71 - (قل) لأهل مكة (أرأيتم) أي أخبروني (إن جعل الله عليكم الليل سرمدا) دائما (إلى يوم القيامة من إله غير الله) بزعمكم (يأتيكم بضياء) نهار تطلبون فيه المعيشة (أفلا تسمعون) ذلك سماع تفهم فترجعوا عن الإشراك
يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله: أيها القوم أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل دائماً لا نهار إلى يوم القيامة يعقبه. والعرب تقول لكل ما كان متصلاً لا ينقطع من رخاء أو بلاء أو نعمة هو سرمد.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: " سرمدا " دائماً لا ينقطع.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثني علي، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: " إن جعل الله عليكم الليل سرمدا " يقول: دائماً.
وقوله: " من إله غير الله يأتيكم بضياء " يقول: من معبود غير المعبود الذي له عبادة كل شيء يأتيكم بضياء النهار، فتستضيئون به " أفلا تسمعون " يقول: أفلا ترعون ذلك سمعكم، وتفكرون فيه فتتعظون، وتعلمون أن ربكم هو الذي يأتي بالليل ويذهب بالنهار إذا شاء، وإذا شاء أتى بالنهار وذهب بالليل، فينعم باختلافهما كذلك عليكم.
قوله تعالى : " قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا " أي دائماً ، ومنه قوله طرفة :
لعمرك ما أمري على بغمة نهاري ولا ليلي علي بسرمد
بين سبحانه أنه مهد أسباب المعيشة ليقوموا بشكر نعمه . " من إله غير الله يأتيكم بضياء " أي بنور تطلبون فيه المعيشة . وقيل : بنهار تبصرون فيه معايشكم وتصلح فيه الثمار والنبات . " أفلا تسمعون " سماع فهم وقبول .
يقول تعالى ممتناً على عباده بما سخر لهم من الليل والنهار اللذين لا قوام لهم بدونهما وبين أنه لو جعل الليل دائماً عليهم سرمداً إلى يوم القيامة, لأضر ذلك بهم, ولسئمته النفوس وانحصرت منه, ولهذا قال تعالى: "من إله غير الله يأتيكم بضياء" أي تبصرون به وتستأنسون بسببه " أفلا تسمعون " ثم أخبر تعالى أنه لو جعل النهار سرمداً, أي دائماً مستمراً إلى يوم القيامة, لأضر ذلك بهم, ولتعبت الأبدان وكلت من كثرة الحركات والأشغال, ولهذا قال تعالى: "من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه" أي تستريحون من حركاتكم وأشغالكم "أفلا تبصرون * ومن رحمته" أي بكم "جعل لكم الليل والنهار" أي خلق هذا وهذا "لتسكنوا فيه" أي في الليل "ولتبتغوا من فضله" أي في النهار بالأسفار والترحال, والحركات والأشغال, وهذا من باب اللف والنشر. وقوله: "ولعلكم تشكرون" أي تشكرون الله بأنواع العبادات في الليل والنهار, ومن فاته شيء بالليل استدركه بالنهار, أو بالنهار استدركه بالليل, كما قال تعالى: "وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً" والايات في هذا كثيرة.
قوله: 71- "قل أرأيتم" أي أخبروني "إن جعل الله عليكم الليل سرمداً" السرمد الدائم المستمر، من السرد، وهو المتابعة فالميم زائدة، ومنه قول طرفة:
لعمرك ما أمري عليك بغمة نهاري ولا ليلي عليك بسرمد
وقيل إن ميمه أصلية ووزنه فعلل لا فعمل، وهو الظاهر، بين لهم سبحانه أنه مهد لهم أسباب المعيشة ليقوموا بشكر النعمة، فإنه لو كان الدهر الذي يعيشون فيه ليلاً دائماً إلى يوم القيامة لم يتمكنوا من الحركة فيه وطلب ما لا بد لهم منه مما يقوم به العيش من المطاعم والمشارب والملابس، ثم امتن عليهم فقال: "من إله غير الله يأتيكم بضياء" أي هل لكم إله من الآلهة التي تعبدونها يقدر على أن يرفع هذه الظلمة الدائمة عنكم بضياء: أي بنور تطلبون فيه المعيشة وتبصرون فيه ما تحتاجون إليه وتصلح به ثماركم وتنمو عنده زرائعكم وتعيش فيه دوابكم "أفلا تسمعون" هذا الكلام سماع فهم وقبول وتدبر وتفكر.
قوله عز وجل: 71- "قل أرأيتم"، أخبروني يا أهل مكة، "إن جعل الله عليكم الليل سرمداً"، دائماً، "إلى يوم القيامة"، لا نهار معه، "من إله غير الله يأتيكم بضياء"، بنهار تطلبون فيه المعيشة، "أفلا تسمعون"، سماع فهم وقبول.
71 -" قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً " دائماً من السرد وهو المتابعة والميم مزيدة كميم دلامص . " إلى يوم القيامة " بإسكان الشمس تحت الأرض أو تحريكها حول الأفق الغائر . " من إله غير الله يأتيكم بضياء " كان حقه هل إله فذكر بـ " من " على زعمهم أن غيره آلهة . وعن ابن كثير (( بضئاء )) بهمزتين . " أفلا تسمعون " سماع تدبر واستبصار .
71. Say: Have ye thought, if Allah made night everlasting for you till the Day of Resurrection, who is a God beside Allah who could bring you light? Will ye not then hear?
71 - Say: see ye? if God were to make the night perpetual over you to the Day of Judgment, what god is there other than God, who can give you enlightenment? will ye not then hearken?