73 - (وإن) مخففة (كادوا) قاربوا (ليفتنونك) ليستنزلونك (عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا) لو فعلت ذلك (لاتخذوك خليلا)
قوله تعالى وان كادوا ليفتنونك الآية أخرج ابن مردويه وابن أبي حاتم من طريق إسحق عن محمد عن عكرمة عن ابن عباس قال خرج أمية بن خلف وأبو جهل بن هشام ورجال من قريش فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد تعال تمسح بآلهتنا وندخل معك في دينك وكان يحب إسلام قومه فرق لهم فأنزل الله وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك إلى نصيرا قلت هذا أصح ما ورد في سبب نزولها وهو اسناد جيد وله شاهد أخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم الحجر فقالوا لا ندعك تستلم حتى تلم بآلهتنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما علي لو فعلت والله يعلم مني خلافه فنزلت وأخرج نحوه عن ابن شهاب وأخرج عن جبير بن نفير أن قريشا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا إن كنت أرسلت إلينا فاطرد الذين اتبعوك من سقاط الناس ومواليهم فنكون نحن أصحابك فركن إليهم فنزلت
وأخرج عن محمد بن كعب القرظي أنه صلى الله عليه وسلم قرأ والنجم إلى أفرأيتم اللات والعزى فألقى عليه الشيطان تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجي فنزلت فما زال مهموما حتى أنزل الله وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله الآية وفي هذا دليل على أن هذه الآيات مكية ومن جعلها مدنية استدل بما أخرجه ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس ان شعبا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أجلنا سنة حتى يهدي إلى آلهتنا فإن قبضنا الذي يهدي للآلهة أحرزناه ثم أسلمنا فهم أن يؤجلهم فنزلت وإسناده ضعيف
اختلف أهل التأويل في الفتنة التي كاد المشركون أن يفتنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بها عن الذي أوحى الله إليه إلى غيره ، فقال بعضهم : ذلك الإلمام بالآلهة لأن المشركين دعوه إلى ذلك ، فهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب القمي ، عن جعفر ، عن سعيد ، قال : كان رسول صلى الله عليه وسلم يستلم الحجر الأسود ، فمنعته قريش ، وقالوا : لا ندعه حتى يلم بآلهتنا، فحدث نفسه ، وقال : ما علي أن ألم بها بعد أن يدعوني أستلم الحجر، والله يعلم أني لها كاره ، فأبى الله فأنزل الله " وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره " الآية .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا " ذكر لنا أن قريشا خلوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة إلى الصبح يكلمونه ويفخمونه ويسودونه ويقاربونه ، وكان في قولهم أن قالوا : إنك تأتي بشيء لا يأتي به أحد من الناس ، وأنت سيدنا وابن سيدنا، فما زالوا يكلمونه حتى كاد أن يقارفهم ثم منعه الله وعصمه من ذلك ، فقال " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا " .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة " لتفتري علينا غيره " قال : أطافوا به ليلة، فقالوا : أنت سيدنا وابن سيدنا، فأرادوه على بعض ما يريدون فهم أن يقارفهم في بعض ما يريدون ، ثم عصمه الله ، فذلك قوله " لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا" الذي أرادوا فهم أن يقارفهم فيه .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قال : قالوا له : ائت آلهتنا فامسسها، فذلك قوله " شيئا قليلا" . وقال آخرون : إنما كان ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أن ينظر قوما بإسلامهم إلى مدة سألوه الإنظار إليها. ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا" وذلك أن ثقيفا كانوا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله أجلنا سنة حتى يهدى لآ لهتنا، فإذا قبضنا الذي يهدى لآلهتنا أخذناه ، ثم أسلمنا وكسرنا الآلهة، فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيهم ، وأن يؤجلهم ، فقال الله " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا" .
والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبر عن نبيه صلى الله عليه وسلم أنه ، أن المشركين كادوا أن يفتنوه عما أوحاه الله إليه ليعمل بغيره ، وذلك هو الافتراء على الله ، وجائز أن يكون ذلك كان ما ذكر عنهم من ذكر أنهم دعوه أن يمس آلهتهم ، ويلم بها، وجائز أن يكون كان ذلك ما ذكر عن ابن عباس من أمر ثقيف ، ومسألتهم إياه مما ذكرنا، وجائز أن يكون غير ذلك ، ولا بيان في الكتاب ولا في خبر يقطع العذر أي ذلك كان ، والاختلاف فيه موجود على ما ذكرنا، فلا شيء فيه أصوب من الإيمان بظاهره ، حتي يأتي خبر يجب ! التسليم له ببيان ما عني بذلك منه .
وقوله " وإذا لاتخذوك خليلا" يقول تعالى ذكره : ولو فعلت ما دعوك إليه من الفتنة عن الذي أوحينا إليك لاتخذوك إذا لأنفسهم خليلا، وكنت لهم وكانوا لك أولياء
قال سعيد بن جبير:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يستلم الحجر الأسود في طوافه، فمنعته قريش وقالوا: لا ندعك تستلم حتى تلم بآلهتنا. فحدث نفسه وقال: "ما علي أن ألم بها بعد أن يدعوني أستلم الحجر والله يعلم أني لها كاره" فأبى الله تعالى ذلك وأنزل عليه هذه الآية، قاله مجاهد وقتادة. وقال ابن عباس في رواية عطاء:
نزلت في وفد ثقيف، أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه شططاً وقالوا: متعنا بآلهتنا سنة حتى نأخذ ما يهدى لها، فإذا أخذناه كسرناها وأسلمنا، وحرم وادينا كما حرمت مكة، حتى تعرف العرب فضلنا عليهم، فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيهم ذلك فنزلت هذه الآية. وقيل: هو قول أكابر قريش للنبي صلى الله عليه وسلم: اطرد عنا هؤلاء السقاط والموالي حتى نجلس معك ونسمع منك، فهم بذلك حتى نهي عنه. وقال قتادة:
ذكر لنا أن قريشاً خلوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة إلى الصبح يكلمونه ويفخمونه، ويسودونه ويقاربونه، فقالوا: إنك تأتي بشيء لا يأتي به أحد من الناس، وأنت سيدنا يا سيدنا، وما زالوا به حتى كاد يقاربهم في بعض ما يريدون، ثم عصمه الله من ذلك، وأنزل الله تعالى هذه الآية. ومعنى " ليفتنونك " أي يزيلونك. يقال: فتنت الرجل عن رأيه إذا أزلته عما كان عليه، قاله الهروي. وقيل يصرفونك، والمعنى واحد. "عن الذي أوحينا إليك" أي حكم القرآن، لأن في إعطائهم ما سألوه مخالفة لحكم القرآن. " لتفتري علينا غيره " أي لتختلق علينا غير ما أوحينا إليك، وهو قول ثقيف: وحرم وادينا كما حرمت مكة، شجرها وطيرها ووحشها، فإن سألتك العرب لم خصصتهم فقل الله أمرني بذلك حتى يكون عذراً لك. "وإذا لاتخذوك خليلا" أي لو فعلت ما أرادوا لاتخذوك خليلاً، أي والوك وصافوك، مأخوذ من الخلة (بالضم) وهي الصداقة لممايلته لهم. وقيل: لاتخذوك خليلاً أي فقيراً. مأخوذ من الخلة (بفتح الخاء) وهي الفقر لحاجته إليهم.
يخبر تعالى عن تأييده رسوله صلوات الله عليه وسلامه, وتثبيته وعصمته وسلامته من شر الأشرار وكيد الفجار, وأنه تعالى هو المتولي أمره ونصره, وأنه لا يكله إلى أحد من خلقه بل هو وليه وحافظه وناصره مؤيده ومظفره ومظهر دينه على من عاداه وخالفه وناوأه في مشارق الأرض ومغاربها, صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
ثم لما عدد سبحانه في الآيات المتقدمة أقسام النعم على بني آدم أردفه بما يجري مجرى التحذير من الاغترار بوساوس الأشقياء فقال: 73- "وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك" إن هي المخففة من الثقيلة، واسمها ضمير شأن محذوف، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية، والمعنى: وإن الشأن قاربوا أن يخدعوك فاتنين، وأصل الفتنة الاختبار، ومنه فتن الصائغ الذهب، ثم استعمل في كل من أزال الشيء عن حده وجهته، وذلك لأن في إعطائهم ما سألوه مخالفة لحكم القرآن وافتراء على الله سبحانه من تبديل الوعد بالوعيد وغير ذلك "عن الذي أوحينا إليك" من الأوامر والنواهي والوعد والوعيد "لتفتري علينا غيره" لتتقول علينا غير الذي أوحينا إليك مما اقترحه عليك كفار قريش "وإذا لاتخذوك خليلاً" أي لو اتبعت أهواءهم لاتخذوك خليلاً لهم: أي والوك وصافوك، مأخوذ من الخلة بفتح الخاء.
73 - قوله عز وجل : " وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك " الآية ، اختلفوا في سبب نزولها:
قال سعيد بن جبير : كان النبي صلى الله عليه وسلم يستلم الحجر الأسود فمنعته قريش ، وقالوا : [ لا تلم ] حتى تلم بآلهتنا وتمسها ، فحدث نفسه : ما علي أن أفعل ذلك والله تعالى يعلم أني لها كاره ، بعد أن يدعوني حتى أستلم الحجر الأسود .
وقيل : طلبوا منه أن يمس آلهتهم حتى يسلموا ويتبعوه فحدث نفسه بذلك ، فأنزل الله هذه الآية .
وقال ابن عباس :" قدم وفد ثقيف على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : نبايعك على أن تعطينا ثلاث خصال ، قال : وما هن ؟ قالوا : أن لا ننحني - أي في الصلاة - ولا نكسر أصنامنا بأيدينا ، وأن تمتعنا باللات سنة من غير أن نعبدها . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا خير في دين لا ركوع فيه ولا سجود ، وأما أن تكسروا أصنامكم بأيديكم فذاك لكم ، وأما الطاغية - يعني اللات والعزى - فإني غير ممتعكم بها ، فقالوا : : يا رسول الله إنا نحب أن تسمع العرب أنك أعطيتنا ما لم تعط غيرنا ، فإن خشيت أن تقول العرب أعطيتهم ما لم تعطنا، فقل : الله أمرني بذلك ؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فطمع القوم في سكوته أن يعطيهم ذلك ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية ": " وإن كادوا ليفتنونك " ليصرفونك " عن الذي أوحينا إليك " " لتفتري " ، لتختلق ، " علينا غيره وإذاً " ، لو فعلت ما دعوك إليه " لاتخذوك خليلاً " أي : والوك وصافوك .
73."وإن كادوا ليفتنونك "نزلت في ثقيف قالوا لا ندخل في أمرك حتى تعطينا خصالاً نفتخر بها على العرب لا نعشر ولا نحشر ولا نجبى في صلاتنا . وكل رباً لنا فهو لنا وكل رباً علينا فهو موضوع عنا، وأن تمتعنا باللات سنة وأن تحرم وادينا كما حرمت مكة ، فإن قالت العرب لم فعلت ذلك فقل إن الله أمرني. وقيل في قريش قالوا لا نمكنك من استلام الحجر حتى تلم بآلهتنا وتمسها بيدك .وإن هي المخففة واللام هي الفارقة والمعنى : أن الشأن قاربوا بمبالغتهم أن يوقعوك في الفتنة بالاستنزال."عن الذي أوحينا إليك"من الأحكام "لتفتري علينا غيره"غير ما أوحينا إليك."وإذاً لاتخذوك خليلاً"ولو اتبعت مرادهم لاتخذوك بافتتانك ولياً لهم بريئاً من ولايتي.
73. And they indeed strove hard to beguile thee (Muhammad) away from that wherewith We have inspired thee, that thou shouldst invent other than it against Us; and then would they have accepted thee as a friend.
73 - And their purpose was to tempt thee away from that which we had revealed unto thee, to substitute in our name something quite different: (in that case), behold they would certainly have made thee (their) friend