73 - (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) في النصرة والإرث فلا إرث بينكم وبينهم (إلا تفعلوه) أي تولي المسلمين وقمع الكفار (تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) بقوة الكفر وضعف الإسلام
ك قوله تعالى والذين كفروا الآية أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن السدي عن أبي مالك قال قال رجل نورث أرحامنا المشركين فنزلت والذين كفروا بعضهم أولياء بعض
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: " والذين كفروا "، بالله ورسوله، " بعضهم أولياء بعض "، يقول بعضهم أعوان بعض وأنصاره، وأحق به من المؤمنين بالله ورسوله.
وقد ذكرنا قول من قال: ((عني بذلك أن بعضهم أحق بميراث بعض من قرابتهم من المؤمنين))، وسنذكر بقية من حضرنا ذكره.
حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن السدي ، عن أبي مالك قال: قال رجل: نورث أرحامنا من المشركين! فنزلت: " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض "، الآية.
حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير "، نزلت في مواريث مشركي أهل العهد.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا "، إلى قوله: " وفساد كبير "، قال: كان المؤمن المهاجر والمؤمن الذي ليس بمهاجر، لا يتوارثان وإن كانا أخوين مؤمنين. قال: وذلك لأن هذا الدين كان بهذا البلد قليلاً، حتى كان يوم الفتح، فلما كان يوم الفتح، وانقطعت الهجرة، توارثوا حيثما كانوا بالأرحام. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا هجرة بعد هذا الفتح ، وقرأ:" وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " [الأنفال: 75 - الأحزاب: 6] ".
وقال آخرون: معنى ذلك: أن الكفار بعضهم أنصار بعض، وأنه لا يكون مؤمناً من كان مقيماً بدار الحرب ولم يهاجر.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض "، قال: كان ينزل الرجل بين المسلمين والمشركين، فيقول: إن ظهر هؤلاء كنت معهم، وإن ظهر هؤلاء كنت معهم، فأبى الله عليهم ذلك، وأنزل الله في ذلك، فلا تراءى نار مسلم ونار مشرك، إلا صاحب جزية مقر بالخراج.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحق قال: حض الله المؤمنين على التواصل، فجعل المهاجرين والأنصار أهل ولاية في الدين دون سواهم، وجعل الكفار بعضهم أولياء بعض.
وأما قوله: " إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير "، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله.
فقال بعضهم: معناه: إلا تفعلوا، أيها المؤمنون، ما أمرتم به من موارثة المهاجرين منكم بعضهم من بعض بالهجرة، والأنصار بالإيمان، دون أقربائهم من أعراب المسلمين ودون الكفار، " تكن فتنة "، يقول: يحدث بلاء في الأرض بسبب ذلك، " وفساد كبير "، يعني: ومعاص لله.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير "، إلا تفعلوا هذا، تتركوهم يتوارثون كما كانوا يتوارثون، " تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ". قال: ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الإيمان إلا بالهجرة، ولا يجعلونهم منهم إلا بالهجرة.
حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض "، يعني في الميراث، " إلا تفعلوه "، يقول: إلا تأخذوا في الميراث بما أمرتكم به، " تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ".
وقال آخرون: معنى ذلك: إلا تناصروا، أيها المؤمنون، في الدين، تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحق ، قال: جعل المهاجرين والأنصار أهل ولاية في الدين دون من سواهم، وجعل الكفار بعضهم أولياء بعض، ثم قال: " إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير "، أي: إلا يوال المؤمن المؤمن من دون الكافر، وإن كان ذا رحم به، " تكن فتنة في الأرض " أي: شبهة في الحق والباطل، وظهور الفساد في الأرض، بتولي المؤمن الكافر دون المؤمن، ثم رد المواريث إلى الأرحام.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج قوله: " إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير "، قال: إلا تعاونوا وتناصروا في الدين، " تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ".
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بتأويل قوله: " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض "، قول من قال: معناه: أن بعضهم أنصار بعض دون المؤمنين، وأنه دلالة على تحريم الله على المؤمن المقام في دار الحرب وترك الهجرة، لأن المعروف في كلام العرب من معنى ((الولي))، أنه النصير والمعين، أو: ابن العم والنسيب. فأما الوارث فغير معروف ذلك من معانيه، إلا بمعنى أنه يليه في القيام بإرثه من بعده. وذلك معنى بعيد، وإن كان قد يحتمله الكلام. وتوجيه معنى كلام الله إلى الأظهر الأشهر، أولى من توجيهه إلى خلاف ذلك.
وإذ كان ذلك كذلك، فبين أن أولى التأويلين بقوله: " إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير "، تأويل من قال: إلا تفعلوا ما أمرتكم به من التعاون والنصرة على الدين، تكن فتنة في الأرض، إذ كان مبتدأ الآية من قوله: " إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله "، بالحث على الموالاة على الدين والتناصر جاء، فكذلك الواجب أن تكون خاتمتها به.
الثالثة- قوله تعالى: "والذين كفروا بعضهم أولياء بعض" قطع الله الولاية بين الكفار والمؤمنين، فجعل المؤمنين بعضهم أولياء بعض، والكفار بعضهم أولياء بعض، يتناصرون بدينهم ويتعاملون باعتقادهم. قال علماؤنا في الكافرة يكون لها الأخ المسلم: لا يزوجها، إذ لا ولاية بينهما، ويزوجها أهل ملتها. فكما لا يزوج المسلمة إلا مسلم فكذلك الكافرة لا يزوجها إلا كافر قريب لها، أو أسقف، ولو من مسلم، إلا أن تكون معتقة، فإن عقد على غير المعتقة فسخ إن كان لمسلم، ولا يعرق للنصراني. وقال أصبغ: لا يفسخ، عقد المسلم أولى وأفضل.
الرابعة- قوله تعالى: "إلا تفعلوه" الضمير عائد على الموارثة والتزامها. المعنى: إلا تتركوهم يتوارثون كما كانوا يتوارثون، قاله ابن زيد. وقيل: هي عائدة على التناصر والمؤازرة والمعاونة واتصال الأيدي. ابن جريج وغيره: وهذا إن لم يفعل تقع الفتنة عنه عن قريب، فهو آكد من الأول. وذكر الترمذي عن عبد الله بن مسلم بن هرمز عن محمد وسعد ابني عبيد عن أبي حاتم المزني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه؟ قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه" ثلاث مرات. قال: حديث غريب. وقيل: يعود على حفظ العهد والميثاق الذي تضمنه قوله: "إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق". وهذا وإن لم يفعل فهو الفتنة نفسها. وقيل: يعود على النصر للمسلمين في الدين. وهو معنى القول الثاني. قال ابن إسحاق: جعل الله المهاجرين والأنصار أهل ولايته في الدين دون من سواهم، وجعل الكافرين بعضهم أولياء بعض. ثم قال: "إلا تفعلوه" وهو أن يتولى المؤمن الكافر دون المؤمنين. "تكن فتنة" أي محنة بالحرب، وما انجر معها من الغارات والجلاء والأسر. والفساد الكبير: ظهور الشرك. قال الكسائي: ويجوز النصب في قوله: تكن فتنةً على معنى تكن فعلكم وفساداً كبيراً. "حقا" مصدر، أي حققوا إيمانهم بالهجرة والنصرة.
لما ذكر تعالى أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض, قطع الموالاة بينهم وبين الكفار, كما قال الحاكم في مستدركه: حدثنا محمد بن صالح بن هانىء, حدثنا أبو سعيد يحيى بن منصور الهروي, حدثنا محمد بن أبان, حدثنا محمد بن يزيد وسفيان بن حسين, عن الزهري, عن علي بن الحسين, عن عمرو بن عثمان, عن أسامة, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يتوارث أهل ملتين, ولا يرث مسلم كافراً, ولا كافر مسلماً ـ ثم قرأ ـ "والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"" ثم قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. قلت: الحديث في الصحيحين من رواية أسامة بن زيد, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم" وفي المسند والسنن, من حديث عمرو بن شعيب, عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يتوارث أهل ملتين شتى" وقال الترمذي: حسن صحيح وقال أبو جعفر بن جرير: حدثنا محمد, عن معمر, عن الزهري, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ على رجل دخل في الإسلام, فقال: "تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج البيت وتصوم رمضان, وإنك لا ترى نار مشرك إلا وأنت له حرب" وهذا مرسل من هذا الوجه, وقد روي متصلاً من وجه آخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أنا بريء من كل مسلم بين ظهراني المشركين" ثم قال: "لا يتراءى ناراهما".
وقال أبو داود في آخر كتاب الجهاد: حدثنا محمد بن داود بن سفيان, أخبرني يحيى بن حسان, أنبأنا سليمان بن موسى أبو داود, حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب أخبرني خبيب بن سليمان عن سمرة بن جندب: أما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله" وذكر الحافظ أبو بكر بن مردويه من حديث حاتم بن إسماعيل عن عبد الله بن هرمز عن محمد وسعيد ابني عبيد عن أبي حاتم المزني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه, إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" قالوا: يا رسول الله وإن كان فيه قال: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه" ثلاث مرات, وأخرجه أبو داودوالترمذي من حديث حاتم بن إسماعيل به بنحوه, ثم روي من حديث عبد الحميد بن سليمان: عن ابن عجلان عن أبي وثيمة النضري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه, إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" ومعنى قوله "إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" أي إن لم تجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين وإلا وقعت فتنة في الناس وهو التباس الأمر واختلاط المؤمنين بالكافرين فيقع بين الناس فساد منتشر عريض طويل.
قوله: 73- "والذين كفروا" مبتدأ خبره "بعضهم أولياء بعض" أي بعضهم ينصر بعضاً ويتولاه في أموره، أو يرثه إذا مات، وفيه تعريض للمسلمين بأنهم لا يناصرون الكفار ولا يتولونهم. قوله: "إلا تفعلوه" الضمير يرجع إلى ما أمروا به قبل هذا من موالاة المؤمنين ومناصرتهم على التفصيل المذكور، وترك موالاة الكافرين "تكن فتنة في الأرض" أي تقع فتنة إن لم تفعلوا ذلك "وفساد كبير" أي مفسدة كبيرة في الدين والدنيا.
73 - " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض " ، في العون والنصر .و قال ابن عباس : في الميراث ، أي : يرث المشركون بعضهم من بعض ، " إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض " ، قال ابن عباس : إلا تأخذوا في الميراث بما أمرتكم به
وقال ابن جريج : إلا تعاونوا وتناصروا .
وقال ابن إسحاق : جعل الله المهاجرين والأنصار أهل ولاية في الدين دون من سواهم ، وجعل الكافرين بعضهم أولياء بعض ، ثم قال : " إلا تفعلوه " ، وهو أن يتولى المؤمن الكافر دون المؤمن " تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " ، فالفتنة في الأرض قوة الكفر ، والفساد الكبير ضعف الإسلام .
73. " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض " في الميراث أو المؤازرة ،وهو بمفهومه بدل على منع التوارث أو المؤازرة بينهم وبين المسلمين ." إلا تفعلوه " إلا تفعلوا ما أمرتم به من التواصل بينكم وتولي بعضكم لبعض حتى في التوارث وقطع العلائق بينكم وبين الكفار . " تكن فتنة في الأرض " تحصل فتنة فيها عظيمة، وهي ضعف الإيمان وظهور الكفر ." وفساد كبير " في الدين وقرئ كثير .
73. And those who disbelieve are protectors one of another If ye do not so, there will be confusion in the land, and great corruption.
73 - The unbelievers are protectors, one of another: unless ye do this, (protect each other), there would be tumult and oppression on earth, and great mischief.