام على قبره، حتى فرغ منه. قال: فعجبت لي وجرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ورسوله أعلم، فوالله ما كان إلا يسيراً حتى نزلت هاتان الآيتان: " ولا تصل على أحد منهم مات أبدا "، فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على منافق، ولا قام على قبره، حتى قبضه الله ".
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحق، عن عاصم بن عمر بن قتادة قال: لما مات عبد الله بن أبي، أتى ابنه عبد الله بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله قميصه، فأعطاه، فكفن فيه أباه.
حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني الليث قال، حدثني عقيل، عن ابن شهاب قال، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن عباس، عن عمر بن الخطاب قال: لما مات عبد الله بن أبي، فذكر مثل حديث ابن حميد، عن سلمة.
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره "، الآية، قال: " بعث عبد الله بن أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مريض ليأتيه، فنهاه عن ذلك عمر. فأتاه نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلما دخل عليه، قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: أهلكك حب اليهود! قال فقال: يا نبي الله، إني لم أبعث إليك لتؤنبني، ولكن بعثت إليك لتستغفر لي! وسأله قميصه أن يكفن فيه، فأعطاه إياه، فاستغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمات فكفن في قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونفث في جلده، ودلاه في قبره، فأنزل الله تبارك وتعالى: " ولا تصل على أحد منهم مات أبدا "، الآية. قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كلم في ذلك فقال: وما يغني عنه قميصي من الله - أو: ربي - وصلى عليه - وإني لأرجوا أن يسلم به ألف من قومه " .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: " أرسل عبد الله بن أبي ابن سلول وهو مريض إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما دخل عليه، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أهلكك حب اليهود! قال: يا رسول الله، إنما أرسلت إليك لتستغفر لي، ولم أرسل إليك لتؤنبني! ثم سأله عبد الله أن يعطيه قميصه أن يكفن فيه، فأعطاه إياه، وصلى عليه وقام على قبره، فأنزل الله تعالى ذكره: " ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره " ".
فيه إحدى عشرة مسألة:
الأولى- روي أن هذه الآية نزلت في شأن عبد الله بن أبي بن سلول وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم عليه. ثبت ذلك في الصحيحين وغيرهما. وتظاهرت الروايات بأن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى عليه وأن الآية نزلت بعد ذلك. وروي عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تقدم ليصلي عليه جاءه جبريل فجبذ ثوبه وتلا عليه "ولا تصل على أحد منهم مات أبدا" الآية، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يصل عليه. والوايات الثابتة على خلاف هذا، ففي البخاري عن ابن عباس قال:
فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرف، فلم يمكث إلا يسيراً حتى نزلت الآيتان من براءة "ولا تصل على أحد منهم مات أبدا". ونحوه عن ابن عمر، أخرجه مسلم. قال ابن عمر:
"لما توفي عبد الله بن أبي بن سلول جاء ابنه عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه فقام عمر وأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما خيرني الله تعالى فقال: "استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة" وسأزيد على سبعين" قال: إنه منافق.
فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل "ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره" فترك الصلاة عليهم. وقال بعض العلماء: إنما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبي بناء على الظاهر من لفظ إسلامه. ثم لم يكن يفعل ذلك لما نهي عنه.
الثانية- إن قال قائل فكيف قال عمر: أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه، ولم يكن تقدم نهي عن الصلاة عليهم. قيل له: يحتمل أن يكون ذلك وقع له في خاطره، ويكون من قبيل الإلهام والتحدث الذي شهد له النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان القرآن ينزل على مراده، كما قال: وافقت ربي في ثلاث. وجاء: في أربع. وقد تقدم في البقرة. فيكون هذا من ذلك. ويحتمل أن يكون فهم ذلك من قوله تعالى: "استغفر لهم أو لا تستغفر لهم" الآية. لا أنه كان تقدم نهي على ما دل عليه حديث البخاري ومسلم. والله أعلم.
قلت: ويحتمل أن يكون فهمه من قوله تعالى: "ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين" [التوبة: 113] لأنها نزلت بمكة. وسيأتي القول فيها.
الثالثة- قوله تعالى: "استغفر لهم" الآية. بين تعالى أنه وإن استغفر لهم لم ينفعهم ذلك وإن أكثر من الاستغفار. قال القشيري: ولم يثبت ما يروى أنه قال: لأزيدن على السبعين.
قلت: وهذا خلاف ما ثبت في حديث ابن عمر وسأزيد على سبعين وفي حديث ابن عباس "لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر لهم لزدت عليها". قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. خرجه البخاري.
الرابعة- واختلف العلماء في تأويل قوله: "استغفر لهم" هل هو إياس أو تخيير، فقالت طائفة: المقصود به اليأس بدليل قوله تعالى: "فلن يغفر الله لهم". وذكر السبعين وفاق جرى، أو هو عادتهم في العبارة عن الكثرة والإغياء. فإذا قال قائلهم: لا أكلمه سبعين سنة صار عندهم بمنزلة قوله: لا أكلمه أبداً. ومثله في الإغياء قوله تعالى: "في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً" [الحاقة: 32]، وقوله عليه السلام:
"من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً". وقالت طائفة: هو تخيير -منهم الحسن وقتادة وعروة- إن شئت استغفر لهم وإن شئت لا تستغفر. "ولهذا لما أراد أن يصلي على ابن أبي قال عمر: أتصلي على عدو الله، القائل يوم كذا كذا وكذا؟ فقال: إني خيرت فاخترت". قالوا: ثم نسخ هذا لما نزل "سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر" [المنافقون: 6]. "ذلك بأنهم كفروا" أي لا يغفر الله لهم لكفرهم.
الخامسة- قوله تعالى: "ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين" [التوبة: 113] الآية. وهذه الآية نزلت بمكة عند موت أبي طالب، على ما يأتي بيانه. وهذا يفهم منه النهي عن الاستغفار لمن مات كافراً. وهو متقدم على هذه الآية التي فهم منها التخيير بقوله: "إنما خيرني الله" وهذا مشكل. فقيل: إن الاستغفار للمنافقين الذي خير فيه فهو استغفار لساني لا ينفع، وغايته تطييب قلوب بعض الأحياء من قرابات المستغفر له. والله أعلم.
السادسة- واختلف في إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم قميصه لعبد الله، فقيل: إنما أعطاه لأن عبد لله كان قد أعطى العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم قميصه يوم بدر. وذلك أن العباس لما أسر يوم بدر -على ما تقدم- وسلب ثوبه رآه النبي صلى الله عليه وسلم كذلك فأشفق عليه، فطلب له قميصاً فما وجد له قميص يقادره إلا قميص عبد الله، لتقاربهما في طول القامة، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم بإعطاء القميص أن يرفع اليد عنه في الدنيا، حتى لا يلقاه في الآخرة وله عليه يد يكافئه بها، وقيل: إنما أعطاه القميص إكراماً لابنه وإسعافاً له في طلبته وتطييباً لقلبه. والأول أصح، خرجه البخاري عن جابر بن عبد الله قال:
لما كان يوم بدر أتي بأسارى وأتي بالعباس ولم يكن عليه ثوب، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم له قميصاً فوجدوا قميص عبد الله بن أبي يقدر عليه، فكساه النبي صلى الله عليه وسلم إياه، فلذلك نزع النبي صلى الله عليه وسلم قميصه الذي ألبسه. وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إن قميصي لا يغني عنه من الله شيئاً، وإني لأرجو أن يسلم بفعلي هذا ألف رجل من قومي". كذا في بعض الروايات من قومي يريد من منافقي العرب. والصحيح أنه قال: رجال من قومه. ووقع في مغازي ابن إسحاق وفي بعض كتب التفسير: فأسلم وتاب لهذه الفعلة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف رجل من الخزرج.
السابعة- لما قال تعالى: "ولا تصل على أحد منهم مات أبدا" وقال علماؤنا: هذا نص في الامتناع من الصلاة على الكفار، وليس فيه دليل على الصلاة على المؤمنين. واختلف هل يؤخذ من مفهومه وجوب الصلاة على المؤمنين على قولين. يؤخذ لأنه علل المنع من الصلاة على الكفار لكفرهم لقوله تعالى: "إنهم كفروا بالله ورسوله"، فإذا زال الكفر وجبت الصلاة. ويكون هذا نحو قوله تعالى: "كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون" [المطففين: 15] يعني الكفار، فدل على أن غير الكفار يرونه وهم المؤمنون، فذلك مثله. والله أعلم. أو تؤخذ الصلاة من دليل خارج عن الآية، وهي الأحاديث الواردة في الباب، والإجماع. ومنشأ الخلاف القول بدليل الخطاب وتركه. روى مسلم عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن أخاً لكم قد مات فقوموا فصلوا عليه" قال: فقمنا فصففنا صفين، يعني النجاشي. وعن أبي هريرة:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه، فخرج بهم إلى المصلى وكبر أربع تكبيرات. وأجمع المسلمون على أنه لا يجوز ترك الصلاة على جنائز المسلمين، من أهل الكبائر كانوا أو صالحين، وراثةً عن نبيهم صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً. والحمد لله. واتفق العلماء على ذلك إلا في الشهيد كما تقدم، وإلا في أهل البدع والبغاة.
الثامنة- والجمهور من العلماء على أن التكبير أربع. قال ابن سيرين: كان التكبير ثلاثاً فزادوا واحدة. وقالت طائفة: يكبر خمساً، وروي عن ابن مسعود وزيد بن أرقم. وعن علي: ست تكبيرات. وعن ابن عباس وأنس بن مالك وجابر بن زيد: ثلاث تكبيرات والمعول عليه أربع. روى الدارقطني عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إن الملائكة صلت على آدم فكبرت عليه أربعاً، وقالوا: هذه سنتكم يا بني آدم".
التاسعة- ولا قراءة في هذه الصلاة في المشهور من مذهب مالك، وكذلك أبو حنيفة والثوري، لقوله صلى الله عليه وسلم:
"إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء" رواه أبو داود من حديث أبي هريرة. وذهب الشافعي وأحمد وإسحاق ومحمد بن مسلمة وأشهب من علمائنا وداود إلى أنه يقرأ بالفاتحة، لقوله عليه السلام:
"لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب" حملاً له على عمومه. وبما خرجه البخاري عن ابن عباس وصلى على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وقال: لتعلموا أنها سنة. وخرج النسائي من حديث أبي أمامة قال:
السنة في الصلاة على الجنائز أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة، ثم يكبر ثلاثاً، والتسليم عند الآخرة. وذكر محمد بن نصر المروزي عن أبي أمامة أيضاً قال:
السنة في الصلاة على الجنائز أن تكبر، تقرأ بأم القرآن، ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تخلص الدعاء للميت. ولا يقرأ إلا في التكبيرة الأولى ثم يسلم. قال شيخنا أبو العباس: وهذان الحديثان صحيحان، وهما ملحقان عند الأصوليين بالمسند. والعمل على حديث أبي أمامة أولى، إذ فيه جمع بين قوله عليه السلام: "لا صلاة" وبين إخلاص الدعاء للميت. وقراءة الفاتحة فيها إنما هي استفتاح للدعاء. والله أعلم.
العاشرة- وسنة الإمام أن يقوم عند رأس الرجل وعجيزة المرأة، لما رواه أبو داود عن أنس وصلى على جنازة فقال له العلاء بن زياد:
يا أبا حمزة، هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الجنائز كصلاتك، يكبر أربعاً ويقوم عند رأس وعجيزة المرأة؟ قال، نعم. ورواه مسلم عن سمرة بن جندب قال:
صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وصلى على أم كعب ماتت وهي نفساء، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليها وسطها.
الحادية عشر- قوله تعالى: "ولا تقم على قبره" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دفن الميت وقف على قبره ودعا له بالتثبت، على ما بيناه (في التذكرة) والحمد صلى الله عليه وسلم.
أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبرأ من المنافقين وأن لا يصلي على أحد منهم إذا مات, وأن لا يقوم على قبره ليستغفر له أو يدعو له لأنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا عليه وهذا حكم عام في كل من عرف نفاقه, وإن كان سبب نزول الاية في عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين كما قال البخاري: حدثنا عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: لما توفي عبد الله بن أبي "جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه, ثم سأله أن يصلي عليه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه, فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله تصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما خيرني الله فقال " استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم " وسأزيده على السبعين" قال إنه منافق. قال فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل آية "ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره", وكذا رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي أسامة حماد بن أسامة به, ثم رواه البخاري عن إبراهيم بن المنذر عن أنس بن عياض عن عبيد الله وهو ابن عمر العمري به, وقال فصلى عليه وصلينا معه وأنزل الله "ولا تصل على أحد منهم مات أبداً" الاية. وهكذا رواه الإمام أحمد عن يحيى بن سعيد القطان عن عبيد الله به.
وقد روي من حديث عمر بن الخطاب نفسه أيضاً بنحو من هذا, فقال الإمام أحمد: حدثنا يعقوب, حدثنا أبي عن ابن إسحاق, حدثني الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس, قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لما توفي عبد الله بن أبي, دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه, فقام إليه فلما وقف عليه يريد الصلاة تحولت حتى قمت في صدره فقلت يا رسول الله أعلى عدو الله عبد الله بن أبي القائل يوم كذا وكذا وكذا يعدد أيامه, قال ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم, حتى إذا أكثرت عليه فقال: "أخر عني يا عمر, إني خيرت فاخترت, قد قيل لي استغفر لهم" الاية. لو أعلم أني لو زدت على السبعين غفر له لزدت" قال ثم صلى عليه ومشى معه وقام على قبره حتى فرغ منه, قال فعجبت من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ورسوله أعلم. قال فوا لله ما كان إلا يسيرا حتى نزلت هاتان الايتان "ولا تصل على أحد منهم مات أبداً" الاية. فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على منافق ولا قام على قبره حتى قبضه الله عز وجل. وهكذا رواه الترمذي في التفسير من حديث محمد بن إسحاق عن الزهري به, وقال حسن صحيح, ورواه البخاري عن يحيى بن بكير عن الليث عن عقيل عن الزهري به فذكر مثله, قال: "أخر عني يا عمر" فلما أكثرت عليه قال: "إني خيرت فاخترت ولو أعلم أني إن زدت على السبعين غفر له لزدت عليها" قال فصلى عليه رسول الله ثم انصرف, فلم يلبث إلا يسيراً حتى نزلت الايتان من براءة " ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره " الاية, فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم. وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن أبي عبيد, حدثنا عبد الملك عن أبي الزبير عن جابر قال: لما مات عبد الله بن أبي أتى ابنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنك إن لم تأته لم نزل نعير بهذا, فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فوجده قد أدخل في حفرته فقال: "أفلا قبل أن تدخلوه" فأخرج من حفرته وتفل عليه من ريقه من قرنه إلى قدمه وألبسه قميصه, ورواه النسائي عن أبي داود الحراني عن يعلى بن عبيد عن عبدالملك وهو ابن أبي سليمان به, وقال البخاري: حدثنا عبد الله بن عثمان, أخبرنا ابن عيينة عن عمرو سمع جابر بن عبد الله قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي بعد ما أدخل في قبره فأمر به فأخرج ووضع على ركبتيه ونفث عليه من ريقه وألبسه قميصه والله أعلم.
وقد رواه أيضاً في غير موضع مسلم والنسائي من غير وجه, عن سفيان بن عيينة به. وقال الإمام أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار في مسنده: حدثنا عمرو بن علي, حدثنا يحيى, حدثنا مجالد, حدثنا عامر, حدثنا جابر ح وحدثنا يوسف بن موسى, حدثنا عبد الرحمن بن مغراء الدوسي, حدثنا مجالد عن الشعبي عن جابر قال: لما مات رأس المنافقين قال يحيى بن سعيد بالمدينة فأوصى أن يصلي عليه النبي صلى الله عليه وسلم فجاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي أوصى أن يكفن بقميصك وهذا الكلام في حديث عبد الرحمن بن مغراء, قال يحيى في حديثه: فصلى عليه وألبسه قميصه فأنزل الله تعالى: "ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره" وزاد عبد الرحمن: وخلع النبي صلى الله عليه وسلم قميصه فأعطاه إياه ومشى فصلى عليه وقام على قبره, فأتاه جبريل عليه السلام لما ولى قال "ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره" وإسناده لا بأس به وما قبله شاهد له.
وقال الإمام أبو جعفر الطبري: حدثنا أحمد بن إسحاق, حدثنا أحمد, حدثنا حماد بن سلمة عن يزيد الرقاشي عن أنس, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يصلي على عبد الله بن أبي فأخذ جبريل بثوبه وقال "ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره" ورواه الحافظ أبو يعلى في مسنده من حديث يزيد الرقاشي وهو ضعيف. وقال قتادة أرسل عبد الله بن أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مريض فلما دخل عليه قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أهلكك حب يهود" قال: يارسول الله إنما أرسلت إليك لتستغفر لي ولم أرسل إليك لتؤنبني, ثم سأله عبد الله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه إياه وصلى عليه وقام على قبره, فأنزل الله عز وجل "ولا تصل على أحد منهم مات أبداً" الاية, وقد ذكر بعض السلف أنه إنما كساه قميصه لأن عبد الله بن أبي لما قدم العباس طلب له قميص فلم يوجد على تفصيله إلا ثوب عبد الله بن أبي لأنه كان ضخماً طويلاً ففعل ذلك به رسول الله صلى الله عليه وسلم مكافأة له فالله أعلم. ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الاية الكريمة عليه لا يصلي على أحد من المنافقين ولا يقوم على قبره, كما قال الإمام أحمد: حدثنا يعقوب, حدثنا أبي عن أبيه, حدثني عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعي إلى جنازة سأل عنها, فإن أثني عليها خيراً قام فصلى عليها, وإن كان غير ذلك قال لأهلها "شأنكم بها" ولم يصل عليها, وكان عمر بن الخطاب لا يصلي على جنازة من جهل حاله حتى يصلي عليها حذيفة بن اليمان لأنه كان يعلم أعيان المنافقين, قد أخبره بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولهذا كان يقال له صاحب السر الذي لا يعلمه غيره أي من الصحابة.
وقال أبو عبيد في كتاب الغريب في حديث عمر, أنه أراد أن يصلي على جنازة رجل فمرزه حذيفة كأنه أراد أن يصده عن الصلاة عليها. ثم حكى عن بعضهم أن المرز بلغة أهل اليمامة هو القرص بأطراف الأصابع, ولما نهى الله عز وجل عن الصلاة على المنافقين والقيام على قبورهم للاستغفار لهم, كان هذه الصنيع من أكبر القربات في حق المؤمنين فشرع ذلك, وفي فعله الأجر الجزيل كما ثبت في الصحاح وغيرها من حديث أبي هريرة رضي الله عنه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط, ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان" قيل وما القيراطان ؟ قال "أصغرهما مثل أحد" وأما القيام عند قبر المؤمن إذا مات, فروى أبو داود: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي, أخبرنا هشام عن عبد الله بن بحير عن هانىء, وهو أبو سعيد البربري مولى عثمان بن عفان عن عثمان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: "استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الان يسأل" انفرد بإخراجه أبو داود رحمه الله.
قوله: 84- "مات" صفة لأحد، و "أبداً" ظرف لتأبيد النفي. قال الزجاج: معنى قوله: "ولا تقم على قبره" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دفن الميت وقف على قبره ودعا له فمنع هاهنا منه، وقيل معناه: لا تقم بمهمات إصلاح قبره، وجملة "إنهم كفروا" تعليل للنهي، وإنما وصفهم بالفسق بعد وصفهم بالكفر، لأن الكافر قد يكون عدلاً في دينه، والكذب والنفاق والخداع والجبن والخبث مستقبحة في كل دين.
84-"ولا تصل على أحد منهم مات أبداً" الآية. قال أهل التفسير: بعث عبد الله بن أبي بن سلول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مريض، فلما دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له أهلكك حب اليهود؟ فقال: يا رسول الله إني لم أبعث إليك لتؤنبني، إنما بعثت إليك لتستغقر لي، وسأله أن يكفنه في قميصه ويصلي عليه.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، حدثنا أحمد بن عبد الله النعيمي، حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا يحيى بن بكير، حدثني الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد بن عباس، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: " لما مات عبد الله بن أبي بن سلول دعي له رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت إليه، فقلت: يا رسول الله أتصلي على ابن أبي بن سلول وقد قال يوم كذا وكذا: كذا وكذا؟ أعدد عليه قوله، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:أخر عني يا عمر فلما أكثرت عليه قال: إني خيرت فاخترت، لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها، قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرف فلم يمكث إلا يسيرا حتى نزلت الآيتان من براءة: "ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره"، إلى قوله: "وهم فاسقون".قال فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ والله ورسوله أعلم".
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، حدثنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أنبأنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان قال عمرو: سمعت جابر بن عبد الله قال: في فيه من ريقه وألبسه قميصه. فالله أعلم وكان كسا عباسا قميصا.
قال سفيان: وقال هارون: وكان على رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصان فقال ابن عبد الله: يا رسول الله ألبس أبي قميصك الذي يلي جلدك.
وروي عن جابر قال: لما كان يوم بدر أتي بالعباس ولم يكن عليه ثوب فوجدوا قميص عبد الله بن أبي يقدر عليه، فكساه النبي صلى الله عليه وسلم إياه، فلذلك نزع النبي صلى الله عليه وسلم قميصه الذي ألبسه عبد الله. قال ابن عيينة: كانت له عند النبي صلى الله عليه وسلم يد فأحب أن يكافئه.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم كلم فيما فعل بعبد الله بن أبي فقال صلى الله عليه وسلم "وما يغني عنه قميصي وصلاتي من الله شيئا والله إني كنت أرجو أن يسلم به ألف من قومه"، وروى أنه أسلم به ألف من قومه لما رأوه يتبرك بقميص النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: "ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره" ولا تقف عليه، ولا تتول دفنه، من قولهم: قام فلان بأمر فلان: إذا كفاه أمره. "إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون"، فما صلى النبي صلى الله عليه وسلم بعدها على منافق ولا قام على قبره حتى قبض.
84."ولا تصل على أحد منهم مات أبداً"روي : "أن عبدالله بن أبي دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه ، فلما دخل عليه سأله أن يستغفر له ويكفنه في شعاره الذي يلي جسده ويصلي عليه فلما مات أرسل قميصه ليكفن فيه وذهب ليصلي عليه فنزلت ."وقيل صلى عليه ثم نزلت،وإنما لم ينه عن التكفين في قميصه ونهى عن الصلاة عليه لأن الضن بالقميص كان مخلاً بالكرم ولأنه كان مكافأة لا لباسه العباس قميصه حين أسر ببدر، والمراد من الصلاة الدعاء للميت والاستغفار له وهو ممنوع في حق الكافر ولذلك رتب النهي على قوله:"مات أبداً"يعني الموت على الكفر فإن إحياء الكافر للتعذيب دون التمتع فكأنه لم يحي ." ولا تقم على قبره"ولا تقف عند قبره للدفن أو الزيادة." إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون"تعليل للنهي أو لتأبيد الموت .
84. And never (O Muhammad) pray for one of them who dieth, nor stand by his grave. Lo! they disbelieved in Allah and His messenger, and they died while they were evil-doers.
84 - Nor do thou ever pray for any of them that dies, nor stand at his grave; for they rejected God and his Apostle, and did in a stat of perverse rebellion.