6 - (ما آمنت قبلهم من قرية) أي أهلها (أهلكناها) بتكذيبها ما أتاها من الآيات (أفهم يؤمنون) لا
أخرج ابن جرير عن قتادة قال قال أهل مكة للنبي صلى الله عليه وسلم إن كان ما تقول حقا ويسرك أن نؤمن فحول لنا الصفا ذهبا فأتاه جبريل عليه السلام فقال إن شئت كان الذي سألك قومك ولكنه إن كان ثم لم يؤمنوا لم ينظروا وإن شئت استأنيت بقومك فأنزل الله ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون
يقول تعالى ذكره : ما آمن من قبل هؤلاء المكذبين محمدا من مشركي قومه الذين قالوا : فليأتنا محمد بآية كما جاءت به الرسل قبله من أهل قرية عذبناهم بالهلاك في الدنيا ، إذ جاءهم رسولنا إليهم بآية معجزة " أفهم يؤمنون " يقول : أفهؤلاء المكذبون محمدا السائلوه الآية يؤمنون به إن جاءتهم آية ، ولم تؤمن قبلهم أسلافهم من الأمم الخالية التي أهلكناها برسلها مع مجيئها .
و بنحو الذي قلنا في تأويل ذلك ، قال أهل التأويل :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " أهلكناها أفهم يؤمنون " يصدقون بذلك .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج عن مجاهد مثله .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون " أي الرسل كانوا إذا جاءوا قومهم بالبينات فلم يؤمنوا لم ينظروا .
قوله تعالى: " ما آمنت قبلهم من قرية " قال ابن عباس: يريد قوم صالح وقوم فرعون. " أهلكناها " يريد كان في علمنا هلاكها. " أفهم يؤمنون " يريد يصدقون، أي فما آمنوا بالآيات فاستؤصلوا، فلو رأى هؤلاء ما اقترحوا لما آمنوا، لما سبق من القضاء بأنهم لا يؤمنون أيضاً، وإنما تأخر عقابهم لعلمنا بأن في أصلابهم من يؤمن. و " من " زائدة في قوله: " من قرية " كقوله: " فما منكم من أحد عنه حاجزين " [الحاقة: 47].
هذا تنبيه من الله عز وجل على اقتراب الساعة ودنوها, وأن الناس في غفلة عنها, أي لا يعملون لها ولا يستعدون من أجلها. وقال النسائي : حدثنا أحمد بن نصر , حدثنا هشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسي , حدثنا أبو معاوية , حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم "في غفلة معرضون" قال: "في الدنيا". وقال تعالى: " أتى أمر الله فلا تستعجلوه " وقال " اقتربت الساعة وانشق القمر * وإن يروا آية يعرضوا " الاية, وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة الحسن بن هانىء أبي نواس الشاعر أنه قال: أشعر الناس الشيخ الطاهر أبو العتاهية حيث يقول:
الناس في غفلاتهم ورحا المنية تطحن
فقيل له: من أين أخذ هذا؟ قال من قول الله تعالى: "اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون" وروى في ترجمة عامر بن ربيعة من طريق موسى بن عبيد الامدي عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عامر بن ربيعة أنه نزل به رجل من العرب, فأكرم عامر مثواه, وكلم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه الرجل فقال: إني استقطعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وادياً في العرب, وقد أردت أن اقطع لك منه قطعة تكون لك ولعقبك من بعدك, فقال عامر : لا حاجة لي في قطيعتك, نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا "اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون".
ثم أخبر تعالى أنهم لا يصغون إلى الوحي الذي أنزل الله على رسوله والخطاب مع قريش ومن شابههم من الكفار, فقال "ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث" أي جديد إنزاله "إلا استمعوه وهم يلعبون" كما قال ابن عباس : ما لكم تسألون أهل الكتاب عما بأيديهم وقد حرفوه وبدلوه وزادوا فيه ونقصوا منه, وكتابكم أحدث الكتب بالله تقرؤونه محضاً لم يشب, رواه البخاري بنحوه.
وقوله: "وأسروا النجوى الذين ظلموا" أي قائلين فيما بينهم خفية "هل هذا إلا بشر مثلكم" يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم يستبعدون كونه نبياً لأنه بشر مثلهم, فكيف اختص بالوحي دونهم, ولهذا قال: "أفتأتون السحر وأنتم تبصرون" أي أفتتبعونه فتكونون كمن يأتي السحر وهو يعلم أنه سحر, فقال تعالى مجيباً لهم عما افتروه واختلقوه من الكذب "قال ربي يعلم القول في السماء والأرض" أي الذي يعلم ذلك لا يخفى عليه خافية, وهو الذي أنزل هذا القرآن المشتمل على خبر الأولين والاخرين, الذي لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله إلا الذي يعلم السر في السموات والأرض. وقوله: "وهو السميع العليم" أي السميع لأقوالكم والعليم بأحوالكم, وفي هذا تهديد لهم ووعيد. وقوله: "بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه" هذا إخبار عن تعنت الكفار وإلحادهم واختلافهم فيما يصفون به القرآن, وحيرتهم فيه وضلالهم عنه, فتارة يجعلونه سحراً, وتارة يجعلونه شعراً, وتارة يجعلونه أضغاث أحلام, وتارة يجعلونه مفترى, كما قال "انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلاً" وقوله "فليأتنا بآية كما أرسل الأولون" يعنون كناقة صالح وآيات موسى وعيسى وقد قال الله: " وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون " الاية, ولهذا قال تعالى: "ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون" أي ما آتينا قرية من القرى التي بعث فيهم الرسل آية على يدي نبيها فآمنوا بها بل كذبوا, فأهلكناهم بذلك أفهؤلاء يؤمنون بالايات لو رأوها دون أولئك؟ كلا, بل " إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون * ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم " هذا كله وقد شاهدوا من الايات الباهرات والحجج القاطعات والدلائل البينات على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو أظهر وأجلى وأبهر وأقطع وأقهر مما شوهد مع غيره من الأنبياء, صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
قال ابن أبي حاتم رحمه الله: ذكر عن زيد بن الحباب , حدثنا ابن لهيعة : حدثنا الحارث بن يزيد الحضرمي عن علي بن رباح اللخمي , حدثني من شهد عبادة بن الصامت يقول: كنا في المسجد ومعنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقرىء بعضنا بعضاً القرآن, فجاء عبد الله بن أبي ابن سلول ومعه نمرقة وزربية, فوضع واتكأ, وكان صبيحاً فصيحاً جدلاً, فقال: يا أبا بكر , قل محمد يأتينا بآية كما جاء الأولون, جاء موسى بالألواح, وجاء دواد بالزبور, وجاء صالح بالناقة, وجاء عيسى بالإنجيل وبالمائدة, فبكى أبو بكر رضي الله عنه, فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر : قوموا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نستغيث به من هذا المنافق, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه لا يقام لي إنما يقام لله عز وجل فقلنا: يا رسول الله إنا لقينا من هذا المنافق, فقال: إن جبريل قال لي اخرج فأخبر بنعم الله التي أنعم بها عليك, وفضيلته التي فضلت بها, فبشرني أني بعثت إلى الأحمر والأسود, وأمرني أن أنذر الجن, وآتاني كتابه وأنا أمي, وغفر ذنبي ما تقدم وما تأخر, وذكر اسمي في الأذان, وأمدني بالملائكة, وآتاني النصر, وجعل الرعب أمامي, وآتاني الكوثر, وجعل حوضي من أكثر الحياض يوم القيامة وروداً, ووعدني المقام المحمود والناس مهطعون مقنعون رؤوسهم, وجعلني في أول زمرة تخرج من الناس, وأدخل في شفاعتي سبعين ألفاً من أمتي الجنة بغير حساب, وآتاني السلطان والملك, وجعلني في أعلى غرفة في الجنة في جنات النعيم, فليس فوقي أحد إلا الملائكة الذين يحملون العرش, وأحل لي ولأمتي الغنائم ولم تحل لأحد كان قبلنا" وهذا الحديث غريب جداً.
فقال الله مجيباً لهم 6- "ما آمنت قبلهم من قرية" أي قبل مشركي مكة: ومعنى من قرية من أهل قرية، ووصف القرية بقوله: "أهلكناها" أي أهلكنا أهلها، أو أهلكناها بإهلاك أهلها، وفيه بيان أن سنة الله في الأمم السالفة أن المقترحين إذا أعطوا ما اقترحوه، ثم لم يؤمنوا نزل بهم عذاب الاستئصال لا محالة، ومن في من قرية مزيدة للتأكيد. والمعنى: ما آمنت قرية من القرى التي أهلكناها بسبب اقتراحهم قبل هؤلاء، فكيف نعطيهم ما يقترحون، وهم أسوة من قبلهم، والهمزة في "أفهم يؤمنون" للتقريع والتوبيخ، والمعنى: إن لم تؤمن أمة من الأمم المهلكة عند إعطاء ما اقترحوا، فكيف يؤمن هؤلاء لو أعطوا ما اقترحوا.
6. قال الله تعالى مجيباً لهم: " ما آمنت قبلهم "، قبل مشركي مكة، " من قرية "، أي من أهل قرية أتتهم الآيات، " أهلكناها "، أهلكناهم بالتكذيب، " أفهم يؤمنون "؟، إن جاءتهم آية، معناه: أن أولئك لم يؤمنوا بالآيات لما أتتهم أفيؤمن هؤلاء؟.
6ـ " ما آمنت قبلهم من قرية " من أهل قرية . " أهلكناها " باقتراح الآيات لما جاءتهم . " أفهم يؤمنون " لو جئتهم بها وهم أعتى منهم ، وفيه تنبيه على أن عدم الإتيان بالمقترح للإبقاء عليهم إذ لو أتى به ولم يؤمنوا استوجبوا عذاب الاستئصال كمن قبلهم .
6. Not a township believed of those which We destroyed before them (though We sent them portents): would they then believe?
6 - (As to those) before them, not one of the populations which we destroyed believed: will these believe?