6 - (رحمة) رأفة بالمرسل إليهم (من ربك إنه هو السميع) لأقوالهم (العليم) بأفعالهم
قال : وكذلك قوله : " رحمة من ربك " قال : ويجوز أن تنصب الرحمة بوقوع مرسلين عليها ، فجعل الرحمة للنبي صلى الله عليه وسلم .
وقوله : " إنا كنا مرسلين " يقول تعالى ذكره : إنا كنا مرسلي رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى عبادنا رحمة من ربك يا محمد " إنه هو السميع العليم " يقول : إن الله تبارك وتعالى هو السميع لما يقول هؤلاء المشركون فيما أنزلنا من كتابنا ، وأرسلنا من رسلنا إليهم ، وغير ذلك من منطقهم ومنطق غيرهم ، العليم بما تنطوي عليه ضمائرهم ، وغير ذلك من أمورهم وأمور غيرهم .
قوله تعالى : " رحمة من ربك إنه هو السميع العليم "
وكذلك " رحمة من ربك " وهما عند الأخفش حالان ، تقديرهما ، أنزلناه آمرين به وراحمين ، المبرد : ( أمراً ) في موضع المصدر ، والتقدير : أنزلناه إنزالاً ، الفراء و الزجاج : ( أمراً ) نصب بـ ( يفرق ) مثل قولك ( يفرق فرقاً ) فأمر بمعنى فرق فهو مصدر ، مثل قولك : يضرب ضرباً ، وقيل : ( يفرق ) يدل على يؤمر ، فهو مصدر عمل فيه ما قبله ، ( إنا كنا مرسلين ، رحمة من ربك ) قال الفراء : ( رحمة ) مفعول بـ( مرسلين ) ، والرحمة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال الزجاج : ( رحمة ) مفعول من أجله ، أي أرسلناه للرحمة ، وقيل : هي بدل من قوله ( أمراً ) وقيل : هي مصدر : الزمخشري : ( أمراً ) نصب على الاختصاص ، جعل كل أمر جزلاً بأن وصفه بالحكيم ثم زاده جزالة وكسبه فخامة بأن قال : أعني بهذا الأمر أمراً حاصلاً من عندنا ، كائناً من لدنا ، وكما اقتضاه علمنا وتدبيرنا ، وفي قراءة زيد بن علي ( أمر من عندنا ) على هو أمر ، وهي تنصر انتصابه على الاختصاص ، وقرأ الحسن ( رحمة ) على تلك هي رحمة ، وهي تنصر انتصابها بأنه مفعول له .
يقول تعالى مخبراً عن القرآن العظيم أنه أنزله في ليلة مباركة, وهي ليلة القدر كما قال عز وجل: "إنا أنزلناه في ليلة القدر" وكان ذلك في شهر رمضان كما قال تبارك وتعالى: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن" وقد ذكرنا في الأحاديث الواردة في سورة البقرة بما أغنى عن إعادته, ومن قال: إنها ليلة النصف من شعبان كما روي عن عكرمة فقد أبعد النجعة, فإن نص القرآن أنها في رمضان, والحديث الذي رواه عبد الله بن صالح عن الليث عن عقيل عن الزهري, أخبرني عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تقطع الاجال من شعبان إلى شعبان حتى إن الرجل لينكح ويولد له وقد أخرج اسمه في الموتى" فهو حديث مرسل ومثله لا يعارض به النصوص. وقوله عز وجل: "إنا كنا منذرين" أي معلمين ما ينفعهم ويضرهم شرعاً لتقوم حجة الله على عباده.
وقوله: "فيها يفرق كل أمر حكيم" أي في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة, وما يكون فيها من الاجال والأرزاق وما يكون فيها إلى آخرها. وهكذا روي عن ابن عمر ومجاهد وأبي مالك والضحاك وغير واحد من السلف وقوله جل وعلا: "حكيم" أي محكم لا يبدل ولا يغير, ولهذا قال جل جلاله: "أمراً من عندنا" أي جميع ما يكون ويقدره الله تعالى وما يوحيه فبأمره وإذنه وعلمه "إنا كنا مرسلين" أي إلى الناس رسولاً يتلو عليهم آيات الله مبينات فإن الحاجة كانت ماسة إليه, ولهذا قال تعالى: "رحمة من ربك إنه هو السميع العليم * رب السموات والأرض وما بينهما" أي الذي أنزل القرآن هو رب السموات والأرض وخالقها ومالكها وما فيها "إن كنتم موقنين" أي إن كنتم متحققين ثم قال تعالى: "لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين" وهذه الاية كقوله تعالى: "قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت" الاية.
6- "رحمة من ربك" انتصاب رحمة على العلة: أي أنزلناه للرحمة، قاله الزجاج. وقال المبرد: إنها منتصبة على أنها مفعول لمرسلين: أي إنا كنا مرسلين رحمة. وقيل هي مصدر في موضع الحال: أي راحمين، قاله الأخفش. وقرأ الحسن رحمة بالرفع على تقدير هي رحمة "إنه هو السميع العليم" لمن دعاه "العليم" بكل شيء.
6. " رحمةً من ربك "، قال ابن عباس: رأفة مني بخلقي ونعمتي عليهم بما بعثنا إليهم من الرسل. وقال الزجاج : أنزلناه في ليلة مباركة للرحمة، " إنه هو السميع العليم "
6-" رحمة من ربك " بدل من " إنا كنا منذرين " أي أنزلنا القرآن لأن من عادتنا إرسال الرسل بالكتب إلى العباد لأجل الرحمة عليهم ، وضع الرب موضع الضمير للإشعار بأن الربوبية اقتضت ذلك ، فإنه أعظم أنواع التربية أو علة لـ" يفرق " أو " أمراً " ، و " رحمة " مفعول به أي يفصل فيها كل أمر أو تصدر الأوامر " من عندنا " لأن من شأننا أن نرسل رحمتنا فإن فصل كل أمر من قسمة الأرزاق وغيرها وصدور الأوامر الإلهية من باب الرحمة ، وقرئ " رحمة " على تلك رحمة . " إنه هو السميع العليم " يسمع أقوال العباد ويعلم أحوالهم ، وهو بما بعده تحقيق لربوبيته فإنها لا تحق إلا لمن هذه صفاته .
6. A mercy from thy Lord. Lo! He is the Hereafter, the Knower,
6 - As a Mercy from thy Lord: for He hears and knows (all things);