58 - (وما يستوي الأعمى والبصير) ولا (والذين آمنوا وعملوا الصالحات) وهو المحسن (ولا المسيء) فيه زيادة لا (قليلا ما تتذكرون) يتعظون بالياء والتاء أي تذكرهم قليل جدا
وما يستوي الأعمى الذي لا يبصر شيئاً ، وهو مثل الكافر الذي لا يتأمل حجج الله بعينيه ، فيتدبرها ويعتبر بها ، فيعلم وحدانيته وقدرته على خلق ما شاء من شيء ، ويؤمن به ويصدق . والبصير الذي يرى بعينيه ما شخص لهما ويبصره ، وذلك مثل للمؤمن الذي يرى بعينيه حجج الله ، فيتفكر فيها ويتعظ ، ويعلم ما دلت عليه من توحيد صانعه وعظيم سلطانه وقدرته على خلق ما يشاء ، ولا يستوي أيضاً الكافر والمؤمن " والذين آمنوا وعملوا الصالحات " يقول جل ثناؤه : ولا يستوي أيضاً كذلك المؤمنون بالله ورسوله ، المطيعون لربهم ، ولا المسيء ، وهو الكافر بربه ، العاصي له ، المخالف أمره " قليلاً ما تتذكرون " يقول جل ثناؤه : قليلاً ما تتذكرون أيها الناس حجج الله ، فتعتبرون وتتعظون ، يقول : لو تذكرتم آياته واعتبرتم ، لعرفتم خطأ ما أنتم عليه مقيمون من إنكاركم قدرة الله على إحيائه من فني من خلقه من بعد الفناء ، وإعادتهم لحياتهم من بعد وفاتهم ، وعلمتم قبح شرككم من تشركون في عبادة ربكم .
واختلف القراء في قراءة قوله : " تتذكرون " فقرأ ذلك عامة قراء المدينة والبصرة < يتذكرون > بالياء على وجه الخبر . وقرأته عامة قراء الكوفة " تتذكرون " بالتاء على وجه الخطاب ، والقول في ذلك أن القراءة بهما صواب .
قوله تعالى : " ولا المسيء " الذي يعمل السيئات . " قليلا ما تتذكرون " قراءة العامة بياء على الخبر واختاره أبو عبيد و أبو حاتم ، لأجل ما قبله من الخبر وما بعده . وقرأ الكوفيون بالتاء على الخطاب .
يقول تعالى منبهاً على أنه يعيد الخلائق يوم القيامة وأن ذلك سهل عليه يسير لديه بأنه خلق السموات والأرض وخلقهما أكبر من خلق الناس بدأة وإعادة فمن قدر على ذلك فهو قادر على ما دونه بطريق الأولى والأحرى كما قال تعالى: " أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير " وقال ههنا: "لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون" فلهذا لا يتدبرون هذه الحجة ولا يتأملونها كما كان كثير من العرب يعترفون بأن الله تعالى خلق السموات والأرض وينكرون المعاد استبعاداً وكفراً وعناداً وقد اعترفوا بما هو أولى مما أنكروا ثم قال تعالى: "وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلاً ما تتذكرون" أي كما لا يستوي الأعمى الذي لا يبصر شيئاً والبصير الذي يرى ما انتهى إليه بصره, بل بينهما فرق عظيم كذلك لا يستوي المؤمنون الأبرار والكفرة الفجار "قليلاً ما تتذكرون" أي ما أقل ما يتذكر كثير من الناس ثم قال تعالى: " إن الساعة لآتية " أي لكائنة وواقعة "لا ريب فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون" أي لا يصدقون بها بل يكذبون بوجودها. قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم حدثنا أشهب حدثنا مالك عن شيخ قديم من أهل اليمن قدم من ثم قال: سمعت أن الساعة إذا دنت اشتد البلاء على الناس واشتد حر الشمس, والله أعلم.
ثم لما ذكر سبحانه الجدال بالباطل ذكر مثالاً للباطل والحق وأنهما لا يستويان فقال: "وما يستوي الأعمى والبصير" أي الذي يجادل بالباطل، والذي يجادل بالحق " والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء " أي ولا يستوي المحسن بالإيمان والعمل الصالح والمسيء بالكفر والمعاصي، وزيادة لا في ولا المسيء للتأكيد " قليلا ما تتذكرون " قرأ الجمهور "يتذكرون" بالتحتية على الغيبة، واختار هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم، لأن قبلها وبعدها على الغيبة لا على الخطاب، وقرأ الكوفيون بالفوقية على الخطاب بطريقة الالتفات: أي تذكراً قليلاً ما تتذكرون.
58. قوله تعالى: " وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلاً ما تتذكرون "، قرأ أهل الكوفة ((تتذكرون)) بالتاء، وقرأ الآخرون بالياء، لأن أول الآيات وآخرها خبر عن قوم.
58-" وما يستوي الأعمى والبصير " الغافل والمستبصر . " والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء " والمحسن والمسيء فينبغي أن يكون لهم حال يظهر فيها التفاوت ، وهي فيما بعد البعث وزيادة لا في المسيء لأن المقصود نفي مساواته للمحسن فيما له من الفضل والكرامة ، والعاطف الثاني عطف الموصول بما عطف عليه على " الأعمى والبصير " لتغاير الوصفين في المقصود ، أو الدلالة بالصراحة والتمثيل . " قليلاً ما تتذكرون " أي تذكراً ما قليلاً يتذكرون ، والضمير للناس أو الكفار . وقرأ الكوفيون بالتاء على تغليب المخاطب ، أو الالتفات أو أمر الرسول بالمخاطبة .
58. And the blind man and the seer are not equal, neither are those who believe and do good works (equal with) the evil doer. Little do ye reflect!
58 - Not equal are the blind and those who (clearly) see: not are (equal) those who believe and work deeds of righteousness, and those who do evil. Little do ye learn by admonition!