80 - (وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا) فإنه كما في حديث مسلم طبع كافرا ولو عاش لأرهقهما ذلك لمحبتهما له يتبعانه في ذلك
يقول تعالى ذكره : وأما الغلام ، فإنه كان كافرا ، وكان أبواه مؤمنين ، فعلمنا أنه يرهقهما؟ يقول يغشيهما طغيانا، وهو الاستكبار على الله ، وكفرا به . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل ، وقد ذكر ذلك في بعض الحروف : وأما الغلام فكان كا فرا . ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : وأما الغلام فكان كافرا في حرف أبي : وكان أبواه مؤمنين " فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما".
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، فال : ثنا سعيد ، عن قتادة " وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين " وكان كافرا في بعض القراءة، قوله " فخشينا" وهي في مصحف عبد الله فخاف ربك أن يرهقهما طغيانأ وكفرا.
حدثنا عمروبن علي ، قال : ثنا أبو قتيبة ، قال : ثنا عبد الجبار بن عباس الهمداني ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب أن رسول الله: صلى الله عليه وسلم الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرا. والخشية والخوف توجههما العرب إلى معنى الظن ، وتوجه هذه الحروف إلى معنى العلم بالشيء الذي يدرك من غير جهة الحس والعيان . وقد بينا ذلك بشواهده في غير هذا الموضع ، بما أغنى عن إعادته .
وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول : معنى قوله خشينا في هذا الموضع : كرهنا، لأن الله لا يخشى . وقال في بعض القراء ات : فخاف ربك قال : وهو مثل خفت الرجلين أن يعولا، وهو لا يخاف من ذلك أكثرمن أنه يكرهه لهما .
قوله تعالى: " وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين " جاء في صحيح الحديث:
" أنه طبع يوم طبع كافراً " وهذا يؤيد ظاهره أنه غير بالغ، ويحتمل أن يكون خبراً عنه مع كونه بالغاً، وقد تقدم.
قوله تعالى: " فخشينا أن يرهقهما " قيل: هو من كلام الخضر عليه السلام، وهو الذي يشهد له سياق الكلام، وهو قول كثير من المفسرين، أي خفنا أن يرهقهما طغياناً وكفراً، وكان الله قد أباح له الاجتهاد في قتل النفوس على هذه الجهة. وقيل: هو من كلام الله تعالى وعنه عبر الخضر، قال الطبري : معناه فعلمنا، وكذا قال ابن عباس أي فعلمنا، وهذا كما كنى عن العلم بالخوف في قوله: " إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله ". وحكي أن أبياً قرأ ( فعلم ربك ). وقيل: الخشية بمعنى الكراهة، يقال: فرقت بينهما خشية أن يقتتلا، أي كراهة ذلك. قال ابن عطية : والأظهر عندي في توجيه هذا التأويل وإن كان اللفظ يدافعه أنها استعارة، أي على ظن المخلوقين والمخاطبين لو علموا حاله لوقعت منهم خشية الرهق للأبوين. وقرأ ابن مسعود ( فخاف ربك ) وهذا بين في الاستعارة، وهذا نظير ما وقع في القرآن في جهة الله تعالى من لعل وعسى وأن جميع ما في هذا كله من ترج وتوقع وخوف وخشية إنما هو بحسبكم أيها المخاطبون و " يرهقهما " يجشهما ويكلفهما، والمعنى أن يلقيهما حبه في اتباعه فيضلا ويتدينا بدينه.
قد تقدم أن هذا الغلام كان اسمه جيسور. وفي هذا الحديث عن ابن عباس عن أبي بن كعب , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافراً" رواه ابن جرير من حديث ابن إسحاق عن سعيد عن ابن عباس به, ولهذا قال: "فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفرا" أي يحملهما حبه على متابعته على الكفر, قال قتادة : قد فرح به أبواه حين ولد, وحزنا عليه حين قتل, ولو بقي لكان فيه هلاكهما, فليرض امرؤ بقضاء الله, فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه فيما يحب, وصح في الحديث "لا يقضي الله لمؤمن قضاء إلا كان خيراً له" وقال تعالى: " وعسى أن تكرهواً شيئاً وهو خير لكم" وقوله "فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما" أي ولداً أزكى من هذا, وهما أرحم به منه, قاله ابن جريج . وقال قتادة : أبر بوالديه, وقد تقدم أنهما بدلا جارية. وقيل: لما قتله الخضر كانت أمه حاملاً بغلام مسلم, قاله ابن جريج .
80- "وأما الغلام" يعني الذي قتله "فكان أبواه مؤمنين" أي ولم يكن هو كذلك "فخشينا أن يرهقهما" أي يرهق الغلام أبويه، يقال رهقه: أي غشيه، وأرهقه أغشاه. قال المفسرون: معناه خشينا أن يحملهما حبه على أن يتبعاه في دينه، وهو الكفر، و "طغياناً" مفعول يرهقهما و "كفراً" معطوف عليه، وقيل المعنى: فخشينا أن يرهق الوالدين طغياناً عليهما وكفراً لنعمتهما بعقوقه. قيل ويجوز أن يكون فخشينا من كلام الله، ويكون المعنى كرهنا كراهة من خشي سوء عاقبة أمره فغيره، وهذا ضعيف جداً، فالكلام كلام الخضر. وقد استشكل بعض أهل العلم قتل الخضر لهذا الغلام بهذه العلة، فقيل إنه كان بالغاً وقد استحق ذلك بكفره، وقيل كان يقطع الطريق فاستحق القتل لذلك، ويكون معنى فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفراً: أن الخضر خاف على الأبوين أن يذبا عنه ويتعصبا له فيقعا في المعصية، وقد يؤدي ذلك إلى الكفر والارتداد. والحاصل أنه لا إشكال في قتل الخضر له إذا كان بالغاً كافراً أو قاطعاً للطريق هذا فيما تقتضيه الشريعة الإسلامية، ويمكن أن يكون للخضر شريعة من عند الله سبحانه تسوغ له ذلك، وأما إذا كان الغلام صبياً غير بالغ، فقيل إن الخضر علم بإعلام الله له أنه لو صار بالغاً لكان كافراً يتسبب عن كفره إضلال أبويه وكفرهما، وهذا وإن كان ظاهر الشريعة الإسلامية يأباه، فإن قتل من لا ذنب له ولا قد جرى عليه قلم التكليف لخشية أن يقع منه بعد بلوغه ما يجوز به قتله لا يحل في الشريعة المحمدية، ولكنه حل في شريعة أخرى، فلا إشكال. وقد ذهب الجمهور إلى أن الخضر كان نبياً.
80 - قوله عز وجل : " وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا " ، أي فعلمنا ، [ وفي قراءة ابن عباس : " وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا " أي : فعلمنا ] ، " أن يرهقهما " يغشيهما ، وقال الكلبي : يكلفهما ، " طغياناً وكفراً " ، قال سعيد بن جبير : فخشينا أن يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه .
80."وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما"أن يغشيهما."طغياناً وكفراً"لنعمتهما بعقوقه فيلحقهما شراً ، أو يقرن بإيمانها طغيانه وكفره يجتمع في بيت واحد مؤمنان وطاغ كافر، أو يعديهما بعلته فيرتدا بإضلاله ، أو بممالأته على طغيانه وكفره حياله وإنما خشي ذلك لأن الله تعالى أعلمه .وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : أن نجدة الحروري كتب إليه كيف قتله وقد نهى النبي صلى الله عليه سلم عن قتل الوالدان ، فكتب إليه إن كنت علمت من حال الولدان ما عليه عالم موسى فلك أن تقتل وقرئ فخاف ربك أي فكره كراهة من خاف سوء عاقبته ، ويجوز أن يكون قوله"فخشينا"حكاية قول الله عز وجل.
80. And as for the lad, his parents were believers and We feared lest he should oppress them by rebellion and disbelief.
80 - As for the youth, his parents were people of faith, and we feared that he would grieve them by obstinate rebellion and ingratitude (to God and man).