54 - (ألا إنهم في مرية) شك (من لقاء ربهم) لانكارهم البعث (ألا إنه) تعالى (بكل شيء محيط) علما وقدرة فيجازيهم بكفرهم
يقول تعالى ذكره : ألا إن هؤلاء المكذبين بآيات الله في شك من لقاء ربهم ، يعني أنهم في شك من البعث بعد الممات ، ومعادهم إلى ربهم .
كما حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي " ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم " يقول : في شك .
وقوله : " ألا إنه بكل شيء محيط " يقول تعالى ذكره : ألا إن الله بكل شيء مما خلق محيط علماً بجميعه ، وقدرة عليه ، لا يعزب عنه علم شيء منه أراده فيفوته ، ولكن المقتدر عليه العالم بمكانه .
قوله تعالى : " ألا إنهم في مرية " في شك " من لقاء ربهم " في الآخرة . وقال السدي : أي من البعث . " ألا إنه بكل شيء محيط " أي أحاط علمه بكل شيء . قاله السدي . وقال الكلبي أحاطت قدرته بكل شيء . وقال الخطابي : هو الذي أحاطت قدرته بجميع خلقه ، وهو الذي أحاط بكل شيء علماً ، وأحصى كل شيء عدداً . وهذا الاسم أكثر ما يجيء في عرض الوعيد ، وحقيقته الإحاطة بكل شيء ، واستئصال المصاط به ، وأصله محيط نقلت حركة الياء إلى الحاء فسكنت . يقال منه : أحاط يحيط إحاطة ، ومن ذلك حائط الدار ، ويحوطها أهلها . وأحاطت الخيل بفلان : إذا أخذ مأخذاً من كل جهة ، ومنه قوله تعالى : " وأحيط بثمره " [ الكهف : 42] والله أعلم بصواب ذلك .
يقول تعالى: "قل" يا محمد لهؤلاء المشركين المكذبين بالقرآن "أرأيتم إن كان" هذا القرآن "من عند الله ثم كفرتم به ؟" أي كيف ترون حالكم عند الذي أنزله على رسوله ؟ ولهذا قال عز وجل: " من أضل ممن هو في شقاق بعيد " أي في كفر و عناد ومشاقة للحق و مسلك بعيد من الهدى ثم قال جل جلاله: " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم " أي سنظهر لهم دلالاتنا وحججنا على كون القرآن حقاً منزلا من عند الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم بدلائل خارجية " في الآفاق " من الفتوحات وظهور الإسلام على الأقاليم وسائر الأديان قال مجاهد والحسن والسدي: ودلائل في أنفسهم قالوا: وقعة بدر وفتح مكة ونحو ذلك من الوقائع التي حلت بهم نصر الله فيها محمداً صلى الله عليه وسلم وصحبه وخذل فيها الباطل وحزبه ويحتمل أن يكون المراد من ذلك ما الإنسان مركب منه وفيه وعليه من المواد والأخلاط والهيئات العجيبة كما هو مبسوط في علم التشريح الدال على حكمة الصانع تبارك وتعالى وكذلك ما هو مجبول عليه من الأخلاق المتباينة من حسن وقبح وغير ذلك وما هو متصرف فيه تحت الأقدار التي لا يقدر بحوله وقوته وحيله وحذره أن يجوزها ولا يتعداها كما أنشده ابن أبي الدنيا في كتابه التفكر والاعتبار عن شيخه أبي جعفر القرشي حيث قال وأحسن المقال:
وإذا نظرت تريد معتبـــــــــرا فانظر إليك ففيك معتبــــر
أنت الذي تمسي وتصبح في الدنيا وكــــل أموره عبــــر
أنت المصرف كان في صغر ثم استقل بشخصك الكـبر
أنت الذي تنعاه خلقتـــــــــــه ينعاه منه الشعــر والبـشر
أنت الذي تعطي وتسلــب لا ينجيه من أن يسلب الحذر
أنت الذي لا شيء منـه لهو أحق منه بما لـــــه القــــدر
وقوله تعالى: " حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد " أي كفى بالله شهيداً على أفعال عباده وأقوالهم وهو يشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم صادق فيما أخبر به عنه كما قال: "لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه" الاية. وقوله تعالى: "ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم" أي في شك من قيام الساعة ولهذا لا يتفكرون فيه ولا يعملون له ولا يحذرون منه بل هو عندهم هدر لا يعبأون به وهو كائن لا محالة وواقع لا ريب فيه قال ابن أبي الدنيا: حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا خلف بن تميم حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا سعيد الأنصاري قال: إن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس فإني لم أجمعكم لأمر أحدثه فيكم, ولكن فكرت في هذا الأمر الذي أنتم إليه صائرون فعلمت أن المصدق بهذا الأمر أحمق والمكذب به هالك, ثم نزل. ومعنى قوله رضي الله عنه إن المصدق به أحمق أي لأنه لا يعمل له عمل مثله ولا يحذر منه ولا يخالف من هوله وهو ذلك مصدق به موقن بوقوعه وهو مع ذلك يتمادى في لعبه وغفلته وشهواته وذنوبه فهو أحمق بهذا الاعتبار والأحمق في اللغة ضعيف العقل, وقوله والمكذب به هالك هذا واضح, والله أعلم. ثم قال تعالى مقرراً أنه على كل شيء قدير وبكل شيء محيط وإقامة الساعة لديه يسير سهل عليه تبارك وتعالى: "ألا إنه بكل شيء محيط" أي المخلوقات كلها تحت قهره وفي قبضته وتحت طي علمه وهو المتصرف فيها كلها بحكمه فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن لا إله إلا هو.
54- "ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم" أي في شك من البعث والحساب والثواب والعقاب "ألا إنه بكل شيء محيط" أحاط علمه بجميع المعلومات وأحاطت قدرته بجميع المقدورات، يقال أحاط يحيط إحاطة وحيطة، وفي هذا وعيد شديد لأن من أحاط بكل شيء بحيث لا يخفى عليه شيء جازى المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
وقد أخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: في قوله: "ولولا كلمة سبقت من ربك" سبق لهم من الله حين وأجل هم بالغوه. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله: "وما تخرج من ثمرات من أكمامها" قال: حين تطلع. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "آذناك" قال: أعلمناك. وأخرج عبد بن حيمد وابن المنذر عن عكرمة في قوله: "لا يسأم الإنسان" قال: لا يمل. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: " سنريهم آياتنا في الآفاق " قال: محمداً صلى الله عليه وسلم. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عنه في الآية قال: ما يفتح الله من القرى "وفي أنفسهم" قال: فتح مكة. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في الآية قال: أمسك المطر عن الأرض كلها "وفي أنفسهم" قال: البلايا التي تكون في أجسامهم. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في الآية قال: كانوا يسافرون فيرون آثار عاد وثمود، فيقولون: والله لقد صدق محمد. وما أراهم في أنفسهم: قال الأمراض.
54. " ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم "، في شك من البعث، " ألا إنه بكل شيء محيط "، أحاط بكل شيء علماً.
54-" ألا إنهم في مرية " شك ، وقرئ بالضم وهو لغة كخفية وخفية . " من لقاء ربهم " بالبعث والجزاء . " ألا إنه بكل شيء محيط " عالم بجمل الأشياء وتفاصيلها ، مقتدر عليها لا يفوته شيء منها .
عن النبي صلى الله عليه وسلم : " من قرأ سورة السجدة أعطاه الله بكل حرف عشر حسنات " .
54. How! Are they still in doubt about the meeting with their Lord? Lo! Is not He surrounding all things?
54 - Ah indeed! are they in doubt concerning the Meeting with their Lord? Ah indeed! it is He that doth encompass all things!