67 - (قال إنك لن تستطيع معي صبرا)
" قال إنك لن تستطيع معي صبرا" يقول تعالى ذكره قال العالم : إنك لن تطيق الصبر معي ، وذلك أني أعمل بباطن علم علمنيه الله ، ولا علم لك إلا بالظاهر من الأمور، فلا تصبر على ما ترى من الأفعال ، كما ذكرنا من الخبر عن ابن عباس قبل من أنه كان رجلا يعمل على الغيب قد علم ذلك .
" قال " الخضر: " إنك لن تستطيع معي صبرا " أي إنك يا موسى لا تطيق أن تصبر على ما تراه من علمي، لأن الظواهر التي هي علمك لا تعطيه، وكيف تصبر على ما تراه خطأ ولم تخبر بوجه الحكمة فيه، ولا طريق الصواب،
يخبر تعالى عن قيل موسى عليه السلام لذلك الرجل العالم وهو الخضر, الذي خصه الله بعلم لم يطلع عليه موسى, كما أنه أعطى موسى من العلم ما لم يعطه الخضر "قال له موسى هل أتبعك" سؤال تلطف لا على وجه الإلزام والإجبار, وهكذا ينبغي أن يكون سؤال المتعلم من العالم. وقوله: "أتبعك" أي أصحبك وأرافقك "على أن تعلمن مما علمت رشدا" أي مما علمك الله شيئاً أسترشد به في أمري من علم نافع وعمل صالح, فعندها "قال" الخضر لموسى "إنك لن تستطيع معي صبرا" أي إنك لا تقدر على مصاحبتي لما ترى مني من الأفعال التي تخالف شريعتك, لأني على علم من علم الله ما علمكه الله, وأنت على علم من علم الله ما علمنيه الله, فكل منا مكلف بأمور من الله دون صاحبه, وأنت لا تقدر على صحبتي "وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا" فأنا أعرف أنك ستنكر علي ما أنت معذور فيه, ولكن ما اطلعت على حكمته ومصلحته الباطنة التي اطلعت أنا عليها دونك "قال" أي موسى "ستجدني إن شاء الله صابرا" أي على ما أرى من أمورك "ولا أعصي لك أمراً" أي ولا أخالفك في شيء فعند ذلك شارطه الخضر عليه السلام "قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء" أي ابتداءً "حتى أحدث لك منه ذكرا" أي حتى أبدأك أنا به قبل أن تسألني.
قال ابن جرير : حدثنا حميد بن جبير , حدثنا يعقوب عن هارون بن عنترة عن أبيه , عن ابن عباس قال: سأل موسى عليه السلام ربه عز وجل فقال: أي رب أي عبادك أحب إليك ؟ قال: الذي يذكرني ولا ينساني. قال: فأي عبادك أقضى ؟ قال: الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى. قال: أي رب أي عبادك أعلم ؟ قال: الذي يبتغي علم الناس إلى علمه عسى أن يصيب كلمة تهديه إلى هدى أو ترده عن ردى, قال: أي رب هل في أرضك أحد أعلم مني ؟ قال: نعم قال: فمن هو ؟ قال: الخضر. قال: وأين أطلبه ؟ قال: على الساحل عند الصخرة التي ينفلت عندها الحوت. قال: فخرج موسى يطلبه حتى كان ما ذكر الله, وانتهى موسى إليه عند الصخرة, فسلم كل واحد منهما على صاحبه, فقال له موسى: إني أحب أن أصحبك, قال: إنك لن تطيق صحبتي قال: بلى. قال: فإن صحبتني "فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكراً" قال: فسار به في البحر حتى انتهى إلى مجمع البحرين, وليس في الأرض مكان أكثر ماء منه, قال: وبعث الله الخطاف, فجعل يستقي منه بمنقاره, فقال لموسى: كم ترى هذا الخطاف رزأ من هذا الماء ؟ قال: ما أقل ما رزأ. قال: يا موسى, فإن علمي وعلمك في علم الله كقدر ما استقى هذا الخطاف من هذا الماء, وكان موسى قد حدث نفسه أنه ليس أحد أعلم منه أو تكلم به, فمن ثم أمر أن يأتي الخضر, وذكر تمام الحديث في خرق السفينة, وقتل الغلام, وإصلاح الجدار, وتفسيره له ذلك.
67- "قال إنك لن تستطيع معي صبراً" أي قال الخضر لموسى: إنك لا تطيق أن تصبر على ما تراه من علمي، لأن الظواهر التي هي علمك لا توافق ذلك.
67 - " قال " ، الخضر ، " إنك لن تستطيع معي صبراً " ، وإنما قال ذلك لأنه علم أنه يرى أموراً منكرة ، ولا يجوز للأنبياء أن يصبروا على المنكرات، ثم بين عذره في ترك الصبر ، فقال :
67."قال إنك لن تستطيع معي صبراً"نفى عنه استطاعة الصبر معه على وجوه من التأكيد كأنها مما لا يصح ولا يستقيم وعلل ذلك واعتذر عنه بقوله:
67. He said: Lo! thou canst not bear with me.
67 - (The other) said: verily thou wilt not be able to have patience with me