70 - (لينذر) بالياء والتاء به (من كان حيا) يعقل ما يخاطب به وهم المؤمنون (ويحق القول) بالعذاب (على الكافرين) وهم كالميتين لا يعقلون ما يخاطبون به
وقوله " لينذر من كان حيا " يقول: إن محمد إلا ذكر لكم لينذر منكم أيها الناس من كان حي القلب، يعقل ما يقال له، ويفهم ما يبين له، غير ميت الفؤاد بليد.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو معاوية، عن رجل، عن أبي روق، عن الضحاك ، في قوله: " لينذر من كان حيا " قال: من كان عاقلاً.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " لينذر من كان حيا ": حي القلب، حي البصر.
قوله " ويحق القول على الكافرين " يقول: ويحق العذاب على أهل الكفر بالله، المولين عن اتباعه، المعرضين عما أتاهم به من عند الله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " ويحق القول على الكافرين " بأعمالهم.
قوله تعالى : " لينذر من كان حياً " أي حي القلب ، قاله قتادة . الضحاك : عاقلاً . وقيل : المعنى لتنذر من كان مؤمناً في علم الله . هذا على قراءة التاء خطاباً للنبي عليه السلام ، وهي قراءة نافع و ابن عامر . وقرأ الباقون بالياء على معنى لينذر الله عز وجل أو لينذر محمد صلى الله عليه وسلم ، أو لينذر القرآن . وروي عن ابن السميقع < لينذر > بفتح الياء والذال . " ويحق القول على الكافرين " أي وتجب الحجة بالقرآن على الكفرة .
يخبر تعالى عن ابن آدم أنه كلما طال عمره, رد إلى الضعف بعد القوة, والعجز بعد النشاط, كما قال تبارك وتعالى: "الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير" وقال عز وجل: "ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئاً" والمراد من هذا ـ والله أعلم الإخبار عن هذه الدار بأنها دار زوال وانتقال, لا دار دوام واسقرار, ولهذا قال عز وجل: "أفلا يعقلون" أي يتفكرون بعقولهم في ابتداء خلقهم, ثم صيرورتهم إلى سن الشيبة, ثم إلى الشيخوخة ليعلموا أنهم خلقوا لدار أخرى لا زوال لها ولا انتقال منها ولا محيد عنها, وهي الدار الاخرة.
وقوله تبارك وتعالى: "وما علمناه الشعر وما ينبغي له" يقول عز وجل مخبراً عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أنه ما علمه الشعر "وما ينبغي له" أي ما هو في طبعه فلا يحسنه ولا يحبه ولا تقتضيه جبلته, ولهذا ورد " أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يحفظ بيتاً على وزن منتظم بل إن أنشده زحفه أو لم يتمه " . وقال أبو زرعة الرازي : حدثنا إسماعيل بن مجالد عن أبيه عن الشعبي أنه قال: ما ولد عبد المطلب ذكراً ولا أنثى إلا يقول الشعر إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم, ذكره ابن عساكر في ترجمة عتبة بن أبي لهب الذي أكله الأسد بالزرقاء.
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا أبو سلمة حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن هو البصري قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتمثل بهذا البيت:
كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهياً
فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهياً
قال أبو بكر أو عمر رضي الله عنهما: أشهد أنك رسول الله, يقول تعالى: "وما علمناه الشعر وما ينبغي له" وهكذا روى البيهقي في الدلائل " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن مرداس السلمي رضي الله عنه أنت القائل:
أتجعل نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة
فقال: إنما هو عيينة والأقرع, فقال صلى الله عليه وسلم: الكل سواء يعني في المعنى, صلوات الله وسلامه عليه " , والله أعلم .
وقد ذكر السهيلي في الروض الأنف لهذا التقديم والتأخير الذي وقع في كلامه صلى الله عليه وسلم في هذا البيت مناسبة أغرب فيها, حاصلها شرف الأقرع بن حابس على عيينة بن بدر الفزاري لأنه ارتد أيام الصديق رضي الله عنه بخلاف ذاك, والله أعلم, وهكذا روى الأموي في مغازيه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يمشي بين القتلى يوم بدر وهو يقول نفلق هاماً" فيقول الصديق رضي الله عنه متمماً للبيت:
من رجال أعزة علينا وهم كانوا أعق وأظلما
وهذا لبعض الشعراء العرب في قصيدة له وهي في الحماسة. وقال الإمام أحمد : حدثنا هشيم : حدثنا مغيرة عن الشعبي عن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استراث الخبر تمثل فيه ببيت طرفة: ويأتيك بالأخبار من لم تزود " ـ وهكذا رواه النسائي في اليوم والليلة من طريق إبراهيم بن مهاجر عن الشعبي عنها. ورواه الترمذي والنسائي أيضاً من حديث المقدام بن شريح بن هانىء عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها كذلك, ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح, وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا يوسف بن موسى , حدثنا أسامة عن زائدة عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما, قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل من الأشعار: * ويأتك بالأخبار من لم تزود * " ثم قال, ورواه غير زائدة عن سماك عن عطية عن عائشة رضي الله عنها, هذا في شعر طرفة بن العبد في معلقته المشهورة, وهذا المذكور منها أوله:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزود
ويأتيك بالأخبار من لم تبع له بتاتاً ولم تضرب له وقت موعد
وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة : قيل لعائشة رضي الله عنها: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيء من الشعر ؟ قالت رضي الله عنها: كان أبغض الحديث إليه, غير أنه صلى الله عليه وسلم كان يتمثل ببيت أخي بني قيس, فيجعل أوله آخره, وآخره أوله, فقال أبو بكر رضي الله عنه: ليس هذا هكذا يا رسول الله, " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني والله ما أنا بشاعر وما ينبغي لي" رواه ابن أبي حاتم وابن جرير , وهذا لفظه. وقال معمر عن قتادة : بلغني أن عائشة رضي الله عنها سئلت: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيء من الشعر ؟ فقالت رضي الله عنها: لا. إلا بيت طرفة.
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزود
" فجعل صلى الله عليه وسلم يقول: من لم تزود بالأخبار فقال أبو بكر: ليس هذا هكذا, فقال صلى الله عليه وسلم: إني لست بشاعر ولا ينبغي لي" وقال الحافظ أبو بكر البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ , حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن نعيم وكيل المتقي ببغداد, حدثنا أبو محمد عبد الله بن هلال النحوي الضرير , حدثنا علي بن عمرو الأنصاري , حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت شعر قط إلا بيتاً واحداً.
تفاءل بما تهوى يكن فلقلما يقال لشيء كان إلا تحققا
سألت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي عن هذا الحديث فقال: هو منكر, ولم يعرف شيخ الحاكم و لا الضرير , وثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم تمثل يوم حفر الخندق بأبيات عبد الله بن رواحة رضي الله عنه, ولكن تبعاً لقول أصحابه رضي الله عنهم, فإنهم كانوا يرتجزون وهم يحفرون فيقولون:
لا هم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينا إذا أرادوا فتنة أبينا
ويرفع صلى الله عليه وسلم صوته بقوله أبينا ويمدها , وقد روى هذا بزحاف في الصحيحين أيضاً, وكذا ثبت " أنه صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين وهو راكب البغلة يقدم بها في نحور العدو:
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب "
لكن قالوا هذا وقع اتفاقاً من غير قصد لوزن شعر, بل جرى على اللسان من غير قصد إليه, وكذلك ما ثبت في الصحيحين عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه, قال: " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار, فنكبت أصبعه, فقال صلى الله عليه وسلم:
هل أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت "
وسيأتي عند قوله تعالى "إلا اللمم" إنشاد:
إن تغفر اللهم تغفر جماً وأي عبد لك ما ألما
وكل هذا لا ينافي كونه صلى الله عليه وسلم ما علم شعراً وما ينبغي له, فإن الله تعالى إنما علمه القرآن العظيم الذي "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد" وليس هو بشعر كما زعمه طائفة من جهلة كفار قريش, ولا كهانة, ولا مفتعل, ولا سحر يؤثر, كما تنوعت فيه أقوال الضلال وآراء الجهال, وقد كانت سجيته صلى الله عليه وسلم تأبى صناعة الشعر طبعاً وشرعاً, كما رواه أبو داود قال: حدثنا عبيد الله بن عمر , حدثنا عبد الله بن يزيد , حدثنا سعيد بن أبي أيوب , حدثنا شرحبيل بن يزيد المعافري عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي قال: سمعت عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يقول: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما أبالي ما أوتيت إن أنا شربت ترياقاً, أو تعلقت تميمة, أو قلت الشعر من قبل نفسي" تفرد به أبو داود .
وقال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن الأسود بن شيبان عن أبي نوفل قال: سألت عائشة رضي الله عنها: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بسائغ عنده الشعر ؟ فقالت: قد كان أبغض الحديث إليه. وقال عن عائشة رضي عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه الجوامع من الدعاء, ويدع ما بين ذلك: وقال أبو داود : حدثنا أبو الوليد الطيالسي : حدثنا شعبة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلىء شعراً" انفرد به من هذا الوجه, وإسناده على شرط الشيخين, ولم يخرجاه.
وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد , حدثنا قزعة بن سويد الباهلي عن عاص بن مخلد عن أبي الأشعث الصنعاني (ح) وحدثنا الأشيب , فقال عن أبي عاصم عن أبي الأشعث عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرض بيت شعر بعد العشاء الاخرة, لم تقبل له صلاة تلك الليلة," وهذا حديث غريب من هذا الوجه, ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة, والمراد بذلك نظمه لا إنشاده, والله أعلم, على أن الشعر ما هو مشروع, وهو هجاء المشركين الذي كان يتعاطاه شعراء الإسلام, كحسان بن ثابت رضي الله عنه, وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة وأمثالهم وأضرابهم رضي الله عنهم أجمعين, ومنه ما فيه حكم ومواعظ وآداب, كما يوجد في شعر جماعة من الجاهلية, ومنهم أمية بن أبي الصلت الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آمن شعره, وكفر قلبه" وقد أنشد بعض الصحابة رضي الله عنهم للنبي صلى الله عليه وسلم مائة بيت يقول عقب كل بيت "هيه" يعني يستطعمه, فيزيده من ذلك, وقد روى أبو داود من حديث أبي بن كعب وبريده بن الحصيب وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن من البيان سحراً, وإن من الشعر حكماً" ولهذا قال تعالى: "وما علمناه الشعر" يعني محمداً صلى الله عليه وسلم ما علمه الله الشعر " وما ينبغي له" أي وما يصلح له "إن هو إلا ذكر وقرآن مبين" أي ما هذا الذي علمناه "إلا ذكر وقرآن مبين" أي بين واضح جلي لمن تأمله وتدبره, ولهذا قال تعالى: "لينذر من كان حياً" أي لينذر هذا القرآن المبين كل حي على وجه الأرض, كقوله: "لأنذركم به ومن بلغ" وقال جل وعلا: "ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده" وإنما ينتفع بنذارته من هو حي القلب مستنير البصيرة, كما قال قتادة : حي القلب حي البصر. وقال الضحاك يعني عاقلاً "ويحق القول على الكافرين" أي هو رحمة للمؤمنين وحجة على الكافرين.
70- "لينذر من كان حياً" أي لينذر القرآن من كان حياً: أي قلبه صحيح يقبل الحق ويأبى الباطل، أو لينذر الرسول من كان حياً. قرأ الجمهور بالياء التحتية، وقرأ نافع وابن عامر بالفوقية، فعلى القراءة الأوىل المراد القرآن، وعلى الثانية المراد النبي صلى الله عليه وسلم "ويحق القول على الكافرين" أي وتجب كلمة العذاب على المصرين على الكفر الممتنعين من الإيمان بالله وبرسله.
وقد أخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق عن ابن عباس في قوله: "في شغل فاكهون" قال: في افتضاض الأبكار. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وابن المنذر عن ابن مسعود في الآية قال: شغلهم افتضاض العذارى. وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة وقتادة مثله. وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن ابن عمر قال: إن المؤمن كلما أراد زوجة وجدها عذراء. وقد روي نحوه مرفوعاً عن أبي سعيد مرفوعاً عند الطبراني في الصغير وأبي الشيخ في العظمة. وروي أيضاً نحوه عن أبي هريرة مرفوعاً عند الضياء المقدسي في صفة الجنة. وأخرج ابن أبي حاتمأب عن ابن عباس في قوله: "في شغل فاكهون" قال: ضرب الأوتار. قال أبو حاتم: هذا لعله خطأ من المستمع، وإنما هو افتضاض الأبكار. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه قال: "فاكهون" فرحون. وأخرج ابن ماجه وابن أبي الدنيا في صفة الجنة والبزار وابن أبي حاتم والآجري في الرؤية وابن مردويه عن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور، فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب قد أشرف عليهم من فوقهم، فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة، وذلك قول الله "سلام قولاً من رب رحيم" قال: فينظر إليهم وينظرون إليه، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم ويبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم" قال ابن كثير: في إسناده عليهم. وأخرج وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال: إن الله هو يسلم عليهم. وأخرج أحمد ومسلم والنسائي والبزار وابن أبي الدنيا في التوبة واللفظ له وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس في قوله: "اليوم نختم على أفواههم" قال: "كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه، قال: أتدرون مما ضحكت؟ قلنا لا يا رسول الله، قال: من مخاطبة العبد ربه يقول: يا رب ألم تجرني من الظلم؟ فيقول بلى، فيقول: إني لا أجيز علي إلا شاهداً مني، فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً وبالكرام الكاتبين شهوداً فيختم على فيه. ويقال لأركانه انطقي، فتنطق بأعماله، ثم يخلى بينه وبين الكلام، فيقول: بعداً لكن وسحقاً فعنكن كنت أناضل". وأخرج مسلم والترمذي وابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يلقى العبد ربه فيقول الله: قل ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وترتع؟ فيقول بلى أي رب، فيقول أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول لا، فيقول: إني أنساك كما نسيتني. ثم يلقى الثاني فيقول مثل ذلك، ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك، فيقول: آمنت بك وبكتابك وبرسولك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع، فيقول: ألا نبعث شاهدنا عليك، فيفكر في نفسه من الذي يشهد علي فيختم على فيه، ويقال لفخذه انطقي فتنطق فخذه وفمه وعظامه بعمله ما كان وذلك ليعذر من نفسه، وذلك المنافق، وذلك الذي يسخط عليه". وأخرج وابن جرير وابن أبي حاتم من حديث أبي موسى نحوه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله: "ولو نشاء لطمسنا على أعينهم" قال: أعميناهم وأضللناهم عن الهدى "فأنى يبصرون" فكيف يهتدون. وأخرج وابن جرير وابن أبي حاتم عنه في قوله: "ولو نشاء لمسخناهم" قال: أهلكناهم "على مكانتهم" قال: في مساكنهم. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم قال بلغني أنه "قيل لعائشة: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يتمثل بشيء من الشعر؟ قالت: كان أبغض الحديث إليه، غير إنه كان يتمثل ببيت أخي بني قيس فيجعل أوله آخره يقول:ويأتيك من لم تزود بالأخبار، فقال أبو بكر: ليس هكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني والله ما أنا بشاعر ولا ينبغي لي" وهذا يرد ما نقلناه عن الخليل سابقاً أن الشعر كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثير من الكلام وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استراث الخبر تمثل ببيت طرفة:
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
وأخرج البيهقي في سننه عن عائشة قالت: " ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت شعر قط إلا بيتاً واحداً:
تفاءل بما تهوى يكن فلقلما يقال لشيء كان إلا تحقق
قالت عائشة: ولم يقل تحققا لئلا يعربه فيصير شعرا"ً، وإسناده هكذا: قال أخبرنا أبو عبيد الله الحافظ: يعني الحاكم حدثنا أبو حفص بن أحمد بن نعيم حدثنا أبو محمد عبد الله بن هلال النحوي الضرير حدثنا علي بن عمرو الأنصاري حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة فذكره. وقد سئل المزي عن هذا الحديث فقال: هو منكر ولم يعرف شيخ الحاكم ولا الضرير.
70. " لينذر "، قرأ أهل المدينة والشام و يعقوب (( لتنذر )) بالتاء وكذلك في الأحقاف [وافق ابن كثير في الأحقاف]، أي: لتنذر يا محمد، وقرأ الآخرون بالياء، أي: لينذر القرآن، " من كان حياً "، يعني: مؤمناً حي القلب، لأن الكافر كالميت في أنه لا يتدبر ولا يتفكر، " ويحق القول "، ويجب حجة العذاب " على الكافرين ".
70 -" لينذر " القرآن أو الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويؤيده قراءة نافع و ابن عامر و يعقوب بالتاء . " من كان حياً " عاقلاً فهما فإن الغافل كالميت ، أو مؤمناً في علم الله تعالى فإن الحياة الأبدية بالإيمان ، وتخصيص الإنذار به لأنه المنتفع به . " ويحق القول " وتجب كلمة العذاب . " على الكافرين " المصرين على الكفر ، وجعلهم في مقابلة من كان حياً إشعاراً بأنهم لكفرهم وسقوط حجتهم وعدم تأملهم أموات في الحقيقة .
70. To warn whosoever liveth, and that the word may be fulfilled against the disbelievers.
70 - That it may give admonition to any (who are) alive, and that the charge may be proved against those who reject (Truth).