60 - (وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها) أي تتمتعون وتتزينون به أيام حياتكم ثم يفنى (وما عند الله) أي ثوابه (خير وأبقى أفلا تعقلون) بالياء والتاء أن الباقي خير من الفاني
يقول تعالى ذكره: وما أعطيتم أيها الناس من شيء من الأموال والأولاد، فإنما هو متاع تتمتعون به في هذه الحياة الدنيا، وهو من زينتها التي يتزين به فيها، لا يغني عنكم عند الله شيئاً، ولا ينفعكم شيء منه في معادكم، وما عند الله لأهل طاعته وولايته خير مما أوتيتموه أنتم في هذه الدنيا من متاعها وزينتها وأبقى، يقول: وأبقى لأهله، لأنه دائم لا نفاد له.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، في قوله: " وما عند الله خير وأبقى " قال: خير ثواباً، وأبقى عندنا " أفلا تعقلون " يقول تعالى ذكره: أفلا عقول لكم أيها القوم تتدبرون بها فتعرفون بها الخير من الشر، وتختارون لأنفسكم خير المنزلتين على شرهما، وتؤثرون الدائم الذي لا نفاذ له من النعيم، على الفاني الذي لا بقاء له.
قوله تعالى : " وما أوتيتم من شيء " يا أهل مكة " فمتاع الحياة الدنيا وزينتها " أي تتمتعون بها مدة حياتكم ، أو مدة في حياتكم ، فإما أن تزولوا عنها أو تزول عنكم . " وما عند الله خير وأبقى " أي أفضل وأدوم ، يريد الدار الآخرة وهي الجنة . " أفلا تعقلون " أن الباقي أفضل من الفاني . قرأ أبو عمرو : ( يعقلون ) بالياء . والباقون بالتاء علىالخطاب وهو الاختيار لقوله تعالى : " وما أوتيتم " .
يقول تعالى مخبراً عن حقارة الدنيا, وما فيها من الزينة الدنيئة, والزهرة الفانية بالنسبة إلى ما أعده الله لعباده الصالحين في الدار الاخرة من النعيم العظيم المقيم, كما قال تعالى: "ما عندكم ينفد وما عند الله باق" وقال: "وما عند الله خير للأبرار" وقال: " وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع " وقال تعالى: " بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخرة خير وأبقى " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والله ما الحياة الدنيا في الاخرة إلا كما يغمس أحدكم أصبعه في اليم, فلينظر ماذا يرجع إليه".
وقوله تعالى: " أفلا تعقلون " أي أفلا يعقل من يقدم الدنيا على الاخرة. وقوله تعالى: "أفمن وعدناه وعداً حسناً فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين" يقول تعالى: أفمن هو مؤمن مصدق بما وعده الله على صالح الأعمال من الثواب الذي هو صائر إليه لا محالة, كمن هو كافر مكذب بلقاء الله ووعده ووعيده, فهو ممتع في الحياة الدنيا أياماً قلائل "ثم هو يوم القيامة من المحضرين" قال مجاهد وقتادة : من المعذبين. ثم قد قيل: إنها نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أبي جهل. وقيل في حمزة وعلي وأبي جهل, وكلاهما عن مجاهد , الظاهر أنها عامة, وهذا كقوله تعالى إخباراً عن ذلك المؤمن حين أشرف على صاحبه وهو في الدرجات, وذاك في الدركات, فقال: "ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين" وقال تعالى: "ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون".
ثم قال سبحانه: 60- "وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها" الخطاب لكفار مكة: أي وما أعطيتم من شيء من الأشياء فهو متاع الحياة الدنيا تتمتعون به مدة حياتكم أو بعض حياتكم ثم تزولون عنه أو يزول عنكم، وعلى كل حال فذلك إلى فناء وانقضاء "وما عند الله" من ثوابه وجزائه "خير" من ذلك الزائل الفاني لأنه لذة خالصة عن شوب الكدر "وأبقى" لأنه يدوم أبداً، وهذا ينقضي بسرعة "أفلا تعقلون" أن الباقي أفضل من الفاني، وما فيه لذة خالصة غير مشوبة أفضل من اللذات المشوبة بالكدر المنغصة بعوارض البدن والقلب، وقرئ بنصب متاع على المصدرية: أي فتمتعون متاع الحياة، قرأ أبو عمرو "يعقلون" بالتحتية، وقرأ الباقون بالفوقية على الخطاب وقراءتهم أرجح لقوله: "وما أوتيتم".
60- "وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها"، تتمتعون بها أيام حياتكم ثم هي إلى فناء وانقضاء، "وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون"، أن الباقي خير من الفاني.
قرأ عامة القراء: تعقلون بالتاء وأبو عمرو بالخيار بين التاء والياء.
60 -" وما أوتيتم من شيء " من أسباب الدنيا . " فمتاع الحياة الدنيا وزينتها " تتمتعون وتتزينون به مدة حياتكم المنقضية . " وما عند الله " وهو ثوابه . " خير " في نفسه من ذلك لأنه لذة خاصة وبهجة كاملة . " وأبقى " لأنه أبدى . " أفلا تعقلون " فتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ، وقرأ أبو عمرو بالياء وهو أبلغ في الموعظة .
60. And whatsoever ye have been given is a comfort of the life of the world and an ornament thereof; and that which Allah hath is better and more lasting. Have ye then no sense?
60 - The (material) things which ye are given are but the conveniences of this life and the glitter there of but that which is with God is better and more enduring: will ye not then be wise?