62 - (ولقد علمتم النَّشاءةَ الأولى) وفي قراءة بسكون الشين (فلولا تذكرون) فيه إدغام التاء الثانية في الأصل في الذال
يقول تعالى ذكره : ولقد علمتم أيها الناس الإحداثة الأولى التي أحدثناكموها ولم تكونوا من قبل ذلك شيئاً .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله " النشأة الأولى " قال : إذ لم تكونوا شيئاً .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله " ولقد علمتم النشأة الأولى " يعني خلق آدم لست سائلاً أحداً من الخق إلا أنبأك أن الله خلق آدم من طين .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة " ولقد علمتم النشأة الأولى " قال : هو خلق آدم .
حدثني محمد بن موسى الحرسي قال : ثنا جعفر بن سليمان قال : سمعت أبا عمران الجوني يقرأ هذه الآية " ولقد علمتم النشأة الأولى " قال : هو خلق آدم .
وقوله " فلولا تذكرون " يقول تعالى ذكره : فهلا تذكرون أيها ا
لناس فتعلمون أن الذي أنشاكم النشأة الأولى ولم تكونوا شيئاً لا يتعذر عليه أن يعيدكم من بعد مماتكم وفنائكم أحياء .
قوله تعالى : " ولقد علمتم النشأة الأولى " أي إذ خلقتم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ولم تكونوا شيئا ، عن مجاهد وغيره . قتادة و الضحاك : يعني خلق آدم عليه السلام . " فلولا تذكرون " أي فهلا تذكرون . وفي الخبر : عجبا كل العجب للمكذب بالنشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى ، وعجبا للمصدق بالنشأة الآخرة وهو لا يسعى لدار القرار . وقراءة العامة " النشأة " بالقصر . وقرأ مجاهد و الحسن و ابن كثير و أبو عمرو : (( النشاءة )) بالمد ، وقد مضى في (( العنكبوت )) بيانه .
يقول تعالى مقرراً للمعاد, وراداً على المكذبين به من أهل الزيغ, والإلحاد من الذين قالوا " أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون " وقولهم ذلك صدر منهم على وجه التكذيب والاستبعاد. فقال تعالى: "نحن خلقناكم" أي نحن ابتدأنا خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئاً مذكوراً, أفليس الذي قدر على البداءة بقادر على الإعادة بطريق الأولى والأحرى ؟ ولهذا قال: "فلولا تصدقون" أي فهلا تصدقون بالبعث! ثم قال مستدلاً عليهم بقوله: " أفرأيتم ما تمنون * أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون " أي أنتم تقرونه في الأرحام وتخلقونه فيها أم الله الخالق لذلك ؟ ثم قال تعالى: "نحن قدرنا بينكم الموت" أي صرفناه بينكم, وقال الضحاك: ساوى فيه بين أهل السماء والأرض "وما نحن بمسبوقين" أي وما نحن بعاجزين "على أن نبدل أمثالكم" أي نغير خلقكم يوم القيامة.
" وننشئكم في ما لا تعلمون " أي من الصفات والأحوال. ثم قال تعالى: "ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون" أي قد علمتم أن الله أنشأكم بعد أن لم تكونوا شيئاً مذكوراً, فخلقكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة, فهلا تتذكرون وتعرفون أن الذي قدر على هذه النشأة وهي البداءة, قادر على النشأة الأخرى وهي الإعادة بطريق الأولى والأحرى, كما قال تعالى: "وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه" وقال تعالى: " أو لا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا " " أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين * وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم " وقال تعالى: " أيحسب الإنسان أن يترك سدى * ألم يك نطفة من مني يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوى * فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى * أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ".
62- "ولقد علمتم النشأة الأولى" وهي ابتداء الخلق من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة ولم تكونوا قبل ذلك شيئاً. وقال قتادة والضحاك: يعني خلق آدم من تراب "فلولا تذكرون" أي فهلا تذكرون قدرة الله سبحانه على النشأة الأخيرة وتقيسونها على النشأة الأولى. وقرأ الجمهور "النشأة" بالقصر، وقرأ مجاهد والحسن وابن كثير وأبو عمرو بالمد، وقد مضى تفسير هذا في سورة العنكبوت.
62- "ولقد علمتم النشأة الأولى"، الخلقة الأولى، ولم تكونوا شيئاً. "فلولا تذكرون"، أني قادر على إعادتكم كما قدرت على إبدائكم.
62-" ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون " أن من قدر عليها قدر على النشأة الأخرى فإنها أقل صنعاً لحصول المواد وتخصيص الاجزاء وسبق المثال ، وفيه دليل على صحة القياس .
62. And verily ye know the first creation. Why, then, do ye not reflect?
62 - And ye certainly know already the first form of creation: why then do ye not celebrate His praises?