6 - (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها) حال مقدرة أي مقدرا خلودهم فيها من الله تعالى (أولئك هم شر البرية)
يقول تعالى ذكره : إن الذين كفروا بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، فجحدوا نبوته ، من اليهود والنصارى والمشركين جميعهم " في نار جهنم خالدين فيها " يقول : ماكثين ، لابثين فيها " أبدا " لا يخرجون منها ،ولا يموتون فيها " أولئك هم شر البرية " يقول جل ثناؤه : هؤلاء الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ، هم شر من برأه الله وخلقه ، والعرب لا تهمز البرية ، وبترك الهمز فيها قرأتها قراء الأمصار ، غير شيء يذكر عن نافع بن أبي نعيم ، فإنه حكى بعضهم عنه أنه كان يهمزها ، وذهب بها إلى قول الله " من قبل أن نبرأها " [ الحديد : 22] وأنها فعيلة من ذلك ، وأما الذين لم يهمزوها ، فإن لتركهم الهمز في ذلك وجهين : أحدهما أن يكونوا تركوا الهمز فيها ، كما تركوه من الملك ، وهو مفعل من ألك أو لأك ، ومن يرى ، وترى ، ونرى ، وهو يعفل من رأيت . والآخر : أن يكونوا وجهوها إلى أنها فعيلة من البرى وهو التراب ، حكي عن العرب سماعاً : بفيك البرى ، يعني به : التراب .
قال تعالى:" إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين " (المشركين): معطوف على (الذين)، أو يكون مجروراً معطوفاً على (أهل) " في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية" قرأ نافع وابن ذكوان بالهمز على الأصل في الموضعين، من قولهم: برأ الله الخلق، وهو البارئ الخالق، وقال: " من قبل أن نبرأها"[ الحديد:22]. الباقون بغير همز. وشد الياء عوضاً منه. قال الفراء: إن أخذت البرية من البرى، وهوالتراب، فأصله غير الهمز، تقول منه: براه الله يبروه برواً، أي خلقه. قال القشيري: ومن قال البرية من البرى، وهو التراب، قال: لاتدخل الملائكة تحت هذه اللفظة. وقيل: البرية: من بريت القلم، أي قدرته، فتدخل فيه الملائكة. ولكنه قول ضعيف، لأنه يجب منه تخطئه من همز. وقوله : (شر البرية) أي شر الخليقة. فقيل يحتمل أن يكون على تخطئة من همز. وقوله : (شر البرية) أي شر الخليقة. فقيل يحتمل أن يكون على التعميم. وقال قوم: أي هم شر البرية الذين كانوا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: " وأني فضلتكم على العالمين" [البقرة:47] أي على عالمي زمانكم. ولا يبعد أن يكون في كفار الأمم قبل هذا من هو شرمنهم، مثل فرعون وعاقر ناقة صالح. وكذا (خير البرية): إما على التعميم، أو خير برية عصرهم. وقد استدل بقراءة الهمز من فضل بين آدم على الملائكة، وقد مضى في سورة (البقرة) القول فيه. وقال أبو هريرة رضي الله عنه: المؤمن أكرم على الله عز وجل من بعض الملائكة الذين عنده.
يخبر تعالى عن مآل الفجار من أهل الكتاب والمشركين المخالفين لكتب الله المنزلة وأنبياء الله المرسلة أنهم يوم القيامة في نار جهنم خالدين فيها أي ماكثين لا يحولون عنها ولا يزولون "أولئك هم شر البرية" أي شر الخليقة التي برأها الله وذرأها ثم أخبر تعالى عن حال الأبرار الذين آمنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بأبدانهم بأنهم خير البرية, وقد استدل بهذه الاية أبو هريرة وطائفة من العلماء على تفضيل المؤمنين من البرية على الملائكة لقوله: "أولئك هم خير البرية" ثم قال تعالى: "جزاؤهم عند ربهم" أي يوم القيامة "جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً" أي بلا انفصال ولا انقضاء ولا فراغ "رضي الله عنهم ورضوا عنه" ومقام رضاه عنهم أعلى مما أوتوه من النعيم المقيم "ورضوا عنه" فيما منحهم من الفضل العميم.
وقوله تعالى: "ذلك لمن خشي ربه" أي هذا الجزاء حاصل لمن خشي الله واتقاه حق تقواه, وعبده كأنه يراه وعلم أنه إن لم يره فإنه يراه. وقال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن عيسى , حدثنا أبو معشر عن أبي وهب مولى أبي هريرة , عن أبي هريرة . قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بخير البرية ؟ قالوا بلى يا رسول الله. قال: رجل آخذ بعنان فرسه في سبيل الله كلما كانت هيعة استوى عليه. ألا أخبركم بخير البرية ؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: رجل في ثلة من غنمه يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة. ألا أخبركم بشر البرية ؟ قالوا: بلى قال: الذي يسأل بالله ولا يعطي به". آخر تفسير سورة لم يكن, ولله الحمد والمنة.
ثم بين سبحانه حال الفريقين في الآخرة بعد بيان حالهم في الدنيا فقال: 6- "إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم" الموصول اسم إن، والمشركين معطوف عليه، وخبرها في نار جهنم، و"خالدين فيها" حال من المستكن في الخبر، ويجوز أن يكون قوله والمشركين مجروراً عطفاً على أهل الكتاب ومعنى كونهم في نار جهنم أنهم يصيرون إليها يوم القيامة، والإشارة بقوله: "أولئك" إلى من تقدم ذكرهم من أهل الكتاب والمشركين المتصفين بالكون في نار جهنم والخلود فيها "هم شر البرية" أي الخليقة، يقال برأ: أي خلق، والبارئ الخالق، والبرية الخليقة. قرأ الجمهور "البرية" بغير همز في الموضعين وقرأ نافع وابن ذكوان فيهما بالهمز. قال الفراء: إن أخذت البرية من البراء وهو التراب لم تدخل الملائكة تحت هذا اللفظ، وإن أخذتها من بريت القلم: أي قدرته دخلت. وقيل إن الهمز هو الأصل لأنه يقال برأ الله الخلق بالهمز: أي ابتدعه واخترعه ومنه قوله: "من قبل أن نبرأها" ولكنها خففت الهمزة، والتزم تخفيفها عند عامة العرب.
ثم ذكر ما للفريقين فقال: 6- "إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية"، قرأ نافع وابن عامر البريئة بالهمزة في الحرفين لأنه من قولهم: برأ الله الخلق، وقرأ الآخرون مشدداً بغير همز، كالذرية، ترك همزها في الاستعمال.
6-" إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها" أي يوم القيامة ،أو في الحال لملابستهم ما يوجب ذلك ، واشتراك الفريقين في جنس العذاب لا يوجب اشتراكهما في نوعه فلعله يختلف لتفاوت كفرهما . " أولئك هم شر البرية " أي الخليقة . وقرأ نافع البريئة بالهمزة على الأصل .
6. Lo! those who disbelieve, among the People of the Scripture and the idolaters, will abide in fire of hell. They are the worst of created beings.
6 - Those who reject (Truth), among the People of the Book and among the Polytheists, will be in hell fire, to dwell therein (for aye). They are the worst of creatures.