7 - (أيحسب أن) أنه (لم يره أحد) فيما أنفقه فيعلم قدره والله عالم بقدره وأنه ليس مما يتكثر به ومجازيه على فعله السيء
وقوله : " أيحسب أن لم يره أحد " يقول تعالى ذكره : أيظن هذا القائل " أهلكت مالا لبدا " أن لم يره أحد في حال إنفاقه ما يزعم أنه أنفقه .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " أيحسب أن لم يره أحد " ابن آدم إنك مسئول عن هذا المال ، من أين اكتسبته ، وأين أنفقته .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور عن معمر ، عن قتادة ، مثله .
قوله تعالى:" أيحسب" أي أيظن " أن لم يره" أي أن لم يعاينه " أحد" بل علم الله عز وجل ذلك منه، فكان كاذباً في قوله: أهلكت ولم يكن أنفقه. وروى أبو هريرة قال: وقف العبد، فيقال ماذا عملت في المال الذي رزقتك؟ فيقول: أنفقته وزكيته. فيقال: كأنك إنما فعلت ذلك ليقال سخي، فقد قيل ذلك. ثم يؤمر به إلى النار. وعن سعيد عن قتادة : إنك مسؤول عن مالك من أين جمعت؟ وكيف أنفقت؟ وعن ابن عباس قال: كان أبو الأشدين يقول : أنفقت في عداوة محمد مالاً كثيراً وهو في ذلك كاذب. وقال مقاتل : نزلت في الحارث بن عامر بن نوفل، أذنب فاسفتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يكفر. فقال: لقد ذهب مالي في الكفارات والنفقات، منذ دخلت في دين محمد. وهذا القول منه يحتمل أن يكون استطالة بما أنفق، فيكون طغياناً منه، أو أسفاً عليه، فيكون ندماص منه، وقرأ أبو جعفر(مالاً لبداً) بتشديد الباء مفتوحة، على جمع لابد، مثل راكع وركع، وساجد وسجد، وشاهد وشهد، ونحوه. وقرأ مجاهد وحميد بضم الباء واللام مخففاً، جمع لبود. الباقون بضم اللام وكسرها وفتح الباء مخففاً، وحميد بضم الباء ولبدة، وهو ما تلبد، يريد الكثرة. وقد مضى في سورة (الجن)القول فيه. و " روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ (أيحسب)بضم السين في الموضعين " . وقال الحسن: يقول أتلفت مالاً كثيراً، فمن يحاسبني به، دعني أحسبه. ألم يعلم أن الله قادر على محاسبته، وان الله عز وجل يرى صنيعه،
هذا قسم من الله تبارك وتعالى بمكة أم القرى في حال كون الساكن فيها حالاً لينبه على عظمة قدرها في حال إحرام أهلها, قال خصيف عن مجاهد "لا أقسم بهذا البلد" لا رد عليهم. أقسم بهذا البلد. وقال شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس "لا أقسم بهذا البلد" يعني مكة "وأنت حل بهذا البلد" قال أنت با محمد يحل لك أن تقابل به, وكذا روي عن سعيد بن جبير وأبي صالح وعطية والضحاك وقتادة والسدي وابن زيد , وقال مجاهد ما أصبت فيه فهو حلال لك, وقال قتادة : "وأنت حل بهذا البلد" قال: أنت به من غير حرج ولا إثم, وقال الحسن البصري أحلها الله له ساعة من نهار, وهذا المعنى الذي قالوه ورد به الحديث المتفق على صحته. "إن هذا البلد حرم الله يوم خلق السموات والأرض, فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شجره ولا يختلى خلاه, وإنما أحلت لي ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس, ألا فليبلغ الشاهد الغائب" وفي لفظ آخر: "فإن أحد ترخص بقتال رسول الله فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم".
وقوله تعالى: "ووالد وما ولد" قال ابن جرير : حدثنا أبو كريب , حدثنا ابن عطية عن شريك عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: "ووالد وما ولد" الوالد الذي يلد وما ولد العاقر الذي لا يولد له, ورواه ابن أبي حاتم من حديث شريك وهو ابن عبد الله القاضي به, وقال عكرمة الوالد العاقر وما ولد الذي يلد رواه ابن أبي حاتم . وقال مجاهد وأبو صالح وقتادة والضحاك وسفيان الثوري وسعيد بن حبير والسدي والحسن البصري وخصيف وشرحبيل بن سعد وغيرهم: يعني بالوالد آدم وما ولد ولده, وهذا الذي ذهب إليه مجاهد وأصحابه حسن قوي, لأنه تعالى لما أقسم بأم القرى وهي أم المساكن أقسم بعده بالساكن وهو آدم أبو البشر وولده, وقال أبو عمران الجوني : هو إبراهيم وذريته, رواه ابن جرير وابن أبي حاتم , واختار ابن جرير أنه عام في كل والد وولده وهو محتمل أيضاً.
وقوله تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في كبد" روي عن ابن مسعود وابن عباس وعكرمة ومجاهد وإبراهيم النخعي وخيثمة والضحاك وغيرهم يعني منتصباً, زاد ابن عباس في رواية عنه منتصباً في بطن أمه, والكبد الاستواء والاستقامة, ومعنى هذا القول لقد خلقناه سوياً مستقيماً كقوله تعالى: " يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم * الذي خلقك فسواك فعدلك * في أي صورة ما شاء ركبك " وكقوله تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" وقال ابن ابي نجيح وجريج وعطاء عن ابن عباس : في كبد قال في شدة خلق ألم تر إليه وذكر مولده ونبات أسنانه, وقال مجاهد "في كبد" نطفة ثم علقة ثم مضغة يتكبد في الخلق, قال مجاهد : وهو كقوله تعالى: "حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً" وأرضعته كرهاً ومعيشته كره فهو يكابد ذلك, وقال سعيد بن جبير "لقد خلقنا الإنسان في كبد" في شدة وطلب معيشه, وقال عكرمة : في شدة وطول, وقال قتادة : في مشقة. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن عصام حدثنا أبو عاصم أخبرنا عبد الحميد بن جعفر سمعت محمد بن علي أبا جعفر الباقر سأل رجلاً من الأنصار عن قول الله تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في كبد" قال: في قيامه واعتداله فلم ينكر عليه أبو جعفر , وروي من طريق أبي مودود سمعت الحسن قرأ هذه الاية "لقد خلقنا الإنسان في كبد" قال: يكابد أمراً من أمر الدنيا وأمراً من أمر الاخرة, وفي رواية: يكابد مضايق الدنيا وشدائد الاخرة, وقال ابن زيد : "لقد خلقنا الإنسان في كبد" قال: آدم خلق في السماء فسمي ذلك الكبد, واختار ابن جرير أن المراد بذلك مكابدة الأمور ومشاقها.
وقوله تعالى: "أيحسب أن لن يقدر عليه أحد" قال الحسن البصري : يعني "أيحسب أن لن يقدر عليه أحد" يأخذ ماله. وقال قتادة "أيحسب أن لن يقدر عليه أحد" قال: ابن آدم يظن أن لن يسأل عن هذا المال من أين اكتسبه, وأين أنفقه, وقال السدي "أيحسب أن لن يقدر عليه أحد" قال الله عز وجل, وقوله تعالى: "يقول أهلكت مالاً لبداً" أي يقول ابن آدم أنفقت مالاً لبداً أي كثيراً قاله مجاهد والحسن وقتادة والسدي وغيرهم "أيحسب أن لم يره أحد" قال مجاهد أي أيحسب أن لم يره الله عز وجل وكذا قال غيره من السلف: وقوله تعالى: "ألم نجعل له عينين" أي يبصر بهما "ولساناً" أي ينطق به فيعبر عما في ضميره "وشفتين" يستعين بهما على الكلام وأكل الطعام وجمالاً لوجهه وفمه.
وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي الربيع الدمشقي عن مكحول قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى يا ابن آدم قد أنعمت عليك نعماً عظاماً لا تحصي عددها ولا تطيق شكرها, وإن مما أنعمت عليك أن جعلت لك عينين تنظر بهما وجعلت لهما غطاء, فانظر بعينيك إلى ما أحللت لك, وإن رأيت ما حرمت عليك فأطبق عليهما غطاءهما, وجعلت لك لساناً وجعلت له غلافاً فانطق بماأمرتك وأحللت لك, فإن عرض عليك ما حرمت عليك فأغلق عليك لسانك. وجعلت لك فرجاً وجعلت لك ستراً, فأصب بفرجك ما أحللت لك, فإن عرض عليك ماحرمت عليك فأرخ عليك سترك, ابن آدم إنك لا تحمل سخطي ولا تطيق انتقامي". "وهديناه النجدين" الطريقين قال سفيان الثوري عن عاصم عن زر عن عبد الله هو ابن مسعود "وهديناه النجدين" قال: الخير والشر, وكذا روي عن علي وابن عباس ومجاهد وعكرمة وأبي وائل وأبي صالح ومحمد بن كعب والضحاك وعطاء الخراساني في آخرين,وقال عبد الله بن وهب : أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هما نجدان فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير" تفرد به سنان بن سعد , ويقال سعد بن سنان , وقد وثقه ابن معين , وقال الإمام أحمد والنسائي والجوزجاني منكر الحديث,وقال أحمد : تركت حديثه لاضطرابه , وروى خمسة عشر حديثاً منكرة كلها ما أعرف منها حديثاً واحداً يشبه حديثه حديث الحسن ـ يعني البصري ـ لا يشبه حديث أنس . وقال ابن جرير : حدثني يعقوب حدثنا ابن علية عن أبي رجاء قال: سمعت الحسن يقول "وهديناه النجدين" قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "يا أيها الناس إنهما النجدان نجد الخير ونجد الشر, فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير" وكذا رواه حبيب بن الشهيد ومعمر ويونس بن عبيد وأبو وهب عن الحسن مرسلاً, وهكذا أرسله قتادة وقال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن عصام الأنصاري حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا عيسى بن عفان عن أبيه عن ابن عباس في قوله تعالى: "وهديناه النجدين" قال الثديين, وروي عن الربيع بن خثيم وقتادة وأبي حازم مثل ذلك, ورواه ابن جرير عن أبي كريب عن وكيع عن عيسى بن عقال به ثم قال: والصواب القول الأول, ونظير هذه الاية قوله تعالى: "إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً * إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً".
7- "أيحسب أن لم يره أحد" أي أيظن أنه لم يعاينه أحد قال قتادة: أيظن أن الله سبحانه لم يره ولا يسأله عن ماله من أين كسبه، وأين أنفقه؟ وقال الكلبي: كان كاذباً لم ينفق ما قال، فقال الله: أيظن أن الله لم ير ذلك منه، فعل أو لم يفعل، أنفق أم لم ينفق.
7- "أيحسب أن لم يره أحد"، قال سعيد بن جبير وقتادة: أيظن أن الله لم يره، ولا يسأله عن ماله من أين اكتسبه، وأين أنفقه؟
وقال الكلبي: إنه كان كاذباً في قوله أنفقت كذا وكذا، ولم يكن أنفق جميع ما قال، يقول أيظن أن الله عز وجل لم ير ذلك منه فيعلم مقدار نفقته.
7-" أيحسب أن لم يره أحد " حين كان ينفق أو بعد ذلك فيسأله عنه ، يعني أن الله سبحانه وتعالى يراه فيجازيه ، أو يجده فيحاسبه عليه ثم بين ذلك بقوله :
7. Thinketh he that none beholdeth him?
7 - Thinketh he that none beholdeth him?