61 - (قال يا قوم ليس بي ضلالة) هي أعم من الضلال فنفيها أبلغ من نفيه (ولكني رسول من رب العالمين)
قال أبوجعفر : يقول تعالى ذكره : قال نوح لقومه مجيباً لهم : يا قوم ، لم آمركم بما أمرتكم به من إخلاص التوحيد لله ، لافراده بالطاعة دون الأنداد والآلهة، زوالاً مني عن محجة الحق ، وضلألاً لسبيل الصواب ، وما بي ما تظنون من الضلال ، ولكني رسول إليكم من رب العالمين بما أمرتكم به : من إفراده بالطاعة ، والإقرار له ، بالوحدانية ، والبراءة من الأنداد والالهة .
قوله تعالى: "قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين".
لما ذكر تعالى قصة آدم في أول السورة وما يتعلق بذلك وما يتصل به وفرغ منه شرع تعالى في ذكر قصص الأنبياء عليهم السلام الأول فالأول فابتدأ بذكر نوح عليه السلام فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض بعد آدم عليه السلام وهو نوح بن لامك بن متوشلح بن أخنوخ وهو إدريس النبي عليه السلام فيما يزعمون وهو أول من خط بالقلم ابن برد بن مهليل بن قنين بن يانش بن شيث بن آدم عليهم السلام هكذا نسبه محمد بن إسحاق وغير واحد من أئمة النسب.
قال محمد بن إسحاق ولم يلق نبي من قومه من الأذى مثل نوح إلا نبي قتل وقال يزيد الرقاشي إنما سمي نوح لكثرة ما ناح على نفسه وقد كان بين آدم إلى زمن نوح عليهما السلام عشرة قرون كلهم على الإسلام قال عبد اللهبن عباس وغير واحد من علماء التفسير وكان أول ما عبدت الأصنام أن قوماً صالحين ماتوا فبنى قومهم عليهم مساجد وصوروا صورة أولئك فيها ليتذكروا حالهم وعبادتهم فيتشبهوا بهم فلما طال الزمان جعلوا أجساداً على تلك الصور فلما تمادى الزمان عبدوا تلك الأصنام وسموها بأسماء أولئك الصالحين وداً وسواعاً ويغوث ويعوق ونسراً فلما تفاقم الأمر بعث الله سبحانه وتعالى وله الحمد والمنة رسوله نوحاً فأمرهم بعبادة الله وحده لا شريك له فقال " يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم " أي من عذاب يوم القيامة إذا لقيتم الله وأنتم مشركون به "قال الملأ من قومه" أي الجمهور والسادة والقادة والكبراء منهم "إنا لنراك في ضلال مبين" أي في دعوتك إيانا إلى ترك عبادة هذه الأصنام التي وجدنا عليها آباءنا وهكذا حال الفجار إنما يرون الأبرار في ضلالة كقوله " وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون " "وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم" إلى غير ذلك من الايات "قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين" أي ما أنا ضال ولكن أنا رسول من رب العالمين رب كل شيء ومليكه "أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون" وهذا شأن الرسول أن يكون مبلغاً فصيحاً ناصحاً عالماً بالله لا يدركهم أحد من خلق الله في هذه الصفات كما جاء في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم عرفة وهم أوفر ما كانوا وأكثر جمعاً "أيها الناس إنكم مسؤولون عني فما أنتم قائلون ؟" قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت فجعل يرفع أصبعه إلى السماء وينكسها عليهم ويقول "اللهم اشهد اللهم اشهد".
وجملة 61- "قال يا قوم" استئنافية أيضاً جواب سؤال مقدر "ليس بي ضلالة" كما تزعمون "ولكني رسول من رب العالمين": أرسلني إليكم لسوق الخير إليكم ودفع الشر عنكم، نفى عن نفسه الضلالة، وأثبت لها ما هو أعلى منصباً وأشرف رفعة وهو أنه رسول الله إليهم.
61- " قال " نوح " يا قوم ليس بي ضلالة " ولم يقل ليست، لأن معنى الضلالة أو على تقديم الفعل " ولكني رسول من رب العالمين "
61. " قال يا قوم ليس بي ضلالة " أي شيء من الضلال ، بالغ في النفي كما بالغوا في الإثبات وعرض لهم به . " ولكني رسول من رب العالمين " استدراك باعتبار ما يلزمه ، وهو كونه على هدى كأنه قال : ولكني على هدى في الغاية لأني رسول من الله سبحانه وتعالى .
61. He said: O my people! There Is no error me, but I am a messenger from the Lord of the Worlds.
61 - He said: O my people no wandering is there in my (mind): on the contrary I am an apostle from the Lord and Cherisher of the worlds