50 - (قد قالها الذين من قبلهم) من الأمم كقارون وقومه الراضين بها (فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون)
يقول تعالى ذكره : قد قال هذه المقالة ، يعني قولهم لنعمة الله التي خولهم وهم مشركون : أوتيناه على علم عندنا " والذين من قبلهم " يعني : الذين من قبل مشركي قريش من الأمم الخالية لرسلها ، تكذيباً منهم لهم ، واستهزاء بهم . وقوله : " فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون " يقول : فلم يغن عنهم حين أتاهم بأس الله على تكذيبهم رسل الله واستهزائهم بهم ما كانوا يكسبون من الأعمال ، وذلك عبادتهم الأوثان يقول : لم تنفعهم خدمتهم إياها ، ولم تشفع آلهتهم لهم عند الله حينئذ ، ولكنها أسلمتهم وتبرأت منهم .
قوله تعالى : " قد قالها " أنث على تأنيث الكلمة . " الذين من قبلهم " يعني الكفار قبلهم كقارون وغيره حيث قال : " إنما أوتيته على علم عندي " [ القصص : 78] " فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون " ( ما ) للجحد أي لم تغن عنهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله شيئاً . وقيل : أي فما الذي أغنى أموالهم ؟ فـ( ما ) استفهام .
يقول تبارك وتعالى مخبراً عن الإنسان أنه في حال الضراء يتضرع إلى الله عز وجل وينيب إليه ويدعوه وإذا خوله نعمة منه بغى وطغى وقال "إنما أوتيته على علم" أي لما يعلم الله تعالى من استحقاقي له ولولا أني عند الله خصيص لما خولني هذا, قال قتادة على علم عندي على خبر عندي قال الله عز وجل: "بل هي فتنة" أي ليس الأمر كما زعم بل إنما أنعمنا عليه بهذه النعمة لنختبره فيما أنعمنا عليه أيطيع أم يعصي مع علمنا المتقدم بذلك فهي فتنة أي اختبار "ولكن أكثرهم لا يعلمون" فلهذا يقولون ما يقولون ويدعون ما يدعون "قد قالها الذين من قبلهم" أي قد قال هذه المقالة وزعم هذا الزعم وادعى هذه الدعوى كثير ممن سلف من الأمم "فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون" أي فما صح قولهم ولا منعهم جمعهم وما كانوا يكسبون "فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء" أي من المخاطبين "سيصيبهم سيئات ما كسبوا" أي كما أصاب أولئك "وما هم بمعجزين" كما قال تبارك وتعالى مخبراً عن قارون أنه قال له قومه " لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين * وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين * قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون " وقال تعالى: "وقالوا نحن أكثر أموالاً وأولاداً وما نحن بمعذبين" وقوله تبارك وتعالى: " أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر " أي يوسعه على قوم ويضيقه على آخرين " إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون " أي لعبراً وحججاً.
50- "قد قالها الذين من قبلهم" أي قال هذه الكلمة التي قالوها وهي قولهم: إنما أوتيته على علم الذين من قبلهم كقارون وغيره، فإن قارون قال: "إنما أوتيته على علم عندي"، "فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون" يجوز أن تكون ما هذه نافية: أي لم يغن عنهم ما كسبوا من متاع الدنيا شيئاً، وأن تكون استفهامية: أي أي شيء أغنى عنهم ذلك.
50. " قد قالها الذين من قبلهم "، قال مقاتل : يعني قارون فإنه قال: " إنما أوتيته على علم عندي " (القصص-78)، " فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون "، فما أغني عنهم الكفر من العذاب شيئاً.
50-" قد قالها الذين من قبلهم " الهاء لقوله " إنما أوتيته على علم " لأنها كلمة أو جملة ، وقرئ بالتذكير " والذين من قبلهم " قارون وقومه فإنه قاله ورضي به قومه " فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون " من متاع الدنيا .
50. Those before them said it, yet (all) that they had earned availed them not;
50 - Thus did they (generations) before them say. But all that they did was of no profit to them.