63 - (قال) تعالى له (اذهب) منظرا إلى وقت النفخة الأولى (فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم) أنت وهم (جزاء موفورا) وافرا كاملا
يقول تعالى ذكره قال الله لإبليس إذ قال له " لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلاً " اذهب فقد أخرتك ، فمن تبعك منهم ، يعني من ذرية آدم عليه السلام فأطاعك ، فإن جهنم جزاؤك وجزاؤهم ، يقول : ثوابك على دعائك إياهم على معصيتي ، وثوابهم على اتباعهم إياك وخلافهم أمري " جزاءً موفوراً " ،: يقول : ثواباً مكثوراً مكملا.
كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا " عذاب جهنم جزاؤهم ، ونقمة من الله من أعدائه فلا يعدل عنهم من عذابها شيء .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد " فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا " قال : وافراً .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى . وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد "موفوراً " ، قال : وافرا .
قوله تعالى: "قال اذهب" هذا أمر إهانة، أي اجهد جهدك فقد أنظرناك. "فمن تبعك" أي أطاعك من ذرية آدم. "فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا" أي وافراً، عن مجاهد وغيره. وهو نصب على المصدر، يقال: وفرته أفره وفراً، ووفر المال بنفسه يفر وفوراً فهو وافر، فهو لازم ومتعد.
لما سأل إبليس النظرة قال الله له "اذهب" فقد أنظرتك كما قال في الاية الأخرى قال: " فإنك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم " ثم أوعده ومن اتبعه من ذرية آدم جهنم "قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم" أي على أعمالكم "جزاءً موفوراً" قال مجاهد وافراً, وقال قتادة موفوراً عليكم لا ينقص لكم منه. وقوله تعالى: "واستفزز من استطعت منهم بصوتك" قيل هو الغناء قال مجاهد باللهو والغناء أي استخفهم بذلك وقال ابن عباس في قوله "واستفزز من استطعت منهم بصوتك" قال كل داع دعا إلى معصية الله عز وجل وقال قتادة واختاره ابن جرير , وقوله تعالى: "وأجلب عليهم بخيلك ورجلك" يقول واحمل عليهم بجنودك خيالتهم ورجلتهم فإن الرجل جمع راجل كما أن الركب جمع راكب وصحب جمع صاحب ومعناه تسلط عليهم بكل ما تقدر عليه وهذا أمر قدري كقوله تعالى "ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزاً" أي تزعجهم إلى المعاصي إزعاجاً وتسوقهم إليها سوقاً وقال ابن عباس ومجاهد في قوله "وأجلب عليهم بخيلك ورجلك" قال كل راكب وماش في معصية الله وقال قتادة : إن له خيلاً ورجالاً من الجن والإنس وهم الذين يطيعونه تقول العرب أجلب فلان على فلان إذا صاح عليه ومنه نهى في المسابقة عن الجلب والجنب ومنه اشتقاق الجلبة وهي ارتفاع الأصوات, وقوله تعالى: "وشاركهم في الأموال والأولاد" قال ابن عباس ومجاهد : هو ما أمرهم به من إنفاق الأموال في معاصي الله, وقال عطاء : هو الربا, وقال الحسن : هو جمعها من خبيث وإنفاقها في حرام, وكذا قال قتادة , وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما أما مشاركته إياهم في أموالهم فهو ما حرموه من أنعامهم يعني من البحائر والسوائب ونحوها وكذا قال الضحاك وقتادة وقال ابن جرير والأولى أن يقال إن الاية تعم ذلك كله, وقوله "والأولاد" قال العوفي عن ابن عباس ومجاهد والضحاك يعني أولاد الزنا, وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هو ما كانوا قتلوه من أولادهم سفهاً بغير علم, وقال قتادة والحسن البصري : قد والله شاركهم في الأموال والأولاد مجسوا وهودوا ونصروا وصبغوا على غير صبغة الإسلام, وجزؤوا أموالهم جزءاً للشيطان, وكذا قال قتادة سواء, وقال أبو صالح عن ابن عباس هو تسميتهم أولادهم عبد الحارث وعبد الشمس وعبد فلان قال ابن جرير وأولى الأقوال بالصواب أن يقال كل مولود ولدته أنثى عصى الله فيه بتسميته بما يكرهه الله أو بإدخاله في غير الدين الذي ارتضاه الله أو بالزنا بأمه أو بقتله أو غير ذلك من الأمور التي يعصى الله بفعله به أو فيه فقد دخل في مشاركة إبليس فيه من ولد ذلك الولد له أو منه لأن الله لم يخصص بقوله "وشاركهم في الأموال والأولاد" معنى الشركة فيه بمعنى دون معنى فكل ما عصي الله فيه أو به او أطيع الشيطان فيه أو به فهو مشاركة, وهذا الذي قاله متجه وكل من السلف رحمهم الله فسر بعض المشاركة فقد ثبت في صحيح مسلم عن عياض بن حماد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال "يقول الله عز وجل إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم" وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبداً" وقوله تعالى: "وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً" كما أخبر تعالى عن إبليس أنه يقول إذا حصحص الحق يوم يقضي بالحق "إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم" الاية وقوله تعالى "إن عبادي ليس لك عليهم سلطان" إخبار بتأييده تعالى عباده المؤمنين وحفظه إياهم وحراسته لهم من الشيطان الرجيم ولهذا قال تعالى "وكفى بربك وكيلاً" أي حافظاً ومؤيداً ونصيراً, وقال الإمام أحمد حدثنا قتيبة حدثنا ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن المؤمن لينضي شياطينه كما ينضي أحدكم بعيره في السفر" ينضي أي يأخذ بناصيته ويقهره.
63- "قال اذهب فمن تبعك منهم" أي أطاعك "فإن جهنم جزاؤكم" أي إبليس ومن أطاعه "جزاءً موفوراً" أي وافراً مكملاً، يقال: وفرته أفره وفراً، ووفر المال بنفسه يفر وفوراً، فهو وافر، فهو مصدر، ومنه قول زهير:
ومن يجعل المعروف من دون عرضه يفره ومن لا يتقي الشتم يشتم
63 - " قال " الله : " اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم " أي : جزاؤك وجزاء أتباعك ، " جزاءً موفوراً " ، وافراً مكملاً ، يقال : وفرته أوفره وفراً .
63."قال اذهب "امض لما قصدته وهو طرد وتخلية بينه وبين ما سولت له نفسه . "فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم"جزاؤك وجزاؤهم فغلب المخاطب على الغائب ، وبجوز أن يكون الخطاب للتابعين على الالتفات ."جزاءً موفوراً "مكملاً من قولهم فر لصاحبك عرضه ، وانتصاب جزاء على المصدر بإضمار فعله أو بما في "جزاؤكم"من معنى تجازون ، أو حال موطئة لقوله"موفوراً".
63. He said: Go, and whosoever of them followeth thee lo! your payment, ample payment.
63 - (God) said: go thy way; if any of them follow thee, verily hell will be the recompense of you (all) an ample recompense.