61 - (وما تكون) يا محمد (في شأن) أمر (وما تتلو منه) أي من الشأن أو الله (من قرآن) أنزله عليك (ولا تعملون) خاطبه وأمته (من عمل إلا كنا عليكم شهوداً) رقباء (إذ تفيضون) تأخذون (فيه) أي العمل (وما يعزب) يغيب (عن ربك من مثقال) وزن (ذرة) أصغر نملة (في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين) بيِّن هو اللوح المحفوظ
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: " وما تكون "، يا محمد، " في شأن "، يعني: في عمل من الأعمال، " وما تتلوا منه من قرآن "، يقول: وما تقرأ من كتاب الله من قرآن، " ولا تعملون من عمل "، يقول: ولا تعملون من عمر، أيها الناس، من خير أو شر، " إلا كنا عليكم شهودا "، يقول: إلا ونحن شهود لأعمالكم وشئونكم، إذ تعملونها وتأخذون فيها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك روي القول عن ابن عباس وجماعة.
ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: " إذ تفيضون فيه "، يقول: إذ تفعلون.
وقال آخرون: معنى ذلك، إذ تشيعون في القرآن الكذب.
ذكر من قال ذلك:
حدثت عن المسيب بن شريك، عن أبي روق، عن الضحاك : " إذ تفيضون فيه "، يقول: تشيعون في القرآن من الكذب.
وقال آخرون معنى ذلك: إذ تفيضون في الحق.
ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " إذ تفيضون فيه "، في الحق ما كان.
... قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، مثله.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله.
قال أبو جعفر: وإنما اخترنا القول الذي اخترناه فيه، لأنه تعالى ذكره أخبر أنه لا يعمل عباده عملاً إلا كان شاهده، ثم وصل ذلك بقوله: " إذ تفيضون فيه "، فكان معلوماً أن قوله: " إذ تفيضون فيه "، إنما هو خبر منه عن وقت عمل العاملين أنه له شاهد، لا عن وقت تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، لأن ذلك لو كان خبراً عن شهوده تعالى ذكره وقت إفاضة القوم في القرآن، لكانت القراءة بالياء: ((إذ يفيضون فيه))، خبراً منه عن المكذبين فيه.
فإن قال قائل: ليس ذلك خبراً عن المكذبين، ولكنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، أنه شاهده إذ تلا القرآن.
فإن ذلك لو كان كذلك، لكان التنزيل: ((إذ تفيض فيه))، لأن النبي صلى الله عليه وسلم واحد لا جمع، كما قال: " وما تتلوا منه من قرآن "، فأفرده بالخطاب، ولكن ذلك في ابتدائه خطابه صلى الله عليه وسلم بالإفراد، ثم عوده إلى إخراج الخطاب على الجمع، نظير قوله: " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء " [الطلاق: 1]، وذلك أن في قوله: " إذا طلقتم النساء "، دليلاً واضحاً على صرفه الخطاب إلى جماعة المسلمين مع النبي صلى الله عليه وسلم مع جماعة الناس غيره، لأنه ابتدأ خطابه، ثم صرف الخطاب إلى جماعة الناس والنبي صلى الله عليه وسلم فيهم.
وخبر عن أنه لا يعمل أحد من عباده عملاً إلا وهو له شاهد، يحصي عليه ويعلمه كما قال: " وما يعزب عن ربك "، يا محمد، عمل خلقه، ولا يذهب عليه علم شيء حيث كان من أرض أو سماء.
وأصله من ((عزوب الرجل عن أهله في ماشيته))، وذلك غيبته عنهم فيها. يقال منه: ((عزب الرجل عن أهله يعزب ويعزب)).
لغتان فصيحتان، قرأ بكل واحدة منهما جماعة من القرأة، وبأيتهما قرأ القارىء فمصيب، لاتفاق معنييهما، واستفاضتهما في منطق العرب، غير أني أميل إلى الضم فيه، لأنه أغلب على المشهورين من القرأة.
وقوله: " من مثقال ذرة "، يعني: من زنة نملة صغيرة.
يحكى عن العرب: ((خذ هذا، فإنه أخف مثقالاً من ذاك))، أي: أخف وزناً.
و((الذرة)) واحدة: ((الذر))، و((الذر))، صغار النمل.
قال أبو جعفر: وذلك خبر عن أنه لا يخفى عليه جل جلاله أصغر الأشياء وإن خف في الوزن كل الخفة، ومقادير ذلك ومبلغه، ولا أكبرها وإن عظم وثقل وزنه، وكم مبلغ ذلك. يقول تعالى ذكره لخلقه: فليكن عملكم، أيها الناس، فيما يرضي ربكم عنكم، فإنا شهود لأعمالكم، لا يخفى علينا شيء منها، ونحن محصوها ومجازوكم بها.
واختلفت القرأة في قراءة قوله: " ولا أصغر من ذلك ولا أكبر ".
فقرأ ذلك عامة القرأة بفتح الراء من " أصغر " و" أكبر "، على أن معناها الخفض، عطفاً بالأصغر على الذرة، وبالأكبر على الأصغر، ثم فتحت راؤهما، لأنهما لا يجريان.
وقرأ ذلك بعض الكوفيين: ((ولا أصغر من ذلك ولا أكبر))، رفعاً، عطفاً بذلك على معنى: ((المثقال))، لأن معناه الرفع. وذلك أن ((من))، لو ألقيت من الكلام، لرفع ((المثقال))، وكان الكلام حينئذ: ((وما يعزب عن ربك مثقال ذرة، ولا أصغر من مثقال ذرة ولا أكبر))، وذلك نحو قوله: " من خالق غير الله " و" غير الله " [فاطر: 3].
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك بالصواب، قراءة من قرأ بالفتح، على وجه الخفض والرد على الذرة، لأن ذلك قراءة قرأة الأمصار، وعليه عوام القرأة، وهو أصح في العربية مخرجاً، وإن كان للأخرى وجه معروف.
وقوله: " إلا في كتاب مبين "، يقول: وما ذاك كله إلا في كتاب عند الله، " مبين "، عن حقيقة خبر الله لمن نظر فيه، أنه لا شيء كان أو يكون إلا وقد أحصاه الله جل ثناؤه فيه، وأنه لا يعزب عن الله علم شيء من خلقه حيث كان من سمائه وأرضه.
حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: " وما يعزب "، يقول: لا يغيب عنه.
حدثني محمد بن عمارة قال، حدثنا عبد الله قال، أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد ، عن ابن عباس: " وما يعزب عن ربك "، قال: ما يغيب عنه.
قوله تعالى: "وما تكون في شأن" ما للجحد، أي لست في شأن، يعني من عبادة أو غيرها إلا والرب مطلع عليك. والشأن الخطب، والأمر، وجمعه شؤون. قال الأخفش: تقول العرب ما شأنت شأنه، أي ما عملت عمله. "وما تتلوا منه من قرآن" قال الفراء و الزجاج: الهاء في منه تعود على الشأن، أي تحدث شأناً فيتلى من أجله القرآن فيعلم كيف حكمه، أو ينزل فيه قرآن فيتلى. وقال الطبري: منه أي من كتاب الله تعالى. "من قرآن" أعاد تفخيماً، كقوله: "إني أنا الله" [القصص: 30]. "ولا تعملون من عمل" يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم والأمة. وقوله: "وما تكون في شأن" خطاب له والمراد هو وأمته، وقد يخاطب الرسول والمراد هو وأتباعه. وقيل: المراد كفار قريش. "إلا كنا عليكم شهودا" أي نعلمه، ونظيره "ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم" [المجادلة: السابعة]. إذ تفيضون فيه أي تأخذون فيه، والهاء عائدة على العمل، يقال: أفاض فلان في الحديث والعمل إذا اندفع فيه. قال الراعي:
فأفضن بعد كظومهن بجرة من ذي الأباطح إذ رعين حقيلاً
ابن عباس: تفيضون فيه تفعلونه. الأخفش: تتكلمون. ابن زيد: تخوضون. ابن كيسان: تنشرون القول. وقال الضحاك: الهاء عائدة على القرآن، المعنى: إذ تشيعون في القرآن الكذب. "وما يعزب عن ربك" قال ابن عباس: يغيب. وقال أبو روق: يبعد. وقال ابن كيسان: يذهب. وقرأ الكسائي يعزب بكسر الزاي حيث وقع، وضم الباقون، وهما لغتان فصيحتان، نحو يعرش ويعرش. "من مثقال" من صلة، أي وما يعزب عن ربك مثقال "ذرة"، أي وزن ذرة، أي نميلة حمراء صغيرة، وقد تقدم في النساء. "في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر" عطف على لفظ مثقال، وإن شئت على ذرة. وقرأ يعقوب وحمزة برفع الراء فيهما عطفاً على موضع مثقال لأن من زائدة للتأكيد. وقال الزجاج: ويجوز الرفع على الابتداء. وخبره "إلا في كتاب مبين" يعني اللوح المحفوظ مع علم الله تعالى به. قال الجرجاني: إلا بمعنى واو النسق، أي وهو في كتاب مبين، كقوله تعالى: "إني لا يخاف لدي المرسلون * إلا من ظلم" [النمل: 10-11] أي ومن ظلم. وقوله: "لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم" [البقرة: 150] أي والذين ظلموا منهم، فـإلا بمعنى واو النسق، وأضمر هو بعده، كقوله: "وقولوا حطة" [البقرة: 58] أي هي حطة. وقوله: "ولا تقولوا ثلاثة" [النساء: 171] أي هم ثلاثة. ونظير ما نحن فيه: "وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين" [الأنعام: 59] وهو في كتاب مبين.
يخبر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أنه يعلم جميع أحواله وأحوال أمته وجميع الخلائق في كل ساعة وأوان ولحظة وأنه لا يعزب عن علمه وبصره مثقال ذرة في حقارتها وصغرها في السموات ولا في الأرض ولا أصغر منها ولا أكبر إلا في كتاب مبين كقوله: " وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين " فأخبر تعالى أنه يعلم حركة الأشجار وغيرها من الجمادات وكذلك الدواب السارحة في قوله: "وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم" الاية وقال تعالى: "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها" الاية وإذا كان هذا علمه بحركات هذه الأشياء فكيف علمه بحركات المكلفين المأمورين بالعبادة كما قال تعالى: " وتوكل على العزيز الرحيم * الذي يراك حين تقوم * وتقلبك في الساجدين " ولهذا قال تعالى: " وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه " أي إذ تأخذون في ذلك الشيء نحن مشاهدون لكم راءون سامعون ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لما سأله جبريل عن الإحسان "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
قوله: 61- "وما تكون في شأن" الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وما نافية. والشأن: الأمر بمعنى القصد، وأصله الهمز، وجمعه شؤون. قال الأخفش: تقول العرب: ما شأنت شأنه: أي ما عملت عمله " وما تتلوا منه من قرآن ". قال الفراء والزجاج: الضمير في منه يعود على الشأن، والجار والمجرور صفة لمصدر محذوف: أي تلاوة كائنة منه، إذ التلاوة للقرآن من أعظم شؤونه صلى الله عليه وسلم، والمعنى: أنه يتلو من أجل الشأن الذي حدث القرآن فيعلم كيف حكمه، أو يتلو القرآن الذي ينزل في ذلك الشأن. وقال ابن جرير الطبري: الضمير عائد في منه إلى الكتاب: أي ما يكون من كتاب الله من قرآن، وأعاده تفخيماً له كقوله: "إنني أنا الله" والخطاب في "ولا تعملون من عمل" لرسول الله وللأمة، وقيل الخطاب لكفار قريش " إلا كنا عليكم شهودا " استثناء مفرغ من أعم الأحوال للمخاطبين: أي شهوداً عليكم بعمله منكم، والضمير. في فيه من قوله: "تفيضون فيه" عائد على العمل، يقال: أفاض فلان في الحديث والعمل: إذا اندفع فيه. وقال الضحاك: الضمير في فيه عائد على القرآن، والمعنى: إذ تشيعون في القرآن الكذب. قوله: "وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء". قرأ الكسائي يعزب بكسر الزاي، وقرأ الباقون بالضم وهما لغتان فصيحتان، ومعنى يعزب: يغيب، وقيل يبعد. وقال ابن كيسان: يذهب، وهذه المعاني متقاربة، ومن في "من مثقال" زائدة للتأكيد: أي وما يغيب عن ربك وزن ذرة: أي نملة حمراء، وعبر بالأرض والسماء مع أنه سبحانه لا يغيب عنه شيء لا فيهما ولا فيما هو خارج عنهما، لأن الناس لا يشاهدون سواهما وسوى ما فيهما من المخلوقات، وقدم الأرض على السماء لأنها محل استقرار العالم فهم يشاهدون ما فيها من قرب، والواو في "ولا أصغر من ذلك ولا أكبر" للعطف على لفظ مثقال، وانتصبا لكونهما ممتنعين، ويجوز أن يكون العطف على ذرة، وقيل: انتصابهما بلا التي لنفي الجنس، والواو للاستئناف، وليس من متعلقات وما يعزب، وخبر لا "إلا في كتاب" والمعنى: ولا أصغر من مثقال الذرة ولا أكبر منه إلا وهو في كتاب مبين فكيف يغيب عنه؟ وقرأ يعقوب وحمزة برفع أصغر وأكبر، ووجه ذلك أنه معطوف على محل من مثقال، ومحله الرفع، وقد أورد على توجيه النصب والرفع على العطف على لفظ مثقال ومحله، أو على لفظ ذرة إشكال، وهو أنه يصير تقدير الآية: لا يعزب عنه شيء في الأرض ولا في السماء إلا في كتاب، ويلزم منه أن يكون ذلك الشيء الذي في الكتاب خارجاً عن علم الله وهو محال. وقد أجيب عن هذا الإشكال بأن الأشياء المخلوقة قسمان: قسم أوجده الله ابتداء من غير واسطة كخلق الملائكة والسموات والأرض، وقسم آخر أوجده بواسطة القسم الأول من حوادث عالم الكون والفساد، ولا شك أن هذا القسم الثاني متباعد في سلسلة العلية عن مرتبة الأول، فالمراد من الآية أنه لا يبعد عن مرتبة وجوده سبحانه شيء في الأرض ولا في السماء إلا وهو في كتاب مبين أثبت فيه صورة تلك المعلومات، والغرض الرد على من يزعم أنه غير عالم بالجزئيات. وأجيب أيضاً بأن الاستثناء منقطع: أي لكن هو في كتاب مبين. وذكر أبو علي الجرجاني أن إلا بمعنى الواو، على أن الكلام قد تم عند قوله: "ولا أكبر" ثم وقع الابتداء بقوله: "إلا في كتاب مبين" أي وهو أيضاً في كتاب مبين. والعرب قد تضع إلا موضع الواو، ومنه قوله تعالى: " إني لا يخاف لدي المرسلون * إلا من ظلم " يعني ومن ظلم، وقوله: "لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا" أي والذي ظلموا، وقدر هو بعد الواو التي جاءت إلا بمعناها كما في قوله: "وقولوا حطة" أي هي حطة، ومثله "ولا تقولوا ثلاثة" "وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين". وقال الزجاج: إن الرفع على الابتداء في قراءة من قرأ بالرفع، وخبره "إلا في كتاب" واختاره صاحب الكشاف، واختار في قراءة النصب التي قرأ بها الجمهور أنهما منصوبان بلا التي لنفي الجنس، واستشكل العطف بنحو ما قدمنا.
61-قوله عز وجل: "وما تكون". يا محمد، "في شأن"، عمل من الأعمال، وجمعه شؤون، "وما تتلوا منه"، من الله، "من قرآن"،نازل، وقيل: منه أي من الشأن من قرآن، نزل فيه ثم خاطبه وأمته فقال: "ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه"، أي: تدخلون وتخوضون فيه، الهاء عائدة إلى العمل، والإضافة: الدخول في العمل. وقال ابن الأنباري: تندفعون فيه. وقيل: تكثرون فيه.
والإضافة: الدفع بكثرة.
"وما يعزب عن ربك"، يغيب عن ربك، وقرأ الكسائي "يعزب" بكسر الزاي، وقرأ الآخرون بضمها، وهما لغتان. "من مثقال ذرة"، أي: مثقال ذرة، و"من" صلة، والذرة هي: النملة الحميراء الصغيرة. "في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك"، أي: من الذرة، "ولا أكبر" قرأ حمزة ويعقوب: برفع الراء فيهما، عطفا على موضع المثقال قبل دخول "من"، وقرأ الآخرون: بنصبها، إرادة للكسرة، عطفا على الذرة في الكسر. "إلا في كتاب مبين". وهو اللوح المحفوظ.
61."وما تكون في شأن"ولا تكون في أمر ،وأصله الهمز من شأنت شأنه إذ قصدت قصده والضمير في" وما تتلوا منه "له لأن تلاوة القرآن معظم شأن الرسول ،أو لأن القراءة تكون لشأن فيكون التقدير من أجله ومفعول تتلو"من قرآن"على أن"من"تبعيضية أو مزيدة لتأكيد النفي أو للـ"قرآن"،وإضماره قبل الذكر ثم بيانه تفخيم له أو لله."ولا تعملون من عمل"تعميم للخطاب بعد تخصيصه بمن هو رأسهم ،ولذلك ذكر حيث خص ما فيه فخامة وذكر حيث عم ما يتناول الجليل والحقير."إلا كنا عليكم شهوداً"رقباء مطلعين عليه."إذ تفيضون فيه"تخوضون فيه وتندفعون ."وما يعزب عن ربك"ولا يبعد عنه ولا يغيب عن علمه ،وقرأ الكسائي بكسر الزاي هنا وفي (سبأ)."من مثقال ذرة"موازن نملة صغيرة أو هباء ." في الأرض ولا في السماء"أي في الوجود ولا إمكان فإن العامة لا تعرف ممكناً غيرهما ليس فيهما ولا متعلقاً بهما،وتقديم الأرض لأن الكلام في حال أهلها والمقصود منه البرهان على إحاطة علمه بها."ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين"كلام برأسه مقرر لما قبله"لا"نافية و"أصغر"اسمها" في كتاب "خبرها .وقرأ حمزة ويعقوب الرفع على الابتداء والخبر ، ومن عطف على لفظ"مثقال ذرة"وجعل الفتح بدل الكسر لامتناع الصرف أو على محله مع الجار جعل الاستثناء منقطعاً،والمراد بالكتاب اللوح المحفوظ.
61. And thou (Muhammad) art not occupied with any business and thou recitest not a lecture from this (Scripture), and ye ( mankind) perform no act, but We are Witness of you when ye are engaged therein. And not an atom's weight in the earth or in the sky escapeth your Lord, nor what is less than that or greater than that, but it is (written) in a clear Book.
61 - In whatever business thou mayest be, and whatever portion thou mayest be reciting from the Quran, and whatever deed ye (mankind) may be doing, we are witnesses thereof when ye are deeply engrossed therein. nor is hidden from thy Lord (so much as) the weight of an atom on the earth or in heaven. and not the least and not the greatest of these things but are recorded in a clear record.