6 - (وإذا حشر الناس كانوا) أي الأصنام (لهم) لعابديهم (أعداء وكانوا بعبادتهم) بعبادة عابديهم (كافرين) جاحدين
يقول تعالى ذكره : و إذا جمع الناس يوم القيامة لموقف الحساب كانت هذه الآلهة التي يدعونها في الدنيا لهم أعداء لأنهم يتبرؤن منهم " و كانوا بعبادتهم كافرين " يقول تعالى ذكره : و كانت آلهتهم التي يعبدونها في الدنيا بعبادتهم جاحدين لأنهم يقولون يوم القيامة : ما أمرناهم بعبادتنا ، ولا شعرنا بعبادتهم إيانا تبرأنا منهم يا ربنا .
قوله تعالى : " وإذا حشر الناس " يريد يوم القيامة . " كانوا لهم أعداء " أي هؤلاء المعبودون أعداء الكفار يوم القيامة فالملائكة أعداء الكفار ، والجن والشياطين يتبرءون غداء من عبدتهم ، ويلعن بعضهم بعضاً ، ويجوز أن تكون الأصنام للكفار الذين عبدوها أعداء ، على تقدير خلق الحياة لها ، دليله قوله تعالى : " تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون " [ القصص : 63 ] ، وقيل : عادوا معبوداتهم لأنهم كانوا سبب هلاكهم وجحد المعبودون عبادتهم ، وهو قوله : " وكانوا بعبادتهم كافرين " .
يخبر تعالى أنه أنزل الكتاب على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم, صلوات الله عليه دائماً إلى يوم الدين, ووصف نفسه بالعزة التي لا ترام, والحكمة في الأقوال والأفعال, ثم قال تعالى: "ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق" أي لا على وجه العبث والباطل "وأجل مسمى" أي وإلى مدة معينة مضروبة لا تزيد ولا تنقص, وقوله تعالى: "والذين كفروا عما أنذروا معرضون" أي لا هون عما يراد بهم, وقد أنزل الله تعالى إليهم كتاباً وأرسل إليهم رسولاً, وهم معرضون عن ذلك كله أي وسيعلمون غب ذلك. ثم قال تعالى: "قل" أي لهؤلاء المشركين العابدين مع الله غيره "أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض" أي أرشدوني إلى المكان الذي استقلوا بخلقه من الأرض "أم لهم شرك في السموات ؟" أي ولا شرك لهم في السموات ولا في الارض وما يملكون من قطمير, إن الملك والتصرف كله إلا لله عز وجل, فكيف تعبدون معه غيره وتشركون به ؟ من أرشدكم إلى هذا ؟ من دعاكم إليه ؟ أهو أمركم به ؟ أم هو شيء اقترحتموه من عند أنفسكم ؟ ولهذا قال: "ائتوني بكتاب من قبل هذا" أي هاتوا كتاباً من كتب الله المنزلة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يأمركم بعبادة هذه الأصنام "أو أثارة من علم" أي دليل بين على هذا المسلك الذي سلكتموه "إن كنتم صادقين" أي لا دليل لكم لا نقلياً ولا عقلياً على ذلك, ولهذا قرأ آخرون: أو أثرة من علم أي أو علم صحيح تؤثرونه عن أحد ممن قبلكم, كما قال مجاهد في قوله تعالى: "أو أثارة من علم" أو أحد يأثر علماً, وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أو بينة من الأمر. وقال الإمام أحمد حدثنا يحيى عن سفيان عن صفوان بن سليم, عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عباس رضي الله عنهما, قال سفيان: لا أعلم إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم, أو أثرة من علم, قال: الخط. وقال أبو بكر بن عياش: أو بقية من علم. وقال الحسن البصري: أو أثارة شيء يستخرجه فيثيره. وقال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وأبو بكر بن عياش أيضاً: أو أثارة من علم يعني الخط. وقال قتادة: أو أثارة من علم خاصة من علم وكل هذه الأقوال متقاربة. وهي راجعة إلى ما قلناه وهو اختيار ابن جرير رحمه الله وأكرمه وأحسن مثواه.
وقوله تبارك وتعالى: " ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون " أي لا أضل ممن يدعو من دون الله أصناماً, ويطلب ما لا تستطيعه إلى يوم القيامة, وهي غافلة عما يقول لا تسمع ولا تبصر ولا تبطش, لأنها جماد حجارة صم, وقوله تبارك وتعالى: "وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين" كقوله عز وجل: "واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزاً* كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضداً" أي سيخونونهم أحوج ما يكونون إليهم. وقال الخليل عليه الصلاة والسلام: " إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ".
5- "وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء" أي إذا حشر الناس العابدين للأصنام كان الأصنام لهم أعداء يتبرأ بعضهم من بعض ويلعن بعضهم بعضاً وقد قيل إن الله يخلق الحياة في الأصنام فتكذبهم. وقيل المراد أنها تكذيبهم وتعاديهم بلسان الحال لا بلسان المقال. وأما الملائكة والمسيح وعزير والشيطاين فإنهم يتبرأون ممن عبدهم يوم القيامة كما في قوله تعالى: "تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون" "وكانوا بعبادتهم كافرين" أي كان المعبودون بعبادة المشركين إياهم كافرين: أي جاحدين مكذبين وقيل الضمير في "كانوا" للعابدين كما في قوله: "والله ربنا ما كنا مشركين"، والأول أولى.
6. " وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين "، جاحدين، بيانه قوله: " تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون " (القصص-63).
6-" وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء " يضربونهم ولا ينفعونهم . " وكانوا بعبادتهم كافرين " مكذبين بلسان الحال أو المقال . وقيل الضمير للعابدين وهو كقوله تعالى : " والله ربنا ما كنا مشركين " .
6. And when mankind are gathered (to the Judgment) will become enemies for them, and will become deniers of having been worshipped.
6 - And when mankind are gathered together (at the Resurrection), they will be hostile to them and reject their worship (altogether)!