73 - (فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك) السفينة (وجعلناهم) أي من معه (خلائف) في الأرض (وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا) بالطوفان (فانظر كيف كان عاقبة المنذَرين) من إهلاكهم فكذلك نفعل بمن كذب
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فكذب نوحاً قومه فيما أخبرهم به عن الله من الرسالة والوحي، " فنجيناه ومن معه "، ممن حمل معه، " في الفلك "، يعني: في السفينة، " وجعلناهم خلائف "، يقول: وجعلنا الذين نجينا مع نوح في السفينة، خلائف في الأرض من قومه الذين كذبوه، بعد أن أغرقنا الذين كذبوا بآياتنا، يعني: حججنا أدلتنا على توحيدنا ورسالة رسولنا نوح. يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: " فانظر "، يا محمد، " كيف كان عاقبة المنذرين "، وهم الذين أنذرهم نوح عقاب الله على تكذيبهم إياه وعبادتهم الأصنام. يقول له جل ثناؤه: انظر ماذا أعقبهم تكذيبهم رسولهم، فإن عاقبة من كذبك من قومك إن تمادوا في كفرهم وطغيانهم على ربهم، نحو الذي كان من عاقبة قوم نوح حين كذبوه. يقول جل ثناؤه: فليحذروا أن يحل بهم مثل الذي حل بهم، إن لم يتوبوا.
قوله تعالى: "فكذبوه" يعني نوحاً. "فنجيناه ومن معه" أي من المؤمنين. "في الفلك" أي السفينة، وسيأتي ذكرها. "وجعلناهم خلائف" أي سكان الأرض وخلفاً ممن غرق. "فانظر كيف كان عاقبة المنذرين" يعني آخر أمر الذين أنذرهم الرسل فلم يؤمنوا.
يقول تعالى لنبيه صلوات الله وسلامه عليه: "واتل عليهم" أي أخبرهم واقصص عليهم أي على كفار مكة الذين يكذبونك ويخالفونك "نبأ نوح" أي خبره مع قومه الذين كذبوه كيف أهلكهم الله ودمرهم بالغرق أجمعين عن آخرهم ليحذر هؤلاء أن يصيبهم من الهلاك والدمار ما أصاب أولئك "إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم" أي عظم عليكم "مقامي" أي فيكم بين أظهركم "وتذكيري" إياكم "بآيات الله" أي بحججه وبراهينه "فعلى الله توكلت" أي فإني لا أبالي ولا أكف عنكم سواء عظم عليكم أو لا "فأجمعوا أمركم وشركاءكم" أي فاجتمعوا أنتم وشركاؤكم الذين تدعون من دون الله من صنم ووثن "ثم لا يكن أمركم عليكم غمة" أي لا تجعلوا أمركم عليكم ملتبساً, بل افصلوا حالكم معي فإن كنتم تزعمون أنكم محقون فاقضوا إلي "ولا تنظرون" أي ولا تؤخروني ساعة واحدة أي مهما قدرتم فافعلوا فإني لا أباليكم ولا أخاف منكم لأنكم لستم على شيء كما قال هود لقومه: " إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون * إني توكلت على الله ربي وربكم " الاية.
وقوله "فإن توليتم" أي كذبتم وأدبرتم عن الطاعة "فما سألتكم من أجر" أي لم أطلب على نصحي إياكم شيئاً "إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين" أي وأنا ممتثل ما أمرت به من الإسلام لله عز وجل والإسلام هو دين الأنبياء جميعاً من أولهم إلى آخرهم, وإن تنوعت شرائعهم وتعددت مناهلهم كما قال تعالى: "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً" قال ابن عباس: سبيلاً وسنة فهذا نوح يقول: "وأمرت أن أكون من المسلمين" وقال تعالى عن إبراهيم الخليل: "إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين * ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون" وقال يوسف: " رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين " وقال موسى: "يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين" وقال السحرة: "ربنا أفرغ علينا صبراً وتوفنا مسلمين" وقال بلقيس: "رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين". وقال تعالى: "إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا" وقال تعالى: "وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون" وقال خاتم الرسل وسيد البشر صلى الله عليه وسلم: " إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " أي من هذه الأمة ولهذا قال في الحديث الثابت عنه: "نحن معشر الأنبياء أولاد علات وديننا واحد" أي وهو عبادة الله وحده لا شريك له وإن تنوعت شرائعنا وذلك معنى قوله أولاد علات وهم الإخوة من أمهات شتى والأب واحد.
وقوله تعالى: "فكذبوه فنجيناه ومن معه" أي على دينه "في الفلك" وهي السفينة "وجعلناهم خلائف" أي في الأرض "وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين" أي يا محمد كيف أنجينا المؤمنين وأهلكنا المكذبين.
قوله: 73- "فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك" أي استمروا على تكذيبه وأصروا على ذلك، وليس المراد أنهم أحدثوا تكذيبه بعد أن لم يكن، والمراد بمن معه من قد أجابه وصار على دينه، والخلائف جمع خليفة، والمعنى: أنه سبحانه جعلهم خلفاء يسكنون الأرض التي كانت للمهلكين بالغرق ويخلفونهم فيها "وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا" من الكفار المعاندين لنوح الذين لم يؤمنوا به أغرقهم الله بالطوفان "فانظر كيف كان عاقبة المنذرين" فيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتهديد للمشركين وتهويل عليهم.
73-"فكذبوه"، يعني نوحا "فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف"، أي: جعلنا الذين معه في الفلك سكان الأرض خلفاء عن الهالكين. "وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين"، أي: آخر أمر الذين أنذرتهم الرسل فلم يؤمنوا.
73."فكذبوه"فأصروا على تكذيبه بعدما ألزمهم الحجة وبين أن توليهم ليس إلا لعنادهم وتمردهم لا جرم حقت عليهم كلمة العذاب."فنجيناه"من الغرق ."ومن معه في الفلك"وكانوا ثمانين ." جعلناكم خلائف "من الهالكين به."وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا"بالطوفان."فانظر كيف كان عاقبة المنذرين "تعظيم لما جرى عليهم وتحذير لمن كذب الرسول صلى الله عليه وسلم وتسلية له.
73. But they denied him, so We saved him and those with him in the ship, and made them viceroys (in the earth), while We drowned those who denied Our revelations. See then the nature of the consequence for those who had been warned.
73 - They rejected him, but we delivered him, and those with him, in the Ark and we made them inherit (the earth), while we overwhelmed in the flood those who rejected our signs. then see what was the end of those who were warned (but heeded not)