6 - (يرثني) بالجزم جواب الأمر وبالرفع صفة وليا (ويرث) بالوجهين (من آل يعقوب) جدي العلم والنبوة (واجعله رب رضيا) أي مرضيا عندك قال تعالى في إجابة طلبه الابن الحاصل به رحمته
وقوله "يرثني ويرث من آل يعقوب " يقول : يرثني من بعد وفاتي مالي ، ويرث من آل يعقوب النبوة، وذلك أن زكريا كان من ولد يعقوب .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا جابر بن نوح ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح، قوله "يرثني ويرث من آل يعقوب " يقول : يرث مالي ، ويرث من آل يعقوب النبوة .
حدثنا مجاهد، قال : ثنا يزيد، قال : أخبرنا إسماعيل ، عن أبي صالح في قوله " يرثني ويرث من آل يعقوب" قال : يرث مالي ، ويرث من آل يعقوب النبوة .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح ، في قوله "يرثني ويرث من آل يعقوب " قال : يرثني مالي ، ويرث من آل يعقوب النبوة.
حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، في قوله "يرثني ويرث من آل يعقوب" قال : يكون نبياً كما كانت آباؤه أنبياء.
حدثني محمد بن عمرو، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء، جميعاً، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد "يرثني ويرث من آل يعقوب" قال : وكان وراثته علماً ، وكان زكريا من ذرية يعقوب.
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد، قال : كان وراثته علماً ، وكان زكريا من ذرية يعقوب .
حدثنا الحسن بن يحيى، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر، عن قتادة، عن الحسن ، في قوله "يرثني ويرث من آل يعقوب" قال : نبوته وعلمه .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا جابر بن نوح ، عن مبارك ، عن الحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رحم الله أخي زكريا، ما كان عليه من ورثة ماله حين يقول فهب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب .
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة، قوله "يرثني ويرث من آل يعقوب" قال : كان الحسن يقول : يرث نبوته وعلمه. قال قتادة: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية، وأتى على "يرثني ويرث من آل يعقوب" قال : رحم الله زكريا ما كان عليه من ورثته .
حدثنا الحسن، قال : أخبرنا عبد الرزاق، قال : أخبرنا معمر، عن قتادة، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : يرحم الله زكريا وما كان عليه من ورثته ؟ ويرحم الله لوطاً إن كان ليأوي إلى ركن شديد.
حدثني موسى، قال : ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط ، عن السدي "فهب لي من لدنك وليا * يرثني ويرث من آل يعقوب" قال : يرث نبوتي ونبوة آل يعقوب.
واختلفت القراء في قراءة قوله "يرثني ويرث من آل يعقوب" فقرأت ذلك عاقة قراء المدينة ومكة وجماعة من أهل الكوفة "يرثني ويرث " برفع الحرفين كليهما . بمعنى : فهب الذي يرثني ويرث من آل يعقوب ، على أن يرثني ويرث من آل يعقوب ، من صلة الولي . وقرأ ذلك جماعة من قراء أهل الكوفة والبصرة (يرثني ويرث ، بجزم الحرفين على الجزاء والشرط ، بمعنى : فهب لي من لدنك وليا فإنه يرثني إذا وهبته لي . وقال الذين قرءوا ذلك كذلك : إنما حسن ذلك في هذا الموضع ، لأن يرثني من آية غير التي قبلها. قالوا: وإنما يحسن أن يكون مثل هذا صلة، إذا كان غير منقطع عما هو له صلة، كقوله "ردءا يصدقني ".
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين عندي في ذلك بالصواب قراءة من قرأه برفع الحرفين على الصلة للولي لأن الولي نكرة، وأن زكريا إنما سأل ربه أن يهب له ولياً يكون بهذه الصفة، كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا أنه سأله ولياً، ثم أخبر أنه إذا وهب له ذلك كانت هذه صفته ، لأن ذلك لو كان كذلك ، كان ذلك من زكريا دخولاً في علم الغيب الذي قد حجبه الله عن خلقه .
وقوله "واجعله رب رضيا" يقول : واجعل يا رب الولي الذي تهبه لي مرضيا ترضاه أنت وبرضاه عبادك دينا وخلقاً وخلقاً . والرضي : فعيل صرف من مفعول إليه .
قوله تعالى: " يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا " فيه أربع مسائل:
الأولى: قوله تعالى: " يرثني " قرأ أهل الحرمين و الحسن وعاصم وحمزة " يرثني ويرث " بالرفع فيهما. وقرأ يحيى بن يعمر وأبو عمرو ويحيى بن وثاب و الأعمش و الكسائي بالجزم فيهما، وليس هما جواب " هب " على مذهب سيبويه ، إنما تقديره إن تهبه يرثني ويرث، والأول أصوب في المعنى لأنه طلب وارثاً موصوفاً، أي هب لي من لدنك الولي الذي هذه حاله وصفته، لأن الأولياء منهم من لا يرث، فقال: هب لي الذي يكون وارثي، قاله أبو عبيد، ورد قراءة الجزم، قال: لأن معناه إن وهبت ورث، وكيف يخبر الله عز جل بهذا وهو أعلم به منه؟! النحاس : وهذا حجة متقصاة، لأن جواب الأمر عند النحويين فيه معنى الشرط والمجازاة، تقول: أطع الله يدخلك الجنة، أي إن تطعه يدخلك الجنة.
الثانية: قال النحاس : فأما معنى " يرثني ويرث من آل يعقوب " فللعلماء فيه ثلاثة أجوبة، قيل: هي وراثة نبوة. وقيل: هي وراثة حكمة. وقيل: هي وراثة مال. فأما قولهم وراثة نبوة فمحال، لأن النبوة لا تورث، ولو كانت تورث لقال قائل: الناس ينتسبون إلى نوح عليه السلام وهو نبي مرسل. ووراثة العلم والحكمة مذهب حسن ، وفي الحديث " العلماء ورثة الأنبياء ". وأما وراثة المال فلا يمتنع، وإن كان قوم قد أنكروه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا نورث ما تركنا صدقة " فهذا لا حجة فيه، لأن الواحد يخبر عن نفسه بإخبار الجمع. وقد يؤول هذا بمعنى، لا نورث الذي تركناه صدقة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخلف شيئاً يورث عنه، وإنما كان الذي أباحه الله عز وجل إياه في حياته بقوله تبارك اسمه: " واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول " [الأنفال: 41] لأن معنى " لله " لسبيل الله، ومن سبيل الله ما يكون في مصلحة الرسول صلى الله عليه وسلم ما دام حياً، فإن قيل: في بعض الروايات " إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة " ففيه التأويلان جميعاً، أن يكون " ما " بمعنى الذي. والآخر لا يورث من كانت هذه حاله. وقال أبو عمر : واختلف العلماء في تأويل قوله عليه السلام: " لا نورث ما تركنا صدقة " على قولين: أحدهما: وهو الأكثر وعليه الجمهور - أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يورث وما ترك صدقة. والآخر: أن نبينا عليه الصلاة والسلام لم يورث، لأن الله تعالى خصه بأن جعل ماله كله صدقة زيادة في فضيلته، كما خص في النكاح بأشياء أباحها له وحرمها على غيره، وهذا القول قاله بعض أهل البصرة منهم ابن علية، وسائر علماء المسلمين على القول الأول.
الثالثة: قوله تعالى: " من آل يعقوب " قيل: هو يعقوب إسرائيل، وكان زكريا متزوجاً بأخت مريم بنت عمران، ويرجع نسبها إلى يعقوب، لأنها من ولد سليمان بن داود وهو من ولد يهوذا بن يعقوب، وزكريا من ولد هارون أخي موسى، وهارون وموسى من ولد لاوى بن يعقوب، وكانت النبوة في سبط يعقوب بن إسحاق. وقيل: المعنى بيعقوب ها هنا يعقوب بن ماثان أخو عمران بن ماثان أبي مريم أخوان من نسل سليمان بن داود عليهما السلام، لأن يعقوب وعمران ابنا ماثان، وبنو ماثان رؤساء بني إسرائيل، قاله مقاتل وغيره. وقال الكلبي : وكان آل يعقوب أخواله، وهو يعقوب بن ماثان، وكان فيهم الملك، وكان زكريا من ولد هارون بن عمران أخي موسى. وروى قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" يرحم الله - تعالى - زكريا ما كان عليه من ورثته ". ولم ينصرف يعقوب لأنه أعجمي.
الرابعة: قوله تعالى: " واجعله رب رضيا " أي مرضياً في أخلاقه وأفعاله. وقيل: راضياً بقضائك وقدرك. وقيل: رجلاً صالحاً ترضى عنه. وقال أبو صالح: نبياً كما جعلت أباه نبياً.
أما الكلام على الحروف المقطعة فقد تقدم في أول سورة البقرة, وقوله " ذكر رحمة ربك " أي هذا ذكر رحمة الله بعبده زكريا, وقرأ يحيى بن يعمر " ذكر رحمة ربك عبده زكريا " وزكريا يمد ويقصر, قراءتان مشهورتان وكان نبياً عظيماً من أنبياء بني إسرائيل, وفي صحيح البخاري أنه كان نجاراً يأكل من عمل يده في النجارة. وقوله "إذ نادى ربه نداء خفياً" قال بعض المفسرين: إنما أخفى دعاءه لئلا ينسب في طلب الولد إلى الرعونة لكبره, حكاه الماوردي وقال آخرون: إنما أخفاه لأنه أحب إلى الله, كما قال قتادة في هذه الاية "إذ نادى ربه نداء خفياً" إن الله يعلم القلب التقي, ويسمع الصوت الخفي, وقال بعض السلف: قام من الليل عليه السلام وقد نام أصحابه, فجعل يهتف بربه يقول خفية: يا رب, يا رب, يا رب, فقال الله له: لبيك لبيك لبيك "قال رب إني وهن العظم مني" أي ضعفت وخارت القوى "واشتعل الرأس شيباً", أي اضطرم المشيب في السواد, كما قال ابن دريد في مقصورته:
أما ترى رأسي حاكى لونه طرة صبح تحت أذيال الدجى
واشتعل المبيض في مسودة مثل اشتعال النار في جمر الغضا
والمراد من هذا الإخبار عن الضعف والكبر ودلائله الظاهرة والباطنة. وقوله "ولم أكن بدعائك رب شقيا" أي ولم أعهد منك إلا الإجابة في الدعاء, ولم تردني قط فيما سألتك وقوله "وإني خفت الموالي من ورائي" قرأ الأكثرون بنصب الياء من الموالي على أنه مفعول, وعن الكسائي أنه سكن الياء, كما قال الشاعر:
كأن أيديهن في القاع القرق أيدي جوار يتعاطين الورق
وقال الاخر:
فتى لو يباري الشمس ألقت قناعها أو القمر الساري لألقى المقالدا
ومنه قول أبي تمام حبيب بن أوس الطائي:
تغاير الشعر منه إذ سهرت له حتى ظننت قوافيه ستقتتل
وقال مجاهد وقتادة والسدي : أراد بالموالي العصبة. وقال أبو صالح : الكلالة . وروي عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه كان يقرؤها "وإني خفت الموالي من ورائي" بتشديد الفاء بمعنى قلت عصباتي من بعدي, وعلى القراءة الأولى وجه خوفه أنه خشي أن يتصرفوا من بعده في الناس تصرفاً سيئاً, فسأل الله ولداً يكون نبياً من بعده ليسوسهم بنبوته ما يوحي إليه, فأجيب في ذلك لا أنه خشي من وراثتهم له ماله, فإن النبي أعظم منزلة وأجل قدراً من أن يشفق على ماله إلى ما هذا حده, وأن يأنف من وراثة عصباته له ويسأل أن يكون له ولد ليحوز ميراثه دونهم هذا وجه.
(الثاني) أنه لم يذكر أنه كان ذا مال بل كان نجاراً يأكل من كسب يديه, ومثل هذا لا يجمع مالاً ولا سيما الأنبياء, فإنهم كانوا أزهد شيء في الدنيا.
(الثالث) أنه قد ثبت في الصحيحين من غير وجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا نورث, ما تركنا فهو صدقة" وفي رواية عند الترمذي بإسناد صحيح "نحن معشر الأنبياء لا نورث", وعلى هذا فتعين حمل قوله " فهب لي من لدنك وليا * يرثني " على ميراث النبوة, ولهذا قال "ويرث من آل يعقوب" كقوله "وورث سليمان داود" أي في النبوة إذ لو كان في المال لما خصه من بين إخوته بذلك, ولما كان في الإخبار بذلك كبير فائدة, إذ من المعلوم المستقر في جميع الشرائع والملل أن الولد يرث أباه, فلولا أنها وراثة خاصة لما أخبر بها, وكل هذا يقرره ويثبته ما صح في الحديث "نحن معاشر الأنبياء لا نورث, ما تركنا فهو صدقة".
قال مجاهد في قوله "يرثني ويرث من آل يعقوب " كان وراثته علماً, وكان زكريا من ذرية يعقوب, وقال هشيم : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قوله "يرثني ويرث من آل يعقوب" قال: يكون نبياً كما كانت آباؤه أنبياء, وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة , عن الحسن يرث نبوته وعلمه, وقال السدي : يرث نبوتي ونبوة آل يعقوب. وعن مالك عن زيد بن أسلم "ويرث من آل يعقوب" قال نبوتهم. وقال جابر بن نوح ويزيد بن هارون كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد , عن أبي صالح في قوله "يرثني ويرث من آل يعقوب" قال: يرث مالي ويرث من آل يعقوب النبوة, وهذا اختيار ابن جرير في تفسيره.
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "يرحم الله زكريا وما كان عليه من وراثة ماله, ويرحم الله لوطاً إن كان ليأوي إلى ركن شديد " . وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب , حدثنا جابر بن نوح عن مبارك هو ابن فضالة , عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "رحم الله أخي زكريا ما كان عليه من وراثة ماله حين قال: هب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب" وهذه مرسلات لا تعارض الصحاح, والله أعلم. وقوله "واجعله رب رضيا" أي مرضياً عندك وعند خلقك, تحبه وتحببه إلى خلقك في دينه وخلقه.
6- "يرثني ويرث من آل يعقوب" قرأ أهل الحرمين والحسن وعاصم وحمزة وابن محيصن ويحيى بن المبارك اليزيدي بالرفع في الفعلين جميعاً على أنهما صفتان للولي وليسا بجواب للدعاء. وقرأ يحيى بن يعمر وأبو عمرو ويحيى بن وثاب والأعمش والكسائي بالجزم فيهما على أنهما جواب للدعاء. ورجح القراءة الأولى أبو عبيد وقال: هي أصوب في المعنى، لأنه طلب ولياً هذه صفته فقال: هب لي الذي يكون وارثي. ورجح ذلك النحاس وقال: لأن جواب الأمر عند النحويين فيه معنى الشرط والمجازاة، تقول أطع الله يدخلك الجنة: أي إن تطعه يدخلك الجنة، وكيف يخبر الله سبحانه بهذا، أعني كونه أن يهب له ولياً يرثه، وهو أعلم بذلك، والوراثة هنا هي وراثة العلم والنبوة على ما هو الراجح كما سلف. وقد ذهب أكثر المفسرين إلى أن يعقوب المذكور هنا هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم. وزعم بعض المفسرين أنه يعقوب بن ماثان أخو عمران بن ماثان، وبه قال الكلبي ومقاتل، وآل يعقوب هم خاصته الذين يؤول أمرهم إليه للقرابة أو الصحبة أو الموافقة في الدين، وقد كان فيهم أنبياء وملوك، وقريء يرثني وارث من آل يعقوب على أنه فاعل يرثني. وقرئ وأرث آل يعقوب أي أنا. وقرئ أو يرث آل يعقوب بلفظ التصغير على أن هذا المصغر فاعل يرثني، وهذه القراءات في غاية الشذوذ لفظاً ومعنى "واجعله رب رضياً" أي مرضياً في أخلاقه وأفعاله، وقيل راضياً بقضائك وقدرك، وقيل رجلاً صالحاً ترضى عنه، وقيل نبياً كما جعلت آباءه أنبياء.
6 - " يرثني ويرث من آل يعقوب " ، قرأ أبو عمرو ، و الكسائي : بجزم الثاء فيهما ، على جواب الدعاء ، وقرأ الآخرون بالرفع على الحال والصفة ، أي : ولياً وارثاً .
واختلفوا في هذا الإرث ، قال الحسن : معناه يرثني مالي ويرث من آل يعقوب النبوة والحبورة .
وقيل : أراد ميراث النبوة والعلم .
وقيل : أراد إرث الحبورة ، لأن زكريا كان على رأس الأحبار .
قال الزجاج : والأولى أن يحمل على ميراث غير المال لأنه يبعد أن يشفق زكريا وهو نبي من الأنبياء أن يرثه بنو عمه ماله .
والمعنى : إنه خاف تضييع بني عمه دين الله وتغيير أحكامه على ما كان شاهده من بني إسرائيل من تبديل الدين وقتل الأنبياء ، فسأل ربه ولياً صالحاً يأمنه على أمته ، ويرث نبوته وعلمه لئلا يضيع الدين . وهذا معنى قول عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما.
" واجعله رب رضياً " ، أي براً تقياً مرضياً .
6 ـ " يرثني ويرث من آل يعقوب" صفتان له وجزمهما أبو عمرو والكسائي على أنهما جواب الدعاء، والمراد وراثة الشرع والعلم فإن الأنبياء لا يورثون المال. وقيل يرثني الحبورة فإنه كان حبراً، ويرث من آل يعقوب الملك ، وهو يعقوب بن إسحاق عليهما الصلاة والسلام. وقيل يعقوب كان أخا زكريا أو عمران بن ماثان من نسل سليمان عليه السلام . وقرئ ((يرثني وارث آل يعقوب)) على الحال من أحد الضميرين، وأو ((يرث)) بالتصغير لصغره، ووارث من آل يعقوب على أنه فاعل "يرثني" وهذا يسمى الجريد في علم البيان لأنه جرد عن المذكور أولاً مع أنه المراد. "واجعله رب رضياً" ترضاه قولاً وعملاً.
6. Who shall inherit of me and inherit (also) of the house of Jacob. And make him, my Lord, acceptable ( unto Thee).
6 - (One that) will (truly) represent me, and represent the posterity of Jacob; and make him, O my Lord! One with whom thou art well pleased!