8 - (وقال موسى) لقومه (إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني) عن خلقه (حميد) محمود في صنعه بهم
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : وقال موسى لقومه : إن تكفروا ، أيها القوم ، فتجحدوا نعمة الله التي أنعمها عليكم ، أنتم ، ويفعل في ذلك مثل فعلكم من في الأرض جميعاً ، "فإن الله لغني" ، عنكم وعنهم من جميع خلقه ، لا حاجة به إلى شكركم إياه على نعمه عند جميعكم ، "حميد" ، ذو حمد إلى خلقه بما أنعم به عليهم ، كما :
حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن هاشم قال ، أخبرنا يوسف ، عن أبي روق ، عن ابي أيوب ، عن علي :"فإن الله لغني" ، قال : غني عن خلقه ، "حميد" ، قال : مستحمد إليهم .
قوله تعالى: " وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد " أي لا يلحقه بذلك نقص، بل هو الغني. ( الحميد) أي المحمود.
يقول تعالى مخبراً عن موسى حين ذكر قومه بأيام الله عندهم ونعمه عليهم, إذ أنجاهم من آل فرعون, وما كانوا يسومونهم به من العذاب والإذلال, حيث كانوا يذبحون من وجد من أبنائهم, ويتركون إناثهم, فأنقذهم الله من ذلك, وهذه نعمة عظيمة, ولهذا قال: "وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم" أي نعمة عظيمة منه عليكم في ذلك, أنتم عاجزون عن القيام بشكرها وقيل: وفيما كان يصنعه بكم قوم فرعون من تلك الأفاعيل "بلاء" أي اختبار عظيم, ويحتمل أن يكون المراد هذا وهذا, والله أعلم, كقوله تعالى: "وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون". وقوله: "وإذ تأذن ربكم" أي آذنكم وأعلمكم بوعده لكم, ويحتمل أن يكون المعنى: وإذ أقسم ربكم وآلى بعزته وجلاله وكبريائه, كقوله تعالى: "وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة".
وقوله: "لئن شكرتم لأزيدنكم" أي لئن شكرتم نعمتي عليكم لأزيدنكم منها, "ولئن كفرتم" أي كفرتم النعم وسترتموها وجحدتموها "إن عذابي لشديد", وذلك بسلبها عنهم وعقابه إياهم على كفرها, وقد جاء في الحديث "إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه". وفي المسند أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, مر به سائل فأعطاه تمرة, فسخطها ولم يقبلها, ثم مر به آخر فأعطاه إياها, فقبلها وقال: تمرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأمر له بأربعين درهماً, أو كما قال: قال الإمام أحمد: حدثنا أسود, حدثنا عمارة الصيدلاني عن ثابت عن أنس, قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم سائل فأمر له بتمرة فلم يأخذها أو وحش بها ـ قال ـ: وأتاه آخر فأمر له بتمرة, فقال: سبحان الله تمرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال للجارية: "اذهبي إلى أم سلمة فأعطيه الأربعين درهماً التي عندها" تفرد به الإمام أحمد, وعمارة بن زاذان وثقه ابن حبان وأحمد ويعقوب بن سفيان. وقال ابن معين: صالح. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به, ليس بالمتين. وقال البخاري: ربما يضطرب في حديثه, وعن أحمد أيضاً أنه قال: روى أحاديث منكرة. وقال أبو داود: ليس بذاك وضعفه الدارقطني. وقال ابن عدي: لا بأس به ممن يكتب حديثه.
وقوله تعالى: "وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد" أي هو غني عن شكر عباده, وهو الحميد المحمود وإن كفره من كفره, كقوله: "إن تكفروا فإن الله غني عنكم" الاية. وقوله: "فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد". وفي صحيح مسلم عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: "يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم, ما زاد ذلك في ملكي شيئاً, يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم, ما نقص ذلك في ملكي شيئاً, يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد, فسألوني, فأعطيت كل إنسان مسألته, ما نقص ذلك من ملكي شيئاً إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر" فسبحانه وتعالى الغني الحميد.
8- "وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً" أي إن تكفروا نعمته تعالى أنتم وجميع الخلق ولم تشكروها "فإن الله" سبحانه "لغني" عن شكركم لا يحتاج إليه ولا يلحقه بذلك نقص "حميد" أي مستوجب للحمد لذاته لكثرة إنعامه، وإن لم تشكروه، أو يحمده غيركم من الملائكة.
"وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد"، أي: غني عن خلقه، حميد محمود في أفعاله، لأنه فيها متفضل وعادل.
8."وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً"من الثقلين."فإن الله لغني"عن شكركم "حميد"مستحق للحمد في ذاته ،محمود تحمده الملائكة وتنطق بنعمته ذرات المخلوقات ، فما ضررتم بالكفر إلا أنفسكم حيث حرمتموها مزيد الأنعام وعرضتموها للعذاب الشديد.
8. And Moses said: Though ye and all who are in the earth prove thankless, lo! Allah verily is Absolute, Owner of Praise.
8 - And Moses said: if ye show ingratitude, ye and all on earth together, yet is God free of all wants, worthy of all praise.