69 - (فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً واتقوا الله إن الله غفور رحيم)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين من أهل بدر: " فكلوا "، أيها المؤمنون، " مما غنمتم "، من أموال المشركين، " حلالا "، بإحلاله لكم، " طيبا واتقوا الله "، يقول: وخافوا الله أن تعودوا، أن تفعلوا في دينكم شيئاً بعد هذه من قبل أن يعهد فيه إليكم، كما فعلتم في أخذ الفداء وأكل الغنيمة، وأخذتموها من قبل أن يحلا بكم، " إن الله غفور رحيم ".
وهذا من المؤخر الذي معناه التقديم، وتأويل الكلام: " فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا "، " إن الله غفور رحيم "، " واتقوا الله ".
ويعني بقوله: " إن الله غفور "، لذنوب أهل الإيمان من عباده، " رحيم "، بهم، ان يعاقبهم بعد توبتهم منها.
يقتضي ظاهره أن تكون الغنيمة كلها للغانمين، وأن يكونوا مشتركين فيها على السواء، إلا أن قوله تعالى: "واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه" بين وجوب إخراج الخمس منه وصرفه إلى الوجوه المذكورة. وقد تقدم القول في هذا مستوفى.
قال الإمام أحمد: حدثنا علي بن هاشم, عن حميد, عن أنس رضي الله عنه, قال: استشار النبي صلى الله عليه وسلم الناس في الأسارى يوم بدر, فقال "إن الله قد أمكنكم منهم" فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله اضرب أعناقهم فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم, ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أيها الناس إن الله قد أمكنكم منهم وإنما هم إخوانكم بالأمس" فقام عمر فقال: يا رسول الله اضرب أعناقهم, فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم, ثم عاد النبي صلى الله عليه وسلم فقال: للناس مثل ذلك, فقام أبو بكر الصديق رضي الله عنه, فقال: يا رسول الله نرى أن تعفو عنهم, وأن تقبل منهم الفداء, قال فذهب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان فيه من الغم, فعفا عنهم وقبل منهم الفداء, قال وأنزل الله عز وجل "لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم" وقد سبق في أول السورة حديث ابن عباس في صحيح مسلم بنحو ذلك, وقال الأعمش: عن عمرو بن مرة, عن أبي عبيدة, عن عبد الله قال: لما كان يوم بدر, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تقولون في هؤلاء الأسارى ؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله قومك وأهلك, استبقهم واستتبهم لعل الله أن يتوب عليهم, وقال عمر يا رسول الله كذبوك وأخرجوك فقدمهم فاضرب أعناقهم, وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله أنت في واد كثير الحطب, أضرم الوادي عليهم ناراً, ثم ألقهم فيه, قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرد عليهم شيئاً, ثم قام فدخل, فقال ناس: يأخذ بقول أبي بكر, وقال ناس: يأخذ بقول عمر, وقال ناس: يأخذ بقول عبد الله بن رواحة.
ثم خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله ليلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن, وإن الله ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة, وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم عليه السلام, قال "فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم" وإن مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى عليه السلام, قال "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم" وإن مثلك يا عمر, كمثل موسى عليه السلام, قال "ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم" وإن مثلك يا عمر, كمثل نوح عليه السلام, قال "رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً" أنتم عالة فلا ينفكن أحد منهم إلا بفداء, أو ضربة عنق قال ابن مسعود: قلت: يا رسول الله إلا سهيل بن بيضاء, فإنه يذكر الإسلام, فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيتني في يوم أخوف من أن تقع علي حجارة من السماء مني في ذلك اليوم, حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلا سهيل بن بيضاء فأنزل الله عز وجل "ما كان لنبي أن يكون له أسرى" "إلى آخر الاية, رواه الإمام أحمد والترمذي من حديث أبي معاوية عن الأعمش به, والحاكم في مستدركه, وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه, وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه عن عبد الله بن عمر, وأبي هريرة رضي الله عنهما, عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. وفي الباب عن أبي أيوب الأنصاري, وروى ابن مردويه أيضاً, واللفظ له والحاكم في مستدركه, من حديث عبيد الله بن موسى, حدثنا إسرائيل عن إبراهيم بن مهاجر, عن مجاهد عن ابن عمر, قال: لما أسر الأسارى يوم بدر, أسر العباس فيمن أسر, أسره رجل من الأنصار, قال وقد أوعدته الأنصار أن يقتلوه, فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إني لم أنم الليلة من أجل عمي العباس, وقد زعمت الأنصار أنهم قاتلوه" فقال له عمر أفآتهم ؟ فقال "نعم", فأتى عمر الأنصار فقال لهم: أرسلوا العباس, فقالوا: لا والله لا نرسله, فقال لهم عمر: فإن كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم رضى ؟ قالوا فإن كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم رضى فخذه, فأخذه عمر فلما صار في يده, قال له: يا عباس أسلم فو الله لأن تسلم أحب إلي من أن يسلم الخطاب , وما ذاك إلا لما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه إسلامك, قال واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر فيهم, فقال أبو بكر عشيرتك فأرسلهم, فاستشار عمر فقال: اقتلهم ففاداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأنزل الله "ما كان لنبي أن يكون له أسرى" الاية, قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وقال سفيان الثوري عن هشام بن حسان, عن محمد بن سيرين, عن عبيدة, عن علي رضي الله عنه, قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر, فقال: خير أصحابك في الأسارى, إن شاءوا الفداء, وإن شاءوا القتل, على أن يقتل عاماً مقبلاً منهم مثلهم, قالوا: الفداء ويقتل منا, رواه الترمذي والنسائي وابن حبان في صحيحه من حديث الثوري به, وهذا حديث غريب جداً, وقال ابن عون عن عبيدة عن علي, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسارى يوم بدر: "إن شئتم قتلتموهم وإن شئتم فاديتموهم, واستمتعتم بالفداء واستشهد منكم بعدتهم" قال فكان آخر السبعين, ثابت بن قيس قتل يوم اليمامة رضي الله عنه, ومنهم من روى هذا الحديث عن عبيدة مرسلاً, فالله أعلم, وقال محمد بن إسحاق عن ابن أبي نجيح, عن عطاء عن ابن عباس: "ما كان لنبي أن يكون له أسرى" فقرأ حتى بلغ عذاب عظيم. قال غنائم بدر قبل أن يحلها لهم, يقول: لولا أني لا أعذب من عصاني, حتى أتقدم إليه لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم, وكذا روى ابن أبي نجيح: عن مجاهد, وقال الأعمش: سبق منه أن لا يعذب أحداً شهد بدراً, وروي نحوه عن سعد بن أبي وقاص, وسعيد بن جبير وعطاء, وقال شعبة عن أبي هاشم عن مجاهد "لولا كتاب من الله سبق" أي لهم بالمغفرة ونحوه, عن سفيان الثوري رحمه الله, وقال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس في قوله "لولا كتاب من الله سبق" يعني في أم الكتاب الأول, أن المغانم والأسارى حلال لكم "لمسكم فيما أخذتم" من الأسارى "عذاب عظيم" قال الله تعالى: "فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً" الاية. وكذا روى العوفي عن ابن عباس, وروي مثله عن أبي هريرة, وابن مسعود, وسعيد بن جبير, وعطاء والحسن البصري, وقتادة والأعمش أيضاً, أن المراد "لولا كتاب من الله سبق" لهذه الأمة بإحلال الغنائم, وهو اختيار ابن جرير رحمه الله.
ويستشهد لهذا القول, بما أخرجاه في الصحيحين عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر, وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً, وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي, وأعطيت الشفاعة, وكان النبي يبعث إلى قومه, وبعثت إلى الناس عامة" وقال الأعمش عن أبي صالح, عن أبي هريرة رضي الله عنه, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لم تحل الغنائم لسود الرؤوس غيرنا" ولهذا قال تعالى: "فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً" الاية, فعند ذلك أخذوا من الأسارى الفداء, وقد روى الإمام أبو داود في سننه: حدثنا عبد الرحمن بن المبارك العبسي, حدثنا سفيان بن حبيب, حدثنا شعبة عن أبي العنبس, عن أبي الشعثاء, عن ابن عباس, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل فداء أهل الجاهلية يوم بدر أربعمائة, وقد استمر الحكم في الأسرى عند جمهور العلماء, أن الإمام مخير فيهم إن شاء قتل كما فعل ببني قريظة, وإن شاء فادى بمال كما فعل بأسرى بدر, أو بمن أسر من المسلمين, كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الجارية وابنتها, اللتين كانتا في سبي سلمة بن الأكوع, حيث ردهما وأخذ في مقابلتهما من المسلمين الذين كانوا عند المشركين, وإن شاء استرق من أسر. هذا مذهب الإمام الشافعي وطائفة من العلماء, وفي المسألة خلاف آخر بين الأئمة, مقرر في موضعه من كتب الفقه .
والفاء في 69- "فكلوا مما غنمتم" لترتيب ما بعدها على سبب محذوف: أي قد أبحت لكم الغنائم فكلوا مما غنمتم ويجوز أن تكون عاطفة على مقدر محذوف: أي اتركوا الفداء فكلوا مما غنمتم من غيره، وقيل إن "ما" عبارة عن الفداء: أي كلوا من الفداء الذي غنمتم فإنه من جملة الغنائم التي أحلها الله لكم و "حلالاً طيباً" منتصبان على الحال أو صفة المصدر المحذوف: أي أكلاً حلالاً طيباً "واتقوا الله" فيما يستقبل فلا تقدموا على شيء لم يأذن الله لكم به "إن الله غفور" لما فرط منكم "رحيم" بكم فلذلك رخص لكم في أخذ الفداء في مستقبل الزمان.
وقد أخرج أحمد عن أنس قال: "استشار النبي صلى الله عليه وسلم الناس في الأسارى يوم بدر فقال:إن الله قد أمكنم منهم. فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله اضرب أعناقهم. فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم. ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس إن الله قد أمكنكم منهم، وإنما هم إخوانكم بالأمس، فقام عمر فقال: يا رسول الله اضرب أعناقهم. فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم ثم عاد فقال مثل ذلك فقام أبو بكر الصديق فقال: يا رسول الله نرى أن تعفو عنهم وأن تقبل منهم الفداء، فعفا عنهم وقبل منهم الفداء، فأنزل الله: "لولا كتاب من الله سبق" الآية". وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال:" لما كان يوم بدر جيء بالأسارى وفيهم العباس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تريدون في هؤلاء الأسارى؟فقال أبو بكر: يا رسول الله قومك وأهلك فاستبقهم لعل الله أن يتوب عليهم، وقال عمر: يا رسول الله كذبوك وأخرجوك وقاتلوك قدمهم فاضرب أعناقهم، وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله انظر وادياً كثير الحطب فأضرمه
عليهم ناراً، فقال العباس وهو يسمع: قطعت رحمك فدخل النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ولم يرد عليهم شيئاً، فقال أناس: يأخذ بقول أبي بكر، وقال أناس: يأخذ بقول عمر، وقال قوم: يأخذ بقول عبد الله بن رواحة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة، مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم عليه السلام قال: "من تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم" ومثلك يا أبا بكر مثل عيسى عليه السلام قال: "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم"، ومثلك يا عمر مثل نوح عليه السلام إذ قال: "رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً"، ومثلك يا عمر مثل موسى عليه السلام إذ قال: "ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم" أنتم عالة فلا ينفلتن أحد منهم إلا بفداء أو ضرب عنق، فقال عبد الله: يا رسول الله إلا سهيل بن بيضاء فإني سمعته يذكر الإسلام، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما رأيتني في يوم أخوف من أن تقع علي الحجارة من السماء من ذلك اليوم حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلا سهيل بن بيضاء،
فأنزل الله: "ما كان لنبي أن يكون له أسرى" الآية". وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن علي قال:" قال النبي صلى الله عليه وسلم في الأسارى يوم بدر: إن شئتم قتلتموهم، وإن شئتم فاديتم واستمتعتم بالفداء، واستشهد منكم بعدتهم، فكان آخر السبعين ثابت بن قيس استشهد باليمامة". وأخرج عبد الرزاق في مصنفه وابن أبي شيبة عن عبيدة نحوه. وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عمر قال: " لما أسر الأسارى يوم بدر أسر العباس فيمن أسره، أسره رجل من الأنصار وقد وعدته الأنصار أن يقتلوه، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لم أنم الليلة من أجل عمي العباس، وقد زعمت الأنصار أنهم قاتلوه، فقال له عمر: فآتيهم؟ قال: نعم، فأتى عمر الأنصار فقال: أرسلوا العباس، فقالوا: لا والله لا نرسل، فقال لهم عمر: فإن كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم رضا، قالوا: فإن كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم رضا فخذه، فأخذه عمر، فلما صار في يده قال له: يا عباس أسلم، فوالله إن تسلم أحب إلي من أن يسلم الخطاب، وما ذاك إلا لما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه إسلامك، قال: فاستشار رسول الله أبا بكر فقال أبو بكر: عشيرتك فأرسلهم، فاستشار عمر فقال: اقتلهم، ففاداهم رسول الله، فأنزل الله: "ما كان لنبي أن يكون له أسرى" الآية". وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: "حتى يثخن في الأرض" يقول حتى يظهروا على الأرض. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال: الإثخان هو القتل. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد أيضاً في الآية قال: ثم نزلت الرخصة بعد، إن شئت فمن، وإن شئت ففاد. وأخرج ابن المنذر عن قتادة "تريدون عرض الدنيا" قال: أراد أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يوم بدر الفداء ففادوهم بأربعة آلاف أربعة آلاف. وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة "تريدون عرض الدنيا" قال: الخراج. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: "لولا كتاب من الله سبق" قال: سبق لهم المغفرة. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال: ما سبق لأهل بدر من السعادة. وأخرج النسائي وابن مردويه وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: سبقت لهم من الله الرحمة قبل أن يعملوا بالمعصية. وأخرج أبو حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد قال: سبق أن لا يعذب أحداً حتى يبين له ويتقدم إليه.
69 - فقال الله تعالى : " فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً واتقوا الله إن الله غفور رحيم " ، روي أنه لما نزلت الآية الأولى كف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أيديهم عما أخذوا من الفداء فنزل : " فكلوا مما غنمتم " الآية . وروينا عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد من قبلي " .
أخبرنا حسان بن سعيد المنيعي ، أنا أبو طاهر الزيادي ، أنا محمد بن الحسين القطان ، ثنا أحمد بن يوسف السلمي ، ثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر عن همام ، ثنا أبو هريرة قال : قال رسول الله : " لم تحل الغنائم لأحد من قبلنا ، وذلك بأن الله رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا " .
69. " فكلوا مما غنمتم" من الفدية فإنها من جملة الغنائم . وقيل أمسكوا عن الغنائم فنزلت . والفاء للتسبب والسبب محذوف تقديره: أبحت لكم الغنائم فكلوا، وبنحوه تشبث من زعم أن الأمر الوارد بعد الحظر للإباحة . " حلالاً " حال من المغنوم أو صفة للمصدر أي أكلاً حلالاً ، وفائدته إزاحة ما وقع في نفوسهم منه بسبب تلك المعاتبة ، أو حرمتها على الأولين ولذلك وصفة بقوله : " طيباً واتقوا الله " في مخالفته ." إن الله غفور" غفر لكم ذنبكم " رحيم " أباح لكم ما أخذتم .
69. Now enjoy what ye have won, as lawful and good, and keep your duty to Allah. Lo! Allah is Forgiving, Merciful.
69 - But (now) enjoy what ye took in war, lawful and good: but fear God; for God is oft forgiving, most merciful.