68 - (أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين) مأمون على الرسالة
قال أبو جعفر : يعني بقوله : " أبلغكم رسالات ربي " ، أؤدي ذلك إليكم ، أيها القوم ، " وأنا لكم ناصح " ، يقول : وأنا لكم في أمري إياكم بعبادة الله دون ما سواه من الأنداد والآلهة ، ودعائكم إلى تصديقي فيما جئتكم به من عند الله ناصح ، فاقبلوا نصيحتي ، فإني أمين على وحي الله ، وعلى ما ائتمنني الله عليه من الرسالة ، لا أكذب فيه ولا أزيد ولا أبدل ، بل أبلغ ما أمرت كما أمرت
قوله تعالى: "أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين".
يقول تعالى وكما أرسلنا إلى قوم نوح نوحاً كذلك أرسلنا إلى عاد أخاهم هوداً قال محمد بن إسحاق هم ولد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح قلت هؤلاء هم عاد الأولى الذين ذكرهم الله وهم أولاد عاد بن إرم الذين كانوا يأوون إلى العمد في البر كما قال تعالى "ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد" وذلك لشدة بأسهم وقوتهم كما قال تعالى " فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون " وقد كانت مساكنهم باليمن بالأحقاف وهي جبال الرمل قال محمد بن إسحاق عن محمد بن عبد الله بن أبي سعيد الخزاعي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة سمعت علياً يقول لرجل من حضرموت: هل رأيت كثيباً أحمر يخالطه مدرة حمراء ذا أراك وسدر كثير بناحية كذا وكذا من أرض حضرموت. هل رأيته ؟ قال نعم يا أمير المؤمنين ؟ والله إنك لتنعته نعت رجل قد رآه, قال لا ولكني قد حدثت عنه فقال الحضرمي وما شأنه يا أمير المؤمنين ؟ قال فيه قبر هود عليه السلام رواه ابن جرير. وهذا فيه فائدة أن مساكنهم كانت باليمن فإن هوداً عليه السلام دفن هناك وقد كان من أشرف قومه نسباً لأن الرسل إنما يبعثهم الله من أفضل القبائل وأشرفهم ولكن كان قومه كما شدد خلقهم شدد على قلوبهم وكانوا من أشد الأمم تكذيباً للحق ولهذا دعاهم هود عليه السلام إلى عبادة الله وحده لا شريك له وإلى طاعته وتقواه.
"قال الملأ الذين كفروا من قومه" والملأ هم الجمهور والسادة والقادة منهم "إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين" أي في ضلالة حيث تدعونا إلى ترك عبادة الأصنام والإقبال على عبادة الله وحده كما تعجب الملأ من قريش من الدعوة إلى إله واحد فقالوا " أجعل الآلهة إلها واحدا " الاية. "قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين" أي لست كما تزعمون بل جئتكم بالحق من الله الذي خلق كل شيء فهو رب كل شيء ومليكه "أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين" وهذه الصفات التي يتصف بها الرسل البلاغ والنصح والأمانة " أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم " أي لا تعجبوا أن بعث الله إليكم رسولاً من أنفسكم لينذركم أيام الله ولقاءه بل احمدوا الله على ذاكم "واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح" أي واذكروا نعمة الله عليكم في جعلكم من ذرية نوح الذي أهلك الله أهل الأرض بدعوته لما خالفوه وكذبوه "وزادكم في الخلق بسطة" أي زاد طولكم على الناس بسطة أي جعلكم أطول من أبناء جنسكم كقوله في قصة طالوت "وزاده بسطة في العلم والجسم" "فاذكروا آلاء الله" أي نعمة ومننه عليكم "لعلكم تفلحون" والالاء جمع إلى وقيل ألى .
وكذلك سبق تفسير 68- "أبلغكم رسالات ربي" وتقدم معنى الناصح، والأمين المعروف بالأمانة.
68 - " أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين " ، ناصح أدعوكم إلى التوبة أمين على الرسالة . قال الكلبي : كنت فيكم قبل اليوم أميناً .
68." أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين" .
68. I convey unto you the messages of my Lord and am for you a true adviser.
68 - I but fulfil towards you the duties of my Lord's mission: I am to you a sincere and trustworthy adviser.