66 - (قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة) جهالة (وإنا لنظنك من الكاذبين) في رسالتك
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره ، مخبراً عما أجاب هوداً به قومه الذين كفروا بالله : " قال الملأ الذين كفروا" ، يعني : الذين جحدوا توحيد الله وأنكروا رسالة الله هودا إليهم ، " إنا لنراك " ، يا هود ، " في سفاهة " ، يعنون في ضلالة عن الحق والصواب بتركك ديننا وعبادة آلهتنا ، " وإنا لنظنك من الكاذبين " ، في قيلك : " إني رسول من رب العالمين "
"إنا لنراك في سفاهة" أي في حمق وخفة عقل. قال:
مشين كما اهتزت رماح تسفهت أعاليها مر الرياح النواسم
وقد تقدم هذا المعنى في البقرة. والرؤية هنا وفي قصة نوح قيل: هي من رؤية البصر. وقيل: يجوز أن يراد بها الرأي هو أغلب الظن.
يقول تعالى وكما أرسلنا إلى قوم نوح نوحاً كذلك أرسلنا إلى عاد أخاهم هوداً قال محمد بن إسحاق هم ولد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح قلت هؤلاء هم عاد الأولى الذين ذكرهم الله وهم أولاد عاد بن إرم الذين كانوا يأوون إلى العمد في البر كما قال تعالى "ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد" وذلك لشدة بأسهم وقوتهم كما قال تعالى " فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون " وقد كانت مساكنهم باليمن بالأحقاف وهي جبال الرمل قال محمد بن إسحاق عن محمد بن عبد الله بن أبي سعيد الخزاعي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة سمعت علياً يقول لرجل من حضرموت: هل رأيت كثيباً أحمر يخالطه مدرة حمراء ذا أراك وسدر كثير بناحية كذا وكذا من أرض حضرموت. هل رأيته ؟ قال نعم يا أمير المؤمنين ؟ والله إنك لتنعته نعت رجل قد رآه, قال لا ولكني قد حدثت عنه فقال الحضرمي وما شأنه يا أمير المؤمنين ؟ قال فيه قبر هود عليه السلام رواه ابن جرير. وهذا فيه فائدة أن مساكنهم كانت باليمن فإن هوداً عليه السلام دفن هناك وقد كان من أشرف قومه نسباً لأن الرسل إنما يبعثهم الله من أفضل القبائل وأشرفهم ولكن كان قومه كما شدد خلقهم شدد على قلوبهم وكانوا من أشد الأمم تكذيباً للحق ولهذا دعاهم هود عليه السلام إلى عبادة الله وحده لا شريك له وإلى طاعته وتقواه.
"قال الملأ الذين كفروا من قومه" والملأ هم الجمهور والسادة والقادة منهم "إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين" أي في ضلالة حيث تدعونا إلى ترك عبادة الأصنام والإقبال على عبادة الله وحده كما تعجب الملأ من قريش من الدعوة إلى إله واحد فقالوا " أجعل الآلهة إلها واحدا " الاية. "قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين" أي لست كما تزعمون بل جئتكم بالحق من الله الذي خلق كل شيء فهو رب كل شيء ومليكه "أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين" وهذه الصفات التي يتصف بها الرسل البلاغ والنصح والأمانة " أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم " أي لا تعجبوا أن بعث الله إليكم رسولاً من أنفسكم لينذركم أيام الله ولقاءه بل احمدوا الله على ذاكم "واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح" أي واذكروا نعمة الله عليكم في جعلكم من ذرية نوح الذي أهلك الله أهل الأرض بدعوته لما خالفوه وكذبوه "وزادكم في الخلق بسطة" أي زاد طولكم على الناس بسطة أي جعلكم أطول من أبناء جنسكم كقوله في قصة طالوت "وزاده بسطة في العلم والجسم" "فاذكروا آلاء الله" أي نعمة ومننه عليكم "لعلكم تفلحون" والالاء جمع إلى وقيل ألى .
وقد تقدم أيضاً تفسير الملأ، والسفاهة الخفة والحمق. وقد تقدم بيان ذلك في البقرة، نسبوه إلى الخفة والطيش ولم يكتفوا بذلك حتى قالوا 66- "إنا لنظنك من الكاذبين" مؤكدين لظنهم كذبه فيما ادعاه من الرسالة.
65 - " قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك " و يا هود و " في سفاهة " ، في حمق وجهالة. قال ابن عباس رضي الله عنهما: تدعونا إلى دين لا نعرفه ، " وإنا لنظنك من الكاذبين " ، أنك رسول الله إلينا .
66." إنا لنراك في سفاهة " متمكناً في خفة عقل راسخاً فيها حيث فارقت دين قومك . "وإنا لنظنك من الكاذبين " .
66. The chieftains of his people, who were disbelieving, said: Lo! we surely see thee in foolishness, and lo! we deem thee of the liars.
66 - The leaders of the unbelievers among his people said: Ah we see thou art an imbecile and we think thou art a liar