58 - (ولقد ضربنا) جعلنا (للناس في هذا القرآن من كل مثل) تنبيها لهم (ولئن) لام قسم (جئتهم) يا محمد (بآية) مثل العصا واليد لموسى (ليقولن) حذف منه نون الرفع لتوالي النونات والواو ضمير الجمع لالتقاء الساكنين (الذين كفروا) منهم (إن) ما (أنتم) أي محمد وأصحابه (إلا مبطلون) أصحاب أباطيل
يقول تعالى ذكره: ولقد مثلنا للناس في هذا القرآن من كل مثل احتجاجاً عليهم، وتنبيهاً لهم عن وحدانية الله. وقوله " ولئن جئتهم بآية " يقول: ولئن جئت يا محمد هؤلاء القوم بآية: يقول: بدلالة على صدق ما تقول " ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون " يقول ليقولن الذين جحدوا رسالتك، وأنكروا نبوتك: إن أنتم أيها المصدقون محمداً فيما أتاكم به إلا مبطلون فيما تجيئوننا به من هذه الأمور.
قوله تعالى: "ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل" أي من كل مثل يدلهم على ما يحتاجون إليه، وينبههم على التوحيد وصدق الرسل. "ولئن جئتهم بآية" أي معجزة، كفلق البحر والعصا وغيرهما "ليقولن الذين كفروا إن أنتم" يا معشر المؤمنين. "إلا مبطلون" أي تتبعون الباطل والسحر
يقول تعالى: "ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل" أي قد بينا لهم الحق, ووضحناه لهم, وضربنا لهم فيه الأمثال ليستبينوا الحق ويتبعوه "ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون" أي لورأوا أي آية كانت, سواء كانت باقتراحهم أو غيره, لايؤمنون بها ويعتقدون أنها سحر وباطل, كما قالوا في انشقاق القمر ونحوه, كما قال تعالى: "إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون * ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم" ولهذا قال ههنا "كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون * فاصبر إن وعد الله حق" أي اصبر على مخالفتهم وعنادهم, فإن الله تعالى منجز لك ما وعدك من نصره إياك عليهم وجعله العاقبة لك ولمن اتبعك في الدنيا والاخرة "ولا يستخفنك الذين لا يوقنون" أي بل اثبت على ما بعثك الله به, فإنه الحق الذي لا مرية فيه, ولا تعدل عنه وليس فيما سواه هدى يتبع, بل الحق كله منحصر فيه. قال سعيد عن قتادة : نادى رجل من الخوارج علياً رضي الله عنه وهو في صلاة الغداة, فقال: "ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين" فأنصت له علي حتى فهم ما قال, فأجابه وهو في الصلاة " فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون " رواه ابن جرير وابن أبي حاتم .
وقد رواه ابن جرير من وجه آخر فقال, حدثنا وكيع : حدثنا يحيى بن آدم عن شريك عن عثمان ابن أبي زرعة عن علي بن ربيعة قال: نادى رجل من الخوارج علياً رضي الله عنه وهو في صلاة الفجر, فقال "ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين" فأجابه علي رضي الله عنه وهو في الصلاة "فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون".
(طريق أخرى) قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا علي بن الجعد , أخبرنا شريك عن عمران بن ظبيان عن أبي يحيى قال: صلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه صلاة الفجر, فناداه رجل من الخوارج "لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين" فأجابه علي رضي الله عنه وهو في الصلاة " فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ".
(ما روي في فضل هذه السورة الشريفة واستحباب قراءتها في الفجر)
قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن عبد الملك بن عمير , سمعت شبيب أبا روح يحدث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, صلى بهم الصبح فقرأ فيها الروم فأوهم, فقال "إنه يلبس علينا القرآن, فإن أقواماً منكم يصلون معنا لا يحسنون الوضوء, فمن شهد الصلاة معنا فليحسن الوضوء" وهذا إسناد حسن, ومتن حسن, وفيه سر عجيب, ونبأ غريب, وهو أنه صلى الله عليه وسلم تأثر بنقصان وضوء من ائتم به, فدل ذلك على أن صلاة المأموم متعلقة بصلاة الإمام. آخر تفسير سورة الروم. و لله الحمد والمنة.
58- "ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل" أي من كل مثل من الأمثال التي تدلهم على توحيد الله وصدق رسله واحتججنا عليهم بكل حجة تدل على بطلان الشرك "ولئن جئتهم بآية" من آيات القرآن الناطقة بذلك، أو لئن جئتهم بآية كالعصا واليد "ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون" أي ما أنت يا محمد وأصحابك إلا مبطلون أصحاب أباطيل تتبعون السحر وما هو مشاكل له في البطلان.
58- " ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون "، ما أنتم إلا على باطل.
58 -" ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل " ولقد وصفناهم فيه بأنواع الصفات التي هي في الغرابة كالأمثال ، مثل صفة المبعوثين يوم القيامة فيما يقولون وما يقال لهم وما لا يكون من الانتفاع بالمعذرة والاستعتاب ، أو بينا لهم من كل مثل ينبههم على التوحيد والبعث وصدق الرسول . " ولئن جئتهم بآية " من آيات القرآن . " ليقولن الذين كفروا " من فرط عنادهم وقساوة قلوبهم . " إن أنتم " يعنون الرسول والمؤمنين . " إلا مبطلون " مزورون .
58. Verily We have coined for mankind in the Quran all kinds of similitudes; and indeed if thou comest unto them with a miracle, those who disbelieve would verily exclaim: Ye are but tricksters!
58 - Verily We have propounded for men, in this Quran. Every kind of Parable: but if you thou bring to them any sign, the Unbelievers are sure to say, ye do nothing but talk vanities.