52 - (قل هل تربَّصون) فيه حذف إحدى التاءين من الأصل أي تنتظرون أي يقع (بنا إلا إحدى) العاقبتين (الحسنيين) تثنية حسنى ، تأنيث أحسن النصر أو الشهادة (ونحن نتربص) ننتظر (بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده) بقارعة من السماء (أو بأيدينا) بأن يؤذن لنا في قتالكم (فتربصوا) بنا ذلك (إنا معكم متربصون) عاقبتكم
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: " قل "، يا محمد، لهؤلاء المنافقين الذين وصفت لك صفتهم وبينت لك أمرهم: هل تنتظرون بنا إلا إحدى الخلتين اللتين هما أحسن من غيرهما، إما ظفراً بالعدو وفتحاً لنا بغلبتناهم، ففيها الأجر والغنيمة والسلامة، وإما قتلاً من عدونا لنا، ففيه الشهادة، والفوز بالجنة، والنجاة من النار. وكلتاهما مما نحب ولا نكره، " ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده "، يقول: ونحن ننتظر بكم أن يصيبكم الله بعقوبة من عنده عاجلة، تهلككم، " أو بأيدينا "، فنقتلكم، " فتربصوا إنا معكم متربصون "، يقول: فانتظروا إنا معكم منتظرون ما الله فاعل بنا، وما إليه صائر أمر كل فريق منا ومنكم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: " هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين "، يقول: فتح أو شهادة. وقال مرة أخرى:يقول: القتل، فهي الشهادة والحياة والرزق. وإما يخزيكم بأيدينا.
حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:" هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين "، يقول: قتل فيه الحياة والرزق، وإما أن يغلب فيؤتيه الله أجراً عظيماً وهو مثل قوله: " ومن يقاتل في سبيل الله " إلى " فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما " [المائدة: 74].
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: " إلا إحدى الحسنيين "، قال: القتل في سبيل الله، والظهور على أعدائه.
... قال، حدثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج قال: بلغني عن مجاهد قال: القتل في سبيل الله، والظهور.
حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " إحدى الحسنيين "، القتل في سبيل الله، والظهور على أعداء الله.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج عن مجاهد ، بنحوه. قال أبن جريج ، قال ابن عباس: " بعذاب من عنده "، بالموت، " أو بأيدينا "، قال: القتل.
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين "، إلا فتحاً أو قتلاً في سبيل الله، " ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا "، أي: قتل.
قوله تعالى: "قل هل تربصون بنا" والكوفيون يدغمون اللام في التاء. فأما لام المعرفة فلا يجوز إلا الإدغام، كما قال جل وعز: "التائبون" [التوبة: 112] لكثرة لام المعرفة في كلامهم. ولا يجوز الإدغام في قوله: "قل تعالوا" [الأنعام: 151] لأن قل معتل، فلم يجمعوا عليه علتين. والتربص الانتظار. يقال: تربص بالطعام أي انتظر به إلى حين الغلاء. والحسنى تأنيث الأحسن. وواحد الحسنيين حسنى، والجمع الحسنى، ولا يجوز أن ينطق به إلا معرفاً. لا يقال: رأيت امرأة حسنى. والمراد بالحسنيين الغنيمة والشهادة، عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما. واللفظ استفهام والمعنى توبيخ. "ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده" أي عقوبة تهلككم، كما أصاب الأمم الخالية من قبلكم. "أو بأيدينا" أي يؤذن لنا في قتالكم. "فتربصوا" تهديد ووعيد. أي انتظروا مواعد الشيطان إنا منتظرون مواعد الله.
يقول تعالى: "قل" لهم يا محمد "هل تربصون بنا" أي تنتظرون بنا "إلا إحدى الحسنيين" شهادة أو ظفر بكم قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم "ونحن نتربص بكم" أي ننتظر بكم "أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا" أي ننتظر بكم هذا أو هذا إما "أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا" بسبي أو بقتل "فتربصوا إنا معكم متربصون" وقوله تعالى: "قل أنفقوا طوعاً أو كرهاً" أي مهما أنفقتم من نفقة طائعين أو مكرهين "لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوماً فاسقين" ثم أخبر تعالى عن سبب ذلك وهو أنهم لا يتقبل منهم " إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله " أي والأعمال إنما تصح بالإيمان "ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى" أي ليس لهم قصد صحيح ولا همة في العمل "ولا ينفقون" نفقة "إلا وهم كارهون" وقد أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن الله لا يمل حتى تملوا وأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً. فلهذا لا يقبل الله من هؤلاء نفقة ولا عملاً لأنه إنما يتقبل من المتقين.
وعلى هذا القول يكون قوله: 52- "قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين" تكريراً لغرض التأكيد، والأول أولى حتى يكون كل واحد من الجوابين اللذين أمر الله سبحانه رسوله بأن يجيب عليهم بهما مفيداً لفائدة غير فائدة الآخر، والتأسيس خير من التأكيد، ومعنى "هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين" هل تنتظرون بنا إلا إحدى الخصلتين الحسنيين: إما النصرة أو الشهادة، وكلاهما مما يحسن لدينا، والحسنى تأنيث الأحسن، ومعنى الاستفهام التقريع والتوبيخ "ونحن نتربص بكم" إحدى المساءتين لكم: إما "أن يصيبكم الله بعذاب من عنده" أي قارعة نازلة من السماء فيسحتكم بعذابه، "أو" بعذاب لكم "بأيدينا" أي بإظهار الله لنا عليكم بالقتل والأسر والنهب والسبي. والفاء في فتربصوا فصيحة، والأمر للتهديد كما في قوله: "ذق إنك أنت العزيز الكريم" أي تربصوا بنا ما ذكرنا من عاقبتنا فنحن معكم متربصون ما هو عاقبتكم فستنظرون عند ذلك ما يسرنا يسوءكم. وقرأ البزي وابن فليح هل تربصون بإظهار اللام وتشديد التاء. وقرأ الكوفيون بإدغام اللام في التاء. وقرأ الباقون بإظهار اللام وتخفيف التاء.
52-"قل هل تربصون بنا"، تنتظرون بنا أيها المنافقون، "إلا إحدى الحسنيين"، إما النصر والغنيمة أو الشهادة والمغفرة. وروينا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله، وتصديق كلمته: أن يدخله الجنة، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة".
قوله عز وجل "ونحن نتربص بكم "، إحدى السوأتين إما: "أن يصيبكم الله بعذاب من عنده"، فيهلككم كما أهلك الأمم الخالية، "أو بأيدينا" أي: بأيدي المؤمنين إن أظهرتم ما في قلوبكم، "فتربصوا إنا معكم متربصون"، قال الحسن: فتربصوا مواعيد الشيطان إنا متربصون مواعيد الله من إظهار دينه واستئصال من خالفه.
52." قل هل تربصون بنا" تنتظرون بنا." إلا إحدى الحسنيين" إلا إحدى العاقبتين اللتين كل منهما حسنى العواقب : النصرة والشهادة . " ونحن نتربص بكم " أيضاً إحدى السوأيين " أن يصيبكم الله بعذاب من عنده " بقارعة من السماء . " أو بأيدينا " أو بعذاب بأيدنيا وهو القتل على الكفر . " فتربصوا" ما هو عاقبتنا " إنا معكم متربصون " ما هو عاقبتكم .
52. Say: Can ye await for us aught save one of two good things (death or victory in Allah's way )? while we await for you that Allah will afflict you with a doom from Him or at our hands. Await then! Lo! we are awaiting with you.
52 - Say: can you expect for us (and fate) other than one of two glorious things (martyrdom or victory)? but we can expect for you either that God will send his punishment from himself, or by our hands. so wait (expectant); we too will wait with you.