51 - (ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل) أي هداه قبل بلوغه (وكنا به عالمين) أي بأنه أهل لذلك
يقول تعالى ذكره : " ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل " موسى وهارون ، ووفقناه للحق ، وأنقذناه من بين قومه وأهل بيته من عبادة الأوثان ، كما فعلنا ذلك بمحمد صلى الله عليه وسلم وعلى إبراهيم فأنقذناه من قومه وعشيرته من عبادة الأوثان ، وهديناه إلى سبيل الرشاد توفيقا منا له .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل :
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ح وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ، قوله : " ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل " قال : هديناه صغيرا .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج عن مجاهد " ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل " قال : هداه صغيرا .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " آتينا إبراهيم رشده من قبل " قال : هداه صغيرا .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل " يقول : آتيناه هداه .
وقوله : " وكنا به عالمين " يقول : وكنا عالمين به أنه ذو يقين وإيمان بالله وتوحيد له ، لا يشرك به شيئا " إذ قال لأبيه وقومه" يعني في وقت قيله وحين قيله لهم : " ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون " يقول : قال لهم : أي شيء هذه الصور التي أنتم عليها مقيمون ! وكانت تلك التماثيل أصنامهم التي كانوا يعبدونها .
كما حدثني محمد بن عمرو ، وقال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : " ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون " قال : الأصنام .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن مجاهد ، مثله . وقد بينا فيما مضى من كتابنا هذا أن العاكف على الشيء المقيم عليه بشواهد ذلك ، وذكرنا الرواية عن أهل التأويل .
قوله تعالى: " ولقد آتينا إبراهيم رشده " قال الفراء : أي أعطيناه هداه " من قبل " أي من قبل النبوة، أي وفقناه للنظر والاستدلال، لما جن عليه الليل فرأى النجم والشمس والقمر. وقيل: " من قبل " أي من قبل موسى وهارون. والرشد على هذا النبوة. وعلى الأول أكثر أهل التفسير، كما قال ليحيى: " وآتيناه الحكم صبيا " [مريم: 12]. وقال القرظي: رشده صلاحه. " وكنا به عالمين " أي إنه أهل لإتياء الرشد وصالح للنبوة.
يخبر تعالى عن خليله إبراهيم عليه السلام أنه آتاه رشده من قبل, أي من صغره ألهمه الحق والحجة على قومه, كما قال تعالى: "وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه" وما يذكر من الأخبار عنه في إدخال أبيه له في السرب وهو رضيع, وأنه خرج بعد أيام فنظر إلى الكوكب والمخلوقات فتبصر فيها, وما قصه كثير من المفسرين وغيرهم فعامتها أحاديث بني إسرائيل, فما وافق منها الحق, مما بأيدينا عن المعصوم, قبلناه لموافقته الصحيح, وما خالف شيئاً من ذلك رددناه, وما ليس فيه موافقة ولا مخالفة لا نصدقه ولا نكذبه بل نجعله وقفاً, وما كان من هذا الضرب منها فقد رخص كثير من السلف في روايته, وكثير من ذلك مما لا فائدة فيه ولا حاصل له مما لا ينتفع به في الدين, ولو كانت فائدته تعود على المكلفين في دينهم لبينته هذه الشريعة الكاملة الشاملة, والذي نسلكه في هذا التفسير الإعراض عن كثير من الأحاديث الإسرائيلية لما فيها من تضييع الزمان, ولما اشتمل عليه كثير منها من الكذب المروج عليهم, فإنهم لا تفرقة عندهم بين صحيحها وسقيمها, كما حرره الأئمة الحفاظ المتقنون من هذه الأمة. والمقصود ههنا أن الله تعالى أخبر أنه قد آتى إبراهيم رشده من قبل, أي من قبل ذلك.
وقوله: "وكنا به عالمين" أي وكان أهلا لذلك, ثم قال: "إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون" هذا هو الرشد الذي أوتيه من صغره الإنكار على قومه في عبادة الأصنام من دون الله عز وجل, فقال: "ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون" أي معتكفون على عبادتها. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن محمد الصباح , حدثنا أبو معاوية الضرير , حدثنا سعيد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال: مر علي رضي الله عنه على قوم يلعبون بالشطرنج, فقال: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون, لأن يمس أحدكم جمراً حتى يطفأ خير له من أن يمسها "قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين" لم يكن لهم حجة سوى صنيع آبائهم الضلال, ولهذا قال: "لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين" أي الكلام مع آبائكم الذي احتججتم بصنيعهم كالكلام معكم, فأنتم وهم في ضلال على غير الطريق المستقيم, فلما سفه أحلامهم وضلل آباءهم واحتقر آلهتهم "قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين" يقولون: هذا الكلام الصادر عنك تقوله لاعباً أم محقاً فيه, فإنا لم نسمع به قبلك "قال بل ربكم رب السموات والأرض الذي فطرهن" أي ربكم الذي لا إله غيره, وهو الذي خلق السموات والأرض وما حوت من المخلوقات الذي ابتدأ خلقهن, وهو الخالق لجميع الأشياء "وأنا على ذلكم من الشاهدين" أي وأنا أشهد أنه لا إله غيره ولا رب سواه.
51- " ولقد آتينا إبراهيم رشده " أي الرشد اللائق به وبأمثاله من الرسل، ومعنى "من قبل" أنه أعطى رشده قبل إيتاء موسى وهرون التوراة. وقال الفراء: المعنى أعطيناه هداه من قبل النبوة: أي وفقناه للنظر والاستدلال لما جن عليه فرأى الشمس والقمر والنجم، وعلى هذا أكثر المفسرين، وبالأول قال أقلهم "وكنا به عالمين" أنه موضع لإيتاء الرشد، وأنه يصلح لذلك.
51. قوله عز وجل: " ولقد آتينا إبراهيم رشده "، قال القرظي : أي صلاحة، " من قبل "، أي من قبل موسى وهارون، وقال المفسرون: رشده، أي هداه من قبل أي من قبل البلوغ، وهو حين حرج من السرب وهو صغير، يريد هديناه صغيراً كما قال تعالى ليحيى عليه السلام: " وآتيناه الحكم صبياً " (مريم:12)، " وكنا به عالمين "، أنه أهل للهداية والنبوة.
51ـ " ولقد آتينا إبراهيم رشده " الاهتداء لوجوه الصلاح وإضافته ليدل على أنه رشد مثله وأن له شأناً . وقرئ (( رشده )) وهو لغة . " من قبل " من قبل موسى وهرون أو محمد عليه الصلاة والسلام . وقيل من قبل استنبائه أو بلوغه حيث قال : " إني وجهت " " وكنا به عالمين " علمنا أنه أهل لما آتيناه ، أو جامع لمحاسن الأوصاف ومكارم الخصال وفيه إشارة إلى أن فعله سبحانه وتعالى باختيار وحكمة وأنه عالم بالجزئيات .
51. And We verily gave Abraham of old his proper course, and We were Aware of him,
51 - We bestowed aforetime on Abraham his rectitude of conduct, and well were we Acquainted with him.