65 - (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك) والله (لئن أشركت) يا محمد فرضا (ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين)
وقوله : " ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك " يقول تعالى ذكره : ولقد أوحى إليك يا محمد ربك ، وإلى الذين من قبلك من الرسل " لئن أشركت ليحبطن عملك " يقول : لئن أشركت بالله شيئاً يا محمد ، ليبطلن عملك ، ولا تنال به ثواباً ، ولا تدرك جزاء إلى جزاء من أشرك بالله . وهذا من المؤخر الذي معناه التقديم ، ومعنى الكلام : ولقد أوحي إليك لئن أشركت ليحبطن عملك ، ولتكونن من الخاسرين ، وإلى الذين من قبلك ، بمعنى : وإلى الذين من قبلك من الرسل من ذلك ، مثل الذي أوحي إليك منه ، فاحذر أن تشرك بالله شيئاً فتهلك .
ومعنى قوله : " ولتكونن من الخاسرين " ولتكونن من الهالكين بالإشراك بالله إن أشركت به شيئاً .
قوله تعالى : " ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت " قيل : إن في الكلام تقديماً وتأخيراً ، والتقدير : لقد أوحي إليك لئن أشركت وأوحي إلى الذين من قبلك كذلك . وقيل ÷و على بابه ، قال مقاتل : أي أوحي إليك وإلى الأنبياء من قبلك بالتوحيد ولاتوحيد محذوف . ثم قال : ( لئن أشركت ) يا محمد " ليحبطن عملك " وهو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة . وقيل : الخطاب له والمراد أمته ، إذ قد علم الله أنه لايشرك ولا يقع منه إشراك . والإحباط الإبطال والفساد ، قال القشيري : فمن ارتد لم تنفعه طاعاته السابقة ولكن إحباط الردة العمل مشروط بالوفاة على الكفر ، ولهذا قال : " ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم " [ البقرة : 217] فالمطلق هاهنا محمول على المقيد ، ولهذا قلنا : من حج ثم ارتد عاد إلى الإسلام لا يجب عليه إعادة الحج . قلت : هذا مذهب الشافعي . وعند مالك تجب عليه الإعادة وقد مضى في ( البقرة ) بيان هذا مستوفى .
يخبر تعالى أنه خالق الأشياء كلها وربها ومليكها والمتصرف فيها وكل تحت تدبيره وقهره وكلاءته, وقوله عز وجل: "له مقاليد السموات والأرض" قال مجاهد: المقاليد هي المفاتيح بالفارسية, وكذا قال قتادة وابن زيد وسفيان بن عيينة, وقال السدي "له مقاليد السموات والأرض" أي خزائن السموات والأرض, والمعنى على كلا القولين أن أزمة الأمور بيده تبارك وتعالى له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ولهذا قال جل وعلا: "والذين كفروا بآيات الله" أي حججه وبراهينه "أولئك هم الخاسرون" وقد روى ابن أبي حاتم ههنا حديثا غريباً جداً وفي صحته نظر ولكن نحن نذكره كما ذكره فإنه قال حدثنا يزيد بن سنان البصري بمصر حدثنا يحيى بن حماد حدثنا الأغلب بن تميم عن مخلد بن هذيل العبدي عن عبدالرحمن المدني عن عبد الله بن عمر عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير قوله تعالى: "له مقاليد السموات والأرض" فقال "ما سألني عنها أحد قبلك يا عثمان" قال صلى الله عليه وسلم: "تفسيرها لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله وبحمده, أستغفر الله ولا قوة إلا بالله, الأول والاخر والظاهر والباطن, بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. من قالها يا عثمان إذا أصبح عشر مرار أعطي خصالاً ستاً: أما أولاهن فيحرس من إبليس وجنوده وأما الثانية فيعطى قنطاراً من الأجر, وأما الثالثة فترفع له درجة في الجنة, وأما الرابعة فيتزوج من الحور العين, وأما الخامسة فيحضره اثنا عشر ملكاً, وأما السادسة فيعطى من الأجر كمن قرأ القرآن والتوراة والإنجيل والزبور, وله مع هذا يا عثمان من الأجر, كمن حج وتقبلت حجته واعتمر فتقبلت عمرته فإن مات من يومه طبع عليه بطابع الشهداء" ورواه أبو يعلى الموصلي من حديث يحيى بن حماد به مثله وهو غريب وفيه نكارة شديدة والله أعلم. وقوله تبارك وتعالى: " قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون " ذكروا في سبب نزولها ما رواه ابن أبي حاتم وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن المشركين من جهلهم دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة آلهتهم ويعبدوا معه إلهه فنزلت "قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون ؟ * ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين" وهذه كقوله تعالى: "ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون". وقوله عز وجل: "بل الله فاعبد وكن من الشاكرين" أي أخلص العبادة لله وحده لا شريك له أنت ومن اتبعك وصدقك.
65- " ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك " أي من الرسل "لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين" هذا الكلام من باب التعريض لغير الرسل، لأن الله سبحانه قد عصمهم عن الشرك، ووجه إيراده على هذا الوجه التحذير والإنذار للعباد من الشرك، لأنه إذا كان موجباً لإحباط عمل الأنبياء على الفرض،. والتقدير فهو محبط لعمل غيرهم من أممهم بطريق الأولى. قيل وفي الكلام تقديم وتأخير، والتقدير: ولد أوحى إليك لئن أشركت وأوحى إلى الذين من قبلك كذلك. قال مقاتل: أي أوحى إليك وإلى الأنبياء قبلك بالتوحيد والتوحيد محذوف، ثم قال: لئن أشركت يا محمد ليحبطن عملك، وهو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة. وقيل إفراد الخطاب في قوله: "لئن أشركت" باعتبار كل واحد من الأنبياء: كأنه قيل أوحي إليك وإلى كل واحد من الأنبياء هذا الكلام، وهو لئن أشركت، وهذه الآية مقيدة بالموت على الشرك كما في الآية الأخرى "ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم" وقل هذا خالص بالأنبياء لأن الشرك منهم أعظم ذنباً من الشرك من غيرهم، والأول أولى.
65. " ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك "، الذي عملته قبل الشرك وهذا خطاب مع الرسول صلى الله عليه وسلم، والمراد منه غيره. وقيل: هذا أدب من الله عز وجل لنبيه وتهديد لغيره، لأن الله تعالى عصمه من الشرك. " ولتكونن من الخاسرين ".
65-" ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك " أي من الرسل " لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين " كلام على سبيل الفرض والمراد به تهييج الرسل وإقناط الكفرة والإشعار على حكم الأمة ، وإفراد الخطاب باعتبار كل واحد واللام الأولى موطئة للقسم والأخرين للجواب ، وإطلاق الإحباط يحتمل أن يكون من خصائصهم لأن شركهم أقبح ، وأن يكون على التقييد بالموت كما صرح به في قوله " ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم " وعطف الخسران عليه من عطف المسبب على السبب .
65. And verily it hath been revealed unto thee as unto those before thee (saying): If thou ascribe a partner to Allah thy work will fail and thou indeed wilt be among the losers.
65 - But it has already been revealed to those before thee, If thou wert to join (gods with God), truly fruitless will be thy work (in life), and thou wilt surely be in the ranks of those who lose (all spiritual good).